عرب النقب «بين نارين»

إسرائيل تهدم بيوتهم بالجرافات و«حماس» تهدمها بالصواريخ

عناصر شرطة وسكان يتفقدون بقايا صاروخ أصاب طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات بجروح خطيرة بعد أن أطلقت إيران طائرات مُسيّرة وصواريخ باتجاه إسرائيل بالقرب من النقب 14 أبريل 2024 (رويترز)
عناصر شرطة وسكان يتفقدون بقايا صاروخ أصاب طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات بجروح خطيرة بعد أن أطلقت إيران طائرات مُسيّرة وصواريخ باتجاه إسرائيل بالقرب من النقب 14 أبريل 2024 (رويترز)
TT

عرب النقب «بين نارين»

عناصر شرطة وسكان يتفقدون بقايا صاروخ أصاب طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات بجروح خطيرة بعد أن أطلقت إيران طائرات مُسيّرة وصواريخ باتجاه إسرائيل بالقرب من النقب 14 أبريل 2024 (رويترز)
عناصر شرطة وسكان يتفقدون بقايا صاروخ أصاب طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات بجروح خطيرة بعد أن أطلقت إيران طائرات مُسيّرة وصواريخ باتجاه إسرائيل بالقرب من النقب 14 أبريل 2024 (رويترز)

تظاهر العشرات من المواطنين العرب في النقب، الخميس، أمام مجمع الدوائر الحكومية والمحاكم في مدينة بئر السبع، وذلك احتجاجاً على عمليات هدم المنازل التي تستهدف المجتمع العربي في النقب، والغرامات المالية الباهظة التي تفرض على المواطنين، بالإضافة إلى توزيع كتب إخطار لهدم المزيد من البيوت في معظم مناطق سكناهم.

وقد عبر الكثيرون منهم عن الغضب والإحباط، من جراء المصائب التي تحل عليهم والتي تضاعفت وتفاقمت بشكل خطير منذ الحرب على غزة، التي وضعتهم في موقف ينطبق عليه المثل: «بين نارين». فقد دفعوا ثمناً باهظاً خلال هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث قتل منهم 16 شخصاً، 10 منهم خلال القصف الصاروخي من غزة، والباقون قتلوا بالرصاص من عناصر «حماس»، وتم خطف ستة منهم إلى غزة مع 234 مواطناً إسرائيلياً مخطوفين، وخلال الحرب هدمت الشرطة الإسرائيلية نحو 100 بيت وخربة، بحجة أنها بُنيت بلا ترخيص.

قاعدة عسكرية إسرائيلية في النقب (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)

وجاءت المظاهرة بدعوة من لجنة التوجيه العليا للعرب في النقب والأطر الفاعلة واللجان الشعبية في النقب. ورفع المتظاهرون اللافتات التي تطالب الحكومة الإسرائيلية بوقف عمليات الهدم، والامتناع عن تحرير الغرامات المالية الباهظة للأهالي في إطار سياسة الهدم التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية بحقهم.

وعرب النقب هم جزء من فلسطينيي 48، الذين أصبحوا مواطنين في إسرائيل بعد النكبة. وهم يشكلون نحو 240 ألف نسمة. ويوجد لهم أقارب كثيرون من العائلات نفسها في غزة، يقدر عددهم بنحو 300 ألف مواطن. فعندما هاجمت «حماس» إسرائيل خسروا عدداً من أبنائهم وبناتهم، وعندما هاجمت إسرائيل قطاع غزة خسروا بعضاً من أبنائهم وبناتهم. ولذلك فقد أكثروا من إطلاق نداءات الاستغاثة بوقف الحرب، التي تلحق بهم أذى مزدوجاً.

لكن العديدين منهم يتلقون تهديدات من جهات في غزة وغيرها، تتهمهم بالتعاون مع الاحتلال. وفي الوقت نفسه، تمارس السلطات الإسرائيلية حملات عدائية ضدهم، تتمثل في القمع والكبت السياسي وهدم البيوت على نطاق واسع، تستهدف ترحيلهم عن أراضيهم وتدمير مساكنهم وتهويد المنطقة، عبر تجميع أكبر عدد من العرب على أقل مساحة من الأرض، وتركيز المجتمعات البدوية في أحياء جديدة يتم إنشاؤها في مدن وبلدات قائمة، في المقابل تشجع هجرة اليهود إلى المنطقة وتعمل على إنشاء مدن وتجمعات سكنية يهودية جديدة.

قرى بدوية في النقب لا تحصل على ماء أو كهرباء أو خدمات طبية من إسرائيل (أرشيفية - أ.ف.ب)

وخلال فترة الحرب، التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وفي أثناء ولاية الحكومة الحالية التي يتولى فيها المتطرف إيتمار بن غفير وزارة الأمن الداخلي، وعضو حزبه، يتسحاك فاسرلاوف، يتولى وزارة النقب والجليل، ارتفعت وتيرة عمليات الهدم بحق أهالي النقب الذين يتعرضون لحملات ملاحقات وتضييق مستمرة، وبلغت في شهر مايو (أيار) الماضي هدم 74 بيتاً ومبنى لديهم.

وقال رئيس بلدية رهط، طلال القرناوي، إن هذه المظاهرة هي بداية لسلسلة مظاهرات واحتجاجات مقبلة، خاصةً في ظل تصعيد عمليات الهدم. فرئيس الحكومة يعطي الصلاحية للوزراء المتطرفين أمثال إيتمار بن غفير وآخرين، والاستمرار بهذه السياسات سيضر بعلاقات المواطنين العرب في النقب مع الدولة».

إحدى القرى البدوية في صحراء النقب (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، عطية الأعسم: «يجب علينا تغيير طريقة الاحتجاج؛ إذ إن هذه الطريقة باتت مستهلكة ولم تمنع عمليات الهدم، يجب علينا التصعيد والوقوف والاعتصام بالآلاف، وذلك لمنع هدم بيوتنا، ويجب علينا إغلاق الطرق، من أجل صد هذه الممارسات». وأضاف أن «الهجمة على بيوتنا شرسة، ومن أجل حمايتها علينا العمل بشكل وحدوي».

وأكدت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية أن «جرائم تدمير عشرات البيوت في النقب، تندرج في إطار الحرب الإسرائيلية على شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن وجوده في الوطن، بموازاة استفحال التمييز العنصري، وغض النظر عن استفحال الجريمة، بهدف ضرب الاستقرار المجتمعي ومواصلة وتكثيف ضرب وجودنا في وطننا».


مقالات ذات صلة

مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر اعتقال نتنياهو

شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر اعتقال نتنياهو

قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، اليوم، إن دول مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (فيوجي (إيطاليا))
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

بينما أعلن البرلمان العراقي عقد جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، استأنفت بعض الفصائل الموالية لإيران تهديداتها ضد إسرائيل.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

«بنك إسرائيل» يبقي على الفائدة دون تغيير مع استقرار التضخم

قرر «بنك إسرائيل»، يوم الاثنين، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه السابع على التوالي، حيث استقر التضخم الناجم عن الحرب.

«الشرق الأوسط» (القدس)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بينما يحاول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزير خارجيته فؤاد حسين، العمل للحيلولة دون توجيه ضربة إسرائيلية إلى العراق، تتناقض مواقف القوى السياسية العراقية. ففي وقت أعلن البرلمان العراقي أنه سوف يعقد الاثنين جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، خرقت بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران جدار الصمت الذي التزمت به طوال الأيام الماضية باستئنافها التهديد ضد إسرائيل بالتزامن مع دخول رئيسَي الحكومة السابقين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي على خط التصعيد.

السوداني خلال كلمة له في الذكرى المئوية لتأسيس وزارة الخارجية قال إن «العراق دعا مبكراً إلى تكثيف الجهود لإنهاء الحرب في فلسطين ولبنان وحماية المدنيين، والعمل على عدم اتساع نطاق الحرب»، مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني هدد العراق بذرائع واهية تكشف عن نياته العدوانية؛ ما استلزم منا التأكيد على عدم جعل العراق منطلقاً لأي هجوم». وفي مسعى منه لتجنيب العراق المواجهة المحتملة مع إسرائيل، أكد السوداني أنه وجّه «وزارة الخارجية بمتابعة ملف التهديد الصهيوني بالمحافل الدولية لمنع محاولات الكيان إشعال الحرب في المنطقة بشكل أكبر».

عين العاصفة

وبينما خرقت الفصائل المسلّحة جدار الصمت طوال الأيام الماضية بعد تهديدات إسرائيلية بدت جادة هذه المرة لتوجيه ضربة ضد العراق، فقد دخل رؤساء وزراء سابقون على خط التعبير عن المخاوف من إمكانية حصول هذه الضربة والمآلات التي يمكن أن تنتهي إليها.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي إن «اللحظة الإقليمية والدولية لحظة تحوّلية خطيرة وخطرة، وعراقنا في عين العاصفة».

صورة للأمين العام السابق لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل مرفوعة في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)

وقال العبادي في تدوينة له على منصة «إكس» إن «العراق قادر على الخروج منها أقوى وأكثر تماسكاً، ولقد برهن العراقيون على قدرتهم وشجاعتهم في مواجهة التحديات الوجودية في الماضي القريب، ويمكنهم فعل ذلك مرة أخرى». غير أن العبادي حذّر مما أسماه «ثلاث خطايا وهي: الانقسام السياسي على مستوى السياسات والقرارات الوطنية. والسماح للمغامرين بقيادة السياسات والقرارات الوطنية. والانحياز الجبهوي في السياسات والقرارات الوطنية لصالح أحد المحاور المتصارعة بالضد من المصلحة الوطنية العراقية». وأضاف العبادي: «رسالتي للسّاسة: علينا رفض الروح الانهزامية، وعلينا بوحدة الصف وعقلانية السياسة وواقعية القرار».

من جهته، قال رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في تدوينة له إن «العراق والمنطقة - كانا وما زالا - في صلب (بلفور) و(سايكس - بيكو)»، مبيناً أن «ترتيبات وجودية وسيادية ومستقبلية ندفع عالياً أثمانها، فلا انهزام، ولا هروب من مواجهتها، ولا وقوف على التل»، على حد قوله.

إلى ذلك، حددت الفصائل المسلحة طبيعة الرد المحتمل في حال وجهت إسرائيل ضربات إلى العراق جرى تداول العديد من الأهداف المفترضة لها داخل العراق. وقال مصدر لأحد الفصائل المسلحة في تصريحات صحافية إن الفصائل تؤكد أن «التهديد الصهيوني باستهداف بغداد ليس مفاجئاً، وهو متوقع منذ أشهر، ونحن في جهوزية تامة لأي سيناريو من الآن». وأضاف: «طبيعة الرد على أي عدوان يطال بغداد ستحددها تنسيقية فصائل المقاومة، ولكن في كل الأحوال سيكون هناك رد مضاعف، لكن طبيعة الأهداف التي سيتم توجيه الضربات إليها ستختلف حتماً».

وأشار المصدر إلى أن «الرد لن يطال الكيان بل حلفاءه، وهذه رسالة قلناها من قبل ونكررها؛ لأنه لن يكون بمقدور المحتل ضرب بغداد دون دعم معلوماتي وفني من أميركا وغيرها، ومستعدون لنقل المعركة إلى مستويات أكبر». وبيّن أنه «إذا لم تنتهِ حرب الإبادة في فلسطين ولبنان ستبقى مسيّراتنا تضرب الكيان المحتل، ولن نتراجع عن موقفنا المبدئي مهما كانت الضغوط والتضحيات».