ضغوط لإشراك القطاع الخاص في حل أزمة الكهرباء

بعد انقطاعها عن كامل الأراضي اللبنانية

«كهرباء لبنان» عاجزة عن حل الأزمة منذ سنوات طويلة (إ.ب.أ)
«كهرباء لبنان» عاجزة عن حل الأزمة منذ سنوات طويلة (إ.ب.أ)
TT

ضغوط لإشراك القطاع الخاص في حل أزمة الكهرباء

«كهرباء لبنان» عاجزة عن حل الأزمة منذ سنوات طويلة (إ.ب.أ)
«كهرباء لبنان» عاجزة عن حل الأزمة منذ سنوات طويلة (إ.ب.أ)

أعاد توقّف التغذية بالتيار الكهربائي كلياً في جميع الأراضي اللبنانية، نهاية الأسبوع، بعد خروج آخر مجموعة إنتاجية متبقية على الشبكة الكهربائية عن الخدمة بشكل كامل، التداولَ بحلول واقتراحات للنهوض بالقطاع الكهربائي الذي يتخبط في الفساد، وسوء الإدارة، والنكايات السياسية، منذ أكثر من 30 عاماً.

واعتمد هذا القطاع في السنوات الماضية، بشكل أساسي، على حلول جزئية و«ترقيعية»، كبّدت الدولة اللبنانية نحو نصف الدَّين العام، البالغ نحو 102 مليار دولار، من دون أن تؤدي هذه المبالغ الضخمة لبناء أي معامل جديدة، أو اعتماد أي تقنيات حديثة تضعه على سكة النهوض.

ويُجمِع كثيرون على أن حل أزمة لبنان الكهربائية يكون بإشراك القطاع الخاص، وتفعيل الاعتماد على الطاقة الشمسية.

إدارة فاشلة

ورأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في تصريح له، الاثنين، أن «أزمة الكهرباء التي وقعت فيها البلاد اليومين الأخيرين ليست الأولى من نوعها، وتدلّل بشكل لا يقبل الجدل على أن إدارة قطاع الكهرباء كما هي عليه منذ 15 سنة وحتى اليوم، هي إدارة فاشلة تماماً، ولا يوجد أي مؤشر يدل على أن هذه الإدارة ستتغير»، مشيراً إلى أنه «لم يبقَ سوى حل واحد، وهو إشراك القطاع الخاص فوراً في عملية توليد الكهرباء وتوزيعها في لبنان».

وتوجّه جعجع إلى رئيس اللجنة النيابية للأشغال، النائب سجيع عطية، «كي يستعجل مناقشة اقتراح قانون أو أكثر أمامه لإشراك القطاع الخاص، ويرسلها إلى اللجان المشتركة في أسرع وقت ممكن، وبناءً عليه يُطلب من الرئيس نبيه برّي الدعوة إلى جلسة تشريعية تحت بند الضرورة القصوى؛ لأن إخراج المواطن اللبناني من العتمة هو أقصى الضرورات التي تتطلّب إقرار قانون واضح وصريح في المجلس النيابي؛ لإشراك القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء وتوزيعها بلبنان».

إشراك القطاع الخاص

وتلقّف النائب عطية برحابة صدر مطالبة جعجع، مؤكداً أنه يتفق معه على «وجوب الاستعجال ببتّ قانون إشراك القطاع الخاص الذي نَعدّه أساسياً جداً؛ كونَ الكثير من الشركات عرضت العمل في هذا القطاع»، لافتاً إلى أن جلسات اللجان النيابية يُفترض أن تعود للانعقاد مطلع شهر سبتمبر (أيلول).

وتحدث عطية لـ«الشرق الأوسط» عن أن «المشكلة الأساسية في قطاع الكهرباء هي غياب الإدارة السليمة، بسبب أنه لا هيبة للدولة للقيام بالجباية كما يلزم وبشكل كامل، فالجباية التي تُحصَّل ضعيفة، والوجود السوري والفلسطيني يؤثر كثيراً في هذا المجال»، لافتاً إلى مشكلتين أخريَين: الأولى تكمن في الهدر الفني والإداري والمالي، الذي تبلغ نسبته نحو 40 في المائة، إضافةً إلى كلفة التشغيل التي تبلغ الضعف في معاملنا».

ورأى عطية أن الحل في اللجوء إلى «التغويز؛ لأن كلفته ضئيلة، وإلى الطاقة الشمسية والشراكة مع القطاع الخاص، وهي كلها أمور يتم العمل على استصدار القوانين المرتبطة بها»، مشدّداً على أن ملف الكهرباء «هو أهم ملف في الدولة اللبنانية؛ لأنه نموذج عن سلوك كل المرافق العامة في البلد».

كان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أمين سلام، قد اتهم سياسيين، وشركات وقود، ومزوّدي الكهرباء بالوقوف أمام عرض قطري لبناء 3 محطات للطاقة المتجددة؛ لتخفيف أزمة الكهرباء المستمرة في لبنان منذ عقود.

الهيئة الناظمة

أما الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي، فيرى أن «المشكلة الرئيسية لما نحن فيه بملف الكهرباء هي المهاترات السياسية، كما أن آلية التعاطي معه بعيدة كل البعد عن الحلول العملية والعلمية والمنطقية لحل الأزمة، أضِف إلى ذلك أن هناك فريقاً سياسياً يحتكر القطاع، ويديره بشكل خاطئ، وبخطط عشوائية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أننا صرفنا أكثر من 45 مليار دولار على الكهرباء، منها نحو 26 مليار خلال السنوات الـ14 الأخيرة، حسبما ورد في التدقيق الجنائي، وفي المقابل لا إنتاجية تُذكر، ولم يتم بناء أي مصانع أو معامل، علماً بأن هذا المبلغ كان كفيلاً بإضاءة كل لبنان».

حقائق

45 مليار دولار

أنفقها لبنان على الكهرباء حتى دخل في ظلام من أقصاه إلى أقصاه

ويشدّد جباعي على أن «كل ما يُحكى عن أن المشكلة هي عدم تمويل القطاع من مصرف لبنان أمر غير صحيح»، موضحاً أن «المصرف المركزي يسمح لوزارة الطاقة، كما لكل الوزارات، باستخدام أموالها كما هو مذكور في الموازنة، علماً بأن مؤسسة كهرباء لبنان تحصّل فواتير عالية وبالدولار الأميركي، أما تمويل القطاع من حسابات المصرف المركزي وأموال المودِعين فأمر مرفوض تماماً».

ويرى جباعي أن «النهوض بالقطاع يبدأ بإنشاء هيئة ناظمة، لإعطاء فرصة لخصخصة القطاع، ولدخول شركات من القطاع الخاص»، مشيراً إلى أن «الأساس هو فصل السياسة عن الاقتصاد في هذا الملف، وكل الملفات الاقتصادية الأخرى».

ويضع البنك الدولي 3 شروط لتمويل قطاع الكهرباء في لبنان، وهي: التدقيق المالي لشركة كهرباء لبنان، وإنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، وضمان استرداد التكلفة.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.

وإذا كان المتهمان الأساسيان بجرائم غزة هما نتنياهو وغالانت، فإنه يوجد منفذون أيضاً هم قادة الجيش الكبار والصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين.

ولم يشهد سكان غزة، أمس، ما يدعوهم للأمل في أن يؤديَ أمرا اعتقال نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جديدة.