مصر: مطالب بـ«عقوبات رادعة» مع تكرار حوادث «النقل الثقيل»

مصرع وإصابة 17 في تصادم سيارة على طريق الفيوم

تكرار حوادث النقل في مصر دفع متخصصين للمطالبة بتشديد الإجراءات (د.ب.أ)
تكرار حوادث النقل في مصر دفع متخصصين للمطالبة بتشديد الإجراءات (د.ب.أ)
TT

مصر: مطالب بـ«عقوبات رادعة» مع تكرار حوادث «النقل الثقيل»

تكرار حوادث النقل في مصر دفع متخصصين للمطالبة بتشديد الإجراءات (د.ب.أ)
تكرار حوادث النقل في مصر دفع متخصصين للمطالبة بتشديد الإجراءات (د.ب.أ)

في ثاني حادث مروري كبير بمصر، خلال أقل من أسبوع، تسببت سيارة نقل ثقيل في حادث مروري، فجر الاثنين، بعد اصطدامها بعدد من مركبات الأجرة والملاكي، بطريق «الفيوم - القاهرة»، الصحراوي، ما أدى إلى وفاة 10 أشخاص، وإصابة 7 آخرين. الأمر الذي دعا نواباً برلمانيين وخبراء إلى المطالبة بضرورة «تغليظ العقوبات على سائقي النقل بسبب تكرار أخطائهم على الطرق».

ونهاية الأسبوع الماضي، شهد الطريق الدائري بالقاهرة حادثاً مروعاً تسبب فيه سيارة نقل أيضاً، ما أسفر عن إصابة 24 شخصاً.

وأشارت المعاينة الأولية لحادث طريق «الفيوم - القاهرة» الأخير، إلى «تهور قائد السيارة النقل الذي كان يسير بسرعة زائدة، ما أسفر عن اصطدامه بعدة سيارات كانت تسير في نفس اتجاه السيارة»، حسب وسائل الإعلام المحلية.

ووجهت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، بـ«سرعة التحرك والوجود الفوري لفرق الإغاثة بموقع الحادث، ومساعدة أهالي الضحايا»، كما قررت «صرف المساعدات المقررة لأسر المتوفين حسب القانون، والمصابين حسب نسبة الإعاقة أو الإصابة نتيجة الحادث»، وفق إفادة لوزارة التضامن المصرية.

وأرجع عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب (البرلمان)، محمود الضبع، كثرة حوادث النقل الثقيل، إلى «الأخطاء البشرية، والسرعات الزائدة على الطرق»، وأشار إلى «عدم التزام كثير من السائقين بالقواعد المرورية، رغم كثرة الإجراءات التي تنفذها الحكومة؛ من تطوير الطرق، وتنظيم حركة السير لسيارات النقل ليلاً، وتحليل المخدرات للسائقين».

وطالب الضبع، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بضرورة «إعادة النظر في عقوبات قانون المرور، بتغليظ عقوبات أخطاء السير لسائقي النقل الثقيل»، مشيراً إلى أن «لجنة النقل بالبرلمان ناقشت مشروع قانون جديد للمرور، يتضمن تطبيق رقابة شاملة على الطرق، وتشديد عقوبات أخطاء السير»، متوقعاً «مناقشة القانون بالبرلمان، بعد تأجيله لحين استكمال الحكومة إجراءات البنية التحتية الخاصة بتطبيق مراقبة الطرق بالكاميرات».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد»، ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد المقبل للبرلمان، والمقرر بدايته في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وناقش رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، مع وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، أولوية الأجندة التشريعية للحكومة، وعدّ من بينها قانون المرور، إلى جانب مشروعات قوانين أخرى مثل قانون العمل والإدارة المحلية والإجراءات الجنائية.

من جهته، يطالب مدير الإدارة العامة للمرور السابق في مصر، اللواء سعيد طعيمة، بـ«إعادة تنظيم حركة سيارات النقل، لتسهيل مهمة سائقيها على الطرق».

واعتبر طعيمة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن كثرة الحوادث تأتي «بسبب تجاوز سيارات النقل السرعات القانونية، رغبة منهم في تجنب الكمائن المختلفة على الطرق»، مطالباً بضرورة «تنظيم حركة النقل الثقيل في مسارات خاصة، مع تحصيل رسوم الطرق من نقطة واحدة، وتكثيف حملات التوعية للسائقين»، وشدد على أهمية هذه الإجراءات.

وسجلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 بالمائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق بنفس العام 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 بالمائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

ويرى رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، ضرورة «فصل حركة سير سيارات النقل عن باقي المركبات الملاكي والأجرة»، وطالب بـ«عقوبات مشددة ورادعة ضد السائقين المخالفين».

واقترح «تطبيق نظام النقاط على المخالفات المرورية، بحيث يُخصم عدد من النقاط على رخصة السائق مع كل مخالفة، ومع تجاوز الحد الأقصى لنقاط المخالفات، تُسحب رخص القيادة نهائياً»، عادّاً أن ذلك «سيجبر السائقين على الانضباط».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة تكثيف حملات التوعية باعتبار أن الحوادث تأتي من أخطاء العنصر البشري، وطالب أن تشمل التوعية «برامج تدريبية بقواعد وآداب المرور، والإسعافات الأولية لمصابي الحوادث، والحد من تعاطي المخدرات».


مقالات ذات صلة

82 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان خلال 3 أيام

آسيا أحد المشيعين خلال مراسم الدفن الجماعي لضحايا حادث إطلاق نار من قبل مسلحين في كورام بإقليم خيبر بختونخوا الباكستاني (أ.ف.ب)

82 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان خلال 3 أيام

أسفرت أعمال عنف طائفية عنيفة استمرت 3 أيام في شمال غربي باكستان عن مقتل 82 شخصاً على الأقل وإصابة 156 آخرين، بحسب ما أفاد مسؤول محلي اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (بيشاور)
آسيا عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

قتل 32 شخصاً على الأقل في أعمال عنف طائفية جديدة في شمال غربي باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
شمال افريقيا الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

أحمد إمبابي (القاهرة)
آسيا تقديم المساعدة لضحية بعد اصطدام سيارة خارج مدرسة ابتدائية في مقاطعة هونان بالصين (رويترز) play-circle 00:35

سيارة تصدم عدداً كبيراً من الأطفال أمام مدرسة بوسط الصين (فيديو)

ذكرت وسائل إعلام رسمية اليوم (الثلاثاء) أن عدداً كبيراً من الأطفال أصيبوا عندما صدمتهم مركبة عند بوابة مدرسة في وسط الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين )
يوميات الشرق إدغار باريينتوس كوينتانا (وسائل إعلام محلية)

سُجن 16 عاماً... تبرئة أميركي من جريمة قتل لم يرتكبها

أعلن المدعي العام المحلي، الثلاثاء، أن رجلاً من مينيسوتا أُطلق سراحه من السجن بعد أن أمضى 16 عاماً في السجن بتهمة ارتكاب جريمة قتل لم يرتكبها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
TT

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية، لشحن جوالاتهم وأجهزتهم البسيطة.

ومع دخول فصل الشتاء، زادت معاناة السكان في ظل البرد والغيوم الكثيفة ما حرم أصحاب الطاقة الشمسية من شحن مستلزماتهم، مثل الجوالات والبطاريات التي كان يعتمدون عليها لتشغيل التلفزيون أو الأجهزة الكهربائية.

ويقول وائل النجار الذي يعيش في حي النصر بمدينة غزة، إنه يملك ألواحاً عدة للطاقة الشمسية من أجل شحن البطاريات والجوالات للمواطنين الذين لا يتوانون في انتظاره أمام منزله منذ ساعات الصباح الباكر لشحن أجهزتهم من أجل استخدامها خصوصاً في ساعات الليل. ويوضح النجار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الغزيين في ظل الأجواء الشتوية وغياب الشمس خلال الأيام الماضية باتوا يعيشون ظروفاً صعبة، بعدما توقف عنهم المصدر الوحيد المتبقي للكهرباء، مضيفاً أن بعضهم، وخصوصاً في منطقة جباليا، لا يجد حتى الإنارة البسيطة. وتابع النجار: «خلال اليومين الماضيين، أمضى السكان لياليهم من دون كهرباء، كان مشهداً قاسياً يطبق تصريحات قادة الاحتلال بإعادة سكان غزة إلى العصر الحجري».

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«وضع لا يطاق»

بدورها، تقول فاطمة شاهين، النازحة من مخيم جباليا إلى حي النصر، أحد الأحياء الراقية في قطاع غزة قُبيل الحرب، إنها تعيش مع عائلتها المكونة من 16 فرداً في محل تجاري فارغ بعدما عجزت عن إيجاد مكان لعائلتها: «لكن في اليومين الأخيرين عانينا كثيراً من فقدان أبسط شيء في الحياة، وهو مصباح حتى أتمكن من رؤية زوجي وأبنائي». وتابعت فاطمة: «وصلنا إلى حال لا يطاق أبداً، حتى جوالاتنا البسيطة لم نستطع شحنها بعد أن رفض صاحب الطاقة الشمسية القريبة منا شحن أي جوالات أو بطاريات بسبب الأجواء الماطرة. في العادة، نعتمد على شحن بطاريتين أو بطارية بالحد الأدنى، للإنارة ليلاً، ومشاهدة التلفزيون لساعة أو ساعتين في أفضل الأحوال، لكن منذ أن نزحنا لم يعد يتوفر لدينا أي تلفزيون، والآن بالكاد نستطيع فقط إنارة المكان الذي نوجد فيه، حتى أن جوالاتنا التي نعتمد فيها على تشغيل إضاءتها لم نعد نستطيع شحنها لنتدبر أمورنا ليلاً».

فتاة فلسطينية تجلس وسط ركام مبنى مدمر بفعل القصف الإسرائيلي غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«أسعار باهظة»

يُذكر أنه بعد يوم واحد فقط من هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قطعت إسرائيل خطوط الكهرباء التي تزود بها القطاع، ثم بعد أيام قامت طائرات حربية بقصف أهداف رئيسة لشركة الكهرباء، وكذلك محيط المحطة ما تسبب في أعطال كبيرة فيها، كما منعت إدخال الوقود لتشغيلها، ما أدى لتوقفها نهائياً وخروجها عن الخدمة، ليصبح قطاع غزة بأكمله من دون كهرباء. وأدت الحرب إلى تهافت الغزيين المقتدرين على شراء ألواح الطاقة الشمسية، ما رفع أسعارها بشكل كبير، حيث كان سعر الواحد يصل 700 شيقل فقط (نحو 200 دولار)، أما حالياً فيصل سعره إلى أكثر من 13 ألف شيقل (نحو 3500 دولار).

فلسطينية تتحدث عن المعاناة أمام خيمتها التي غمرتها المياه الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر والأمطار في خان يونس جنوب قطاع غزة الاثنين (رويترز)

خيام غارقة في المياه

ويقول التاجر جمال أبو ناجي إن «ارتفاع أسعار الطاقة بشكل جنوني كان بسبب فهم السكان أن الحرب ستطول، وأنهم سيحتاجونها لتدبير أمور حياتهم، لكنهم لم يدركوا حجم الدمار الذي سيلحق بمنازلهم، ولذلك دفع الكثير منهم أموالاً طائلة من دون أن يستفيدوا من شراء الطاقة الشمسية، خصوصاً أن الاحتلال أوقف إدخال كل مشتقات الوقود، وبذلك توقفت المولدات الكهربائية عن العمل، ولم يبق هناك أي مصدر للكهرباء سوى الطاقة الشمسية». وأوضح أبو ناجي أن الاحتلال تعمد استهداف الطاقة الشمسية الموجودة لدى المطاعم والمخابز والشركات وحتى المستشفيات والأماكن الحيوية، ثم استهدف ما بقي منها على أبراج سكنية وخدماتية، واستهدف الألواح التي كانت على كثير من المنازل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا أسهم في زيادة سعرها، ولم تعد متوفرة حالياً سوى بالحد الأدنى وبأسعار باهظة لا يستطيع أحد شراءها.

ولم تكن الحال أفضل بالنسبة لسكان جنوب قطاع غزة، وكذلك بالنسبة للنازحين إليه بأعداد كبيرة، حيث حُرموا خلال اليومين الماضيين من إنارة خيامهم، ومن شحن جوالاتهم، وأُجبر على المبيت باكراً جداً ومن دون أي وسائل تدفئة في ظل هذه الأجواء الباردة، والأمطار التي ضاعفت أزماتهم، وتسببت في غرق كثير من الخيام.

وتعرضت الخيام في منطقة شواطئ مواصي خان يونس ورفح جنوب القطاع، وكذلك قبالة شواطئ دير البلح والزوايدة وسط القطاع، للغرق بمياه الأمطار من جهة ومياه البحر من جهة أخرى، بعد أن أصبح منسوب البحر عالياً بشكل كبير، كما تضاعفت معاناة آخرين على بُعد عشرات ومئات الأمتار من شواطئ البحر، بعد أن اقتلعت الرياح خيامهم.

عائلة فلسطينية تجلس وسط الركام الناجم عن القصف الإسرائيلي في غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«نريد وقف الحرب»

وتقول آلاء حرب، النازحة من حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة إلى مواصي خان يونس: «تعرضت خيمتنا للغرق، ولم يكن لدينا أي مصدر إنارة نستطيع من خلاله تحديد أماكن تسرب المياه، قبل أن يتدخل أحد الجيران ويأتي بجواله ويضيء لنا المكان، لنفاجأ أن مياه البحر غمرتنا تماماً، والأمطار كانت تتسرب من الجوانب العليا للخيمة». وأضافت: «لا نعرف ما نفعل، تعبنا من كل شيء، وما بقيت لنا قدرة على استيعاب ما يحدث، نريد العودة إلى بيوتنا، نريد وقف الحرب، كفى معاناة». وتابعت بكلمات غلبت عليها الحرقة: «نعيش منذ يومين من دون كهرباء، ولا نرى أي شيء، حتى جوالاتنا مغلقة ولا نستطيع التواصل مع باقي أقاربنا في شمال القطاع حتى نعرف أخبارهم ونطمئن عليهم ويطمئنوا علينا. حياتنا صارت جحيماً».

بدوره، قال سامح مطاوع، إنه يملك لوحين من الطاقة الشمسية، لكنه لم يستطع حتى شحن بطارياته بسبب الطقس الغائم، وهذا الأمر حرمه حتى من أن تكون لديه إنارة في خيمته ليلاً، الأمر الذي تسبب في خوف أطفاله من العتمة التي واجهوها على مدار يومين من الأجواء الماطرة. وأضاف مطاوع: «فصل الشتاء في بداياته، ومن الواضح أن معاناتنا ستكون أكبر مما كنا نتوقع، ولا أحد يهتم لأمرنا، ولذلك كثير منا بات يفضل الموت على البقاء حياً».