ضغوط المعارضة لتشغيل مطار القليعات لا تلقى آذاناً صاغية لدى «الثنائي الشيعي»

الملف على طاولة وزير الأشغال... لكنه يصطدم بموانع سياسية

لقطة من «غوغل ماب» لمطار رينيه معوض في القليعات
لقطة من «غوغل ماب» لمطار رينيه معوض في القليعات
TT

ضغوط المعارضة لتشغيل مطار القليعات لا تلقى آذاناً صاغية لدى «الثنائي الشيعي»

لقطة من «غوغل ماب» لمطار رينيه معوض في القليعات
لقطة من «غوغل ماب» لمطار رينيه معوض في القليعات

تقوم قوى المعارضة اللبنانية بحملة مركّزة على أكثر من صعيد، للضغط باتجاه تشغيل مطار القليعات الواقع شمال لبنان على بعد نحو 7 كلم من الحدود اللبنانية - السورية. ولطالما رفعت هذه القوى الصوت باتجاه تشغيل مطارات أخرى، في إطار اللامركزية الإدارية التي ينص عليها «اتفاق الطائف»، إلا أنها كثّفت العمل في هذا الاتجاه مؤخراً، في ظل المواجهات المستمرة بين «حزب الله» وإسرائيل، وما تحدث عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من «مخاطر ومحاذير تحيط بمطار رفيق الحريري الدولي».

الملف على طاولة وزير الأشغال

وفي حين يُجمع نواب الشمال على وجوب إعادة تشغيل مطار القليعات، المعروف أيضاً باسم «مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض»، تبنّى مؤخراً حزبا «القوات اللبنانية» و«الكتائب» هذا المطلب، وهما، إلى جانب نواب آخرين، بصدد توقيع اقتراح قانون معجل مكرر لتأهيل المطارات العسكرية في القليعات وحامات ورياق وتحويلها مطارات مختلطة للخدمات العسكرية والمدنية.

وعلى الرغم من خروج رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل، النائب سجيع عطية، مؤخراً ليؤكد «أن لا مشاكل لوجيستية وفنية تحول دون تشغيل مطار القليعات»، لافتاً إلى أن «الملف جاهز ومكتمل على طاولة وزير الأشغال، وأن الهواجس لدى الفريق السياسي الممانع تحول دون العمل على تنفيذه»، لم يصدر عن الوزير المعني أو عن «حزب الله» أو حركة «أمل» أي إشارات إيجابية تفيد بالموافقة على مطلب إعادة تشغيل مطار القليعات. ويتم سوق حجج لرفض تشغيل المطار كـ«غياب برج المراقبة، وعدم الموافقة السورية»، إضافة إلى إشكاليات قانونية.

خطة حكومية

واعتبر النائب في كتلة «التنمية والتحرير»، الدكتور فادي علامة، أن «موضوع فتح مطارات جديدة يفترض أن يكون في إطار خطة حكومية تحدد الفوائد وما إذا كان لدى الحكومة القدرة على إدارة هذه المطارات، على أن يحصل ذلك في ظروف مختلفة عن التي نعيشها اليوم، ومن خلال مشروع قانون يتم إرساله إلى مجلس النواب لمناقشته»، مستغرباً خروج البعض للمطالبة بفتح مطارات في ظروف كهذه يعيشها البلد والمنطقة.

وانتقد علامة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ربط المطالبة بفتح مطار جديد بالخشية من ضرب مطار بيروت، معتبراً أنه «إذا قررت إسرائيل توسعة الحرب وانتهجت النهج الإجرامي والتدميري الذي اعتمدته في غزة، فهي لا شك لن تضرب مطاراً وتترك آخر».

اللامركزية بوجه الدولة الأمنية

أما عضو تكتل نواب «القوات اللبنانية» النائب غياث يزبك، الذي يتابع الملف من كثب، فأكد أن «قرار إعادة فتح المطار مُتخَذ في الحكومة، ولا حاجة إلى قرار جديد، إنما يحتاج حصراً إلى فك أسره، خاصة وأن إعادة التشغيل تحتاج إلى مبلغ زهيد قدره 5 ملايين دولار، باعتبار أن المدارج موجودة، وكذلك صالات الاستقبال، ويحتاج فقط إلى تحديث التقنيات وبعض الترميم»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «في البدء كانت سوريا من تعارض تشغيل المطار، وقد تبنى بعد ذلك (حزب الله) الفيتو؛ رغبة منه في الإبقاء على مركزية القرار المالي التي يضع يده عليها، وكذلك لأن مطاراً آخر سيفقده عينه المفتوحة لمراقبة الداخلين والخارجين من البلد، باعتباره مسيطراً على كل المعابر البرية».

وشدد يزبك على أن «تشغيل أكثر من مطار في البلد حاجة أساسية، ويندرج في إطار تطبيق اتفاق الطائف الذي ينص بشكل واضح على اللامركزية التي تسهّل حياة اللبنانيين وتضع حداً للدولة الأمنية القائمة راهناً».

موانع سياسية

ولا تتطابق أرقام يزبك مع أرقام الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، الذي أشار إلى أن المرحلة الأولى من إعادة تشغيل مطار القليعات تتطلب 32 مليون دولار، متحدثاً عن «موانع سياسية تحول دون إعادة افتتاح المطار. فأولاً: أميركا تعارض هذا الطرح؛ لأن هذا المطار يخدم الساحل السوري أكثر منه لبنان، كما أن تشغيله يفترض حواراً مع سوريا، لأن الطائرات يفترض أن تدخل في المجال السوري قبل أن تهبط في المطار».

وأوضح شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مطار القليعات أفضل فنياً من مطار بيروت، كما أن توسعته ممكنة وأسهل؛ لأن الأرض رخيصة ومتوافرة بخلاف مطار بيروت». وأضاف: «في السابق كانت هناك دراسات حول نقل مطار بيروت إلى القليعات والاستفادة من قيمة الأراضي التي تقدر ما بين 80 و100 مليار دولار، وتخفيف الازدحام حول بيروت، على أن يتم ربط مطار القليعات مع بيروت بخط للقطار وخط سريع للسيارات».

200 مليون دولار

وبحسب «الدولية للمعلومات»، فإن لجنة من وزارة الأشغال العامة والنقل قامت في عام 2012 بإعداد تقرير عن وضع مطار القليعات، خلُص إلى أن «المطار غير مؤهل لاستقبال حركة طيران مدني دولي، وأن عملية التأهيل تتطلب كلفة مالية تقدر بحدود 200 مليون دولار أميركي، تضاف إليها قيمة استملاكات الأراضي اللازمة للمشروع (نحو مليونَي مربع)». وأشارت إلى أن «الفترة اللازمة لإنجاز العمل هي 4 سنوات»، وأن «تشغيل المطار للشحن الجوي وإنشاء منطقة حرة قد تكون الفكرة الأكثر ملاءمة».‏


مقالات ذات صلة

لبنان على حافة الهاوية والأخطار تتهدده بغياب الضمانات

العالم العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (السفارة الأميركية)

لبنان على حافة الهاوية والأخطار تتهدده بغياب الضمانات

يسود جو من القلق الأوساط السياسية اللبنانية من تدحرج الوضع العسكري جنوباً نحو حرب موسعة في ظل تصلب نتنياهو وعدم قيام واشنطن بممارسة الضغط المطلوب عليه.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي تنفي إدارة سجن القبة في طرابلس (شمال لبنان) رواية السجناء المتمردين عن أسباب تمردهم (المركزية)

تمرّد محدود في سجن طرابلس بشمال لبنان: عمليات تشطيب وشعارات طائفية

نفذ عدد من السجناء تمرداً محدوداً داخل سجن القبة في طرابلس (شمال لبنان) متهمين القوى الأمنية المسؤولة عن حماية السجن بمضايقتهم وتعذيبهم لأسباب طائفية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي صورة خارجية لمحطة الجية الحرارية لتوليد الطاقة في لبنان 17 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

الجزائر ترسل أول شحنة فيول إلى لبنان لتشغيل معامل الكهرباء

أبحرت الناقلة الجزائرية «عين أكر»، الخميس، إلى لبنان محملة بشحنة أولى تبلغ 30 ألف طن من مادة الفيول بهدف إعادة تشغيل محطات الطاقة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون صورة خليل المقدح خلال تشييعه بمخيم عين الحلوة في صيدا (أ.ف.ب)

الفصائل الفلسطينية في لبنان تعيد ترتيب إجراءاتها الأمنية

باشرت الفصائل الفلسطينية في لبنان مؤخراً إعادة ترتيب إجراءاتها الأمنية بعد تكثيف إسرائيل عمليات الاغتيال التي تطول كوادر وقياديين فلسطينيين في لبنان

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي معمل الجية الحراري لإنتاج الكهرباء المتوقف عن العمل منذ سنتين (إ.ب.أ)

القضاء اللبناني يضع يده على أزمة الكهرباء... ويلوّح بتوقيفات

وضع القضاء اللبناني يده على أزمة الكهرباء، وإغراق البلاد في الظلام الشامل قبل 3 أيام.

يوسف دياب (بيروت)

فاروق القدومي: زرنا الأسد فأمر بإخراج عرفات من سجن المزة

الرئيس ياسر عرفات وفاروق القدومي وقادة فلسطينيون يؤدون الصلاة في حمام الشط جنوب العاصمة التونسية عام 2001 ترحماً على أرواح ضحايا الغارة الإسرائيلية على مقر قيادة منظمة التحرير بتونس عام 1985 (أ.ف.ب)
الرئيس ياسر عرفات وفاروق القدومي وقادة فلسطينيون يؤدون الصلاة في حمام الشط جنوب العاصمة التونسية عام 2001 ترحماً على أرواح ضحايا الغارة الإسرائيلية على مقر قيادة منظمة التحرير بتونس عام 1985 (أ.ف.ب)
TT

فاروق القدومي: زرنا الأسد فأمر بإخراج عرفات من سجن المزة

الرئيس ياسر عرفات وفاروق القدومي وقادة فلسطينيون يؤدون الصلاة في حمام الشط جنوب العاصمة التونسية عام 2001 ترحماً على أرواح ضحايا الغارة الإسرائيلية على مقر قيادة منظمة التحرير بتونس عام 1985 (أ.ف.ب)
الرئيس ياسر عرفات وفاروق القدومي وقادة فلسطينيون يؤدون الصلاة في حمام الشط جنوب العاصمة التونسية عام 2001 ترحماً على أرواح ضحايا الغارة الإسرائيلية على مقر قيادة منظمة التحرير بتونس عام 1985 (أ.ف.ب)

لا يمكن كتابة قصة العقود السبعة الماضية في العالم العربي من دون التوقف طويلاً عند قصة حركة «فتح». ولا يمكن كتابة قصة «فتح» من دون التوقف عند دور فاروق القدومي (أبو اللطف) الذي كان واحداً من أبرز حلقة المؤسسين، التي لم يبق منها سوى الرئيس محمود عباس (أبو مازن) الذي شاءت الأقدار أن يشهد من موقعه الحالي النكبة الجديدة التي ألحقتها حكومة بنيامين نتنياهو بقطاع غزة.

غاب القدومي أمس. غلبته التسعينات. وكان اسمه غاب في العقود الثلاثة الماضية بعد معارضته خيار «اتفاق أوسلو» وتخوّفه من أن تحوّله إسرائيل فخاً للقيادة الفلسطينية وشعبها. قبل هذا الافتراق كان القدومي نجماً فلسطينياً حين كان يحمل القضية بوصفه وزير خارجية منظمة التحرير إلى المحافل الدولية. كان واضحاً وصارماً في مداخلاته في الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز والقمم العربية والإسلامية ومثلها في علاقات منظمة التحرير الدولية.

عارض القدومي الوافد أصلاً من حزب «البعظت. سألته ذات يوم عن الاتهامات التي كانت توجّه إلى الرئيس ياسر عرفات (أبو عمار) بالتفرد، فردّ مبتسماً: «أبو عمار شيخ قبيلة فتح، وبحسب أعرافنا يجوز لشيخ القبيلة ما لا يجوز لغيره». ملاحظاته على أسلوب عرفات لم تدفعه يوماً إلى التشكيك بأنه قائد الشعب الفلسطيني و«أول من دخل إلى الأراضي المحتلة وأعدّ الخلايا للانطلاقة».

في التسعينات كنت مهتماً بجمع الروايات الفلسطينية. في 1998 التقيت القدومي في حوار ذكريات في تونس تحدث فيه عن أبرز المحطات. بمناسبة وفاته رأيت أن أشرك قرّاء «الشرق الأوسط» في جانب من روايته.

فاروق القدومي في مؤتمر منظمة الدول الإسلامية بماليزيا عام 2003 (غيتي)

* كيف وُلدتْ حركة «فتح»؟

- إثر احتلال غزة في 1956 حصلت أعمال مقاومة. وقبل ذلك كانت هناك عمليات فدائية انطلقت من قطاع غزة حيث كانت فكرة المقاومة حاضرة باستمرار. الأحداث التي وقعت في المنطقة: الثورة العراقية، وإنهاء دور غلوب باشا، واندلاع الثورة الجزائرية وغيرها (من الأحداث)، كل ذلك ترك آثاراً في المنطقة. الواقع أن نجاح الثورة الجزائرية ترك صداه وساهم في قيام العمل الفدائي في المشرق العربي.

كان مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، أثناء وجوده في مصر وبعدها في لبنان، متمسكاً بضرورة الكفاح الفلسطيني. وفي تلك الأثناء كانت هناك مكاتب لـ«الهيئة العربية العليا». هذه الأجواء ساعدت على نشوء الحركة الفدائية، خصوصاً أن الإنجاز على المستوى السياسي كان قليلاً، فبعد الوحدة بين مصر وسوريا جاءت نكسة الانفصال في 1961. في العام نفسه بدأت مفاوضات «إيفيان» التي انتهت باستقلال الجزائر. بدأ الكثيرون من المنتمين إلى الأحزاب السياسية، وبفعل أجواء الإحباط، يتجهون إلى تشكيل منظمات فدائية، فكانت «فتح». بدأ الاتجاه الجبهوي يتشكل وقامت منظمات متعددة. وعندما أقر العرب ضرورة وجود منظمة فلسطينية وعقد أول مجلس وطني في 1964 في القدس ازداد الدعم لهذا الاتجاه الجبهوي وتشكل جيش التحرير الفلسطيني.

بدأ أخوة يفكرون في ضرورة وجود منظمة. قبل ذلك كانت هناك مجلة اسمها «فلسطيننا» باسم توفيق حوري (لبناني) وهي ذات ميول إسلامية. وكانت هناك مجلة باسم «فلسطين» تصدرها الهيئة العربية العليا. هذه المجلات كانت تدعو إلى إنشاء جبهة فلسطينية، فبدأت حركة «فتح» تتشكل في الكويت ثم في قطر في أواخر الخمسينات وبداية الستينات ووُضع هيكل البناء الثوري لحركة «فتح» في 1959.

شارك في المداولات كثيرون بينهم الأخوة «أبو جهاد» و«أبو عمار» وعادل عبد الكريم وعبد الله الدنان ومنير السويدي وتوفيق حوري. انتشرت الفكرة في الكويت وقطر فكان هناك المرحوم يوسف النجار ومحمود عباس وعدد من الأخوة. هذه بداية الفكرة لكن نشوء التنظيم كان في بداية الستينات.

صورة تجمع (من اليمين) أبو علي مصطفى، القدومي، عرفات، جورج حبش، أبو إياد وأبو ماهر اليماني

* متى التقيت أبو عمار للمرة الأولى؟

- في 1954 في القاهرة، كنا في رابطة الطلاب الفلسطينيين، «أبو عمار» و«أبو إياد» وأنا. عملنا معاً في الرابطة وكان «أبو عمار» رئيساً لها. أنا كنت في الجامعة الأميركية، و«أبو عمار» كان في جامعة القاهرة، وأبو إياد في كلية الآداب جامعة الأزهر. أنا كنت منتمياً إلى حزب «البعث»، و«أبو إياد» كان من «الإخوان المسلمين» المتنورين، و«أبو عمار» كان مستقلاً متديناً. أمضينا قرابة ثلاث سنوات في القاهرة. تخرّج «أبو عمار» وتوجه إلى الكويت ليعمل مهندساً في دائرة الأشغال، وتبعه «أبو إياد» للعمل في التدريس، ثم ذهبت أنا وعملت في وزارة الصحة مسؤولاً عن العلاقات الصحية الدولية. ذهبت أولاً إلى ليبيا منها إلى المملكة العربية السعودية، حيث عملت في مديرية شؤون الزيت والمعادن ثم إلى الكويت في 1960.

لم تكن هناك في البداية اجتماعات، واقتصر الأمر على اتصالات ثنائية للمحافظة على السرية. أنا كنت أتصل بـ«أبو عمار» وهو يتصل بـ«أبو إياد». وكان المنسّق الأخ عادل عبد الكريم. ومن الأوائل أيضاً الأخ «أبو الأديب» والأخ خالد الحسن، وكل هذا قبل أن تتشكل لجنة مركزية تجتمع كمجموعة. تشكلت اللجنة المركزية وبدأت اجتماعاتها كفريق مع الانطلاقة في 1965. على مدى سنوات، أجرينا اتصالات بالأخوة في كل المناطق، خصوصاً بالشخصيات والرموز الوطنية العربية والفلسطينية. وبين هذه الشخصيات من ينتمي إلى الجزائر والسعودية ودول أخرى.

* من سمّاها «فتح»؟

- منذ البداية كان واضحاً أنها حركة تحرر (وطني) فلسطيني. أُخذت الحروف الأولى وقُلبت.

* كيف كان توزيع المسؤوليات؟

- في البداية كان الأمر فكرة في الأذهان والعمل سري والاتصال يتم بشكل فردي.

قرار الانطلاقة

* من اتخذ قرار الانطلاقة في 1-1-1965؟

- عندما بدأنا بالفعل الاجتماع مع الرموز، خصوصاً في دمشق، تشاورنا: هل ننطلق قبل قيام منظمة التحرير الفلسطينية (1964) أم بعد ذلك. هنا بدأت الاجتماعات تأخذ طابعاً جماعياً. وفي النهاية تقرر أن ننطلق لنعمّق التيار الجبهوي وكي تكون هناك موافقة عربية على وجود هوية وطنية فلسطينية هي منظمة التحرير، وهذا يسهّل علينا رسم طريق الكفاح المسلح والعمل الفدائي. استغرقت المناقشات فترة من الزمن. واشترك عدد من الأخوة في المجلس الوطني الذي عقد في القدس في 1964 بينهم «أبو عمار» و«أبو السعيد» (خالد الحسن) وآخرون.

نصت عملية الانطلاق على ضرب أنابيب المياه في شمال فلسطين وانطلق المنفذون من الحدود السورية. أول أسير لنا اسمه محمود حجازي وأول شهيد أحمد موسى. لم يسقط شهداء في العملية الأولى. بدأنا إنشاء دوائر معينة. كان لدينا «مجلس ثوري»، ولجان مناطق، ثم لاحقاً لجنة مركزية وجبهة مساندة.

القدومي في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة عام 2003 (غيتي)

* ماذا كان موقع «أبو عمار» في تلك الفترة؟

- عُيّن أبو عمار لفترة نائباً للقائد العام (أبو يوسف النجار)، ثم بدأ يمارس كقائد عام بعد 1966. وعُيّن أبو عمار ناطقاً رسمياً. وبعدها بدأنا في التفرغ. أول لجنة مركزية ترأستها أنا إذ عيّنت أميناً لسر اللجنة المركزية.

* متى تعرّفت على «أبو جهاد»؟

- ذهب «أبو جهاد» إلى الجزائر مندوباً للثورة الفلسطينية وكان ذلك في عهد الرئيس أحمد بن بلة. وعندما ذهبنا إلى دمشق في 1966 تعرّفنا إليه هناك. قبل الجزائر عمل «أبو جهاد» مدرّساً في الكويت.

* هل حصلت صدامات في الاجتماعات الأولى للجنة المركزية بسبب اختلاف الانتماءات؟

- فكرة «فتح» هي العمل - الفكر - التنظيم. أي من خلال الممارسة العملية والتجارب نُغني فكرنا وتنظيمنا ونحسّن عملنا. وكنا نقول إن حمل السلاح هو الأساس، ونعتبر أن أهداف حامل السلاح ليست مادية بل وطنية ومعنوية ولذلك يكون في حالة طهارة ونقاء.

* في أي ظروف أمسكت «فتح» بمنظمة التحرير؟

- كانت هناك اتصالات متعددة. في البداية اتهمنا بعضهم بـ«الثلاث تاءات»، أي توريط لمصر وعبد الناصر، وتوقيت خاطئ، والثالثة التنسيق. وجّهت إلينا هذه التهمة «حركة القوميين العرب» ورددنا عليها. بعد وقت بدأ العمل المسلح يقدّم إنجازاً ورفع معنويات الجماهير. وعندما حصلت معركة الكرامة في 1968 اتسع الإنجاز الفتحاوي. فبعد هزيمة الجيوش العربية في 1967 كانت الجماهير تنتظر انبثاق حركة ثورية. وهكذا هلل الناس لـ«فتح». بنينا قواعد الارتكاز على حدود نهر الأردن وبدأت حركة داخل المجموعة العربية قالت إن لا بد لهؤلاء الشباب من تسلّم مسؤوليات العمل الفلسطيني، ولعبت مصر بقيادة جمال عبد الناصر دوراً مهماً. كما لعب الصندوق القومي الفلسطيني دوراً لأنه حجب الأموال عن السيد أحمد الشقيري وطالبه بالتغيير وضرورة إدخال المنظمات الفدائية في منظمة التحرير. سلّم الشقيري، رحمه الله، مقاليد الأمور لـ«فتح». وفي 1969 تسلّمنا منظمة التحرير الفلسطينية ودخلتها ست منظمات، وتشكلت منظمة التحرير كجبهة وطنية وأصبح الأخ «أبو عمار» رئيساً لمنظمة التحرير بعد فترة قصيرة تولى الرئاسة خلالها السيد يحيى حمودة.

فاروق القدومي (غيتي)

* «فتح» أطلقت الرصاصة الأولى؟

- نعم «فتح» أطلقت أول رصاصة واتهمت آنذاك بالعمالة والتخريب.

* في 1969 تولى «أبو عمار» رئاسة المنظمة، متى دخلت اللجنة التنفيذية؟

- في ذلك التاريخ، وكنا رفعنا شعار تجويف المنظمة من الداخل، أي لا بد من تجويفها وأن تدخلها المنظمات الفدائية.

* أي الاستيلاء على المنظمة.

- لم يكن في نظرنا استيلاء بل نقلة من الشيوخ إلى الشباب. «فتح» وعبد الناصر

* كيف بدأت العلاقة مع عبد الناصر؟

- كنا نهدف باستمرار إلى إقامة علاقات مع الرئيس عبد الناصر. ذهبنا في نهاية 1965 أو بداية 1966 لنقابله، وكنت مع الأخ «أبو عمار» والأخ محمود سودة، لكننا لم نتمكن من مقابلته بل قابلنا صلاح نصر (مدير المخابرات) وحدد لنا علاقة مع أحد المسؤولين في الأجهزة. أي أننا فشلنا في لقاء عبد الناصر. في تلك الفترة لم تكن الثورة الفلسطينية برزت بشكل واضح لتجذب الأنظار وتحظى بالاهتمام اللازم من مصر ورئيسها. الاهتمام حصل بعد نكسة 1967. في 1966 كانت لنا علاقة باللواء محمد صادق، وهو رجل (رحمه الله) تولى قيادة الجيش لاحقاً. نسّقنا مع المخابرات العسكرية وكانوا ينظرون إلينا كجناح عسكري.

في 1965 صدرت عن القيادة العربية الموحدة التي كان يتولاها علي عامر تعليمات بملاحقة رجال «فتح» أينما وجدوا. حاولنا، من الكويت، الاتصال بعبد الناصر وقيل لنا تفضلوا، لكننا لم نوفق في مقابلته. مكثت في مصر لفترة وأصبحت ممثلاً لـ«فتح» هناك وكان الأخ أبو عمار ممنوعاً من دخولها في 1966 بحجة أن له علاقة بـ«الإخوان المسلمين». الحقيقة أننا حين ذهبنا أشعنا أننا التقينا الرئيس عبد الناصر، وسارع «أبو عمار» إلى المغادرة. فهو دخل من خلال المخابرات العامة وغادر كي لا تعرف المباحث العامة بوجوده، وهو ممنوع أصلاً من الدخول. حصلت مشكلة، وراحت المباحث العامة تدقق في كيفية دخول «أبو عمار». بعد 1967 جئنا وقابلنا الأستاذ محمد حسنين هيكل. وحصل اللقاء مع الرئيس عبد الناصر وقد لعب هيكل دوراً في ذلك.

* هل كان عبد الناصر يحبّ «أبو عمار»؟

- كان يحبه حباً جماً ويرى فيه الشباب العربي الذي يحمل الأمل في المستقبل. وفي 1969 اصطحب عبد الناصر «أبو عمار» معه إلى الاتحاد السوفياتي فبدأت العلاقات بين موسكو والمنظمة.

الرئيس أنور السادات (غيتي)

* لماذا أطلعكم الرئيس أنور السادات على قرار حرب 1973 وكيف؟

- كنا نعيش في مصر بعد خروجنا من الأردن في 1970. ذات يوم، وقبل أسابيع من أكتوبر 1973، اتصل شخص من مكتب الرئيس المصري بالأخ «أبو إياد» وطلب منه الحضور للاجتماع بالرئيس السادات. ذهبنا إليه في برج العرب. رحب بنا وقال: «لا بد أن أبلغكم بخبر مهم. بعد فترة من الزمن ستنطلق الشرارة وسيعبر الجيش المصري قناة السويس ويدمر خط بارليف وبعد وصوله إلى عشرة كيلومترات وراء القناة ستتدخل الدول الكبرى وتحوش (تتدخل) بيننا وسيُدعى (إلى) مؤتمر جنيف من أجل عقد محادثات سلام. وأنا عاوزكم أن تستمروا بعد ذلك في العمل الفدائي. المطلوب تحضير عدد من المشاركين في العمل الفدائي. المطلوب تحضير عدد من المجاهدين (400 فدائي) ليمارسوا العمل الفدائي وراء خطوط العدو». وطلب منا إبقاء الأمر سراً (كان المقصود عدم إبلاغ الرئيس حافظ الأسد)، وأن ننسق وصول الفدائيين مع محمد عبد السلام مدير المخابرات العامة آنذاك. حصل نقاش خلال الجلسة. كان الخبر مفاجأة لنا، وطرح الأخ «أبو إياد» أسئلة كثيرة عن درجة الاستعداد العسكري وآفاق المعركة وما إذا كانت للتحرير أم لتحريك الوضع السياسي. واهتم «أبو إياد» بإبلاغ الأخ «أبو عمار» وأعضاء القيادة بالأمر.

عندما اندلعت الحرب ذهبنا، الأخ «أبو إياد» وأنا، إلى قصر الطاهرة حيث كان الرئيس السادات، لنستطلع الأنباء. وحين رآنا، قال إن كل شيء على ما يرام. وكان تلقّى قبل وقت قصير برقية تفيد بأن الجيش المصري دمّر خط بارليف ويستكمل تدمير المواقع هناك أو محاصرتها. كان الرئيس السادات فرحاً بالإنجاز الكبير الذي تحقق بخسائر قليلة وكان يقول: «خلصنا من ضغط العرب». كان يوماً رائعاً بالفعل.

بعد أيام حصل الاختراق (الدفرسوار) وانقلبت الصورة وأُعلن وقف إطلاق النار. الحقيقة أنه كان هناك رأي يقول إن الجيش المصري كان قادراً على تصفية شارون وقواته، لكن ذلك لم يحصل، وحُكي عن التدخل الكثيف للولايات المتحدة لدعم إسرائيل.

* كيف كانت علاقة الرئيس السادات بالقيادة الفلسطينية؟

- الحقيقة أنها كانت علاقة جيدة. ذات يوم ذهبنا إليه وكانت الساعة الثانية عشرة ظهراً وكنا قبل ذلك مررنا على أمين هويدي (كان قد تولى رئاسة المخابرات العامة المصرية ووزارة الحربية في عهد جمال عبد الناصر). سأل الأخ أبو عمار الرئيس السادات عن الأحوال فأجابه: «دول كلهم حشتهم حش، ما فيش مراكز قوى، خلاص، خلصنا منها». فوجئنا وابتسمنا. وقال له أبو عمار: «كنا قبل ساعتين في مصر الجديدة وزرنا الأخ أمين هويدي»، فابتسم السادات وقال: «أنت خرجت من هنا وأنا حشتو (اعتقلته) من هنا». كان صارماً حاسماً في هذه المسألة.

* وقرار طرد الخبراء السوفيات؟

- كان قراراً مفاجئاً. كانت السفارة السوفياتية قريبة من مقر إقامة السادات. ذهبت للقاء السفير بولياكوف في السفارة ولعلني كنت العربي الوحيد الذي فعل ذلك، فقد كان معزولاً وأخبرني أنه فوجئ تماماً بالقرار. حصل ما حصل، وتردد أن السادات قال لهنري كيسنجر بعد ذلك إنه يجب إعطاء مصر مكافأة على طرد الخبراء السوفيات، فرد كيسنجر: «يا سيادة الرئيس كان عليك أن تطلب ذلك قبل طردهم».

الرئيس حافظ الأسد (غيتي)

عرفات سجيناً في سوريا ثم لبنان

* منذ متى تعرف الرئيس حافظ الأسد؟

- منذ الستينات وكان وزيراً للدفاع. في 1966 حصلت أحداث واستشهد ضابطان من شبابنا في «فتح» هما يوسف عرابي ومحمد حشمة نتيجة ملاسنة. بعد الحادث أُدخلت قيادة «فتح» السجن: «أبو عمار» و«أبو جهاد» و«أبو صبري» و«أبو علي إياد» وآخرون. شملت الاعتقالات نحو 11 قيادياً. جئت مع زميل لنا لمعالجة هذا الموضوع واتصلنا بصلاح جديد وحافظ الأسد وأحمد سويدان (رئيس الأركان السوري).

كان اللقاء مع الأسد جيداً. وفي الواقع كانت هناك اتهامات موجهة إلى شعبة فلسطين في حزب «البعث» وكان يتردد أن «أبو عمار» ورفاقه من «الإخوان المسلمين» لكنهم فوجئوا بوجودي في هذه الثورة وأنا لا علاقة لي بـ«الإخوان» وانتمائي إلى حزب البعث معروف.

أمضى عرفات في الاعتقال نحو 51 يوماً، وكان في سجن المزة بعد إخضاعه لتحقيق كامل. ذهبنا إلى الأسد وكان وزيراً للدفاع، وتحدثنا معه وقلنا له: ثمة إشاعات بأن القيادة السورية تريد إعدام المعتقلين، فأجاب: من قال لكم ذلك؟ قلنا: إنها إشاعات في دمشق. فقال: تفضّلوا واذهبوا وتسلّموهم.

ذهبنا وأخرجنا «أبو عمار» والأخوة، وبقي اثنان منهم هما أبو يحيى وأبو العبد العقلوق أعضاء «المجلس الثوري»، وقد حُوكما لاحقاً. وكان رئيس المحكمة العماد أول مصطفى طلاس وحكم بالبراءة، لكن بقي عبد المجيد زغموم معتقلاً في ذلك الوقت.

وبعد فترة قصيرة شارك «أبو عمار» في عملية فدائية انطلاقاً من الأراضي اللبنانية واعتقل في لبنان. اعتقل الجيش اللبناني المجموعة الفلسطينية وفي النهاية تمكنا من الإفراج عن «أبو عمار» ورفاقه بعد وساطة سورية مع اللواء سامي الخطيب الذي كان ضابطاً في «المكتب الثاني» وكان على رأس هذا الجهاز المقدم غابي لحود.

لاحقاً تفرغنا أنا والأخ «أبو أياد» وبقينا في سوريا ثم ذهبنا إلى الأردن ووقعت أحداث 1970 فخرجت أنا إلى مصر.

* مرت العلاقة بين القيادتين السورية والفلسطينية بمراحل صعبة، أي المراحل كانت الأصعب؟

- مرحلة 1976 عندما دخل الجيش السوري لبنان، وكانت «الحركة الوطنية» في لبنان تعارض هذا الدخول، ونحن كنا نعتقد بأن وجود الجيش السوري في لبنان ربما يؤدي إلى صدام مع الثورة الفلسطينية، وكانت هناك «جبهة الرفض الفلسطينية» التي كنا على خلاف معها.

* هناك جهات فلسطينية اتهمت سوريا بمحاولة وضع اليد على القرار الفلسطيني؟

- ليست قضية وضع يد على القرار الفلسطيني. معروف أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى بالنسبة إلى سوريا وموضع اهتمامها الأول وإلا لماذا قدمت ما قدمت. يجب أن نفرّق بين هذا وذاك. الرئيس الأسد والأخوة في القيادة السورية قالوا أكثر من مرة إن الفلسطينيين يحكمون القرار السوري ولا نحكم نحن القرار الفلسطيني. علاقاتنا مع الرئيس الأسد قوية ومستمرة، وباستمرار كان هناك تنسيق. وفي اللقاءات كان الرئيس الأسد يشدد على التحالف الاستراتيجي بين سوريا والثورة الفلسطينية. إنه إنسان بعثي، وربما لهذا السبب قد أكون الأقدر على فهمه بسبب خلفيتي الحزبية. أكثر من 60 في المائة من موازنة سوريا كانت موضوعة عملياً في تصرف هذه القضية.

* هل كان الرئيس الأسد يسجل ملاحظات على سلوك المقاومة الفلسطينية في لبنان؟

- لا، إلى أن اصطدمنا بالجيش السوري. عندها كان السؤال: لماذا تعترض المقاومة الفلسطينية على دخول الجيش السوري؟ الرئيس الأسد شخصية هادئة يستمع بإصغاء للجميع. صبور ومثابر. يُعجب به محدثه، إذ لديه القدرة على التحدث في مواضيع متعددة لساعات طويلة. صاحب نفس طويل لا يتوافر لدى كثير من الزعماء أو رؤساء الدول.

لا يبدأ حديثه عادة في الموضوع السياسي. أحياناً يبدأ بالحديث عن الطقس ويترك لزائره فرصة طرح ما يريد ويناقشه في آرائه. لديه إلمام بمواضيع متعددة.

الرئيس العراقي صدام حسين مستقبلاً القدومي في بغداد عام 2002 (غيتي)

العلاقة مع العراق

* وعلاقتك مع الرئيس صدام حسين؟

- بعد 1968 تعرّفنا على الرفيق «أبو عدي». بعضنا عرفه في القاهرة عندما جاء في أعقاب مشاركته في محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم. كنا نذهب إلى بغداد التي فتحت أبوابها لنا بعد معركة الكرامة وكنا نلتقي الرئيس أحمد حسن البكر ونائبه السيد صدام حسين. فتحنا مكاتب في العراق وكنا نجمع التمور والمساعدات.

* انشقاق «أبو نضال» أثار مشكلة مع العراق؟

- نعم ترك ظلالاً على العلاقات بين العراق ومنظمة التحرير.

* كان الاعتقاد أن القيادة العراقية تحرّك «أبو نضال»؟- نعم كان لدينا مثل هذا الاعتقاد لكن التصرف العراقي كان ينطلق من فهم سياسي واضح. العراق لا يخفي مواقفه.

* وأسلوب صدام حسين؟- يحاول أن يفهم محدثه وأن يحاوره. هادئ ويركز اهتمامه على محاوره ويحاول أن يفهم منطلقاته وأغراضه وهو لمّاح وعلى جانب من الذكاء.

* والقسوة؟

- لم تكن هناك قسوة في التعامل معنا. كانت كل مطالبنا تستجاب وبسرعة وكان كريماً معنا خصوصاً بعدما أصبح رئيساً. قدّم العراق الكثير.

* هل كان البكر متشدداً مع المقاومة؟

- كان صارماً، يشدد على أن حزب «البعث» هو الطريق، وأن على الثورة الفلسطينية أن تكون جزءاً من الكيان العربي الكبير.

* أنشأ العراق «جبهة التحرير العربية» وأنشأت سوريا «الصاعقة»، هل أثار ذلك حساسيات؟

- الواقع أن ذلك كان يعكس رغبة الفلسطينيين المقيمين في تلك الدول وقد اعتُبروا جزءاً من منظمة التحرير.

* عشية التسعينات بدت العلاقة بين منظمة التحرير والعراق قوية جداً؟

- نعم، فقد قدّم العراق دعماً متزايداً للمنظمة خصوصاً بعد خروجها من بيروت، ومرّت مرحلة جفاء بين المنظمة وسوريا ربما تكون ساهمت أيضاً في تعزيز العلاقة مع بغداد.

* هل كان العراق المصدر الأساسي لدعم المنظمة؟

- الحقيقة أن السعودية تأتي في الطليعة وقد قدمت الكثير، والإنصاف يقتضي القول إن دول الخليج ساعدت الشعب الفلسطيني كثيراً.

* ذهبت إلى بغداد بعد غزو الكويت... من التقيت؟

- التقيت السيد طارق عزيز وكانت بغداد بلا ماء ولا كهرباء. ذهبت لأطمئن. قال إن الأوضاع صعبة وإن بعض المتمردين يعيثون فساداً في الجنوب ثم انتقلوا إلى مدينة الثورة في بغداد لكن الجيش العراقي استطاع أن يضبط الأمور. تحدث طارق عزيز عما أصاب العراق.

* علاقتك بطارق عزيز قديمة كيف ترى أسلوبه؟

- يدرس الأمور بدقة وعناية ولا يبلور موقفاً إلا بعد التدقيق والتمحيص وهو هادئ الطبع لا ينفعل ويتحدث كأنه يقرأ من كتاب. يتكلم بشكل متسلسل. وهو كان أساسياً في الموضوع الفلسطيني مع العراق.