نشرت «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» و«نادي الأسير الفلسطيني»، الخميس، بياناً مشتركاً يتضمن شهادة للشاب (م. د) البالغ من العمر 21 عاماً من غزة، والذي استخدمته قوات الجيش الإسرائيلي درعاً بشرية لمدة تجاوزت 40 يوماً بعد اعتقاله في يونيو (حزيران) الماضي من معبر كرم أبو سالم. وقد روى كيف أجبره الجنود على ارتداء زي عسكري وتزويده بكاميرا لاستخدامه في مهام عسكرية تحت تهديد الضرب والتجويع المستمر.
وقال الشاب إن ما أنقذه من هذه المهمة البشعة هو إصابته بطلقة نارية في صدره في 6 أغسطس (آب) الحالي؛ إذ نُقل على أثرها إلى مستشفى «سوروكا» في بئر السبع، حيث مكث ثلاثة أيام قبل إطلاق سراحه، الجمعة الماضي، ليتابع العلاج في مستشفى ناصر الطبي في غزة بسيارة إسعاف، حيث تبين أن الإصابة سببت له كسراً في صدره، وإصابة أخرى في الرئة، ولا يزال مخرج الإصابة مفتوحاً وهو بحاجة إلى علاج ومتابعة طبية حثيثة. وأشارت الهيئتان الفلسطينيتان إلى أن «الشاب تعرض لجريمة حرب مركبة تتضمن الاعتقال والتعذيب واستخدامه درعاً بشرية، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي تحظر مثل هذه الممارسات».
وأكدت الهيئة والنادي أن هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة من الجرائم المنهجية التي يرتكبها الاحتلال ضد المعتقلين الفلسطينيين، حيث تصاعدت بشكل خاص منذ بدء الحرب على غزة. وأعادت المؤسسات دعوتها للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في مواجهة الجرائم الإسرائيلية، ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتكررة، داعية إلى تجاوز حالة العجز الراهنة والتصدي لهذه الجرائم بشكل فعال.
وجاء في الشهادة أن الشاب (م. د) اعتقل خلال عمله في نقل البضائع، حيث تعمّد الاحتلال إبقاءه في نقطة تمركز تابعة لقوة من الجيش بين محور صلاح الدين (فيلادلفيا) ورفح. وبحسب الشهادة، «فإنّ قوات الاحتلال استخدمته درعاً بشرية بشكل يومي، عبر عدة أساليب منها: وضعه على مقدمات السّيارات العسكرية التابعة للجيش، وهو مقيد الأيدي والأرجل، إضافة إلى إجباره على ارتداء الزي العسكري لجيش الاحتلال وتزويده بكاميرا».
وأوضحت الشهادة أنه في حال رفض الشاب الامتثال لأوامر الاحتلال، فإنه «كان يتعرض للضرب، وكانت ترافقه طيارة مسيرة لتوجيهه خلال حركته، وعلى مدار تلك المدة مارس جنود الاحتلال بحقّه سياسة التّجويع، كما حرموه من استخدام دورة المياه، أو الاستحمام، واستمر ذلك على مدار مدة اعتقاله، حيث كان يواجه الموت كل لحظة بحسب تعبيره، إلى أن أُصيب بالطلق الناري في صدره، وبقي لنحو نصف ساعة من دون علاج».
وبحسب بيان الهيئة والنادي، فإن الشاب (م. د) تعرض هو وعائلته «كما مئات الآلاف من المواطنين من غزة إلى النزوح إلى أكثر من منطقة، جرّاء حرب الإبادة المستمرة، وخلال الحرب استشهد والده، كما أن هناك أفراداً من عائلته في عداد المفقودين». وربط البيان بين هذه الحادثة وعشرات الحالات التي مورست فيها جرائم تعذيب في السّجون وفي معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، وقد شكّل معسكر «سديه تيمان» إحدى أبرز المحطات لجرائم التّعذيب والتّجويع والجرائم الطبيّة والاعتداءات الجنسيّة بحقّهم، والتي أدت إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة، غالبيتهم يواصل الاحتلال إخفاء هوياتهم، هذا عدا الإعدامات الميدانية التي نفذها».
وذكّرت الهيئتان أن «الاحتلال، ومنذ بدء حرب الإبادة، نفّذ ولا يزال حملات اعتقال منهجية ومتصاعدة في كافة أنحاء فلسطين، وقد بلغ عدد حالات الاعتقال في الضّفة أكثر من عشرة آلاف، إضافة إلى آلاف المواطنين من غزة، الذين تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري، وقد رافق عمليات الاعتقال جرائم وانتهاكات - غير مسبوقة - بمستواها، واستمر ذلك بعد نقلهم إلى مراكز التّحقيق والتّوقيف والسّجون والمعسكرات، التي تحوّلت إلى حيز لجرائم التعذيب».
وجددت الهيئة والنادي مطالباتهما المؤسسات الحقوقية الدّولية، بـ«استعادة دورها اللازم والمطلوب أمام حرب الإبادة المستمرة والجرائم المنهجية التي ينفذها الاحتلال بحقّ الأسرى والمعتقلين، وتحمل مسؤولياتها اللازمة، وتجاوز حالة العجز المرعبة التي تلف دورها، وتجاوز هذا الدور القائم فقط على رصد الجرائم والانتهاكات وإصدار المواقف والبيانات، إلى مستوى يؤدي إلى محاسبة الاحتلال والقوى الداعمة له».