«حزب الله» يعيد تأهيل آلته العسكرية بعد ضربات إسرائيل «الاستباقية»

زخم بإطلاق الصواريخ المنحنية تلا تركيزه على المسيّرات

صورة لمسيّرة تحمل شعار «حزب الله» مرفوعة على جدار في ساحة فلسطين في طهران (أ.ف.ب)
صورة لمسيّرة تحمل شعار «حزب الله» مرفوعة على جدار في ساحة فلسطين في طهران (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يعيد تأهيل آلته العسكرية بعد ضربات إسرائيل «الاستباقية»

صورة لمسيّرة تحمل شعار «حزب الله» مرفوعة على جدار في ساحة فلسطين في طهران (أ.ف.ب)
صورة لمسيّرة تحمل شعار «حزب الله» مرفوعة على جدار في ساحة فلسطين في طهران (أ.ف.ب)

أعاد «حزب الله» الزخم إلى عملياته العسكرية في جنوب لبنان، بعد تراجع في العدد والحجم، ظهر إثر رده على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، والضربات الاستباقية الإسرائيلية التي استهدفت منصات صواريخ.

ولم يتخطَ عدد العمليات العسكرية للحزب أيام الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، 3 عمليات يومياً، وركّز فيها على استخدام أسراب المسيّرات الانقضاضية، حسبما أعلن في بياناته، كما استخدم القذائف المدفعية لاستهداف تجمعات لجنود إسرائيليين قرب المواقع العسكرية المقابلة للحدود اللبنانية.

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان ضمن هجوم استباقي نفذته إسرائيل في لبنان فجر الأحد (رويترز)

لكن إطلاق الصواريخ استُؤنف بزخم أكبر بدءاً من يوم الخميس، حيث أعلن عن استهداف مواقع عسكرية وتموضعات لجنود إسرائيليين بالأسلحة الصاروخية، وازدادت العمليات يوم الجمعة بشكل كبير يشبه ما كان عليه قبل ضربة الأحد، حيث بلغ عدد العمليات العسكرية 6 عمليات، بينها اثنتان استهدف فيهما مواقع عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا التي تقع على ارتفاع شاهق عن الأراضي اللبنانية، في حين أعلن ليل الجمعة إطلاقَ صواريخ «كاتيوشا» و«فلق» باتجاه مربض مدفعية تابع للكتيبة 411 في نافه زيف، ومقر قيادة اللواء الغربي 300 في ثكنة يعرا، وانتشاراً للجنود في محيطه.

وذكرت «وكالة الأنباء المركزية» اللبنانية أن الحزب قصف للمرّة الأولى، منذ تصعيد الأحد الماضي، بصواريخ «فلق» و«كاتيوشا» مواقع عسكرية إسرائيلية في الجليل.

إسرائيليون يتفقدون الأضرار عقب إطلاق «حزب الله» صواريخ من لبنان في إطار الرد على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر (أ.ف.ب)

إعادة تأهيل الراجمات

ويشير هذا الزخم المستجد إلى أن الحزب، «أعاد تأهيل آلته العسكرية» التي تعرّضت لقصف عنيف صباح الأحد، إثر هجوم إسرائيلي واسع بعشرات الغارات شاركت فيه مئات الطائرات، لإحباط الرد على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر. وقالت مصادر ميدانية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط» إن «استئناف القصف الصاروخي بالصواريخ المنحنية مثل (كاتيوشا) و(فلق)، يعزز الاعتقاد بأن الحزب أعاد تثبيت راجمات صواريخ ونقل الذخائر إلى مرابضها، بعد هجوم الأحد».

وقالت المصادر: «مرابض إطلاق المسيّرات الانقضاضية، عادة ما لا تتأثر بأي ضربات، كونها لا تحتاج إلى مساحات، ولا إلى مسافات جغرافية قريبة من الحدود، مثل صواريخ (الكاتيوشا) المعروفة بأنها قصيرة المدى، ويفرض إطلاقها أن تكون في مواقع قريبة من الحدود»، لذلك، «تم الاعتماد في الأيام السابقة على المسيّرات الانقضاضية بشكل كبير، كما على القذائف المدفعية مثل (المورتر) التي يمكن حملها ونقلها بسهولة بين مواقع التخزين والإطلاق».

وبالفعل، استخدم الحزب محلقات مفخخة، يوم الخميس؛ لاستهداف تجهيزات تجسسية مثل كاميرات المراقبة وأجهزة الاستشعار في موقع «العباد» وثكنة «دوفيف» بالجليل الأعلى، حسبما ظهر في مقاطع فيديو نشرها الحزب.

امرأة تحمل صورة لأمين عام «حزب الله» وتعبر بها وسط الدمار في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ب)

صواريخ «كاتيوشا» و«فَلَق»

ورصدت إسرائيل في الأيام الماضية، تراجعاً بحدة القصف، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية (الأربعاء) بأنه «منذ الضربة الاستباقية ضد حزب الله تم تسجيل أقل عدد من عمليات إطلاق الصواريخ على الشمال».

واعترف أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، بأن الضربات الإسرائيلية الاستباقية استهدفت مرابض صواريخ «كاتيوشا» فجر الأحد، لكنها لم تستهدف الراجمات التي كانت مُعدّة لإطلاق الصواريخ ضمن عملية الردّ المخطط لها. وقلّل نصر الله من فاعلية تلك الضربات، قائلاً إن تكلفة إنتاج الراجمة بأحسن أحوالها، تتراوح بين 8 و10 آلاف دولار، وأن الحزب يمتلك الآلاف منها.

وتعتمد ترسانة الحزب التي تُستخدَم في الحرب الأخيرة بشكل أساسي على الصواريخ المنحنية من طراز «كاتيوشا» و«فلق» لضرب أهداف تبعد مسافة تتراوح بين 7 و15 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية، خصوصاً في كريات شمونة وهضبة الجولان السوري المحتل، إضافة إلى المحلقات المفخخة التي يستهدف بها أهدافاً في العمق. وفي بداية الحرب، كان يعتمد بشكل أساسي على الصواريخ الموجهة التي تراجعت فاعليتها إثر إخلاء الجيش الإسرائيلي المواقع الحدودية الواقعة مباشرة على الشريط الحدودي مع لبنان.

نتنياهو يلتقي جنوداً من «لواء غولاني» على الحدود الشمالية... الأربعاء (د.ب.أ)

40 صاروخاً من لبنان

ودوت صباح السبت صفارات الإنذار في مسكاف عام والمالكية على الحدود مع لبنان، وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بسقوط 3 صواريخ في مناطق مفتوحة في الجليل الأعلى، من دون الإفادة بوقوع إصابات.

وتحدّثت وسائل إعلام لبنانية محلية عن إطلاق نحو 40 صاروخاً من لبنان باتجاه إسرائيل، علماً بأن تلك الرشقات هي الأكثر غزارة منذ يوم الأحد الماضي. ودوت صفارات الإنذار في جورين، وإدميت، وعراب العرامشة، ويعرا بالجليل الغربي. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الجيش أصدر تعليمات للسكان في عديد من المستوطنات الإسرائيلية للبقاء بالقرب من المناطق المحمية. وأعلن «حزب الله» في المقابل استهداف موقع المرج بالأسلحة الصاروخية وأصاب مقاتليه إصابة مباشرة.

وقصفت المدفعية الثقيلة بعشرات القذائف أطراف بلدة شمع وأودية بلدة مجدل زون وزبقين في القطاع الغربي، وأطراف بلدتَي دير سريان والطيبة في قضاء مرجعيون بالقطاع الشرقي. وتعرّضت أطراف يحمر الشقيف ومجرى النهر عند الأطراف الجنوبية فيها لقصف مدفعي، تسبب في اندلاع النيران التي امتدت إلى مشارف المنازل.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، استهداف مناطق إطلاق صواريخ في شبعا بالمدفعية، وأنه قصف مبنى لـ«حزب الله» في طير حرفا.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، بأن سيارات إطفاء تحرّكت لإخماد حريق كبير شبّ في أطراف بلدة الناقورة جراء إلقاء طائرة مسيّرة إسرائيلية مواد حارقة في المنطقة.

وكانت الطائرات الإسرائيلية نفّذت غارة عنيفة منتصف ليل السبت - الأحد استهدفت أطراف بلدات حداثا ورشاف والطيري.


مقالات ذات صلة

جعجع لعون وسلام: لا تضيعوا الوقت فالمشكلة في سلاح «حزب الله»

المشرق العربي رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)

جعجع لعون وسلام: لا تضيعوا الوقت فالمشكلة في سلاح «حزب الله»

وجّه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رسالة مفتوحة إلى رئيسي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)

«الميكانيزم» تستعد للدخول في اختبار «تبادل نيات» بين لبنان وإسرائيل

تدخل المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية برعاية لجنة «الميكانيزم» حتى موعد انعقاد اجتماعها المقبل في 19 ديسمبر الحالي بمرحلة اختبار النيات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جلسة لمجلس الوزراء اللبناني برئاسة نوّاف سلام (رئاسة الحكومة)

لبنان: «حزب الله» يهاجم حكومة سلام ويصر على الوجود فيها

منذ اتخاذ الحكومة اللبنانية قرار حصرية السلاح بيد الدولة في أغسطس (آب) الماضي، يواظب «حزب الله» على مهاجمتها.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رجل يتفقد الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان 4 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب) play-circle

رئيس الوزراء اللبناني: إسرائيل تشن حرب استنزاف على لبنان

أكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام اليوم (الأحد) أن إسرائيل لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

قالت الحكومة اللبنانية اليوم (السبت) إن رئيس الوزراء نواف سلام التقى بالممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

قائد «قسد» يؤكد الالتزام باتفاق 10 مارس مع الحكومة السورية

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)
قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)
TT

قائد «قسد» يؤكد الالتزام باتفاق 10 مارس مع الحكومة السورية

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)
قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

أكد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي اليوم (الأحد)، التزام القوات باتفاق 10 مارس (آذار)، بوصفه أساساً لبناء دولة سورية ديمقراطية لا مركزية، تتمتع بالحرية والعدالة والمساواة.

وأضاف عبدي عبر منصة «إكس» بمناسبة مرور عام على سقوط نظام الأسد، أن المرحلة الراهنة تفرض على الجميع مسؤولية مشتركة تضع مصلحة السوريين فوق كل اعتبار.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية قالت في الشهر الماضي، إن لجنة عسكرية تابعة لها استقبلت وفداً من الحكومة السورية في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة شمال سوريا.

وأكدت «قسد» في بيان، أنها قامت بتسليم عدد من المعتقلين من عناصر قوات الحكومة السورية الذين تم إلقاء القبض عليهم في أماكن مختلفة خلال الفترة الماضية، وذلك «في بادرة حسن نية».


خطة إعادة إعمار غزة إلى مزيد من الضغوط والغموض

TT

خطة إعادة إعمار غزة إلى مزيد من الضغوط والغموض

فلسطينيون يقفون يوم السبت أمام الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يقفون يوم السبت أمام الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)

عاد الغموض ليكتنف مصير خطة إعادة إعمار غزة، وسط عقبات عديدة بشأن تعثر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، مع حديث قطري على أنها «لن تمول ما دمره آخرون».

ذلك الموقف الذي لوّح به رئيس وزراء قطر وزير الخارجية، الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، في جلسة بمنتدى الدوحة الأحد، ينضم إلى إشارات أخرى، منها عدم تحديد موعد جديد لانعقاد مؤتمر إعادة الإعمار، الذي كان مقرراً أن تستضيفه القاهرة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والإعلان عن خطط أميركية لتنفيذ جزئي للإعمار في رفح.

تلك التطورات يراها خبراء، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، خطوة لزيادة الضغوط على إسرائيل، لكنها تضفي مزيداً من الغموض بشأن مصير ذلك البند الرئيسي في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أقرت اتفاقاً لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين «حماس» وإسرائيل، في ظل تعثر الانتقال للمرحلة الثانية حالياً.

وقال رئيس وزراء قطر، في جلسة بمنتدى الدوحة، الأحد: «إننا سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، مؤكداً أن بقاء القوات الإسرائيلية داخل القطاع واستمرار الانتهاكات قد يؤديان إلى تصاعد النزاع مجدداً، خاصة أن المنطقة لا يمكن أن تبقى «رهينة لأجندة المتطرفين، التي تسعى للتطهير العرقي للفلسطينيين».

مسلحون ملثمون من حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية يبحثون عن جثث في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني يوهان فاديفول: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

وفي 25 نوفمبر الماضي، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر «لن ينعقد في موعده (نهاية نوفمبر) وسيتأجل». وأرجع ذلك إلى التصعيد الحالي بالقطاع، وسعي القاهرة إلى توفر ظروف وأوضاع أفضل على الأرض من أجل تحقيق أهدافه.

وفي نهاية نوفمبر الماضي، أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». وقال: «تتطلع مصر لعقد المؤتمر، بما يضمن تحقيق أكبر قدرة من الفاعلية والاستفادة»، وذلك في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وذلك وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار. ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

محاولات لفرض الشروط

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور، أنه مع تصاعد مساعي تنفيذ المرحلة الثانية، يحاول كل طرف أن يفرض شروطه، خاصة الجانب العربي الذي يطالب بمشاركة جادة بالإعمار، مشروطة بانسحاب إسرائيلي وألا يتكرر التدمير، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول أن تراوغ وتناور في تنفيذ الالتزامات التي يقرّها اتفاق غزة.

كذلك يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن «الموقف القطري محاولة لمزيد من الضغوط لفرض موقفها أمام رفض إسرائيلي يتصاعد بشأن عدم مشاركة الدوحة في قوات الاستقرار بغزة. وبالتالي، فلا معنى لتمويل قطر شيئاً لن تشارك فيه، وقد تدمره إسرائيل مجدداً»، مشيراً إلى أن هذه الرسالة قد تقرأها واشنطن وتدفعها لممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل لإنهاء تلك العقبات في ظل تلك المرحلة.

آثار الدمار في مدينة غزة نتيجة الحرب (أ.ب)

ورأى رئيس الوزراء القطري أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بمرحلة حرجة. وأضاف، خلال جلسة نقاش أخرى ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، السبت: «نحن الآن في اللحظة الحاسمة... لا يمكننا أن نعدّ أن هناك وقفاً لإطلاق النار، وقف إطلاق النار لا يكتمل إلا بانسحاب إسرائيلي كامل وعودة الاستقرار إلى غزة».

كما دعا وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية نصّت عليها المرحلة الثانية من اتفاق السلام في قطاع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار.

وقال عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة: «فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض؛ لأن أحد الأطراف - وهو إسرائيل - ينتهك وقف إطلاق النار يومياً... لذا نحن بحاجة إلى مراقبين».

ويتوقع أنور أن «العدّ التنازلي نحو المرحلة الثانية بدأ، وكل العقبات تتوالى، لكن الوسيطين المصري والقطري في المقابل يضغطان للدفع بتعجيلها»، مشيراً إلى أن واشنطن عليها دور كبير في إنهاء عراقيل إسرائيلية.

وأكّد الرقب أن الانتقال للمرحلة الثانية يواجه عقبات عديدة، وليست الأزمة في الإعمار فقط، مشيراً إلى أن قضايا تشكيل لجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار وغيرها تعيقها إسرائيل للاستمرار في القطاع واستكمال التدمير.


ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
TT

ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)

تعيش العاصمة دمشق والمدن والبلدات السورية حيويةً استثنائيةً احتفالاً بالذكرى الأولى لإطاحة نظام بشار الأسد. ولأول مرة منذ تسلم «حزب البعث» السلطة في سوريا قبل أكثر من 6 عقود، تجتمع الجهات الرسمية وجهات أهلية وشعبية في احتفالات واحدة، سواء المنظَّم منها والعفوي، فيما دعا رئيس «المجلس العلوي»، الشيخ غزال غزال، العلويين إلى عدم المشاركة في الاحتفال والإضراب لمدة 5 أيام، كما منعت «الإدارة الذاتية» التجمعات في مناطقها؛ «خشية هجمات (داعش)».

من احتفالات «ساحة العباسيين» بدمشق (صفحة العباسيين - نبض العاصمة)

ومنذ أسبوع، تشهد الساحات السورية تجمعات يومية ومواكب سيارة تحتفي بـ«سوريا من دون الأسد»، وسط تأهب أمني استثنائي، استعداداً للحفل المركزي في العاصمة دمشق، الاثنين، الذي سيكون على مدار ساعات اليوم، بدءاً من صلاة الفجر، مع إطلاق تكبيرات النصر، ومواكب سيارات مع مكبرات صوت تعيد ترداد العبارات الأولى التي أطلقها السوريون إثر سقوط النظام. وتتواصل النشاطات حتى المساء بعد إلقاء الرئيس السوري خطاباً بالمناسبة.

سورية تتفقد مدفعاً رشاشاً في «المعرض العسكري للثورة السورية» بدمشق في سوريا يوم 6 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

هذا، وسُمع، الأحد، دوي انفجار في محيط فندق «فورسيزونز» وسط دمشق تبين أنه ناجم عن قنبلة صوتية؛ مما رفع حالة التأهب. وضمن استعدادها لتأمين التجمعات، أصدرت وزارة الداخلية تعليمات مشددة بمنع إطلاق الرصاص ووضعه تحت طائلة المساءلة، ضمن حملة على مُعَرّفاتها الرسمية في شبكة الإنترنت، محذرة من المآسي التي قد يخلفها الاستخدام الطائش للسلاح.

بدورها، أصدرت محافظة دمشق قائمة توجيهات دعت فيها إلى منع إطلاق هتافات وشعارات طائفية، وعدم تمجيد الأشخاص، وإلى رفع الأعلام الوطنية، وإنشاد أغاني الثورة الجامعة لكل السوريين.

ماراثون يقطع المحافظات السورية على خط سير معركة «ردع العدوان» التي أسقطت نظام الأسد العام الماضي (سانا)

وفي إطار الاحتفالات التي تعمّ البلاد، من المنتظر وصول «مَسِير» أو ماراثون «درب التحرير» للدراجات الهوائية إلى دمشق، الاثنين، لتسليم الرئيس أحمد الشرع خوذة تعود لأول المقاتلين الذين قضوا في «ردع العدوان»، كانوا قد تسلّموها من محافظ إدلب محمد عبد الرحمن.

وانطلق «المَسير» من إدلب، مروراً بمحافظة حلب، يوم الجمعة، متتبعاً مسار عملية «ردع العدوان» التي أطاحت نظام الأسد خلال 11 يوماً؛ بدءاً من 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ووصل المارثون السبت إلى حماة، والأحد إلى حمص، ومنها إلى دمشق الاثنين، ليقطع مسافة أكثر من 300 كيلومتراً.

ورغم سوء الأحوال الجوية التي تزامنت مع انطلاق المَسِير، فإن عشرات السوريين والسوريات شاركوا في إصرار على التعبير عن الفرح بالتحرير، وذلك بينما انهمك المحتفلون بمحافظة درعا في إعداد أكبر منسف «مليحي حوراني»؛ الأكلة الشعبية التي يتميزون بها، لتقديمها للمحتفلين يوم الاثنين في بصرى الشام جنوب درعا.

وتكتظ شوارع دمشق بالمحتفلين الذين يرفعون الأعلام الوطنية، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساء، ويلوحون بها في مواكب سيارة ينشدون لسوريا، إضافة إلى مواكب سيارة لشركات صناعية توزع الهدايا المغلفة بالعلم، بينما تصدح مكبرات الصوت بأغاني الثورة السورية.

وخلافاً لحالة الاحتفالات العامة، دعا رئيس «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى» في سوريا والمهجر، الشيخ غزال غزال، مساء السبت، إلى تنفيذ «إضراب عام وشامل خلال فترة الاحتفالات». وقال غزال، في بيان مصوّر: «تحت شعار الحرية يريدون الاحتفال بالإكراه، باستبدال (نظام ظالم بنظام أشد ظلماً)... اعتقلوا وقتلوا وذبحوا وخطفوا وحرقوا، والآن يهددون بلقمة العيش... ويجبروننا قسراً على المشاركة باحتفالات بُنيت على دمائنا وآلامنا وأوجاعنا... وتكميم أفواهنا». ولم يوضح غزال غزال كيف يُجبَرون على المشاركة في الاحتفالات، غير أنه قال مخاطباً أبناء الطائفة العلوية: «سنواجه اعتداءهم بردّ جماعي سلمي واضح يقيدهم ويذكرهم بقوة إرادتنا التي لا تُقهر».

يذكر أن غزال دعا الشهر الماضي إلى التظاهر ضد السلطة والتعبير عن رفض حالة الانفلات الأمني.

في مكان آخر، وضمن سياق الامتناع عن الاحتفالات، أصدرت «هيئة الداخلية» في «الإدارة الذاتية» بمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، بياناً هنأت فيه «شعب شمال وشرق سوريا بمناسبة مرور عام على سقوط النظام البعثي، وكذلك شعب سوريا».

وقالت إنه «نظراً إلى الظروف الأمنية الراهنة، والمتمثلة في ازدياد نشاط خلايا مرتزقة (داعش) التي تحاول خلق الفتنة وضرب مكونات المجتمع، تُمنع إقامة أي تجمعات أو فعاليات جماهيرية أو اجتماعية في جميع مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، يومي 7 و8 من هذا الشهر». كما وُضع «إطلاق العيارات النارية والألعاب النارية تحت طائلة المساءلة القانونية».

في حماة بـ«ساحة العاصي» يوم الجمعة احتفالاً بالتحرير (فريق حماة الفوتوغرافي)

في الأثناء، تشهد غالبية المناطق السورية احتفالات وتجمعات شعبية منظمة وعفوية، ودعوات لإطلاق أنشطة تدعو إلى السلام وتوطيد دعائم السلم الأهلي. فبعد تجمع حاشد شهدته مدينة حماة في «ساحة العاصي»، الجمعة، بمشاركة مئات الآلاف، أطلق ناشطون دعوة للمشاركة في ماراثون «من أجل السلام»، الاثنين، تزامناً مع احتفالات السوريين بمرور عام على التحرير، وينطلق المسير من كنيسة السريان في مدينة حماة إلى كنيسة الروم الأرثوذكس، من ثم جولة إلى عدد من الجوامع التاريخية في المدينة التي تقع وسط سوريا.

وازدادت خلال الأيام الأخيرة حركة الآتين إلى البلاد. ويقول صلاح وادي، العامل في شركة نقل داخلية، إن «الازدحام عاد إلى مطار دمشق الدولي، وكل يوم هناك عائلات تصل وننقلها إلى المحافظات؛ إدلب وحلب وحماة وحمص»، لافتاً إلى أن «الطلب زاد على السيارات ذات الحجم المتوسط أكثر من الفانات والسيارات الصغيرة»، وأضاف: «هناك كثير من السوريين المغتربين الذين جاءوا للاحتفال بالتحرير».

واستعدت «الهيئة العامة للطيران المدني» في سوريا للاستقبال الآتين إلى سوريا خلال أيام الاحتفالات، بتجهيز وتزيين مطارَي دمشق وحلب الدوليين، كما أصدرت ختماً تذكارياً خاصاً بالمناسبة، يوضع على جوازات سفر الآتين عبر مطارَي دمشق وحلب، وقالت «الهيئة» في بيان لها إن «هذا الختم يأتي احتفاءً بمناسبة التحرير، ويعدّ اختيارياً وتذكارياً، حيث ستتم إضافته على الجواز بعد الموافقة الشخصية من المسافرين، إلى جانب الختم الرسمي الصادر عن إدارة الهجرة والجوازات» التي أوضحت أن «الختم التذكاري لا يُغني عن ختم الهجرة والجوازات. وهو تعبير عن الترحيب بالقادمين للمشاركة في احتفالات عيد التحرير».