شكاوى لبنانية من تشويش إسرائيلي على المسيّرات المدنية

أجهزة المصوّرين والمستكشفين تتّجه بأكملها إلى مطار بيروت.

طائرة تحطّ على مدرج مطار بيروت (إ.ب.أ)
طائرة تحطّ على مدرج مطار بيروت (إ.ب.أ)
TT

شكاوى لبنانية من تشويش إسرائيلي على المسيّرات المدنية

طائرة تحطّ على مدرج مطار بيروت (إ.ب.أ)
طائرة تحطّ على مدرج مطار بيروت (إ.ب.أ)

عرقل التشويش الإسرائيلي أعمال المصوّرين المحترفين، والمستكشِفين والهواة الذين باتوا يشْكون في الفترة الأخيرة من تحطّم مسيرات التصوير المدنية التي يستخدمونها ببيروت والجبل والشمال، ويؤكّدون أنهم باتوا غير قادرين على السيطرة عليها.

وتختفي هذه الطائرات الصغيرة الحجم، المخصّصة لتصوير الأعراس والمواقع الطبيعية الوعرة، بسبب انعدام الإشارة، ويتوجه أغلبها إلى مطار بيروت الدولي، وغالباً ما تسقط تلك المسيّرات في طريقها إلى المطار بسبب اصطدامها بأسلاك الكهرباء أو التضاريس الطبيعية، أو تسقط بسبب نفاد البطارية. ويقول مُسيّرو تلك المسيرات إن التشويش يحجب الخدمة نهائياً.

وعادةً ما تلجأ القوى المتحاربة إلى تقنية التشويش الإلكتروني التي تعتمد على استخدام الإشارات الإلكترونية لتعطيل أو تقليل كفاءة الأجهزة الإلكترونية للعدو، من خلال إرسال إشارات إلكترونية على نفس تردّد إشارات العدو، ما يؤدي إلى تشويش الإشارة الأصلية، وتعطيل الأجهزة الإلكترونية المستقبِلة للإشارات. ويُستخدَم التشويش الإلكتروني عادةً في الحروب الإلكترونية والحروب السيبرانية، ويستخدم في المجالات المختلفة، مثل الدفاع الجوي، والاتصالات العسكرية، ومجال الاستخبارات العسكرية.

إلى مطار بيروت

بدأت المشكلة مع انطلاق الحرب على جنوب لبنان، وتزايدت مع الوقت، ليصبح «التشويش» أبرز العوائق التي تعرقل مُمتهِني التصوير، ما أدّى إلى خسارة البعض لمسيّراتهم، أو خسارة عملهم. فلم يعُد بمقدرتهم تطيير الدرون أينما كانوا، حيث يفقدون السيطرة على هذه المسيّرة، حسبما يقول المصوّر المحترف رامي رزق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن الـ«GPS» بات يعطي إشارة خاطئة، وفي أغلب الأوقات يحدّد موقعه في مطار بيروت بسبب التشويش الذي يغيّر الموقع.

ويقول: «إذا كان التصوير يحصل في جبيل (شمال لبنان) على سبيل المثال، تظهر كأنك في مطار بيروت، ولهذا الأمر تأثيرٌ سلبيّ على الدرون وعلى الـ(Gps)». ويؤكد أن التويش مصدره إسرائيل، مشيراً إلى أن هذه التكنولوجيا الحديثة لا تملكها أي جهة في لبنان.

التشويش سحب الدرون

وعلى غرار رزق فَقدَ المستكشِف والمغامر جورج غصين كاميرته المسيّرة الأسبوع الماضي، عندما كان يصوّر في بلدة الخاربة في جبيل، ووجدها في اليوم التالي ببلدة ميفوق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها ليست المرّة الأولى التي يفقد فيها كاميرته المسيّرة، ويُعرب عن اعتقاده بأن «التشويش سحبها».

وظهر غصين في مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يشرح ما حصل معه. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه أراد أن يحذّر المواطنين للانتباه لمسيّراتهم، مؤكّداً أنه في كل مرة يريد التصوير «يحصل على إذن من البلديّة»، وفي حال وجود مراكز عسكريّة يصرَّح له من مخابرات الجيش اللبناني، ما يعني أن عمله قانوني.

ماذا يحدث من الناحية التقنية؟

المسيّرة مبرمَجة على أنها حين تفقد الإرسال، أو تقترب بطاريتها من النفاد، تتخذ خيار «Return home»، أو العودة إلى موقع الانطلاق، ولكن هذا الأمر لا يحصل في ظل التشويش؛ ذلك أن المسيّرة تأخذ الإحداثيات من الأقمار الاصطناعية، ومن الـ«GPS» الموجود في الفضاء، ومع التشويش تصبح هذه المعلومات المرسَلة مغلوطة، وهذا ما يؤدي إلى اتجاهها نحو مطار بيروت، علماً بأن المطار يعدّ منطقة محظورة على الطيران (No Fly Zone Area)، وفي طريقها تسقط إما لنفاد البطارية، أو لاصطدامها بأجسام وتضاريس طبيعية.

تردّد واحد

ويؤكد المستشار في الأمن السيبراني رولان أبي نجم أن ما يحصل «هو تشويش على الإرسال في طائرات الدرون؛ مدنية كانت أو عسكرية»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل «تقوم بالتشويش على كل الأجهزة التي يتم التحكم فيها من خلال الإرسال بلبنان»، ولافتاً إلى أن الطيران المدني و«GPS» و«google Maps»، وكل التطبيقات التي تحدّد المواقع تأثّرت بهذا التشويش.

ويشير أبي نجم إلى أن إسرائيل «تشوّش حتى داخل المناطق لديها، بهدف منع إرسال أي إحداثيات عن منطقة معيّنة». كذلك يرى أن «حزب الله» يمتلك أيضاً قدرة على التشويش؛ لأنه يمتلك مثل هذه الإمكانية.

ويشرح أبي نجم كيفية حصول التشويش على المسيّرات فيقول: «يتم إرسال التشويش، أو ما يُعرف بالـ(Jamming) على التردد الذي يتم استخدامه بالمسيّرات»، كاشفاً عن أن «كل المسيّرات الموجودة في السوق تعمل على التردد نفسه».

لبنان يشكو لمجلس الأمن

يرى خبراء لبنانيون أن هذا التشويش مقصود، بالنظر إلى أن الجهة المشوِّشة توجّه الأجهزة في الاتجاه الذي تريده. وباتت السلطات اللبنانية تمتلك أدلة على أن إسرائيل تورّطت به. لذلك تابعت الحكومة اللبنانية هذه القضية، وقدّمت شكوى إلى الأمم المتحدة ضد تل أبيب؛ لتشويشها على أنظمة تحديد المواقع العالمي (GPS) في لبنان.

وأعلنت وزارة الاتصالات اللبنانية الشهر الماضي أنها تقدّمت عبر وزارة الخارجية بشكوى ضد إسرائيل إلى كل من الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات. وأوضحت الوزارة أن الشكوى تتعلّق بـ«التشويش الإسرائيلي الذي يطول بشكل أساس أنظمة (GPS) في لبنان»، لكن إسرائيل لم تعلّق على الاتهامات اللبنانية.


مقالات ذات صلة

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

المشرق العربي نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:39

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت، وتركّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.

وإذا كان المتهمان الأساسيان بجرائم غزة هما نتنياهو وغالانت، فإنه يوجد منفذون أيضاً هم قادة الجيش الكبار والصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين.

ولم يشهد سكان غزة، أمس، ما يدعوهم للأمل في أن يؤديَ أمرا اعتقال نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جديدة.