الهزّة الأرضية ترعب اللبنانيين: كل المباني القديمة معرّضة للسقوط

أكثر من 16 ألف مبنى مهدّد بالانهيار… والطيران الإسرائيلي يرفع المخاطر

تحذير من الاقتراب من مبنى مهدد بالسقوط في لبنان (أرشيفية)
تحذير من الاقتراب من مبنى مهدد بالسقوط في لبنان (أرشيفية)
TT

الهزّة الأرضية ترعب اللبنانيين: كل المباني القديمة معرّضة للسقوط

تحذير من الاقتراب من مبنى مهدد بالسقوط في لبنان (أرشيفية)
تحذير من الاقتراب من مبنى مهدد بالسقوط في لبنان (أرشيفية)

أثارت الهزّة الأرضيّة القوية التي ضربت سوريا ووصلت إلى لبنان الذعر في نفوس اللبنانيين، الذين استعادت ذاكرتهم الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير (شباط) 2023، وخلّف آلاف القتلى والجرحى، وخشيتهم من سقوط آلاف المباني القديمة في العاصمة بيروت والمدن الكبرى، وهو ما حذرت منه «الهيئة اللبنانية للعقارات»، التي تحدّث بشكل علمي عن «خطر انهيار المباني المهددة بالسقوط، ولا يقلّ عددها عن 16 ألف مبنى، دون احتساب المباني التي تضررت جراء انفجار المرفأ في بيروت». وذكرت «الهيئة» بالمباني الأخرى في طرابلس التي «تضررت جراء الهزة الكارثية التي ضربت تركيا وسوريا، بالإضافة إلى المباني التي تضررت أو تهدمت مجدداً بفعل الحرب على المناطق الجنوبية».

وأعلنت «الهيئة» أن «المناطق الأعلى نسبة في وضع أبنيتها هي في محافظة بيروت ومنطقة الشمال وطرابلس... وهناك عوامل عدة، سبق أن تطرقت إليها (الهيئة)، بفعل التغير المناخي الذي انعكس على الخرسانة ومتانة الأبنية والإسمنت. بالإضافة إلى الأبنية قديمة العهد التي غابت عنها الصيانة الدورية بسبب قوانين الإيجارات القديمة أو بسبب تصنيف بعضها بـ(مبانٍ تراثية)، أو بسبب المخالفات والتعديات، وأبنية لم تعالَج بشكل تقني مدروس بعد الحروب الدامية التي استمرت سنوات»، مذكرة بـ«تمركز لبنان على خريطة فالق الزلازل، وهذا عامل موجود».

وتطرقت «الهيئة» أيضاً إلى «خطر النزوح الداخلي للمواطنين هرباً من المناطق غير الآمنة والخطرة بسبب العدوان، واللجوء إلى مناطق أخرى مفترض أن تكون آمنة»، وأيضاً إلى «وجود النازحين السوريين، ومعظمهم لجأوا إلى مناطق ذات اكتظاظ سكاني، وهي شعبية نوعاً ما، وذات أبنية متلاصقة، وهنا الخطورة؛ لأن معظم هذه الأبنية قنابل موقوتة، وفي كل مرة تزداد خطورتها لعدم إجراء أي ترميم أو تدعيم أو حتى معاينة العقار بشكل مدروس، ناهيك بأصوات (اختراق جدار الصوت) من الطائرات المعادية (الإسرائيلية)، التي تشكل خطراً وتساهم في زيادة حصيلة التصدعات والتشققات وانهيار بعض أجزاء المباني والشرفات والأسقف».

أما في مسألة المعالجة قبل وقوع الكارثة، فأكدت «الهيئة اللبنانية للعقارات» على «ضرورة إجراء مسح جدي من البلديات التي ما زالت متأخرة في إعطاء أرقام نهائية وجدية لعدد المباني المهددة بالسقوط، فهذا سيقلل من الخطورة، وسيسمح بتقييم وضع الأبنية من (الأكثر خطورة) إلى (الأقل خطورة)، وتحديد مدى قابليتها للترميم أو التدعيم»، معربة عن أسفها لـ«الفوضى والخلل الاقتصادي والمعيشي و(الانضباب) القانوني وغياب الرقابة لحماية المواطن وحقه في أدنى سبل العيش اللائق». ودعت المواطنين إلى «مراقبة أوضاع أبنيتهم، خصوصاً التصدعات والتشققات، وتجنب الوجود تحت الأسقف المتهرئة والناتئة بسبب انتفاخ الورقة الإسمنتية، وحماية أنفسهم من نظرية (كل مواطن خفير نفسه)، والاستعانة بذوي الخبرة من المهندسين والخبراء لحماية أنفسهم من المخاطر التي تحدق بهم».

ومنذ وقوع زلزال تركيا وانعكاساته على لبنان، لحظت بلدية بيروت الخطر المحدق بالأبنية القديمة والتراثية، واستعانت بمكاتب هندسة لتقييم الوضع. وأوضح رئيس بلدية بيروت، عبد الله درويش، لـ«الشرق الأوسط»، أن محافظ بيروت، القاضي مروان عبود، «كلّف في شباط 2023 مكاتب هندسة مختصة، وجرى مسح شامل للمباني القديمة في بيروت والمعرضة لخطر السقوط». وأشار إلى أنه «باتت لدى المحافظ الدراسات الهندسيّة، وهناك تنسيق بين المحافظة و(دائرة الهندسة) في بلدية بيروت، لمعالجة وضع المباني القديمة، حيث يجري التعاطي مع كلّ حالة على حدة، بسبب غياب القدرة على معالجةٍ واحدة وفتح ورشة شاملة». ولفت درويش إلى أن «مسألة النزوح الجديدة والخوف من وقوع حرب صعّبت المهمّة، لكن لم تلغِ الاهتمام بوضع المباني وإن بشكل تدريجي».

من جهته، دقّ أستاذ الهندسة الإنشائية بالجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور بلال حمد، ناقوس الخطر، وأفاد بأن «أغلب المباني القديمة التي أنشئت قبل عام 2000 معرضة للسقوط في حال حصل زلزال مدمّر تفوق قوته 6 درجات على مقياس ريختر». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المباني القديمة أنشئت بدراسة لتحمّل الأوزان العمودية، لكن الزلزال يحمّل هذه المباني أوزاناً جانبية ومن كل الاتجاهات»، مشيراً إلى أن «كل زلزال تفوق قوته 6 درجات هو زلزال مدمر، خصوصاً إذا طالت مدته واستمر لدقيقة مثلاً»، لافتاً إلى أنه «كلما ارتفع المبنى زادت أوزانه الجانبية وارتفع خطر سقوطه بالكامل»، ونبّه حمد إلى أن «المباني التراثية لن يبقى منها شيء إذا وقع زلزال، وبالتالي لا بد من إقرار قانون موجود في مجلس النواب لترميم هذه المباني من قبل أصحابها شرط السماح لهم ببيع أجزاء من العقار الواقع عليه المبنى ليتمكنوا في ترميمه ويصبح مؤهلاً للسكن ومقاوماً للزلازل».


مقالات ذات صلة

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يدلي بتصريح عقب اجتماع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون في القصر الرئاسي في بعبدا (إ.ب.أ)

عون يقود مساعي لتجنب مقاطعة شيعية للحكومة... وبري: الأمور ليست سلبية للغاية

وصل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام إلى بيروت، لبدء المشاورات النيابية لتشكيل حكومةٍ طمأن إلى أنها «ليست للإقصاء».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)

لبنان... «الثنائي الشيعي» يهدد وسلام يستوعب رد فعله ويطمئنه

توقفت الأوساط السياسية أمام رد فعل «الثنائي الشيعي» على التبدُّل المفاجئ للمزاج النيابي الذي سمّى رئيس «محكمة العدل الدولية» نوّاف سلام رئيساً للحكومة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون خلال اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين في قصر بعبدا (أ.ف.ب)

«خريطة طريق» فرنسية طموحة جداً للبنان

تواكب باريس عن قرب التطورات الإيجابية التي يشهدها لبنان بدءاً بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وتكليف نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى.

ميشال أبونجم (باريس)

إردوغان يُحذر إسرائيل من تأثيرات الاعتداء على سوريا

أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يُحذر إسرائيل من تأثيرات الاعتداء على سوريا

أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

استبق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات وفد الإدارة السورية في أنقرة بالإعلان عن أنها ستُركز على سُبل دعم سوريا وإعادة الإعمار.

وقال إردوغان، أمام البرلمان، الأربعاء: إنه «يجب على إسرائيل أن توقف فوراً الأعمال العدائية على الأراضي السورية؛ وإلا فإن النتائج سيكون لها تأثير سلبي على الجميع».

وتستضيف وزارة الخارجية في أنقرة مباحثات تركية - سورية عبر صيغة (3+3)، الأربعاء، وتضم وزيري الخارجية هاكان فيدان وأسعد الشيباني، والدفاع يشار غولر ومرهف أبو قصرة، ورئيسي جهازي المخابرات إبراهيم كالين وأنس خطاب.

ويبحث الاجتماع، حسب مصادر تركية، التطورات في سوريا، وبخاصة وضع وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والاشتباكات المستمرة بينها وبين فصائل «الجيش الوطني السوري»، المدعومة من تركيا في شرق حلب، وموقف الإدارة السورية منها، حيث ترغب تركيا في حلها وإلقاء أسلحتها وخروج عناصرها الأجنبية من سوريا، وانخراط العناصر السورية في الجيش السوري الموحد.

فيدان التقى الشيباني على هامش اجتماع الرياض حول سوريا السبت الماضي (أ.ف.ب)

وحسبما ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، تتناول المباحثات أيضاً التعاون في مجالات: الأمن و«مكافحة الإرهاب»، والطاقة، وإعادة الإعمار والتنمية.

كما تتناول المباحثات، وفق المصادر، ملف «العودة الطوعية والآمنة» للاجئين السوريين، وجهود رفع العقوبات المفروضة على دمشق.

وقالت المصادر إن «الجانب التركي سيؤكد مجدداً دعمه الإدارة السورية في مختلف المجالات لإنجاز المرحلة الانتقالية، وتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا».

إردوغان يتوعد

وقال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، في البرلمان، الأربعاء: «لن نسمح بحدوث أي شكل من أشكال الفوضى في سوريا، ولن نسمح بزرع بذور الفتنة بيننا وبين الشعب السوري». محذراً في الوقت نفسه إسرائيل من مغبة مواصلة الأعمال العدائية على الأراضي السورية.

وقال إردوغان: «يجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن المنطقة، ونحن قادرون مع إخواننا السوريين على سحق تنظيم (داعش) و(الوحدات الكردية)، وجميع التنظيمات الإرهابية في وقت قصير».

وأضاف: «مسلحو وحدات حماية الشعب الكردية يمثلون أكبر مشكلة في سوريا الآن بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، وإن لم يُلقوا أسلحتهم فلن تتمكن من الإفلات من نهايتها المحتومة».

إردوغان متحدثاً أمام المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء (الرئاسة التركية)

وتابع: «إذا كانت سوريا والمنطقة تتخلصان من تهديد (داعش)، فإن تركيا هي (القوة العظمى) التي لديها القدرة على حل هذه القضية»، وفق قوله.

وأوضح إردوغان أن «اهتمام تركيا بدولة جارة لها (سوريا) لأسباب مشروعة ومحقة وإنسانية هو أمر طبيعي جداً، وواجب الأخوّة والجوار يقتضي أن تداوي تركيا جراح إخوانها السوريين وتضمن لهم النهوض في أقرب وقت».

وقال: «لا يمكننا أن ننظر بمنظار غربي إلى دولة سوريا التي تربطنا بها علاقات أخوية منذ قرون وحدود بطول 911 كيلومتراً، ولن يتمكن أحد من تخريب أواصر الأخوة بين تركيا وسوريا وبين العرب والأتراك والأكراد».

وشدد إردوغان على أن تركيا تتابع وتدعم حل كل قضايا الإخوة الأكراد في سوريا، وهي الضامنة لأمنهم.

اشتباكات «قسد»

بالتوازي، قُتل 5 من عناصر «قسد» في قصف بطائرات مُسيرة تركية وقذائف المدفعية على محور تلة سيرياتيل في سد تشرين شرق حلب، كما ارتفع عدد قتلى الفصائل الموالية لتركيا إلى 13 قتيلاً، خلال يومين، في إطار الاستهدافات المتبادلة بين الطرفين على محور السد.

واستهدفت القوات التركية والفصائل الموالية لها بقذائف المدفعية ضمن منطقة «درع الفرات» بعض قرى ومحيط بلدة صرين جنوب مدينة عين العرب (كوباني) بالإضافة إلى محيط وقرى جسر قرقوزاق، حسبما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الأربعاء.

ولا تزال الاشتباكات مستمرة بين الطرفين للشهر الثاني على التوالي دون حدوث تغيير في خريطة السيطرة، بعدما سيطرت الفصائل الموالية لتركيا على تل رفعت ومنبج، فيما تحاول اجتياز محور سد تشرين الاستراتيجي وسط مقاومة عنيفة من «قسد» وقوات مجلي منبج العسكري التابعة لها.

عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تشارك في المعارك على محور سد تشرين (أ.ف.ب)

في الأثناء، أجرت قوات «التحالف الدولي للحرب على داعش» بمشاركة «قسد» تدريبات ليلية، ليل الثلاثاء - الأربعاء، في قاعدة قسرك بريف الحسكة الغربي، تخللتها تدريبات باستخدام الذخيرة الحية وقذائف المدفعية، لرفع مستوى التنسيق بين القوات وتعزيز الجاهزية القتالية لمواجهة أي تهديدات محتملة في المنطقة.

إلى ذلك، قُتل مدنيان كانا يستقلان دراجة نارية على طريق مخيم القلعة شمال غربي مدينة سرمدا قرب الحدود السوري التركية، باستهداف طائرة مسيرة لـ«التحالف الدولي».

وأفاد المرصد الشوري، الأربعاء، بأن مسيرة تابعة لـ«التحالف الدولي»، استهدفت بـ3 صواريخ دراجة نارية على طريق مخيم القلعة شمال غربي سرمدا، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة شخص آخر كانوا في موقع الاستهداف.