السوداني يدعو إلى ضبط الأمن لحماية «زيارة الأربعين»

بعد نزاع عشائري في النجف واشتباكات مسلحة في كربلاء

عراقي في طريقه سيراً على الأقدام إلى مدينة كربلاء للمشاركة في «زيارة الأربعين»... (أ.ف.ب)
عراقي في طريقه سيراً على الأقدام إلى مدينة كربلاء للمشاركة في «زيارة الأربعين»... (أ.ف.ب)
TT

السوداني يدعو إلى ضبط الأمن لحماية «زيارة الأربعين»

عراقي في طريقه سيراً على الأقدام إلى مدينة كربلاء للمشاركة في «زيارة الأربعين»... (أ.ف.ب)
عراقي في طريقه سيراً على الأقدام إلى مدينة كربلاء للمشاركة في «زيارة الأربعين»... (أ.ف.ب)

بعد ساعات من توترات أمنية في النجف وكربلاء، جنوب العراق، زار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الخميس، مقر قيادة العمليات المشتركة، لمتابعة الخطة الأمنية لـ«زيارة الأربعين» في كربلاء، التي يشارك فيها كل عام ملايين الأشخاص؛ ضمنهم أكثر من 3 ملايين من مواطني دول عربية وإسلامية.

وتابع السوداني، عبر دائرة تلفزيونية مع محافظي كربلاء والنجف وبابل وبغداد سير تنفيذ الخطة الأمنية والخدمية في محافظاتهم، التي تعدّ محور الزيارة الرئيسي، من حيث أعداد المواكب الحسينية والزائرين سيراً على الأقدام، التي تبلغ ذروتها هذه الأيام وتنتهي الأحد المقبل.

السوداني مترئساً اجتماعاً لمتابعة الإجراءات الأمنية المرافقة لـ«زيارة الأربعين» في كربلاء (إعلام حكومي)

ونقل بيان حكومي عن السوداني تأكيده ضرورة «التركيز على الجانب الأمني بالدرجة الأساس، ومضاعفة الجهد الاستخباري، والتنسيق العالي بين مختلف الأجهزة».

كما وجه جميع الأجهزة الأمنية المكلفة بـ«تأمين الزيارة وبتجاوز الروتين في العمل الأمني، ومسك الأرض على طول الطرق التي يسلكها الزائرون بين المحافظات، المؤدية إلى كربلاء والنجف، والإشراف الميداني على كل التفاصيل الأمنية، للحفاظ على نتائج الجهود الكبيرة المبذولة».

ورغم الإجراءات الأمنية المشددة والأعداد الكبيرة من القوات الأمنية المشاركة وبمختلف صنوفها، فإن مشاجرة بين عناصر من فصيل مسلح والقوات الأمنية استُخدمت فيها الأسلحة الخفيفة عكّرت الأمن هناك، وكذلك أسهم نزاع مسلح بمحافظة النجف القريبة في زيادة التوتر بين قبيلتين.

إطلاق نار في كربلاء

ووقع اشتباك مسلح، فجر الخميس، بين عناصر من الجيش العراقي وأفراد فصيل مسلح ينتمي إلى «الحشد الشعبي» بالقرب من إحدى السيطرات الأمنية في مدينة كربلاء، وفق مصادر أمنية.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «اثنين من مقاتلي (الحشد) كانا يحملان مسدساً فقط حاولا عبور السيطرة في طريقهما إلى الالتحاق بوحدتهما، إلا إن الجنود وضابطاً برتبة ملازم رفضوا السماح لهما بالمرور لوجود أوامر مشددة بعدم مرور أي مسلح أو سلاح».

وتؤكد المصادر أن «المقاتلَين حاولا إقناع الضابط وطلبا منه الاتصال بمراجعهما، إلا إنه كان (متعنتاً) ورفض أي حديث، ثم تطور الموضوع إلى اشتباك لفظي أفضى إلى ضرب نحو 20 من الجنود الشابين وإطلاق عيارات نارية في الهواء، مما دفع بالشابين إلى الاحتماء بمجموعة من المواطنين فجرى اعتقالهم جميعاً».

وتشدد المصادر على أن «رمي العيارات النارية كان في الهواء ومن طرف واحد فقط».

وكشفت عن أن «حادثاً مماثلاً وقع في إحدى السيطرات الأمنية بمدينة المسيب بمحافظة بابل، وكانت أطرافه عناصر من الجيش والشرطة».

وبينما لم يصدر أي بيان حكومي حول حادث كربلاء، فقد قال مسؤول عسكري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «تبادلاً للنار وقع وسط جمع كبير من الزوار قرب حاجز تفتيش تابع للجيش، وعلى أثره جرى اعتقال 6 من أفراد (الحشد الشعبي) المتورطين في الحادث».

ووفق «الوكالة»، فقد اندلع الاشتباك عندما حاولت 4 مركبات من قوات «الحشد» عبور حاجز تفتيش للجيش، على طريق مخصصة للمشاة ومغلقة أمام حركة السيارات، ومنع الجنود الآليات من المرور، وأطلق الطرفان النار في الهواء، ولم يسفر الحادث عن وقوع أي إصابات.

ونقلت «الوكالة» عن مسؤول في «الحشد» تأكيده أن قوة من «أمن الحشد» أُرسلت إلى مكان الحادث، أوقفت 6 منتسبين إلى المؤسسة ومتورطين في الاشتباك. وأضاف أن «التحقيقات لا تزال جارية لمعرفة المتسبب في فتح النيران وسط الزوار».

وأظهرت مقاطع «فيديو» عدداً كبيراً من الزائرين هَلِعين وهم يهرعون من مكان الحادث وسط أصوات عيارات نارية كثيفة.

صورة متداولة لنساء ورجال يختبئون من نيران الاشتباكات في كربلاء (إكس)

نزاع عشائري في النجف

وفي حادث منفصل، أعلنت وزارة الداخلية، الخميس، إلقاء القبض على 53 متهماً من طرفي مشاجرة في منطقة الزركة بمحافظة النجف. وأفادت الأنباء بأن عدد من أُلقى القبض عليهم ارتفع ليصل إلى 70 متهماً.

وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إن «قوة مشتركة من (فرقة الرد السريع) وشرطة محافظة النجف الأشرف، وعلى خلفية المشاجرة التي حصلت في منطقة الزركة شمال قضاء الكوفة، ألقت القبض على 53 متهماً من طرفي المشاجرة».

وتمكنت القوة، وفق البيان، من «ضبط أسلحة وأعتدة، وما زالت عمليات البحث مستمرة عن جميع المتورطين بهذا الحادث».

ولم يسبق أن شهدت النجف نزاعاً عشائرياً بهذا الحجم وبالتزامن مع «زيارة الأربعين» في كربلاء القريبة.

وأظهر فيديو عناصر من عشيرة الجبور يحملون أسلحة خفيفة ويتوعدون عشيرة بني عامر بعد انتهاء مراسم الزيارة انتقاماً لمقتل أحد أبناء الجبور.


مقالات ذات صلة

مباحثات سعودية - عراقية لتوسيع التعاون... و«التهدئة» في المنطقة

العالم العربي السوداني خلال لقائه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في بغداد (إعلام حكومي)

مباحثات سعودية - عراقية لتوسيع التعاون... و«التهدئة» في المنطقة

بحث وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة.

حمزة مصطفى (بغداد)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يصل إلى العراق في زيارة رسمية

وصل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اليوم (الخميس)، إلى العراق في زيارة رسمية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)

واشنطن تدخل خط الاعتراض على «الأحوال الشخصية» العراقي

أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، الذي يعتزم البرلمان التصويت عليه خلال أيام أو أسابيع.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق (رويترز)

فصائل عراقية لاستئناف هجماتها بـ«وتيرة أعلى»

رأت فصائل مسلحة موالية لإيران تأجيل إعلان انسحاب «التحالف الدولي» من العراق مبرراً لاستئناف هجماتها بـ«وتيرة أعلى»، بعد «فشل الدبلوماسية».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مدرب عسكري من «التحالف الدولي» يصافح جندياً عراقياً في أحد معسكرات التدريب (أرشيفية - سنت كوم)

العراق يتفادى رداً أميركياً على قصف «عين الأسد»

قال وزير الخارجية العراقي إن بلاده نجحت دبلوماسياً في منع رد أميركي محتمل على قصف قاعدة «عين الأسد» التي تستضيف مستشارين تابعين لـ«التحالف الدولي».

حمزة مصطفى (بغداد)

وفاة القدومي... صديق عرفات الذي عارض «أوسلو» ورفض العودة

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفاروق القدومي خلال لقاء في تونس عام 1992 (غيتي)
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفاروق القدومي خلال لقاء في تونس عام 1992 (غيتي)
TT

وفاة القدومي... صديق عرفات الذي عارض «أوسلو» ورفض العودة

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفاروق القدومي خلال لقاء في تونس عام 1992 (غيتي)
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفاروق القدومي خلال لقاء في تونس عام 1992 (غيتي)

توفي، الخميس، القيادي الفلسطيني الكبير فاروق القدومي، الشهير بـ«أبو اللطف»؛ أحد القادة التاريخيين المؤسسين لحركة «فتح»، تاركاً الرئيس الحالي محمود عباس بصفته آخر المؤسسين البارزين الأحياء (الحرس القديم).

ونعى عباس القدومي، الذي توفي في العاصمة الأردنية عمان، عن عمر ناهز 94 عاماً بعد رحلة طويلة مع المرض، وبعد أقل من شهرين على وفاة زوجته نبيلة النمر (أم اللطف).

وقال عباس إنه ينعى إلى الفلسطينيين وأحرار العالم «القائد الوطني والتاريخي الكبير، أحد القادة التاريخيين المؤسسين لحركة (فتح) والثورة الفلسطينية المعاصرة، المناضل فاروق رفيق أسعد القدومي (أبو اللطف)... أنعي أخاً وصديقاً ورفيق درب في النضال والعمل الدؤوب من أجل فلسطين، التي تفقد بغيابه واحداً من رجالاتها المخلصين المناضلين الأوفياء، الذين قدّموا الكثير لخدمة فلسطين وقضيتها وشعبها».

واتصل عباس، برامي ولطف فاروق القدومي، معزياً بوفاة والدهما.

فاروق القدومي يستقبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تونس عام 2011 (غيتي)

والقدومي كان واحداً من القلائل الذين انخرطوا في تأسيس وإطلاق حركة «فتح» عام 1965، عندما تعرّف إلى ياسر عرفات وصلاح خلف أثناء دراسته في مصر، ثم إلى خليل الوزير لاحقاً، وشاركوا جميعاً في تأسيس الحركة، مواكباً كثيراً من المعارك والانتصارات والأزمات والنكسات، حتى تراجع دوره إلى حد ما مع تأسيس السلطة الفلسطينية، إثر اتفاق «أوسلو» للسلام بداية التسعينات، وهو الاتفاق الذي عارضه بشدة وعلانية، رافضاً العودة إلى الأراضي الفلسطينية برفقه صديقه عرفات.

وعلى الرغم من معارضته «أوسلو»، حافظ القدومي على موقعه في حركة «فتح» واللجنة التنفيذية للمنظمة، وظل قريباً من عرفات، قبل أن يصبح موقفه بشأن الرجل الذي يجب أن يخلف عرفات، حاسماً في إنهاء بوادر انشقاقات، داعماً الرئيس الحالي محمود عباس في ترشحه للمنصب.

عندما خرجت زوجة عرفات، سهى عرفات، عام 2004 متهمة عباس وآخرين بأنهم ذاهبون إلى باريس؛ حيث كان يعالج عرفات، ويقضي أيامه الأخيرة، من أجل أن يرثوه، انتظر «الفتحاويون» موقفاً من القدومي الذي دعم في نهاية الأمر صديقه عباس.

لكن شهر العسل لم يطل، إذ انقلب على عباس بعد أعوام قليلة، مطلقاً في العام 2009 اتهامات ضده بالمشاركة في تسميم عرفات، وهو الهجوم الذي ردّته مركزية «فتح» آنذاك، وأدى إلى إعفائه لاحقاً من منصبه رئيس الدائرة السياسية لمنظمة «التحرير»، ثم أخرج توالياً في الانتخابات التي شكلت مركزية جديدة لـ«فتح» عام 2010، ولجنة تنفيذية جديدة للمنظمة في سنوات لاحقة.

كان للقدومي آراء واضحة وعلنية ضد «أوسلو» وضد قادة في السلطة و«فتح»، وبخصوص العمل السياسي والمسلح والمصالحة، وإصلاح منظمة «التحرير»، والدولة الفلسطينية.

لم يرحل القدومي وهو على خلاف مع عباس، إذ تصالحا في لقاءين في عمان 2010، وفي تونس 2011.

وأنهى لقاء تونس الشهير الذي جرى في منزل القدومي عندما زاره عباس هناك بعد وعكة صحية ألمّت به، كل الخلافات، وأسس لصفحة جديدة من العلاقات.

لكن تقدم القدومي في السن وبُعده عن مركز صناعة القرار ومرضه، أبقته بعيداً إلى حد ما عن المشهد.

فاروق القدومي مع وزير الخارجية الإيطالي إميليو كولومبو عام 1982(غيتي)

نعته حركة «فتح» وقادتها «القائد الوطني والتاريخي الكبير»، وقالت: «برحيله فقدت الحركة قامة وطنية كبيرة، ومناضلاً أمضى حياته مدافعاً عن شعبنا وقضيته الوطنية وحقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال».

ونعته منظمة «التحرير» وفصائلها والحكومة الفلسطينية، كما نعته حركة «حماس» بصفته «مثالاً للثبات على المبادئ الثورية، وصوتاً قوياً في مواجهة كل محاولات التفريط والتنازل عن حقوق شعبنا، ورافضاً كل مشاريع التسوية والتصفية، وفي مقدمتها اتفاق (أوسلو) المشؤوم الذي حذّر مبكراً من مخاطره على قضيتنا العادلة».

وُلد القدومي في الضفة الغربية عام 1930. ودرس المرحلة الأساسية في مدرستي جينصافوط في قلقيلية والمنشية في مدينة يافا، والمرحلة الثانوية في مدرسة العامرية في مدينة يافا، ونال درجة البكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في القاهرة عام 1958.

فاروق القدومي خلال فترة شبابه حيث شارك في تأسيس حركة «فتح» (غيتي)

انخرط القدومي في العمل الوطني السياسي في فترة مبكرة من حياته؛ وانضم إلى حزب «البعث العربي الاشتراكي» منذ أربعينات القرن الماضي، وأثناء دراسته بمصر التقى ياسر عرفات (أبو عمار)، وفي وقت لاحق شارك في تأسيس حركة «التحرير الوطني الفلسطيني» التي أعلنت عن عمليتها الأولى في بداية 1965.

أصبح عضو اللجنة المركزية منذ عام 1965، وممثلها في القاهرة، وكان مسؤول علاقاتها الخارجية، وشغل أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح»، ثم أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة «التحرير» الفلسطينية عام 1969، وعضواً في المجلس الوطني، ورئيساً للدائرة السياسية لمنظمة «التحرير» عام 1973، ومسؤول دائرة الشؤون الخارجية لمنظمة «التحرير» عام 1989.

بعد عام 1982، كان ضمن قيادات منظمة «التحرير» الفلسطينية التي استقرت في تونس.

ظل في تونس، ورفض العودة إلى الأراضي الفلسطينية عام 1993، وظل يتنقل بين تونس وعمان إلى أن توفي فيها.