وفاة القدومي... صديق عرفات الذي عارض «أوسلو» ورفض العودة

«أبو اللطف» كان مع عباس آخر رجال الحرس القديم البارزين

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفاروق القدومي خلال لقاء في تونس عام 1992 (غيتي)
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفاروق القدومي خلال لقاء في تونس عام 1992 (غيتي)
TT

وفاة القدومي... صديق عرفات الذي عارض «أوسلو» ورفض العودة

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفاروق القدومي خلال لقاء في تونس عام 1992 (غيتي)
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفاروق القدومي خلال لقاء في تونس عام 1992 (غيتي)

توفي، الخميس، القيادي الفلسطيني الكبير فاروق القدومي، الشهير بـ«أبو اللطف»؛ أحد القادة التاريخيين المؤسسين لحركة «فتح»، تاركاً الرئيس الحالي محمود عباس بصفته آخر المؤسسين البارزين الأحياء (الحرس القديم).

ونعى عباس القدومي، الذي توفي في العاصمة الأردنية عمان، عن عمر ناهز 94 عاماً بعد رحلة طويلة مع المرض، وبعد أقل من شهرين على وفاة زوجته نبيلة النمر (أم اللطف).

وقال عباس إنه ينعى إلى الفلسطينيين وأحرار العالم «القائد الوطني والتاريخي الكبير، أحد القادة التاريخيين المؤسسين لحركة (فتح) والثورة الفلسطينية المعاصرة، المناضل فاروق رفيق أسعد القدومي (أبو اللطف)... أنعي أخاً وصديقاً ورفيق درب في النضال والعمل الدؤوب من أجل فلسطين، التي تفقد بغيابه واحداً من رجالاتها المخلصين المناضلين الأوفياء، الذين قدّموا الكثير لخدمة فلسطين وقضيتها وشعبها».

واتصل عباس، برامي ولطف فاروق القدومي، معزياً بوفاة والدهما.

فاروق القدومي يستقبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تونس عام 2011 (غيتي)

والقدومي كان واحداً من القلائل الذين انخرطوا في تأسيس وإطلاق حركة «فتح» عام 1965، عندما تعرّف إلى ياسر عرفات وصلاح خلف أثناء دراسته في مصر، ثم إلى خليل الوزير لاحقاً، وشاركوا جميعاً في تأسيس الحركة، مواكباً كثيراً من المعارك والانتصارات والأزمات والنكسات، حتى تراجع دوره إلى حد ما مع تأسيس السلطة الفلسطينية، إثر اتفاق «أوسلو» للسلام بداية التسعينات، وهو الاتفاق الذي عارضه بشدة وعلانية، رافضاً العودة إلى الأراضي الفلسطينية برفقه صديقه عرفات.

وعلى الرغم من معارضته «أوسلو»، حافظ القدومي على موقعه في حركة «فتح» واللجنة التنفيذية للمنظمة، وظل قريباً من عرفات، قبل أن يصبح موقفه بشأن الرجل الذي يجب أن يخلف عرفات، حاسماً في إنهاء بوادر انشقاقات، داعماً الرئيس الحالي محمود عباس في ترشحه للمنصب.

عندما خرجت زوجة عرفات، سهى عرفات، عام 2004 متهمة عباس وآخرين بأنهم ذاهبون إلى باريس؛ حيث كان يعالج عرفات، ويقضي أيامه الأخيرة، من أجل أن يرثوه، انتظر «الفتحاويون» موقفاً من القدومي الذي دعم في نهاية الأمر صديقه عباس.

لكن شهر العسل لم يطل، إذ انقلب على عباس بعد أعوام قليلة، مطلقاً في العام 2009 اتهامات ضده بالمشاركة في تسميم عرفات، وهو الهجوم الذي ردّته مركزية «فتح» آنذاك، وأدى إلى إعفائه لاحقاً من منصبه رئيس الدائرة السياسية لمنظمة «التحرير»، ثم أخرج توالياً في الانتخابات التي شكلت مركزية جديدة لـ«فتح» عام 2010، ولجنة تنفيذية جديدة للمنظمة في سنوات لاحقة.

كان للقدومي آراء واضحة وعلنية ضد «أوسلو» وضد قادة في السلطة و«فتح»، وبخصوص العمل السياسي والمسلح والمصالحة، وإصلاح منظمة «التحرير»، والدولة الفلسطينية.

لم يرحل القدومي وهو على خلاف مع عباس، إذ تصالحا في لقاءين في عمان 2010، وفي تونس 2011.

وأنهى لقاء تونس الشهير الذي جرى في منزل القدومي عندما زاره عباس هناك بعد وعكة صحية ألمّت به، كل الخلافات، وأسس لصفحة جديدة من العلاقات.

لكن تقدم القدومي في السن وبُعده عن مركز صناعة القرار ومرضه، أبقته بعيداً إلى حد ما عن المشهد.

فاروق القدومي مع وزير الخارجية الإيطالي إميليو كولومبو عام 1982(غيتي)

نعته حركة «فتح» وقادتها «القائد الوطني والتاريخي الكبير»، وقالت: «برحيله فقدت الحركة قامة وطنية كبيرة، ومناضلاً أمضى حياته مدافعاً عن شعبنا وقضيته الوطنية وحقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال».

ونعته منظمة «التحرير» وفصائلها والحكومة الفلسطينية، كما نعته حركة «حماس» بصفته «مثالاً للثبات على المبادئ الثورية، وصوتاً قوياً في مواجهة كل محاولات التفريط والتنازل عن حقوق شعبنا، ورافضاً كل مشاريع التسوية والتصفية، وفي مقدمتها اتفاق (أوسلو) المشؤوم الذي حذّر مبكراً من مخاطره على قضيتنا العادلة».

وُلد القدومي في الضفة الغربية عام 1930. ودرس المرحلة الأساسية في مدرستي جينصافوط في قلقيلية والمنشية في مدينة يافا، والمرحلة الثانوية في مدرسة العامرية في مدينة يافا، ونال درجة البكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في القاهرة عام 1958.

فاروق القدومي خلال فترة شبابه حيث شارك في تأسيس حركة «فتح» (غيتي)

انخرط القدومي في العمل الوطني السياسي في فترة مبكرة من حياته؛ وانضم إلى حزب «البعث العربي الاشتراكي» منذ أربعينات القرن الماضي، وأثناء دراسته بمصر التقى ياسر عرفات (أبو عمار)، وفي وقت لاحق شارك في تأسيس حركة «التحرير الوطني الفلسطيني» التي أعلنت عن عمليتها الأولى في بداية 1965.

أصبح عضو اللجنة المركزية منذ عام 1965، وممثلها في القاهرة، وكان مسؤول علاقاتها الخارجية، وشغل أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح»، ثم أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة «التحرير» الفلسطينية عام 1969، وعضواً في المجلس الوطني، ورئيساً للدائرة السياسية لمنظمة «التحرير» عام 1973، ومسؤول دائرة الشؤون الخارجية لمنظمة «التحرير» عام 1989.

بعد عام 1982، كان ضمن قيادات منظمة «التحرير» الفلسطينية التي استقرت في تونس.

ظل في تونس، ورفض العودة إلى الأراضي الفلسطينية عام 1993، وظل يتنقل بين تونس وعمان إلى أن توفي فيها.


مقالات ذات صلة

«إدارة غزة»... حراك جديد في مصر لتجاوز التباينات الفلسطينية

تحليل إخباري طفل وفتاة فلسطينيان ينظران إلى سيارة استهدفتها قوات الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«إدارة غزة»... حراك جديد في مصر لتجاوز التباينات الفلسطينية

مساعٍ عديدة للوسطاء تدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، المعنية بترتيبات أمنية وإدارية، وسط حراك جديد بشأن إنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع.

محمد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري نازحان يحملان حطباً لاستخدامه وقوداً للطهي شرقي مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

تحليل إخباري الانقسامات الداخلية... كيف تؤثر على مسار اتفاق غزة وحلم الدولة الفلسطينية؟

تهدد الانقسامات الداخلية، في كل من الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، مسار التهدئة وحل الدولتين الذي يجب أن ينطلق من قطاع غزة.

كفاح زبون (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب)
خاص أطفال فلسطينيون يجمعون الحطب لاستخدامه في الطهي وسط نقص الوقود بقرية جحر الديك شرق مخيم البريج وسط غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

خاص ترجيحات بعدم مشاركة «فتح» في اجتماع مرتقب للفصائل الفلسطينية بالقاهرة

كشف مصدران فلسطينيان لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، عن أن هناك مشاورات لعقد اجتماع لبعض الفصائل الفلسطينية هذا الأسبوع بالقاهرة، إلا أن حركة «فتح» لن تشارك باللقاء.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تحمل حطباً لإشعال النار في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

تحركات من الوسطاء لتجاوز «تباينات» الفصائل الفلسطينية بشأن «إدارة غزة»

تحركات مكثفة للوسطاء في محاولة لرأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية بعد أن طفت على السطح مجدداً الخلافات بشأن شكل «إدارة غزة»

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي امرأة فلسطينية نازحة وعائلتها يسيرون بين أنقاض منزلهم المدمر في مخيم الشاطئ للاجئين بمدينة غزة (رويترز) play-circle

التباينات الفلسطينية تطل مجدداً من بوابة «لجنة إدارة غزة»

عادت التباينات الفلسطينية - الفلسطينية لتطل برأسها مجدداً من بوابة الخلافات على رئاسة اللجنة الإدارية لقطاع غزة، وسط اتهامات من حركة «فتح» لـ«حماس» بـ«التجاهل».

كفاح زبون (رام الله)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.


مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
TT

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

قُتل فلسطيني، الجمعة، إثر إطلاق قوات إسرائيلية النار اتجاهه خلال اقتحامها قرية أودلا، جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية، في وقت تصاعدت فيه هجمات المستوطنين بمناطق متفرقة من الضفة، ووسط تحذيرات رسمية من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بمقتل الشاب بهاء عبد الرحمن راشد (38 عاماً) برصاص الاحتلال في بلدة أودلا، بينما ذكرت طواقم الهلال الأحمر أن راشد أُصيب برصاصة في رأسه بشكل مباشر، وجرت محاولات لإنعاشه وإنقاذ حياته في عيادة طوارئ بلدة بيتا، إلا أنه فارق الحياة فيها.

وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن قوات الاحتلال اقتحمت وسط القرية ومحيط المسجد القديم في أودلا، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز السام والصوت تزامناً مع خروج المصلين من المسجد؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهات، وإصابة شاب بالرصاص الحي بالرأس أُعلن مقتله لاحقاً.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

وشنَّت القوات الإسرائيلية، فجر وصباح الجمعة، حملة اعتقالات طالت ما لا يقل عن 6 فلسطينيين، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، داهمت خلالها عشرات المنازل، وأخضعت سكانها لتحقيق ميداني، كما عاثت في المنازل خراباً.

وأضرم مستوطنون، فجر الجمعة، النار في مركبتين، وكتبوا شعارات عنصرية، خلال هجومهم على قرية الطيبة شرق رام الله، التي داهموها وسط حماية من جيش الاحتلال، قبل أن ينسحبوا منها بعد تصدي السكان لهم.

وهذه المرة السادسة التي تتعرَّض فيها البلدة لهجمات، يتخللها إحراق مركبات وخط شعارات عنصرية، منذ بداية العام الحالي، حيث تَزَامَنَ هذا الاعتداء مع بدء استعدادات البلدة لاستقبال عيد الميلاد المجيد، حيث جرى، أمس، افتتاح سوق «ميلادي» بحضور عدد من الدبلوماسيين وأهالي البلدة التي تقطنها غالبية مسيحية.

في حين قطع مستوطنون خطوطاً ناقلة للمياه في خربة الدير بالأغوار الشمالية، بينما شرع آخرون - بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي - في حراثة أرض وزراعتها بعد السيطرة عليها من فلسطينيين، في منطقة خلايل اللوز جنوب شرق بيت لحم، بينما اعتدى آخرون على المزارعين في خربة يرزا شرق طوباس، ومنع آخرين من فلاحة أراضيهم ورعي مواشيهم في قرية الزويدين ببادية يطا جنوب الخليل.

فلسطيني يمر قرب جنود إسرائيليين خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (أ.ف.ب)

وأخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بإزالة المئات من أشجار الزيتون على جانب الشارع الرئيسي بمسافة كيلومتر واحد، من أراضي بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم، بعد أن علّقت إخطارات على الأشجار وواجهات المنازل.

البرغوثي

يأتي هذا التصعيد الميداني، في وقت ذكرت فيه هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن اتصالاً هاتفياً من رقم إسرائيلي، ورد لعائلة القيادي الفلسطيني، الأسير مروان البرغوثي، ادَّعى فيه المتصل أنه أسيرٌ مُحرَّرٌ أُفرج عنه فجر الجمعة من سجون الاحتلال، أثار حالةً من الهلع والقلق في أوساط عائلة البرغوثي بعد أن أبلغهم المتصل بأن حالته صعبة وخطيرة جداً.

وأوضحت الهيئة أنه وبعد المتابعة والتواصل، تبيَّن أن المعلومات التي نُقلت للعائلة تتحدث عن اعتداء وحشي تعرَّض له البرغوثي على يد السجانين الإسرائيليين، حيث ادعى المتصل أن «جزءاً من أذنه قد قُطع، وتعرَّضت أضلاعه وأصابع يده وأسنانه للكسر، وذلك خلال جولات متكررة من التعذيب والتنكيل».

مروان البرغوثي يحضر جلسة مداولات بمحكمة الصلح في القدس (أرشيفية - رويترز)

وأشارت الهيئة إلى أن هذا الاتصال شكَّل حالةً من الذعر لدى أسرة البرغوثي ولدى الشعب الفلسطيني بأكمله، وقد جرت محاولة الاتصال بالرقم ذاته دون جدوى، مؤكدةً أن هناك حالات سابقة تم تسجيلها تتضمَّن تهديداً وتخويفاً ومضايقات لعائلات الأسرى، مشددةً على استمرار عملها المشترك والمكثف مع القيادة الفلسطينية والأصدقاء والمتضامنين الدوليِّين للوقوف على حقيقة حالة البرغوثي، مع تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عمّا يتعرَّض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.

وفي أعقاب ذلك، حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من خطورة ما يتعرَّض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمس كرامتهم الإنسانية، وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة، وفي مقدمتها اتفاقات جنيف الـ4.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية، بشكل خاص، ما يتعرَّض له البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملةً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجونها. مؤكدةً أن «استمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى يُشكِّل جريمة حرب مكتملة الأركان، تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، في محاولة لكسر إرادتهم ومعاقبتهم جماعياً». وفق نصِّ بيانها.

وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي، ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتحرك الفوري والعاجل لتحمُّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ لوقف هذه الانتهاكات فوراً، وضمان الحماية الدولية للأسرى، وتمكينهم من حقوقهم التي كفلتها الشرائع الدولية، مؤكدةً العمل الدؤوب على إطلاق سراحهم جميعاً، وعلى رأسهم البرغوثي.


الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار قرار في العراق، تضمن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب، ثم التراجع عنه سريعاً، توتراً سياسياً واسعاً داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق، في وقت يحتدم فيه الجدل حول تشكيل الحكومة المقبلة.

وجاء القرار والتراجع عنه ليعيد تسليط الضوء على واحدة من نقاط الاحتكاك المستمرة بين «الضغوط الأميركية على بغداد» و«النفوذ الإيراني» في البلاد.

ونفت رئاسة جمهورية العراق، الجمعة، علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعة «الحوثي» و«حزب الله» اللبناني «جماعة إرهابية»، وتجميد الأصول والأموال العائدة إليهما.

وقالت الرئاسة في بيان، إن مثل هذه القرارات لا تُرسل إليها، مشيرة إلى أن ما يصل إليها للتدقيق والمصادقة والنشر يقتصر على القوانين التي يصوت عليها مجلس النواب والمراسيم الجمهورية.

وأضاف البيان أن قرارات مجلس الوزراء أو لجان تجميد أموال الإرهابيين وتعليمات مكافحة غسيل الأموال لا تُحال إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة، وأن رئاسة الجمهورية لم تطلع أو تعلم بهذا القرار إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ما استدعى إصدار التوضيح الرسمي.

وأدرجت السلطات العراقية عبر لجنة تجميد أموال الإرهابيين «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» في اليمن على قوائمها، تنفيذاً لحزم من قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتمويله، وذلك بحسب ما ورد في العدد 4848 من جريدة «الوقائع العراقية» الصادر في 17 نوفمبر 2025.

وسرعان ما تراجعت السلطات عملياً عن قرار الإدراج هذا، بعد نشر توضيح رسمي ووثيقة صادرة عن البنك المركزي العراقي تؤكد أن موافقة بغداد اقتصرت على الكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيم «داعش» و«القاعدة» حصراً.

رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

توتر داخل «التنسيقي»

وقال سياسيون وخبراء قانونيون إن البنك المركزي، بصفته مؤسسة مستقلة، لا يخضع إدارياً للحكومة، لكن الإجراء التصحيحي الذي اتخذه رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، عبر إصدار توضيحات وفتح تحقيق «عاجل»، دفع الأزمة إلى مستوى سياسي داخل «الإطار التنسيقي»، في وقت يحتدم فيه الجدل حول اسم رئيس الوزراء للولاية المقبلة.

ورغم غياب بيان رسمي موحد من قوى «الإطار التنسيقي»، اتهمت أحزاب وفصائل قريبة منه الحكومة بأن الخطأ لم يكن تقنياً، بل خطوة محسوبة تهدف إلى إظهار انسجام بغداد مع مطالب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالتزامن مع توقع وصول المبعوث الرئاسي مارك سافايا إلى بغداد بعد زيارة مماثلة لمبعوث واشنطن إلى سوريا ولبنان.

السوداني، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة داخل تحالفه السياسي، حتى إن بعض قيادات «الإطار التنسيقي» أزالوه من مجموعة «واتساب» خاصة بالتنسيق الداخلي، حسب مصادر سياسية، أصدر بياناً مقتضباً قال فيه إنه «لا مساومة» بشأن دعم العراق لـ«حقوق الشعوب وتضحياتها»، في إشارة غير مباشرة إلى موقفه من «حزب الله» و«الحوثي».

لكن نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، وهو حليف سياسي للسوداني، دافع عنه قائلاً إن ما حدث «خطأ فني» في قرار صدر عن لجنة تابعة للبنك المركزي «الذي يعد مؤسسة مستقلة لا تخضع للإرادة الحكومية». وأضاف على منصة «إكس»، أن الخطأ «سيُصحّح»، وأن التحقيق سيمنع «المتصيدين» من استغلال الواقعة سياسياً، على حد تعبيره.

«انعكاسات على تشكيل الحكومة»

تأتي الحادثة فيما يعمل «الإطار التنسيقي» على الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، وسط انقسام واضح بين قواه الرئيسية بشأن بقاء السوداني لولاية ثانية أو استبداله.

ومع تصاعد الجدل حول «خطأ البنك المركزي»، زاد من صعوبة مهمة «الإطار التنسيقي» في التوصل إلى اتفاق داخلي، وفتح الباب أمام «سيناريوهات مفاجئة»، وفق مصادر سياسية.

في المقابل، صعّدت فصائل شيعية مسلّحة من انتقاداتها للحكومة. وقال رئيس المجلس السياسي لـ«حركة النجباء»، علي الأسدي، إن إدراج الحزبين على قوائم الإرهاب «خيانة»، واعتبر أن ترشيح الرئيس السابق دونالد ترمب لجائزة نوبل «من قِبَل العراق»، حسب تعبيره، يمثل «إهانة للتضحيات». وأضاف أن «مثل هذه الحكومة لا تمثل الشعب العراقي»، مرفقاً تعليقاته بوسم «قرار إعدام الولاية الثانية».

وتعكس الواقعة، التي بدأت بخطأ إداري ثم تحولت إلى أزمة سياسية، هشاشة التوازن الذي تحاول بغداد الإبقاء عليه بين علاقتها بالولايات المتحدة الشريك المالي والعسكري الرئيسي وعلاقاتها مع قوى مرتبطة بإيران.