القضاء العراقي يفرج عن ضابط «مدان» بقتل متظاهرين

تأجيل محاكمة متهم رئيسي بـ«سرقة القرن» لعدم حضوره

صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما يعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)
صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما يعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)
TT

القضاء العراقي يفرج عن ضابط «مدان» بقتل متظاهرين

صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما يعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)
صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما يعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

في حين قررت محكمة التمييز الاتحادية الإفراج عن ضابط بوزارة الداخلية «مدان سابقاً» بقتل متظاهرين بمدينة الناصرية عام 2019، أجّلت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية محاكمة نور زهير، المتهم الرئيسي بسرقة الأموال الضريبية أو ما بات يعرف بـ«سرقة القرن»؛ لعدم حضوره إلى جلسة المحاكمة المقررة (الأربعاء).

وطبقاً لقرار محكمة التمييز الموقع باسم القاضي فائق زيدان الذي يتولى رئاستها، إلى جانب رئاسته مجلس القضاء الأعلى، فقد قررت الإفراج عن الضابط عمر نزار الذي يحمل رتبة مقدم في قوات التدخل السريع التابعة لوزارة الداخلية لـ«عدم كفاية الأدلة».

ونزار متهم ومدان سابق بالضلوع في عمليات القتل والإصابات التي تعرض لها المتظاهرون قرب جسر الزيتون في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار الجنوبية، وصار الحادث يعرف اليوم بين أوساط الناشطين والمتظاهرين بـ«مجزرة الناصرية»، بعد أن سقط فيها نحو 70 قتيلاً، وأصيب أكثر من 225 متظاهراً نتيجة أعمال عنف ممنهجة وجّهها عناصر الشرطة ضد المتظاهرين نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.

وكانت محكمة جنايات ذي قار حكمت بالإدانة والسجن المؤبد على عمر نزار في يونيو (حزيران) 2023.

ومع ذلك، قررت محكمة التمييز بـ«غلق التحقيق ونقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى، وإلغاء التهمة الموجهة ضد الضابط، والإفراج عنه؛ لعدم كفاية الأدلة المتحصلة، وإخلاء سبيله».

صورة متداولة للضابط عمر نزار (فيسبوك)

ومن شأن هكذا قرار إثارة حفيظة طيف واسع من الناشطين وعوائل الجرحى والقتلى من جماعات «حراك تشرين» الاحتجاجي.

ورغم مقتل ما لا يقل عن 750 ناشطاً، وإصابة أكثر من 20 ألف متظاهر خلال احتجاجات تشرين التي استمرت لأكثر من عام، ورغم لجان تحقيقية شكلتها حكومة رئيسي الوزراء عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي، فإن نتائج تلك التحقيقات لم تظهر للعلن، ولم يحاسب الضالعون بأعمال القتل.

ورداً على عدم ملاحقة المتورطين في دماء المتظاهرين، أطلقت مجموعة من الناشطين صيف 2021، حملة «إنهاء الإفلات من العقاب في العراق»، لكنها هي الأخرى لم تحرز النجاح المطلوب في ملاحقة المتهمين.

وتعليقاً على إطلاق سراح الضابط عمر نزار، قال رئيس مرصد الحريات الصحافية مصطفى ناصر في تدوينة عبر منصة «إكس»، إنه «في ظل أزمات البلد المتلاحقة يختبئ المجرم ليمرر ما هو أخطر من قانون الأحوال وأزمة كركوك والبرلمان».

وأضاف ناصر: «القضاء العراقي ينقض قرار إدانة المجرم عمر نزار قاتل شباب ذي قار ويبرئه من التهم الموجهة له. مرة أخرى (...) يطلق سراح آكلي لحوم البشر في وضح النهار».

وفي تدوينة مماثلة، كتب الصحافي أحمد الشيخ ماجد أن «احتجاجات تشرين بالنسبة للنظام السياسي ورؤوسه والقادة والسادة فيه جميعاً هي الرعب الذي يجب أن يُخفى إلى الأبد. كل ما يتعلّق فيها ينبغي طمسه وعدم ذكره. لاحظ آلة التشويه منذ سنوات: عملاء، سفارات، جهات خارجية، تدخلات سياسية... إلخ، إلى أن وصلنا للحكومة الحالية التي أجهزت على كل مظهر احتجاجي، سواء في السياسة أو في مجمل الفضاء العام».

وتابع ماجد: «أُفرج عن قاتل هشام الهاشمي، صُفرت قضايا كثيرة، وأخيراً صدر التوجيه بتربئة المتهم بـ(مجزرة الزيتون)، عمر نزار، وهو أمر طبيعي، لكن من المتهم الحقيقي؟ هناك شعور لدى قادة هذا النظام بأنهم عشيرة. يقومون برد الفضل للفصائل لأنهم برأيهم منعوا (انقلاب تشرين)».

وأضاف ماجد: «لست مع لصق تهمة مجزرة الزيتون بشخص واحد فقط، وهو عمر نزار، لكن ينبغي الإجابة عن المسؤول عنها، ومن ثمّ اتخاذ القرار. لا يريد النظام السياسي أن يحاسب أي أحد من القتلة والمجرمين؛ لأن ذلك يعد اعترافاً بشرعية الاحتجاجات، وأيضاً، بجرم الفعل، وهو قمع هذه الاحتجاجات، مما سيؤدي إلى الحكم على أكبر الرؤوس وأصغرها».

المتهم لم يحضر المحاكمة

في سياق آخر، اضطرت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية إلى تأجيل محاكمة نور زهير، المتهم الأول في سرقة أموال التأمينات الضريبية «سرقة القرن»، نتيجة عدم حضوره إلى المحكمة (الأربعاء).

وظهر النائب مصطفى جبار سند في فيديو مصور من أمام محكمة الفساد وهو يعلن تأجيل المحاكمة إلى يوم 27 من شهر أغسطس (آب) الحالي؛ لعدم حضور المتهم وبناء على طلب تأجيل قدمه محاميه.

وأشار سند، وهو يتحدث بسخرية، إلى «عدد المحامين الكبير الذي حضر للدفاع عن المتهم»، وتحدث عن قانونية عملية التأجيل في حال وجود أعذار شرعية، وتعهد بمواصلة العمل لمحاكمة المتهمين في قضية السرقة.

ارتفع عدد المتهمين بسرقة القرن إلى 30 شخصاً وفقاً لهيئة النزاهة (القضاء العراقي)

وتفجّرت قضية سرقة الأموال الضريبية خلال عهد حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وأُعلن عن تفاصيلها في صيف 2022، حيث اشتركت 5 شركات، يعتقد أنها وهمية، في سرقة وسحب مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار عراقي من الأموال الضريبية (قُدرت بنحو 2.5 مليار دولار).

ويرجّح مسار التحقيق المتواصل، والتصريحات التي تصدر عن عدة جهات رقابية، مضاعفة مبلغ السرقة المعلَن عنه سابقاً، وربما وصوله إلى نحو 11 تريليون دينار (نحو 8 مليارات دولار).

ويعتقد أن أكثر من 30 شخصاً متورطاً بالقضية تقف وراء معظمهم جهات سياسية نافذة، وليس من السهل ملاحقتها قانونياً.

وأعرب رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، (الثلاثاء)، عن أمله بصدور حكم «غليظ ورادع» بحق المتهم نور زهير، وذكر أنه «لن يفلت من العقاب لتورطه بقضايا فساد أخرى».


مقالات ذات صلة

الأمن العراقي يضبط 6 مزارع للمخدرات في بغداد وديالى

المشرق العربي صورة لنبتة القنب الهندي (الحشيش) (جامعة كاليفورنيا)

الأمن العراقي يضبط 6 مزارع للمخدرات في بغداد وديالى

هذه المرة الأولى التي يعلن فيها جهاز أمني رفيع عن المستوى الذي وصل إليه انتشار المخدرات في البلاد عبر زراعتها.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مظاهرة في بغداد ترفع العلم اللبناني وصورة حسن نصر الله (رويترز)

«الإطار الشيعي» يسعى للنأي بالعراق عن «الحرب» بين إيران وإسرائيل

تنشغل الأوساط السياسية والشعبية منذ نحو أسبوعين بالحرب وتداعياتها، وتَراجع إلى الوراء الاهتمام بمعظم القضايا الخلافية الكبيرة التي تفجرت خلال الشهرين الماضيين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)

السوداني يواصل جهوده لتجنيب العراق رداً إسرائيلياً

قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي تضغط باتجاه عدم انخراط الفصائل المسلحة في أي مواجهة إيرانية - إسرائيلية، طالما أنها تجري ضمن قواعد اشتباك بينهما.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

أكد مسؤول حكومي بارز أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ قادة «الإطار التنسيقي» بتفاصيل شاملة عن «المخاطر المتوقعة على العراق».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي طائرة من سلاح الجو العراقي خلال إحدى المهمات ضد تنظيم «داعش» (أرشيفية - واع)

العراق: المجال الجوي غير مؤمّن بالكامل

أقر العراق بأن مجاله الجوي غير مؤمّن بالكامل، في حين أكد اتخاذ إجراءات لتحسين القدرات الدفاعية بعد التعاقد مع كوريا الجنوبية قبل أشهر لامتلاك منظومة متطورة.

حمزة مصطفى (بغداد)

الأمن العراقي يضبط 6 مزارع للمخدرات في بغداد وديالى

صورة لنبتة القنب الهندي (الحشيش) (جامعة كاليفورنيا)
صورة لنبتة القنب الهندي (الحشيش) (جامعة كاليفورنيا)
TT

الأمن العراقي يضبط 6 مزارع للمخدرات في بغداد وديالى

صورة لنبتة القنب الهندي (الحشيش) (جامعة كاليفورنيا)
صورة لنبتة القنب الهندي (الحشيش) (جامعة كاليفورنيا)

في مؤشر على حجم آفة المخدرات التي يعاني منها العراق منذ سنوات، أعلن «جهاز الأمن الوطني»، الأحد، ضبط 6 مزارع لنبات «الداتورا» المخدر في محافظتي بغداد وديالى.

وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها جهاز أمني رفيع عن المستوى الذي وصل اليه انتشار المخدرات في البلاد، عبر زراعتها، وذلك بعد نحو شهر فقط من نفي مسؤول بارز في وزارة الداخلية «وجود مؤشرات على مزارع للمخدرات في العراق».

أحد مهربي المخدرات مع المضبوطات في البصرة (أرشيفية - جهاز الأمن الوطني)

وقال «جهاز الأمن الوطني»، في بيان، إنه ضمن جهوده في مكافحة المخدرات وحماية المواطنين من الأضرار الجسيمة الناتجة عنها، «تمكنت مفارزنا في محافظتي بغداد وديالى، استناداً إلى معلومات استخبارية مؤكدة، وبعد متابعة ميدانية حثيثة، من ضبط 6 مزارع للنباتات المخدرة».

وأضاف أن المتابعة التي قام بها «أسفرت عن تنفيذ عمليات دهم وفق مذكرات قبض أصولية في مناطق المدائن والبوعيثة في بغداد، وبلدروز في ديالى، وتم على إثرها ضبط 2305 نباتات» مخدرة.

وتحدث البيان الأمني عن القيام بـ«إتلاف النباتات موقعياً، بالتعاون مع شُعَب زراعة الدورة والمدائن وبلدروز».

بدوره، قال متخصص بشؤون المخدرات لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم العناصر الأمنية المشتغلة في مجال مكافحة المخدرات لا تستطيع التعرف بسهولة على النباتات المخدرة لتشابه سيقانها مع نباتات أخرى، مثل الجت أو البرسيم الشائعة زراعتها في العراق».

«مزرعة حشيشة» في إحدى الدول العربية (متداولة)

ويرجح المتخصص «وجود مزارع غير قليلة لبعض النباتات المخدرة في معظم المحافظات».

وقبل إعلان «الأمن الوطني» عن التطور الجديد في زراعة المخدرات، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري أن الوزارة «سجّلت ارتفاعاً بنسبة 210 في المائة بعمليات الضبط في مجال مكافحة المخدرات في عامي 2023 - 2024».

وكشف ميري، في تصريح لـ«وكالة الأنباء العراقية» الرسمية، عن «تفكيك 569 شبكة للمخدرات، بينها 39 شبكة دولية، خلال عامي 2023 - 2024، إلى جانب ضبط أكثر من 6.6 طن من المواد المخدرة».

وأكد صدور «138 حكماً بالإعدام، وأكثر من 500 حكم بالمؤبد، ونسبة غير قليلة من المحكومين بتهمة تجارة المخدرات».

كما تحدث الناطق باسم الداخلية عن «افتتاح 200 كيلومتر من الجدار الحدودي مع سوريا، وإنجاز منظومة كاميرات المراقبة على طول الحدود وإتمام التحصينات، إضافة إلى نصب أكثر من 1000 كاميرا حرارية على الحدود».

وتعاني الحدود العراقية منذ سنوات، وخاصة مع إيران وسوريا، من عمليات تسلل كبيرة، سواء بالنسبة للجماعات الإرهابية أو بالنسبة لتجارة المخدرات.