«حزب الله» يفضل حصر عملياته بمزارع شبعا... فهل عاد إلى «قواعد الاشتباك»؟

يبادر إلى الهجوم فيها… و«يرد» في المناطق الأخرى

آثار قصف إسرائيلي على تلال كفر شوبا المحاذية للحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
آثار قصف إسرائيلي على تلال كفر شوبا المحاذية للحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يفضل حصر عملياته بمزارع شبعا... فهل عاد إلى «قواعد الاشتباك»؟

آثار قصف إسرائيلي على تلال كفر شوبا المحاذية للحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
آثار قصف إسرائيلي على تلال كفر شوبا المحاذية للحدود مع لبنان (أ.ف.ب)

سجلت الوقائع الميدانية في جنوب لبنان عودة «حزب الله» إلى «قواعد الاشتباك» السابقة، وحصر عملياته ضمن مناطق مزارع شعبا وتلال كفر شوبا التي يعدّها لبنان أرضاً لبنانية محتلة، مستهدفاً مواقع عسكرية ونقاط تجسس إسرائيلية. فمن يتابع بيانات الحزب يلاحظ أن الهجمات التي يشنها الحزب اللبناني المدعوم من إيران تتركز في الفترة الأخيرة بمنطقة المزارع إذا ما كان هو المبادر، فيما تكون عملياته في المناطق الأخرى تحت عنوان الردود على الهجمات الإسرائيلية.

وحمل هذا التراجع دلالات سياسية، وربما عسكرية، مفادها أن الحزب ما زال يؤثر احترام «قواعد الاشتباك» ويحاذر اختراق الخطوط الحمر كي لا يعطي إسرائيل ذريعة لشنّ عملية عسكرية واسعة على لبنان. إلّا أن الخبير الأمني والاستراتيجي العميد ناجي ملاعب، يرى أن الحزب «يتعامل بالمجريات الميدانية على القطعة، بحيث إنه إذا ذهب الإسرائيلي بعيداً، يصبح مضطراً للردّ في مناطق بعيدة»، مشيراً في تصريح لـ «الشرق الأوسط» إلى أن الإسرائيلي وإن «اختار أهدافاً في العمق اللبناني، إلا أنه يعتبر نفسه متقيداً بقواعد الاشتباك، حتى عندما يقصف أهدافاً في البقاع اللبناني يعدها مقرات عسكرية ومستودعات أسلحة وصواريخ للحزب».

إلزام إسرائيل بتجنب المدنيين

وقال ملاعب: «عندما يختار الحزب مواقع عسكرية في مزارع شبعا والأراضي اللبنانية المحتلة، ويضرب مواقع عسكرية أو نقاط تجسس أو مراكز مستحدثة، فهذا يعني أنه يحاول إلزام الإسرائيلي بتجنّب استهداف المدنيين في لبنان».

وسارعت إسرائيل، منذ الأيام الأولى لفتح جبهة المساندة في جنوب لبنان، إلى خرق «قواعد الاشتباك» وقتل مدنيين لبنانيين، سواء في الجنوب أو البقاع، وحتى في الضاحية الجنوبية، في معرض عملية اغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر. ولاحظ العميد ملاعب أن «قصف الضاحية جاء ردّاً على سقوط صاروخ في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، أدى إلى مقتل 12 مدنياً، غالبيتهم من الأطفال». وقال: «عندما يتوعّد (أمين عام حزب الله حسن) نصر الله بالردّ انتقاماً لقصف الضاحية واغتيال شكر، فهو يعني بذلك رداً لا يخرج عن قواعد الاشتباك ولا يعطي المبرر لانزلاق الأمور نحو الحرب».

وقصف «حزب الله»، يوم الخميس، ثكنة عسكرية مستحدثة للجيش الإسرائيلي في مستعمرة شامير التي تبعد 9 كيلومترات من الحدود اللبنانية، وهي المرة الأولى التي يقصف فيها الحزب هذه المستعمرة. وأعلن في بيان أن هذه العملية «تأتي رداً على قصف مسيرة إسرائيلية مدينة مرجعيون ووقوع ضحايا جراءها»، متوعداً بأنه «سيطوّر عملياته كلما تمادت إسرائيل في قصفها مناطق في الداخل اللبناني».

القاعدة الثابتة للحزب

ولفت العميد ملاعب إلى أن «استهداف مستعمرة شامير يأتي في سياق استهداف الحزب كل الموقع العسكرية المستحدثة، ورداً على قصف مرجعيون، وقد ميّز الحزب بينها وبين العمليات السابقة»، لافتاً إلى أن «حصر مسرح العمليات بمزارع شبعا وتلال كفر شوبا، يبقى هو القاعدة الثابتة عند الحزب، أما قصف أهداف بعيدة فهي الاستثناء، وغايته تثبيت موازين الردع مع تلّ أبيب، ويأتي رداً أو انتقاماً لعمليات إسرائيلية يضعها الحزب في خانة تخطي الخطوط الحمر».

ومع اغتيال فؤاد شكر في عمق الضاحية الجنوبية، يجد الحزب نفسه في حِلٍ من «قواعد اشتباك»، إذ حدد أمينه العام حسن نصر الله خطوط المواجهة مع الإسرائيليين في خطابي تشييع فؤاد شكر واحتفال تأبينه بعد أسبوع من الاغتيال.

الحزب: لسنا مقيدين جغرافياً

وأكد مصدر مقرّب من الحزب أن «العمليات العسكرية التي تنفذها المقاومة في الأيام الأخيرة قد يكون أغلبها في مزارع شبعا، لكن ليس صحيحاً أنها مقيدة بهذه البقعة الجغرافية». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ أن غامر الإسرائيلي بعملياته وخرق قواعد الاشتباك وقتل المدنيين، وآخرها كان استشهاد 6 مدنيين مع الشهيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، بدأت المقاومة تنفيذ عمليات بعيدة واستخدام أسلحة متطورة. وقد أعلن نصر الله أنه بمعزل عن عملية الثأر لدماء شكر، فإن العمليات ستتواصل داخل فلسطين المحتلة، وأن معيار استهداف العمق الإسرائيلي رهن مسألتين: الأولى هي الردّ على الاغتيالات وقصف المسيرات، والثانية اختيار الهدف العسكري والأمني الذي يسجل في خانة المقاومة ويراكم إنجازاتها».


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يدخل بلدة شمع بعد الخيام في الجنوب

المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني عند مدخل بلدة شمع (قيادة الجيش)

الجيش اللبناني يدخل بلدة شمع بعد الخيام في الجنوب

دخل الجيش اللبناني إلى بلدة شمع في قضاء صور لأول مرة منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)

تحليل إخباري لبنان على حافة الانخراط في عملية النهوض... أو تضييع الفرصة الكبرى

تترقب القوى السياسية اللبنانية عودة الحراك السياسي الهادف إلى انتخاب رئيس للجمهورية يُنهي فراغاً استمر أكثر من سنتين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مواطن يصوّر بيته الذي تعرض للقصف في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

نهاية الحرب لا تخفض إيجار المنازل في لبنان

رغم توقف الحرب وعودة عدد كبير من النازحين، فإن الإيجارات لا تزال مرتفعة في مناطق لبنان كافة.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (القوات اللبنانية)

جعجع يحذّر من «تهريب رئيس» في جلسة 9 يناير

يسود الترقب في لبنان مع بدء العد العكسي لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

القضاء اللبناني يستجوب نجل يوسف القرضاوي ويبقيه موقوفاً

مثل الناشط السياسي المصري عبد الرحمن القرضاوي، أمام النيابة العامة في لبنان، وخضع لاستجواب مطوّل حول مذكرة «الإنتربول» الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب.

يوسف دياب (بيروت)

الرئاسة معيار التجاوب الخارجي مع لبنان

لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)
لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)
TT

الرئاسة معيار التجاوب الخارجي مع لبنان

لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)
لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)

توقع مصدر دبلوماسي عربي أن يشهد الأسبوع الأول من العام الجديد عودة للحراك الخارجي الداعم لإنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان، رغم أن مواقف الأطراف السياسية حالياً تبدو بعيدة عن التوصل إلى تفاهم حول شخصية معينة.

وبينما أكد المصدر أن «لا مرشحين مفضلين لأعضاء اللجنة الخماسية» المؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، أكد أن المجتمعَين العربي والدولي «سيحكمان على الرئيس المقبل، كما على المسار الذي سينطلق من بعد انتخابه»، مشيراً إلى «برنامج عمل ضخم ينتظر لبنان بعد الانتخابات». كما أشار إلى «ورش عمل إصلاحية على كل المستويات، سياسياً وقضائياً واقتصادياً»، وأن التزام لبنان بإصلاحات شاملة هو «الحد الفاصل بين تعاون المجتمع الدولي والعرب في مساعدة لبنان على النهوض وإعادة الإعمار».

وأشار المصدر إلى أن «المنطقة بأكملها تتجه نحو مسار جديد وتحولات كبرى، ومن مصلحة لبنان أن يكون شريكاً فيها، ولا يُغيّب نفسه عنها فيخسر فرصة تاريخية لن تعوض».