السلطة الفلسطينية ترفض «تمويه» وجودها في معبر رفح

إسرائيل تصر على وجود غير رسمي... ومصر تواصل الضغوط

معبر رفح في منتصف أكتوبر الماضي عندما كان تحت سلطة «حماس»... (وفا)
معبر رفح في منتصف أكتوبر الماضي عندما كان تحت سلطة «حماس»... (وفا)
TT

السلطة الفلسطينية ترفض «تمويه» وجودها في معبر رفح

معبر رفح في منتصف أكتوبر الماضي عندما كان تحت سلطة «حماس»... (وفا)
معبر رفح في منتصف أكتوبر الماضي عندما كان تحت سلطة «حماس»... (وفا)

قال مصدر فلسطيني مطلع إن السلطة الفلسطينية رفضت اقتراحات إسرائيلية مكررة حول معبر رفح، وإنها تصر على سيطرة فلسطينية رسمية هناك.

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يوجد اختراق بشأن رفح رغم الجهود الأميركية والمصرية المستمرة، مضيفاً: «إسرائيل تناور... تريد فقط استخدام السلطة، وليس وجوداً للسلطة. تريد لقواتها أن تبقى مع صلاحيات مباشرة، مقابل وجود مدني فلسطيني على المعبر. شيء يشبه شركة أمنية تديره. وقد رفضنا المقترح».

دبابات إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح بين غزة ومصر (أ.ف.ب)

ومنذ سيطرت إسرائيل على معبر رفح، في 7 مايو (أيار) الماضي، رفضت الانسحاب منه، وهو موقف عارضته الولايات المتحدة ومصر والسلطة الفلسطينية.

وقال المصدر إن السلطة ومصر متفقتان تماماً على أن إدارة معبر رفح والمعابر الأخرى تكون فقط وفق «اتفاقية المعابر» في عام 2005.

حملة جوازات أجنبية من الفلسطينيين ينتظرون على بوابة معبر رفح للحصول على إذن بالسفر بعد انطلاق حرب غزة (وفا)

وتنص الاتفاقية على إدارة السلطة معبر رفح من جهة قطاع غزة، مع وجود مراقبين دوليين هناك (بعثة أوروبية) وآلية تضمن رقابة إسرائيلية أمنية من بعيد.

وجرى العمل، فعلياً، بهذه الاتفاقية، التي تطرقت إلى المعابر الأخرى، بل حتى إلى وجود ميناء بحري وممر إلى الضفة الغربية. الاتفاق صمد مدة قصيرة، قبل أن تسيطر «حماس» على قطاع غزة عام 2007، وتتسلم بعد ذلك إدارة معبر رفح مع مغادرة السلطة والبعثات الأجنبية.

وتدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العودة إلى الاتفاق، لكن إسرائيل ترفض ولا تريد أي وجود رسمي للسلطة الفلسطينية.

تأمين معبر رفح من الجانب المصري (أ.ف.ب)

وتحاول مصر إجبار إسرائيل على قبول السلطة عبر رفضها التعامل مع الجانب الإسرائيلي على المعبر.

وذكرت «هيئة البث الإسرائيلية (كان)»، في تقرير، أن محادثات تُجرى بين مصر والسلطة الفلسطينية؛ لتولي الأخيرة مسؤولية معبر رفح الحدودي.

وقال التقرير، الذي وصف الاتصالات بأنها «حوار هادف»، إن المصريين يتطلعون إلى أن تكون هذه الخطوة العنصر الأول في خطة لجعل السلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية، تتولى تدريجاً أماكن استراتيجية أخرى في غزة، بعد الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة «حماس»، على الرغم من رفض القيادة الإسرائيلية باستمرار فكرة تسليم السلطة الفلسطينية دوراً في حكم غزة بعد الحرب.

وقال التقرير إن المسؤول الكبير في السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ، التقى في الأيام الأخيرة مسؤولاً مصرياً مقيماً في رام الله؛ لمناقشة الخطة التي تدعمها القاهرة بقوة ومن المرجح أن تدعمها الولايات المتحدة أيضاً، مضيفاً أن النية هي أن تتولى السلطة الفلسطينية السيطرة على المعبر بشكل علني، دون تمويه أو إخفاء لدورها.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يرفض السماح بدخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، وشبّه حركة «فتح»، التي يتزعمها رئيس السلطة، بحركة «حماس». كما أن شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف يعارضون ذلك بشكل أكبر، ويدعون إلى تدمير السلطة الفلسطينية التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية.

وهذه ليست أول محادثات بشأن معبر رفح؛ ففي الشهر الماضي، اجتمع مسؤولون إسرائيليون ومسؤولون في السلطة الفلسطينية بشأن فتح المعبر، وحضر الاجتماع المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، ولم يُتوصل إلى اتفاق.

قبل ذلك، التقى مسؤولون أمنيون مصريون وإسرائيليون وأميركيون في القاهرة؛ لبحث مصير معبر رفح، دون اتفاق.

تدفق فلسطينيين من حملة الجوازات الأجنبية إلى بوابة معبر رفح بعد انطلاق حرب غزة (وفا)

وكانت قضية فتح المعبر تصدرت المشهد المتوتر بين إسرائيل ومصر التي طالبت بخروج القوات الإسرائيلية، ورفضت تمرير المساعدات من المعبر طيلة احتلال إسرائيل له من الجانب الغزي؛ مما دفع بالولايات المتحدة إلى التدخل في محاولة لمعالجة الأوضاع الإنسانية وكبح جماح التصعيد.

ويشكل المعبر ممراً رئيسياً للمساعدات إلى غزة، وقد أدى إغلاقه إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب.

وقال موقع «تايمز أوف إسرائيل» إنه في الآونة الأخيرة بدأت إسرائيل تعيد النظر في موقفها من هذه المسألة الرئيسية، حيث بدأت الحلقة المحيطة بنتنياهو تقرّ بأن السلطة الفلسطينية هي البديل الوحيد المقبول في الوقت الحاضر.

وعلاوة على ذلك، فإن إعادة فتح معبر رفح تشكل جزءاً لا يتجزأ من نجاح الجهود الرامية إلى تحقيق اتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من أجل التوصل إلى شكل من أشكال وقف إطلاق النار في غزة. ومصير المعبر من القضايا التي يجب أن يعالجها اتفاق وقف النار في غزة.


مقالات ذات صلة

مصر تُصعّد ضد إسرائيل: تحاول التغطية على إخفاقها في غزة

العالم العربي الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

مصر تُصعّد ضد إسرائيل: تحاول التغطية على إخفاقها في غزة

صعّدت مصر من لهجتها ضد إسرائيل، التي اتهمها مصدر مصري رفيع المستوى بـ«محاولة التغطية على إخفاقها في قطاع غزة، عبر ادّعائها وجود أنفاق عاملة بين مصر والقطاع».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا امرأة فلسطينية تشير بيدها بينما يفر آخرون من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إسرائيلية بالإخلاء (رويترز)

«هدنة غزة»: ترقب لجولة الدوحة... وتضارب بشأن «التقدم» بالمفاوضات

جولة جديدة مرتقبة بالدوحة بشأن مفاوضات الهدنة بقطاع غزة الخميس تأتي وسط أحاديث إسرائيلية عن «تقدم» في ملفات التفاوض مقابل نفي مصري

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في طوكيو 8 نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

الخارجية الأميركية تنتقد قرار محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي

أصدرت الخارجية الأميركية هذا اليوم السبت بياناً بشأن قرار محكمة العدل الدولية بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دخان يتصاعد من مبنى استهدفته غارة إسرائيلية بالنصيرات وسط قطاع غزة في 20 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 30 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

قال مسؤولو صحة في غزة إن 30 فلسطينياً على الأقل قُتلوا، جرّاء قصف قوات إسرائيلية لعدة مناطق بأنحاء القطاع، السبت، بينما توغّلت دبابات غرب وشمال مدينة رفح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)

تحليل إخباري «معبر رفح»: مصر تتمسك بـ«إدارة فلسطينية»... وجهود أميركية لإعادة فتحه

تطورات جديدة أعادت أزمة إغلاق معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة للواجهة، مع جهود أميركية كانت أحدثها محادثات إسرائيلية - فلسطينية لمناقشة إعادة فتح المعبر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل يدير السنوار «حماس» فعلاً من تحت الأرض؟

يحيى السنوار في غزة يوم 28 أكتوبر 2019 (رويترز)
يحيى السنوار في غزة يوم 28 أكتوبر 2019 (رويترز)
TT

هل يدير السنوار «حماس» فعلاً من تحت الأرض؟

يحيى السنوار في غزة يوم 28 أكتوبر 2019 (رويترز)
يحيى السنوار في غزة يوم 28 أكتوبر 2019 (رويترز)

أثار اختيار حركة «حماس» رئيس مكتبها السياسي في قطاع غزة، يحيى السنوار، رئيساً عاماً للحركة، الكثير من التساؤلات حول قدرته فعلاً على قيادة حركة كبيرة داخلياً وخارجياً، في ظرف معقد وحساس وقد يكون الأخطر في تاريخ الحركة، فيما تلاحقه إسرائيل في كل متر من القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، باعتباره المطلوب رقم 1 لها، كونه مهندس الهجوم المباغت الذي يكاد يغيّر وجه المنطقة.

وبينما تقول إسرائيل باستمرار إن السنوار يختبئ في أنفاق خان يونس، جنوب قطاع غزة، حيث يقطن وعائلته، لا تعلق الحركة على تلك الاتهامات، وحقيقة الأمر فإن ثلة صغيرة للغاية تملك أجوبة لأسئلة كثيرة حوله، ولا أحد غيرها يعرف أي شيء، وإلا لكانت إسرائيل المتقدمة عسكرياً واستخباراتياً وتكنولوجياً قد وصلت له الآن.

فلسطينيون ينزحون من خان يونس التي تعتقد إسرائيل أن يحيى السنوار يختبئ فيها (رويترز)

ومنذ بداية الحرب، لم يُشاهد السنوار في أي مكان إلا في مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي ظهر فيه داخل أحد الأنفاق بعد يوم من هجوم السابع من أكتوبر. بعدها، لم يسمع صوته ولم تقرأ أي رسالة موقعة باسمه، فهل هو فعلاً موجود ويقود الحركة؟

حاولت «الشرق الأوسط» الحصول على تصور أقرب لوضعه في ظل وضع حساس ومعقد لا يسمح حتى بطرح أسئلة حول الرجل.

وقالت مصادر من داخل حركة «حماس» في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط»، إن لا أحد في «حماس» يعرف مكان السنوار تحديداً، لا في الداخل ولا الخارج، لكن أفراداً موثوقين يعرفون ذلك ويشكلون حلقة وصل بينه وبين باقي قيادات الحركة عند الضرورة.

وأضافت: «هذه الدائرة الصغيرة تعمل على تأمين احتياجاته، وتؤمن تواصله مع قيادات الحركة بالداخل والخارج، بطرق معقدة».

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي في 17 ديسمبر الماضي لمحمد السنوار، شقيق يحيى، في سيارة داخل أحد أنفاق «حماس» قرب معبر إيرز شمال قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

ويعتقد أن محمد السنوار، شقيق يحيى، وهو قائد كبير في «القسام» إلى الحد الذي يرجح معه مراقبون أن يقود «الكتائب» خلفاً لمحمد الضيف إذا ما اتضح فعلاً أن إسرائيل اغتالته، هو الذي أشرف ويشرف على مخبأ وتحركات السنوار.

وظهر محمد في الفيديو الذي نشرته إسرائيل يقود شقيقه وعائلته عبر نفق في خان يونس.

ومحمد السنوار مطلوب لإسرائيل بشدة كونه أحد مهندسي هجوم السابع من أكتوبر وتربطه بشقيقه علاقة مميزة وخاصة.

وأكد مصدر «الشرق الأوسط» أن السنوار الغائب عن الظهور العلني بشكل تام ليس غائباً عن الحركة. وأضاف أنه على تواصل دوري مع الجميع بطرق مختلفة.

وأوضح مصدر ثانٍ مطلع أن السنوار منذ بداية الحرب الحالية حرص بشكل دوري على إرسال رسائل داخلية وخارجية، تتعلق بطبيعة العمل، وكيفية مواجهة الصعوبات والمعيقات التي فرضتها الحرب على واقع العمل السياسي والعسكري وحتى الخدماتي.

وقال المصدر: «السنوار كان في الكثير من المحطات حاضراً، وقد ينقل تعليمات مرة كل أسبوعين وأحياناً مرة كل شهر لمسؤولي الحركة، وفي بعض الأحيان كانت تصل منه تعليمات لقادة العمل السياسي والحكومي مرة أسبوعياً».

وحسب المصدرين، فإن هذه الرسائل والتعليمات كانت تصل مكتوبة باليد وأحياناً مطبوعة وتحمل توقيعه، لكن لا أحد يعرف كيف يتم نقلها. وترجح المصادر أنه اعتمد على نقل يدوي بسرية تامة من شخص إلى آخر.

لكن اللافت أن السنوار كذلك كان على اتصال هاتفي مباشر مع قادة الحركة في مناسبات محددة تتعلق بظروف مفصلية.

وقال مصدر كبير لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد تهيئة وضع أمني محدد، استطاع السنوار إجراء محادثات هاتفية، مضيفاً: «كان ترتيب ذلك يتطلب وقتاً طويلاً لكن تم في النهاية».

وأضاف المصدر من خارج قطاع غزة أنه إضافة إلى اتصالاته القليلة جداً، فإنه في مرتين على الأقل، نُقلت رسائل مكتوبة منه، ورسالة واحدة مسجلة صوتياً للوسطاء حول بعض القضايا التي تتعلق بمصير المفاوضات، خصوصاً عند وصولها لوقت حرج.

وأكد المصدر أن السنوار كان على اطلاع كامل بتفاصيل جولات المفاوضات، وكل مبادرة كان يتم تقديمها كان يعمل على دراستها جيداً ويبدي رأيه فيها ثم يتشاور مع قيادات الحركة.

وتابع: «كان يفضل أن يكون حاضراً في إدارة معركة المفاوضات، لأنه يعرف كيف يفكر الإسرائيليون».

وحسب المصدر، فإن السنوار بخلاف ما يتوقعه أو يروج له الكثيرون، كان من الشخصيات القيادية التي دعمت بشكل كبير تقديم مرونة في العديد من مراحل المفاوضات، وهذا الموقف فاجأ حتى الوسطاء.

وأضاف: «معروف أنه مفاوض عنيد يريد تحقيق شروط عليها إجماع فلسطيني. لكنه يريد وبقوه وقف نزيف الدم المتدفق ويريد لهذه الحرب أن تنتهي».

دمار موقع استهدفته إسرائيل في المواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو الماضي ضمن عمليات استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من أن السنوار كان حاضراً، حسب مصادر «الشرق الأوسط»، في الكثير من التفاصيل، لكن إسرائيل عجزت في الوصول إليه.

ولم تنجح في عملية واسعة شنتها في جميع مناطق محافظة خان يونس بداية العام الحالي، على مدار 3 أشهر من الوصول إلى السنوار، فوق أو تحت الأرض، كما لم تنجح في الوصول إليه بأي مكان بالقطاع. وهاجمت خان يونس مرة ثانية بلا طائل، واليوم تجد نفسها في خضم عملية جديدة واسعة في مسقط رأس السنوار، بعد أيام من اختياره زعيماً لحركة «حماس».

يحيى السنوار زعيم «حماس» الجديد (أ.ب)

وأعلن قائد الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي أن اختيار السنوار على رأس «حماس» لا يغير شيئاً، بل سيسرع في الوصول إليه.

وعلقت مصادر ميدانية على عملية خان يونس بقولها إن الاحتلال أراد من خلال هذه العملية الجديدة الانتقام من الناس بعد اختيار السنوار قائداً لحركة «حماس»، وكأنه يريد تحميل المدنيين مسؤولية هذا الاختيار، لإجبارهم على التعاون معه بكل الطرق والأساليب في محاولة للوصول إليه.

مَن كبار قادة «حماس» حالياً؟

وأضافت: «في خضم العملية ألقوا للناس مناشير تحرض عليه. هدفهم واضح».

لكن كما تقول المصادر: «لا أحد من الناس الذين تستهدفهم إسرائيل يعرف مكان السنوار. ولا أحد يعرف إذا كان فوق أو تحت الأرض».