المخاوف من الرد الإيراني تُلقي بثقلها على السوريين المنهكين

سكان المناطق الحدودية مع العراق ولبنان قلقون

شيخ درزي قرب موقع للجيش السوري في مدينة القنيطرة بهضبة الجولان يوم 30 يوليو الماضي (أ.ب)
شيخ درزي قرب موقع للجيش السوري في مدينة القنيطرة بهضبة الجولان يوم 30 يوليو الماضي (أ.ب)
TT

المخاوف من الرد الإيراني تُلقي بثقلها على السوريين المنهكين

شيخ درزي قرب موقع للجيش السوري في مدينة القنيطرة بهضبة الجولان يوم 30 يوليو الماضي (أ.ب)
شيخ درزي قرب موقع للجيش السوري في مدينة القنيطرة بهضبة الجولان يوم 30 يوليو الماضي (أ.ب)

ما زال موقف دمشق الرسمي من احتمالات الرد الإيراني على إسرائيل بسبب اغتيال قيادي حركة «حماس» إسماعيل هنية، غير واضح تماماً. ولوحظ أن الإعلام الرسمي ما زال ينأى عن الانخراط في تحليل تداعيات الرد المحتمل، رغم ترجيحات بأن إيران ستستخدم الأجواء والأراضي السورية منطلقاً للرد، إذا ما حصل، علماً بأن سوريا تُعد طرفاً أساسياً فيما يُعرف بـ«محور المقاومة».

وقال محللون سوريون لـ«الشرق الأوسط» إن طهران تهوّل -كما يبدو- من قوة ردها هذه المرة على إسرائيل، مقارنة بردها في أبريل (نيسان) الماضي، عندما أطلقت مئات من الطائرات المُسيَّرة والصواريخ، انتقاماً لمقتل قادة عسكريين كبار في غارة على قنصليتها في دمشق. ورأى هؤلاء أن إيران تريد تعزيز أوراق التفاوض مع واشنطن والمجتمع الدولي، ولذلك فإنها لن تورط نفسها على الأرجح في حرب كبرى تعرّضها لخسائر كبرى؛ لا سيما في منشآت برنامجها النووي.

وقال هؤلاء إن إيران ستنفق في ردها من رصيد نفوذها في المنطقة، أي من حلفائها في سوريا ولبنان واليمن، وهذا ما تدركه دمشق المنهكة؛ لكنها في الوقت ذاته غير قادرة على النأي بالنفس بشكل معلن، ولا على الانخراط فيما سيحصل، سوى مُكرهة، وسط مخاوف حقيقية من استخدام إيران الجبهة السورية الجنوبية منطلقاً للرد، الأمر الذي سيقوّض اتفاقات وقف النزاع، وفتح بوابة سوريا الجنوبية ساحة للحرب مع إسرائيل مجدداً. وتابعوا بأن موقف دمشق معقَّد وهي تعرف أن القرار الذي ستتخذه «ستترتب عليه أثمان باهظة».

قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني يستمع إلى السفير السابق لدى العراق إيرج مسجدي على هامش مراسم أربعين محمد هادي حاجي رحيمي الذي قضى في ضربة جوية إسرائيلية على القنصلية الإيرانية بدمشق (أرنا)

وانعكست المخاوف من احتمال الرد الإيراني قريباً على حركة الأسواق السورية التي تشهد حالة من الترقب والجمود، بينما يمضي مراسلو وكالات الأنباء المعتمدون في دمشق ليلهم وراء المكاتب، تحسباً لبدء الرد بين لحظة وأخرى، وسط مخاوف حقيقية من اندلاع حرب واسعة تعيد عقارب الساعة 10 سنوات إلى الوراء. وقال مهندس من سكان دمشق: «لم نعد نحتمل. الحياة لم تعد ممكنة في سوريا. كل يوم نقول إن الحرب انتهت ويتبين أنها لم تنتهِ».

ويقول سكان في المناطق الحدودية مع العراق ولبنان، إنهم يعيشون حالة ذعر خشية تأثرهم بالرد الإيراني على إسرائيل. وقالت مصادر أهلية في ريف حمص الغربي؛ حيث يتمركز «حزب الله» اللبناني: «إن الإيرانيين و(حزب الله) يتغلغلون في الأحياء المدنية بطريقة خفية، لا نعلم بها سوى عند استهداف إسرائيل لها».


مقالات ذات صلة

«قسد» تنفذ عملية «انتقامية» ضد القوات الحكومية شرق دير الزور

المشرق العربي «قسد» تنفذ عملية «انتقامية» ضد القوات الحكومية شرق دير الزور

«قسد» تنفذ عملية «انتقامية» ضد القوات الحكومية شرق دير الزور

وتأتي التحركات الروسية بعد فشل مفاوضات أجراها الجانب الروسي مع «قسد» في القامشلي في التاسع من الشهر الجاري، لفك الحصار عن المربعات الأمنية في القامشلي والحسكة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر (أرشيفية)

تركيا تُعيد تأكيد شروطها لسحب قواتها من شمال سوريا

رهنت تركيا مجدّداً سحب قواتها من شمال سوريا بتحقيق عدد من الشروط، في مقدمتها إقرار دستور شامل، وإجراء انتخابات حرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لقوات أميركية بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أ.ف.ب)

«مسيّرة» تستهدف القوات الأميركية بشمال شرقي سوريا

قال مسؤول أميركي، اليوم، إن القوات الأميركية في سوريا تعرضت لهجوم بطائرة مسيرة، لكن الأنباء الأولية تفيد بعدم وقوع إصابات جراء ذلك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزير الخارجية التركية هاكان فيدان وقيادات المعارضة السورية (الخارجية التركية)

تركيا تجدد تمسكها بالحل السياسي والحوار بين دمشق والمعارضة

أكدت تركيا تمسكها بالحل السياسي الشامل للأزمة السورية ودعمها للحوار والتفاوض الهادف والواقعي للتوصل إلى هذا الحل في إطار قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي غارات ليلية على البوكمال شرق سوريا (المرصد السوري - أرشيفية)

إصابة 4 عسكريين في «عدوان جوي» إسرائيلي على سوريا

ذكرت وسائل إعلام رسمية سورية، نقلاً عن مصدر عسكري، أن أربعة عسكريين أصيبوا بجروح كما وقعت بعض الخسائر المادية جرّاء ما وصفته بـ«عدوان جوي» إسرائيلي على المنطقة.


هوكستين في بيروت ووزير الخارجية البريطاني يدعو لـ«التهدئة الفورية»

ميقاتي مجتمعاً مع عضو كتلة الحزب «التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور (حساب رئاسة الحكومة)
ميقاتي مجتمعاً مع عضو كتلة الحزب «التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور (حساب رئاسة الحكومة)
TT

هوكستين في بيروت ووزير الخارجية البريطاني يدعو لـ«التهدئة الفورية»

ميقاتي مجتمعاً مع عضو كتلة الحزب «التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور (حساب رئاسة الحكومة)
ميقاتي مجتمعاً مع عضو كتلة الحزب «التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور (حساب رئاسة الحكومة)

يصل المبعوث الأميركي الخاص أموس هوكستين إلى بيروت، الأربعاء، بعد جولة محادثات سريعة في إسرائيل تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة التي تشهد سباقاً محموماً بين مساعي التهدئة والحرب التي يتهدد بها رد قال «حزب الله» اللبناني إنه سينفذه انتقاماً لاغتيال إسرائيل قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية قبل نحو أسبوعين.

وأكد مسؤولون لبنانيون أن هوكستين طلب مواعيد عاجلة من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي على الأقل، من دون أن يطرح جدول أعمال للقاءاته المرتقبة في بيروت. وتوقع مسؤول لبناني كبير لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوث الأميركي يسعى لـ«التهدئة» من دون أن يغفل إمكانية أن يحمل اقتراحات أو رسائل إسرائيلية.

ويزداد منسوب التوتر في لبنان وإسرائيل في انتظار الخطوة المقبلة لـ«حزب الله» وحليفته إيران. وقد اتصل وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي برئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وفي خلال الاتصال قال الوزير البريطاني: «إنها لحظة حاسمة بالنسبة للاستقرار في الشرق الأوسط، ولا يمكن أن يكون هناك المزيد من التأخير، بل يجب أن يتوقف القتال الآن». وشدد على «ضرورة قيام كل الأطراف بتهدئة الوضع بشكل عاجل وفوري». وقد شكر رئيس الحكومة الوزير البريطاني «على اهتمام الحكومة البريطانية الدائم بلبنان وحرصها على حفظ الاستقرار فيه».

وواصل ميقاتي عقد سلسلة اجتماعات في السرايا، في إطار متابعة خطة الطوارئ التي أعدتها الحكومة لمواجهة احتمالات توسع الحرب بين الحزب والدولة العبرية. وشدد ميقاتي، وفقاً لبيان من مكتبه، على أن «الهم الأوحد الذي يجمع اللبنانيين في هذه المرحلة، هو مواجهة التهديدات الإسرائيلية المستجدة والعدوان المستمر على لبنان منذ أشهر». وأكد ميقاتي «وجوب قيام المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات الدولية بواجبهم تجاه لبنان ودعمه في هذه الظروف الصعبة، خصوصاً أنه يرزح تحت أعباء كبيرة جداً بفعل النزوح السوري». وقال: «إن العدوان والتهديدات الإسرائيلية يجب أن يشكلا حافزاً إضافياً وأساسياً للتضامن بين اللبنانيين وعدم فتح سجالات جانبية ليس أوانها حالياً»، مشيداً «بالمبادرات الأهلية لاستقبال اللبنانيين النازحين».

وتحدث النائب وائل أبو فاعور بعد لقائه ميقاتي عما «يقوم به الرئيس ميقاتي بالشراكة الكاملة مع الرئيس نبيه بري، خلال حملة الاتصالات الدبلوماسية والدولية التي يقومان بها لأجل درء الأهوال وتفادي الأسوأ». وقال: «لبنان يقوم بحملة اتصالات دبلوماسية وسياسية كبيرة جداً، الهدف منها تفادي اندلاع حرب، وهذه الاتصالات بعضها يجري على المستوى الدولي، وأيضاً هناك توقعات لزوار ومبادرات قد تأتي من الخارج نأمل أن تقود هذه المبادرات إلى خفض التوتر. وفي النهاية فإن الحل النهائي هو وقف إطلاق النار في غزة، وإذا ما حصل وقف لإطلاق النار هناك فهذا يقود الأمور في المنطقة بشكل عام إلى تخفيف التوتر ولجم الاندفاعة الإسرائيلية نحو الحرب».

إلى ذلك صرح وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس لـ«وكالة الأنباء القبرصية»، الثلاثاء، بأن البلاد أكملت الإعدادات لإجلاء محتمل للأجانب من لبنان وإسرائيل. وقال كومبوس إن قبرص يمكن أن تستضيف عدداً كبيراً من الأشخاص، من بينهم مدنيون من دول أوروبية أخرى ودول ثالثة، بشرط أن يعودوا إلى بلادهم في الوقت المناسب. وقد تم وضع أسرّة في مدارس بمدينة لارناكا، كما تم إعداد منشآت نظافة. وأشار وزير الخارجية إلى أنه خلال حرب لبنان 2006، استضافت قبرص مؤقتاً 60 ألف شخص.

إلى ذلك انتقد المكتب السياسي لحزب «الكتائب اللبنانية»، بعد اجتماعه برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، «هرولة الحكومة لتغطية التكاليف الباهظة لنزوح الجنوبيين بعشرات الآلاف من مناطقهم وإعلانها صراحة أنها لا تلقى التجاوب الدولي المطلوب مع الأرقام الكبيرة للخسائر المحتملة»، عاداً ذلك «يقود إلى سؤال بديهي: ألم يكن من الأجدى أن تجتمع هذه الحكومة لتسلُّم زمام الأمور وتجنيب لبنان حرباً عبثية بدل التباكي والاستجداء شرقاً وغرباً؟»

وأكد الحزب أن «المسؤولية الأولى لما يحصل اليوم تقع على (حزب الله) أولاً، وعلى المجموعة الحكومية التي رضيت وانصاعت إلى ضغوطه، وتنازلت عن قرارها وعن سيادة الدولة، ورضيت بأن تكون واجهة لميليشيا مسلحة تتباهى بوضع الخطط وتنفيذها على الإيقاع الذي يناسبها ويناسب إيران جارةً معها لبنان واللبنانيين إلى المجهول».

وفي حين أكّد حزب «الكتائب اللبنانية» أن «النازحين من كل لبنان هم أبناء الوطن ومرحب بهم في كل المناطق وهذا أمر لا يحتاج إلى مزايدات أو منّة»، رفَضَ «تحويل كل المناطق اللبنانية إلى دروع بشرية وبؤر مواجهات ومنصات صواريخ، خدمة لحرب يرفضها معظم اللبنانيين، وهذا الأمر يحتّم معالجات جادة وحثيثة درءاً لأي مواجهات على غرار ما يحصل في بعض المناطق».