«توافق هشّ» يرسم مساراً لحل أزمة رئاسة برلمان العراق

المشهداني يتحدث عن «أغلبية» لترشحه... وترقب لموقف العيساوي

نواب عراقيون خلال فرز أصوات انتخابات رئيس جديد للبرلمان (لم تكتمل) مايو 2024 (إعلام المجلس)
نواب عراقيون خلال فرز أصوات انتخابات رئيس جديد للبرلمان (لم تكتمل) مايو 2024 (إعلام المجلس)
TT

«توافق هشّ» يرسم مساراً لحل أزمة رئاسة برلمان العراق

نواب عراقيون خلال فرز أصوات انتخابات رئيس جديد للبرلمان (لم تكتمل) مايو 2024 (إعلام المجلس)
نواب عراقيون خلال فرز أصوات انتخابات رئيس جديد للبرلمان (لم تكتمل) مايو 2024 (إعلام المجلس)

بعد أزمة استمرت أكثر من 9 أشهر، تكشّفت ملامح مسار لاتفاق على رئيس جديد للبرلمان العراقي، بعدما أعلن رئيسه الأسبق، النائب الحالي، محمود المشهداني «موافقة أغلبية الطيف الوطني» على ترشحه للمنصب، لكن في المقابل رأى مراقبون ومصادر أنه ربما «توافق هشّ» يحتاج إلى مزيد من الدعم.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، تخلو رئاسة البرلمان العراقي من رئيس منتخب، وتُدار شؤونه عبر الرئيس بالنيابة محسن المندلاوي، وذلك بعد إنهاء عضوية الرئيس السابق محمد الحلبوسي، بموجب أمر قضائي.

وأفاد الرئيس الأسبق للبرلمان العراقي، النائب الحالي، محمود المشهداني، في تغريدة له مساء الأحد، بأنه تم التوافق عليه لمنصب رئاسة برلمان البلاد. وقال: «إنه ليسعدني ويشرفني موافقة أغلبية الطيف الوطني من أعضاء مجلس النواب على ترشيحي لرئاسة المجلس». وتحدث عن أن «الخلاف حُسم بشأن الملف».

وتعهّد المشهداني لزملائه بأنه سيحافظ على «الأمانة (...) وفق ما تقتضي المصلحة العامة بدلالة نظام المجلس الداخلي، مع مراعاة المسار القانوني والدستوري في إدارة المجلس». واختتم: «الوطن قبل المكون... والمكون قبل الكيان السياسي».

وفي حال اُنتخب المشهداني (76 عاماً) فستكون المرة الثانية له رئيساً للبرلمان، إذ سبق أن تولّى المنصب نفسه لثلاث سنوات ما بين عامي 2006 و2009.

ومنذ إقالة الحلبوسي في نوفمبر 2023 خاض المشهداني طوال شهور منافسة مع 5 مرشحين رسميين لرئاسة البرلمان، لكنه لم يحقّق الأغلبية (النصف زائد واحد) المطلوبة لنيل المنصب، ورغم دعمه من قِبل «الإطار التنسيقي الشيعي».

وخاض المشهداني منافستين لرئاسة البرلمان، الأولى في يناير (كانون الثاني) مع النائب شعلان الكريم الذي كان مرشحاً عن حزب الرئيس المُقال للبرلمان الحلبوسي، الذي يتزعم حزب «تقدم»، وجاءت النتائج لتمنح الكريم 153 صوتاً، والمشهداني 48 صوتاً، في حين حصل سالم العيساوي مرشح حزب «السيادة» بزعامة خميس الخنجر على 97 صوتاً.

محمود المشهداني (يمين) وسالم العيساوي في أثناء محاولة انتخاب رئيس للبرلمان العراقي مايو 2024 (إكس)

ولم تفلح الجولة الأخرى للأزمة للانتخاب في إيصال الكريم إلى رئاسة البرلمان، بعد مشادات مفتعلة من جراء ظهور فيديو له، رأى متداولوه أنه يمجّد فيه خلال عام 2006 الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.

وفي محاولة أخرى، في مايو الماضي، تنافس المشهداني مجدداً مع العيساوي، وحصل الثاني على 159 صوتاً، في حين فاز الأول بـ138 صوتاً. ومثلما حدث في المحاولة الأولى تكرّرت المشادات التي وصلت حد العراك بالأيدي بين نواب من حزبي «تقدم»، و«السيادة»، ما حال دون التوجه إلى جولة ثانية كانت محسومة، تقريباً للعيساوي.

وطوال الشهور التي تلت تلك الجلسة أخذ المشهد السياسي يسير نحو مزيد من التعقيد بسبب الخلافات السنية - السنية، والشيعية - الشيعية، بما في ذلك الخلاف على تعديل النظام الداخلي لإتاحة المجال للحلبوسي ترشيح بدلاء عن الكريم بعد أن دعّم المشهداني مرشحاً توافقياً.

مفاجأة العيساوي

وطبقاً لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مقرب من حزب «السيادة»، الذي ينتمي إليه العيساوي فإن «كلاً من حزب (السيادة) بزعامة الخنجر، وتحالف (العزم) بزعامة مثنى السامرائي دعّم المشهداني لرئاسة البرلمان، كونه الأقل من حيث المشاكسة - وربما - الطموح السياسي».

وأشارت المصادر إلى أن «قوى الإطار التنسيقي» بعد أن قررت عدم فتح باب الترشيح ثانية «أبلغت المشهداني أنها تدعمه لرئاسة المجلس الشاغرة».

وأضاف المصدر المقرب أن «قيادتي (السيادة) و(العزم) فهمتا أنه بعد توافق (الإطار التنسيقي) أصبح واضحاً أن المشهداني بات هو الأقرب لرئاسة المجلس، وبالتالي فإن الخيار الأفضل هو الشراكة لدعمه».

وبشأن غموض موقف العيساوي (مرشح «السيادة» في الجولات الماضية)، قال المصدر المقرب إن «العيساوي لم يعلن شيئاً حتى الآن، وربما يدخل منفرداً؛ ما دام هو مرشحاً رسمياً».

وتعتقد المصادر أن «العيساوي يراهن على علاقات واسعة مع النواب من مختلف الكتل، بما في ذلك السنية التي ربما تتمرّد ثانية على تعليمات زعاماتها، وتصوّت للعيساوي بدلا من المشهداني».

النائب العراقي محمود المشهداني يترأس جلسة افتتاحية للبرلمان عام 2022 (رويترز)

وتذهب المصادر إلى أنه في ضوء هشاشة الأوضاع والتوافقات «من الصعب حسم الجولة الأولى لصالح أحد الطرفين، وبالتالي فإنه من غير المستبعد حصول معركة جديدة تحول دون وصول أحد المرشحين السنة لرئاسة البرلمان؛ ما يعني بقاء محسن المندلاوي الرئيس بالإنابة، والقيادي في (الإطار التنسيقي) - الشيعي، رئيساً إلى نهاية الدورة الحالية».

ويرى السياسي المستقل عمر الناصر أن «عملية التسويف والمماطلة طوال الشهور الماضية في تطبيق الاستحقاق الدستوري وتنفيذه لانتخاب رئيس جديد للطيف السياسي السني ستُدخل مفهوم (التوافق، والشراكة) في غيبوبة، ولن يكون لهما تأثير لا الآن ولا في المرحلة المقبلة، مع تعميق جذور الخلافات، ورفع منسوب عدم الثقة».

وأضاف الناصر لـ«الشرق الأوسط» أن «انقسام القوى الشيعية الحاد إلى معسكرين، وعدم توحيد قرار بدعم شخصية واحدة لرئاسة البرلمان أمر غير مبرر بالمطلق، وتعطيل عقد الجلسة (تسويف سياسي) وسلب لحقوق المكون السُني، ومحاولة واضحة لفرض الإرادات ستضر بأداء مجلس النواب».


مقالات ذات صلة

حكومة كركوك الجديدة تواجه المقاطعة السياسية

المشرق العربي عناصر من «البيشمركة» يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في كركوك (أرشيفية - إ.ب.أ)

حكومة كركوك الجديدة تواجه المقاطعة السياسية

أعلنت أحزاب تمثّل العرب والكرد والتركمان مقاطعتها مجلس محافظة كركوك، الذي سيعقد يوم غد (السبت) أول اجتماع بعد انتخاب محافظ جديد للمدينة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)

واشنطن تدخل خط الاعتراض على «الأحوال الشخصية» العراقي

أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، الذي يعتزم البرلمان التصويت عليه خلال أيام أو أسابيع.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي اجتماع حكومي عراقي برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني (الحكومة العراقية)

اعتقال «شبكة تنصت وابتزاز» داخل مكتب رئيس الحكومة العراقية

أفيد في العراق، الثلاثاء، باعتقال شبكة تنصت وتزوير تعمل داخل مكتب رئيس الحكومة، ضمت موظفين وضباطاً متخصصين في الأمن الرقمي.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)

العراق: مفاوضات رئاسة البرلمان إلى «طريق مسدودة»

تتجه القوى السياسية في العراق إلى تأجيل حسم مرشح رئيس البرلمان أسبوعاً، بعد تعثر الاتفاق على اسم توافقي يُمثل الأحزاب السنية، وفقاً لمصادر سياسية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما يعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

القضاء العراقي يفرج عن ضابط «مدان» بقتل متظاهرين

أفرجت محكمة التمييز الاتحادية عن ضابط بوزارة الداخلية «مدان سابقاً» بقتل متظاهرين عام 2019، فيما أجّلت محكمة جنايات محاكمة متهم رئيسي بـ«سرقة القرن»

فاضل النشمي (بغداد)

رحيل نبيل العربي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية

نبيل العربي (الشرق الأوسط)
نبيل العربي (الشرق الأوسط)
TT

رحيل نبيل العربي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية

نبيل العربي (الشرق الأوسط)
نبيل العربي (الشرق الأوسط)

توفي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية السفير نبيل العربي، الاثنين، في القاهرة، عن عمر يناهز 89 عاماً، بعد مسيرة عمل دبلوماسي استمرت لأكثر من 5 عقود، شغل خلالها مناصب عدة، ولعب فيها أدواراً مختلفة، واضعاً اسمه بين أهم الدبلوماسيين المصريين في العقود الأخيرة.

درس العربي الحقوق بجامعة القاهرة التي تخرج فيها عام 1955، وحصل على الماجستير في القانون الدولي، ونال الدكتوراه من مدرسة الحقوق في جامعة نيويورك بالولايات المتحدة، بينما شارك بصفته مستشاراً قانونياً في الوفد المصري المرافق للرئيس الراحل أنور السادات خلال اتفاقية السلام مع إسرائيل.

ترأس العربي الوفد القانوني المصري للتفاوض من أجل إنهاء نزاع طابا مع إسرائيل بين عامي 1985 و1989، وهو النزاع الذي استردت بموجبه مصر طابا ليكتمل الانسحاب الإسرائيلي بالكامل من الأراضي المصرية، بينما عمل مستشاراً للحكومة السودانية بالتحكيم بشأن حدود منطقة «أببي» بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان.

وعلى مدار 5 سنوات بين عامي 2001 و2006، اختير العربي قاضياً بمحكمة العدل الدولية، بعدما قضى 7 سنوات عضواً بلجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي، في حين انخرط بعضوية عدة لجان قانونية منها لجنة الأمم المتحدة للتعويضات بجنيف، ولجنة إدارة معهد استوكهولم لأبحاث السلام.

في عمله الدبلوماسي، شغل العربي منصب سفير مصر لدى الهند، والممثل الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة في جنيف، ثم أصبح ممثلاً في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، لكن دوره الأكبر في الدبلوماسية المصرية جاء بعد اختياره ليكون أول وزير للخارجية في أعقاب «أحداث 25 يناير» 2011، وهو المنصب الذي تولاه لأشهر قليلة قبل أن يُختار لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفاً لعمرو موسى، وهو المنصب الذي فضّل الاكتفاء فيه بدورة واحدة ليقضي سنواته الأخيرة بعيداً عن المناصب السياسية.

شهدت فترة تولي العربي الأمانة العامة للجامعة العربية اتخاذ الجامعة قراراً بإنشاء القوة العربية المشتركة في مارس (آذار) 2015 وهو القرار الذي لم يدخل حيز التنفيذ، في حين عمل خلال السنوات التي قضاها على حل الخلافات العربية ومحاولة تقوية دور الجامعة في السياسة العربية.

حرص العربي على توثيق مسيرته الدبلوماسية في مذكراته بعنوان «طابا - كامب ديفيد... والجدار العازل»، وهي المذكرات التي وثق فيها الصراع الدبلوماسي الذي خاضته مصر من أجل استرداد أراضيها عبر عرض تفاصيل الاجتماعات والمحطات المهمة.

وبينما نعت وزارة الخارجية المصرية الوزير الأسبق، فإنها توقفت عند «الدور الوطني العظيم الذي قام به في ملحمة التحكيم الدولي لاسترداد أرض طابا الغالية إلى السيادة المصرية»، مؤكدة أنه «تصدى لمختلف القضايا بهدف أسمى لم يحد عنه، وهو تحقيق المصالح المصرية والدفاع عنها».