ما زال موقف دمشق الرسمي من احتمالات الرد الإيراني على إسرائيل بسبب اغتيال قيادي حركة «حماس» إسماعيل هنية، غير واضح تماماً. ولوحظ أن الإعلام الرسمي ما زال ينأى عن الانخراط في تحليل تداعيات الرد المحتمل، رغم ترجيحات بأن إيران ستستخدم الأجواء والأراضي السورية منطلقاً للرد، إذا ما حصل، علماً بأن سوريا تُعد طرفاً أساسياً فيما يُعرف بـ«محور المقاومة».
وقال محللون سوريون لـ«الشرق الأوسط» إن طهران تهوّل -كما يبدو- من قوة ردها هذه المرة على إسرائيل، مقارنة بردها في أبريل (نيسان) الماضي، عندما أطلقت مئات من الطائرات المُسيَّرة والصواريخ، انتقاماً لمقتل قادة عسكريين كبار في غارة على قنصليتها في دمشق. ورأى هؤلاء أن إيران تريد تعزيز أوراق التفاوض مع واشنطن والمجتمع الدولي، ولذلك فإنها لن تورط نفسها على الأرجح في حرب كبرى تعرّضها لخسائر كبرى؛ لا سيما في منشآت برنامجها النووي.
وقال هؤلاء إن إيران ستنفق في ردها من رصيد نفوذها في المنطقة، أي من حلفائها في سوريا ولبنان واليمن، وهذا ما تدركه دمشق المنهكة؛ لكنها في الوقت ذاته غير قادرة على النأي بالنفس بشكل معلن، ولا على الانخراط فيما سيحصل، سوى مُكرهة، وسط مخاوف حقيقية من استخدام إيران الجبهة السورية الجنوبية منطلقاً للرد، الأمر الذي سيقوّض اتفاقات وقف النزاع، وفتح بوابة سوريا الجنوبية ساحة للحرب مع إسرائيل مجدداً. وتابعوا بأن موقف دمشق معقَّد وهي تعرف أن القرار الذي ستتخذه «ستترتب عليه أثمان باهظة».
وانعكست المخاوف من احتمال الرد الإيراني قريباً على حركة الأسواق السورية التي تشهد حالة من الترقب والجمود، بينما يمضي مراسلو وكالات الأنباء المعتمدون في دمشق ليلهم وراء المكاتب، تحسباً لبدء الرد بين لحظة وأخرى، وسط مخاوف حقيقية من اندلاع حرب واسعة تعيد عقارب الساعة 10 سنوات إلى الوراء. وقال مهندس من سكان دمشق: «لم نعد نحتمل. الحياة لم تعد ممكنة في سوريا. كل يوم نقول إن الحرب انتهت ويتبين أنها لم تنتهِ».
ويقول سكان في المناطق الحدودية مع العراق ولبنان، إنهم يعيشون حالة ذعر خشية تأثرهم بالرد الإيراني على إسرائيل. وقالت مصادر أهلية في ريف حمص الغربي؛ حيث يتمركز «حزب الله» اللبناني: «إن الإيرانيين و(حزب الله) يتغلغلون في الأحياء المدنية بطريقة خفية، لا نعلم بها سوى عند استهداف إسرائيل لها».