ضغوط المعارضة لتشغيل مطار القليعات لا تلقى آذاناً صاغية لدى «الثنائي الشيعي»

الملف على طاولة وزير الأشغال... لكنه يصطدم بموانع سياسية

لقطة من «غوغل ماب» لمطار رينيه معوض في القليعات
لقطة من «غوغل ماب» لمطار رينيه معوض في القليعات
TT

ضغوط المعارضة لتشغيل مطار القليعات لا تلقى آذاناً صاغية لدى «الثنائي الشيعي»

لقطة من «غوغل ماب» لمطار رينيه معوض في القليعات
لقطة من «غوغل ماب» لمطار رينيه معوض في القليعات

تقوم قوى المعارضة اللبنانية بحملة مركّزة على أكثر من صعيد، للضغط باتجاه تشغيل مطار القليعات الواقع شمال لبنان على بعد نحو 7 كلم من الحدود اللبنانية - السورية. ولطالما رفعت هذه القوى الصوت باتجاه تشغيل مطارات أخرى، في إطار اللامركزية الإدارية التي ينص عليها «اتفاق الطائف»، إلا أنها كثّفت العمل في هذا الاتجاه مؤخراً، في ظل المواجهات المستمرة بين «حزب الله» وإسرائيل، وما تحدث عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من «مخاطر ومحاذير تحيط بمطار رفيق الحريري الدولي».

الملف على طاولة وزير الأشغال

وفي حين يُجمع نواب الشمال على وجوب إعادة تشغيل مطار القليعات، المعروف أيضاً باسم «مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض»، تبنّى مؤخراً حزبا «القوات اللبنانية» و«الكتائب» هذا المطلب، وهما، إلى جانب نواب آخرين، بصدد توقيع اقتراح قانون معجل مكرر لتأهيل المطارات العسكرية في القليعات وحامات ورياق وتحويلها مطارات مختلطة للخدمات العسكرية والمدنية.

وعلى الرغم من خروج رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل، النائب سجيع عطية، مؤخراً ليؤكد «أن لا مشاكل لوجيستية وفنية تحول دون تشغيل مطار القليعات»، لافتاً إلى أن «الملف جاهز ومكتمل على طاولة وزير الأشغال، وأن الهواجس لدى الفريق السياسي الممانع تحول دون العمل على تنفيذه»، لم يصدر عن الوزير المعني أو عن «حزب الله» أو حركة «أمل» أي إشارات إيجابية تفيد بالموافقة على مطلب إعادة تشغيل مطار القليعات. ويتم سوق حجج لرفض تشغيل المطار كـ«غياب برج المراقبة، وعدم الموافقة السورية»، إضافة إلى إشكاليات قانونية.

خطة حكومية

واعتبر النائب في كتلة «التنمية والتحرير»، الدكتور فادي علامة، أن «موضوع فتح مطارات جديدة يفترض أن يكون في إطار خطة حكومية تحدد الفوائد وما إذا كان لدى الحكومة القدرة على إدارة هذه المطارات، على أن يحصل ذلك في ظروف مختلفة عن التي نعيشها اليوم، ومن خلال مشروع قانون يتم إرساله إلى مجلس النواب لمناقشته»، مستغرباً خروج البعض للمطالبة بفتح مطارات في ظروف كهذه يعيشها البلد والمنطقة.

وانتقد علامة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ربط المطالبة بفتح مطار جديد بالخشية من ضرب مطار بيروت، معتبراً أنه «إذا قررت إسرائيل توسعة الحرب وانتهجت النهج الإجرامي والتدميري الذي اعتمدته في غزة، فهي لا شك لن تضرب مطاراً وتترك آخر».

اللامركزية بوجه الدولة الأمنية

أما عضو تكتل نواب «القوات اللبنانية» النائب غياث يزبك، الذي يتابع الملف من كثب، فأكد أن «قرار إعادة فتح المطار مُتخَذ في الحكومة، ولا حاجة إلى قرار جديد، إنما يحتاج حصراً إلى فك أسره، خاصة وأن إعادة التشغيل تحتاج إلى مبلغ زهيد قدره 5 ملايين دولار، باعتبار أن المدارج موجودة، وكذلك صالات الاستقبال، ويحتاج فقط إلى تحديث التقنيات وبعض الترميم»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «في البدء كانت سوريا من تعارض تشغيل المطار، وقد تبنى بعد ذلك (حزب الله) الفيتو؛ رغبة منه في الإبقاء على مركزية القرار المالي التي يضع يده عليها، وكذلك لأن مطاراً آخر سيفقده عينه المفتوحة لمراقبة الداخلين والخارجين من البلد، باعتباره مسيطراً على كل المعابر البرية».

وشدد يزبك على أن «تشغيل أكثر من مطار في البلد حاجة أساسية، ويندرج في إطار تطبيق اتفاق الطائف الذي ينص بشكل واضح على اللامركزية التي تسهّل حياة اللبنانيين وتضع حداً للدولة الأمنية القائمة راهناً».

موانع سياسية

ولا تتطابق أرقام يزبك مع أرقام الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، الذي أشار إلى أن المرحلة الأولى من إعادة تشغيل مطار القليعات تتطلب 32 مليون دولار، متحدثاً عن «موانع سياسية تحول دون إعادة افتتاح المطار. فأولاً: أميركا تعارض هذا الطرح؛ لأن هذا المطار يخدم الساحل السوري أكثر منه لبنان، كما أن تشغيله يفترض حواراً مع سوريا، لأن الطائرات يفترض أن تدخل في المجال السوري قبل أن تهبط في المطار».

وأوضح شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مطار القليعات أفضل فنياً من مطار بيروت، كما أن توسعته ممكنة وأسهل؛ لأن الأرض رخيصة ومتوافرة بخلاف مطار بيروت». وأضاف: «في السابق كانت هناك دراسات حول نقل مطار بيروت إلى القليعات والاستفادة من قيمة الأراضي التي تقدر ما بين 80 و100 مليار دولار، وتخفيف الازدحام حول بيروت، على أن يتم ربط مطار القليعات مع بيروت بخط للقطار وخط سريع للسيارات».

200 مليون دولار

وبحسب «الدولية للمعلومات»، فإن لجنة من وزارة الأشغال العامة والنقل قامت في عام 2012 بإعداد تقرير عن وضع مطار القليعات، خلُص إلى أن «المطار غير مؤهل لاستقبال حركة طيران مدني دولي، وأن عملية التأهيل تتطلب كلفة مالية تقدر بحدود 200 مليون دولار أميركي، تضاف إليها قيمة استملاكات الأراضي اللازمة للمشروع (نحو مليونَي مربع)». وأشارت إلى أن «الفترة اللازمة لإنجاز العمل هي 4 سنوات»، وأن «تشغيل المطار للشحن الجوي وإنشاء منطقة حرة قد تكون الفكرة الأكثر ملاءمة».‏


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
TT

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها، لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد؛ رداً على الهجمات التي تشنها فصائل مسلحة، في حين أشار مصدر مقرب من «التحالف الحاكم» إلى أن جرس الإنذار السياسي يرن في مكاتب الأحزاب الرئيسة هذه الأيام.

وغالباً ما يرتبط الانشغال بمخاوف جدية من استهداف مواقع رسمية ربما تمتد لتشمل مقار حكومية وحقول نفط ومواقع استراتيجية، ولا تقتصر على مقار ومعسكرات الفصائل المتهمة بمهاجمة إسرائيل، حسب مصادر مقربة من قوى «الإطار التنسيقي». وتنقل مصادر صحافية «تقديرات حكومية» عن إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي».

توسيع دائرة الحرب

يبدو أن المخاوف العراقية السائدة، خصوصاً داخل الأوساط السياسية، إلى جانب الشكوى الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي ضد 7 فصائل مسلحة، وتحميل بغداد الهجمات التي تشنها الفصائل ضدها؛ دفعت الحكومة العراقية وعبر وزارة خارجيتها إلى توجيه رسائل رسمية إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي؛ رداً على التهديدات الإسرائيلية ضد العراق.

وقالت وزارة الخارجية، السبت، إن «العراق يُعد ركيزة للاستقرار في محيطيه الإقليمي والدولي، ومن بين الدول الأكثر التزاماً بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة».

وأضافت أن «رسالة الكيان الصهيوني إلى مجلس الأمن تمثّل جزءاً من سياسة ممنهجة؛ لخلق مزاعم وذرائع بهدف توسيع رقعة الصراع في المنطقة».

وشددت الوزارة على أن «لجوء العراق إلى مجلس الأمن يأتي انطلاقاً من حرصه على أداء المجلس لدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان الصهيوني في قطاع غزة ولبنان، وإلزام الكيان الصهيوني بوقف العنف المستمر في المنطقة والكف عن إطلاق التهديدات».

وتابعت أن «العراق كان حريصاً على ضبط النفس فيما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار». وشدد على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية التي تشكّل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي».

وأكدت «الخارجية» العراقية «الدعوة إلى تضافر الجهود الدولية لإيقاف التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، وضمان احترام القوانين والمواثيق الدولية، بما يُسهم في تعزيز الأمن والاستقرار».

وقد طلب العراق تعميم الرسالة على الدول الأعضاء وإيداعها بوصفها وثيقة رسمية لدى المنظمات المعنية، حسب بيان «الخارجية».

السوداني خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الوطني (رئاسة الوزراء العراقية)

أجواء ما قبل الضربة

يقول مصدر مقرّب من «الإطار التنسيقي»، إن «الأحزاب الشيعية الرئيسة تنظر بجدية بالغة إلى حجم التهديدات الإسرائيلية، وتحثّ حكومة السوداني على اتخاذ جميع الوسائل والإجراءات الكفيلة بتجنيب البلاد ضربة إسرائيلية محتملة».

ويؤكد المصدر «قيام جميع قادة الفصائل والقادة الشيعة البارزين باختيار مواقع بديلة، وتتحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد استبدال أماكن أخرى بمعظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وحول ما يتردد عن طيران إسرائيلي يجوب الأجواء العراقية، ذكر أن «لا شيء مؤكداً حتى الآن، لكنه غير مستبعد، خصوصاً أن الأجواء العراقية تسيطر عليها القوات الأميركية، وليست لدى العراق قدرة على إيقاف تلك الخروقات، ويفترض أن تقوم الجهات الأمنية بتبيان ذلك».

وتقدّم العراق رسمياً، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمذكرة احتجاج رسمية إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن الدولي، تضمّنت إدانة «الانتهاك الصارخ» الذي ارتكبته إسرائيل بخرق طائراتها أجواءَ العراق وسيادته، واستخدام مجاله الجوي لضرب إيران.

دبلوماسية وقائية

يقول المحلل والدبلوماسي السابق غازي فيصل، إن الرسائل التي وجّهتها الحكومة العراقية إلى مجلس الأمن وبقية المنظمات الدولية والإسلامية، بمثابة «دبلوماسية وقائية»، تريد من خلالها تجنيب البلاد ضربة إسرائيلية محتملة.

ويعتقد فيصل أن الهجوم الإسرائيلي إذا وقع فإنه «سيستهدف فصائل مسلحة سبق أن وجّهت أكثر من 200 طائرة وصاروخ، ومستمرة في تهديداتها».

ويؤكد أن «فصائل مسلحة عراقية موالية لطهران تحشد في منطقة قضاء سنجار التي تمثّل موقعاً استراتيجياً على الطريق بين إيران والأراضي السورية للدعم اللوجيستي وتسليح القواعد في سوريا والعراق، وشن هجمات نحو القوات الأميركية و(التحالف الدولي)، والجولان، وهي واحدة من القواعد الاستراتيجية المهمة لـ(الحرس الثوري) الإيراني في العراق».

ويضيف فيصل أن «الفصائل المسلحة تصر على الاستمرار في الحرب، وترفض موقف الحكومة الذي يدعو إلى التهدئة والحياد ورفض الاعتداءات الإسرائيلية، وضمان حق الشعب الفلسطيني ورفض الاعتداء على لبنان».

كما أن رسائل الحكومة تأتي في سياق أنها «ليست مسؤولة بشكل مباشر عن استراتيجية الفصائل التي هي استراتيجية ولاية الفقيه الإيرانية. الرسالة جزء من الدبلوماسية الوقائية لتجنيب العراق الحرب ونتائجها الكارثية».

وسبق أن كرّر العراق مراراً عدم سماحه باستخدام أراضيه لمهاجمة دول الجوار أو أي دولة أخرى؛ لكن بعض الآراء تميل إلى أنه قد يسمح لإيران بذلك في حال شنّت إسرائيل هجوماً عليه.

عناصر من «حركة النجباء» العراقية خلال تجمع في بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

300 هجوم إسرائيلي

من جانبه، تحدّث عمر الشاهر -وهو صحافي عراقي مطلع على نقاشات النخبة السياسية حول التصعيد في المنطقة- أن «الحكومة لديها تقديرات مقلقة بشأن الأمن القومي العراقي، تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد إلى قرابة 300 هجوم من طرف الكيان اللقيط المغتصب، في بحر 3 أيام».

وقال الشاهر، في تدوينة له عبر «فيسبوك»: «ليست هناك معلومات محددة عن طبيعة الأهداف ونوعيتها، ولكن فكرة تعرّض العراق إلى 100 هجوم يومياً على مدار 3 أيام جديرة بإثارة الهلع!».

وأضاف أن «جزءاً كبيراً من المعلومات التي استندت إليها حكومتنا في بناء تقديراتها، جاء من حلفاء دوليين كبار، تتقدمهم الولايات المتحدة، وأجزاء أخرى متفرقة جاءت من حلفاء ثانويين، ومن أطراف عراقية متداخلة في التطورات الإقليمية الراهنة».