في مواجهة الاتهامات الواسعة لإسرائيل بمواصلة سياسة التجويع، عين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، الضابط برتبة عميد، أليعاد غورن، ليتولى مسؤولية تنسيق المساعدات الإغاثية للمواطنين في قطاع غزة.
وقال ناطق عسكري إن الجيش سيسمح بدخول المواد التي تشمل مواد غذائية وماء ووقوداً ومواد تنظيف وصوابين، بشرط عدم احتوائها على مواد تمس بأمن إسرائيل. وأن هذه المساعدات ستأتي من تبرعات محلية ودولية.
وكان مواطنو إسرائيل العرب (فلسطينيو 48)، الذين حرموا من تقديم هذه المساعدات طيلة شهور الحرب، قد نجحوا في إقناع منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة بإدخال مساعدات. وفي اللحظة التي وافق فيها الجيش الإسرائيلي على ذلك، انطلقت حملات في بلداتهم خلال الأسابيع الأخيرة تحت عنوان «إغاثة أهلنا في قطاع غزّة».
وقد بدأت هذه الحملة بجمع تبرعات تحت عنوان «فكّر بغزّة»، بمبادرة «الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة»، وأخرى بتنظيم «الحركة الإسلامية الجنوبية»، ثم توجهت بحملة من تنظيم يهودي عربي «نقف معاً»، تحت عنوان «الحملة الشعبيّة ضدّ التجويع في غزّة». وفي إطار هذه الحملات تم جمع مواد بحمولة 300 شاحنة كبيرة (سيمتريلر). وإزاء التجاوب الكبير تم تمديد الحملة وجعلها مفتوحة ودائمة.
وقالت شهد بشارة، وهي من قيادة «لنقف معاً»، إن هذه الحملة شهدت عدداً كبيراً من اللحظات المؤثّرة بشكل خاصّ. ففي مدينة الناصرة، حضر إلى نقاط جمع المساعدات طفل عمره 13 عاماً بالحدّ الأقصى، وكان يحمل كيساً يحوي بعض المواد الغذائيّة ومبلغ 50 شيقلاً (13 دولاراً) طلب التبرّع به. بعد التبرّع، انتقل فوراً إلى العمل مع الناشطين والمتطوّعين حتّى نهاية اليوم. واتضح في وقت لاحق أنّ الحديث يدور عن طفل من غزّة، مكث في إسرائيل للعلاج قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ولم يستطع العودة. وبقي ليسكن مع عائلة من منطقة الناصرة قررت تبنيه بعد اندلاع الحرب. وعندما سمع عن الحملة، تطوّع لتقديم كلّ مساعدة ممكنة لعائلته ولأبناء شعبه.
وأعلن مالك محلّ تجاريّ في منطقة الناصرة أنّه سيُتيح إمكانيّة التبرّع بواسطة شراء منتجات بسعر الجملة من محلّه التجاريّ، بالإضافة إلى تغليفه من قبله. وقال: «حضر طفل في الخامسة من عمره وأعطاني مبلغ 10 شيقلات (3 دولارات) وطلب التبرّع به إلى غزّة». وأضاف: «طلب منّي شخص يملك بقّالة الانتظار حتّى منتصف الليل حتّى يحضر كلّ ما جمعه في صندوقه في اليوم ذاته؛ أحد الرجال لم يكن يملك نقوداً، طلب منّي التبرّع بمبلغ 400 شيقل (120 دولاراً)، وأنّ أسجل المبلغ ديناً عليه ليدفعه لاحقاً، وأحضر طفل يبلغ من العمر 6 أعوام مغلّفاً وبه 5.000 شيقل (1300 دولار) مقابل مساعدات لغزّة ورفض الكشف عن اسمه أو اسم والده. وتبرّعت امرأة من كفر مندا بشاحنة كاملة بقيمة 220.000 شيقل (60 ألف دولار). هذه الأمور ليست مفهومة ضمناً، وتُعبّر عن مدى حاجة الناس لفعل كلّ شيء، فعلاً كلّ شيء، لمساعدة أبناء شعبهم».
وقد علم أن المساعدات لم تدخل بعد إلى غزة، لكنها جاهزة للتسليم عندما يتيح ذلك الجيش الإسرائيلي.
«غزّة مُتعطّشة لكلّ شيء»
بعد إطلاق هذه الحملات، انطلقت حملة إضافيّة من جمعية «رحمة» الأميركيّة الفاعلة في إسرائيل منذ سنوات. وقال محمّد قدّوس، مدير الجمعيّة في فلسطين والموجود في شمال غزّة: «نتوقّع أن نبدأ في الأيّام القريبة بإدخال المساعدات إلى جنوب غزّة عن طريق معبر كرم أبو سالم، وكذلك إلى الشمال، عن طريق معبر إيرز. مؤخّراً أحضرنا مواد غذائيّة تمّ شراؤها من تجّار من الضفّة الغربيّة ومساعدات من الأردن، والآن سنبدأ بإحضار المساعدات التي تأتي من أهلنا داخل الخطّ الأخضر، بعد الكثير من المحاولات في السابق والتي لم تنجح. حتّى إغلاق معبر رفح، اعتدنا على إدخال المساعدات عن طريقه من دول العالم، لكن توقّف بعدها كلّ شيء. ومؤخّراً سُمح بإدخال مساعدات ما عن طريق معبر إيرز».
وأضاف قدّوس: «غزّة متعطّشة لكلّ شيء»، وتابع: «من الاحتياجات الأساسيّة جدّاً وحتّى الوجبات الخفيفة للأطفال، فعلاً كلّ شيء، وهذا عدا الحديث عن الحاجة لصيانة وإعادة بناء بنى تحتيّة صحيّة وتعليميّة وغيرها. لكن الآن من المُبكّر الحديث عن ذلك، فالناس بحاجة إلى كلّ أنواع المساعدة. هناك عائلات في شمال قطاع غزّة لم تأكل اللحوم أو الفاكهة منذ 10 أشهر، في الشمال هناك نحو 120 ألف عائلة، ونحو 400 ألف إنسان. صحيح أنّ بعض التنظيمات الدوليّة ما زالت فاعلة، لكن عملها محدود جدّاً، بسبب الظروف».