نصائح دبلوماسية لـ«حزب الله» بإعطاء فرصة لمحادثات وقف النار

كي تبقى مجزرة غزة حاضرة وتتفاعل دولياً

صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال إحياء ذكرى أسبوع على اغتياله (إ.ب.أ)
صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال إحياء ذكرى أسبوع على اغتياله (إ.ب.أ)
TT

نصائح دبلوماسية لـ«حزب الله» بإعطاء فرصة لمحادثات وقف النار

صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال إحياء ذكرى أسبوع على اغتياله (إ.ب.أ)
صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال إحياء ذكرى أسبوع على اغتياله (إ.ب.أ)

كشفت مصادر لبنانية بارزة عن أن التواصل بين جهات دبلوماسية، وتحديداً مصرية وقطرية وغربية متعددة الجنسية، وبين قيادة «حزب الله» لم ينقطع، سعياً إلى إقناعها بتحييد استئناف المحادثات لوقف النار في قطاع غزة، المقررة الخميس المقبل، بدعوة من الرئيسين الأميركي جو بايدن، والمصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عن الرد الذي يُعد له الحزب على إسرائيل لاغتيالها القيادي العسكري فؤاد شكر.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الجهات تلاقت على إسداء النصائح إلى الحزب بإعطاء فرصة لاستئنافها لعلها تكون مواتية، بخلاف المحادثات السابقة، للتوصل إلى وقف النار، خصوصاً أن الدعوة تأتي للمرة الأولى من القادة الثلاثة مما يضع مصداقيتهم على المحك أمام المجتمع الدولي الذي لم يتردد في تأييدهم.

وأكدت المصادر اللبنانية أن قيادة الحزب استمعت ملياً إلى الأسباب الموجبة التي أملت على مصر وقطر ودول أوروبية، على رأسها فرنسا، التحرك في إطار تأمين أكبر حشد دولي مؤيد لمبادرة القادة الثلاثة من دون أن تُسرّ لممثليها بالجواب الشافي بتأكيدها أن من حقها الرد على إسرائيل لاغتيالها شكر، كونها تجاوزت الخطوط الحمر وتمعن في خرقها قواعد الاشتباك، ويعود لها اختيار التوقيت المناسب وتحديد طبيعة الرد الذي سيكون دقيقاً ومدروساً، من دون أن تتطرق إلى تزامنه مع الرد الإيراني على اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، أو أن يسبقه أو يليه تاركةً كلمة الفصل للميدان.

مناصرون لـ«حزب الله» يستمعون إلى كلمة أمينه العام حسن نصر الله خلال إحياء ذكرى مرور أسبوع على اغتيال القيادي فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المتصلين بقيادة الحزب أجمعوا على ضرورة تهيئة الأجواء أمام استئناف المحادثات لوقف النار في غزة بعدم مبادرتها إلى توقيت الرد قبل انعقادها لتفادي اتهامها بتعطيلها، بدلاً من أن تشكّل فرصة قد لا تتكرر لحشر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في الزاوية، خصوصاً أن للحزب مصلحة في التوصل إلى وقف الحرب على القطاع، وهو بادر إلى مساندة «حماس» للضغط على تل أبيب لوقف عدوانها.

ضرورة التريث

وأكد هؤلاء أنه لا ضرر يمكن أن يلحق بالحزب في حال استجاب للدعوات العربية والغربية بضرورة التريث إلى ما بعد التأكد مما سيصدر عن استئناف المحادثات ورد فعل نتنياهو عليها، ما دام أنه يحتفظ بحق الرد، ورأوا أنه لا مصلحة بإصدار الأحكام المسبقة لئلا يُتهم بأنه يتعمّد تخريب ما يمكن أن تتوصل إليه.

وتوقفوا أمام المجزرة التي ارتكبها نتنياهو بقصفه المدرسة في حي الدرج في غزة التي أثارت موجة إدانات عربية ودولية غير مسبوقة، ونصحوا الحزب بالتمهل في الرد لإعطاء فرصة لردود الفعل بأن تتفاعل وتتعامل الدول بجدية مع انعقاد مجلس الأمن الدولي في جلسة طارئة الثلاثاء، بطلب من الجزائر، ورأوا أنه لا مصلحة للحزب في حرق مثل هذه الورقة التي تحاصر إسرائيل التي تبحث حالياً عن الذرائع للتهرب من مسؤوليتها حيالها.

مفاعيل المجزرة

وشدد هؤلاء على أن الرد في هذه الحال سيؤدي إلى صرف الأنظار عن المفاعيل السياسية المترتبة على المجزرة، وبالتالي سيوفر ذريعة لنتنياهو ليرد على الرد، مما يفتح الباب أمام خفض منسوب الاهتمام الدولي بتحميله مسؤولية مباشرة، خصوصاً أنه ارتكبها قبل أقل من أسبوع من موعد استئناف المحادثات، كأنه أراد تمرير رسالة اعتراضية لمن يعنيهم الأمر أراد من خلالها التفلُّت مسبقاً مما سيصدر عنها، في حال توصلت لوقف النار في غزة.

لذلك يبقى القرار لـ«حزب الله» الذي لن يتفرّد بالرد، كما تقول المصادر، لا بل سيبادر للتنسيق مع إيران، بصرف النظر عمّا إذا كان رده سيسبق الرد الإيراني أو يعقبه، ويعود له التقدير السياسي في ضوء النصائح التي أُسديت له والتي «تتناغم» مع التحذيرات الأميركية لطهران التي يُفترض أن تأخذ بعين الاعتبار المواقف التي صدرت عن المملكة العربية السعودية والأردن بعدم السماح لأي طرف بخرق مجالهما الجوي الذي يشكل اعتداء على سيادتهما، وذلك في رسالة واضحة لطهران وتل أبيب على السواء تؤكدان فيها وقوفهما على الحياد.

وعليه، لا بد من السؤال: هل يأتي الرد قبل استئناف المحادثات؟ أم أن التريث يبقى سيد الموقف استجابةً للنصائح الأوروبية والعربية لـ«حزب الله» على الأقل إلى حين التأكد من أنها جدية هذه المرة وستحقق الهدف المرجو منها بوقف النار في غزة، وأنها لن تراوح، كسابقاتها، مكانها وتدور في حلقة مفرغة، مما يعني أن لبنان سيدخل في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة اليوم بحثاً عن تسوية تعيد الهدوء المستدام إلى الجنوب ما دامت مساندة «حزب الله» لـ«حماس» حققت أهدافها بوقف العدوان الإسرائيلي على القطاع ولم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب.

ومع أن استقراء طبيعة الموقف الإيراني يبقى خاضعاً لما سيقرره الحزب، كما يقول مصدر دبلوماسي غربي، فإن عدم الترابط في الرد، في حال حسما أمريهما ولم يعد أمامهما من مفرٍّ لوضعه على نار حامية، بالمفهوم السياسي للكلمة، لا يقلّل من أهمية الشراكة في تحملهما تبعاته على المستويات كافة إذا ما استبقا بردهما استئناف المحادثات المدعومة هذه المرة من أكبر حشد أممي وتلقى دفعاً أميركياً غير مسبوق يُفترض أن يشكل كاسحة ألغام لتفجير ما يُعدّه نتنياهو من عبوات سياسية وأمنية لتعطيلها قبل أن يحين موعد انعقادها.


مقالات ذات صلة

لبنان يستعدّ للحرب بمراكز إيواء في مناطق آمنة

المشرق العربي ميقاتي مترئساً الاجتماع الوزاري في السراي الحكومي (حساب رئاسة الحكومة)

لبنان يستعدّ للحرب بمراكز إيواء في مناطق آمنة

استكملت الحكومة اللبنانية خطة طوارئ كانت أعدّتها لمواجهة الحرب الإسرائيلية المحتملة على لبنان، ووضعت أجهزتها الإدارية والصحيّة واللوجيستية في جاهزية تامّة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي عنصر في الصليب الأحمر اللبناني يركض بجانب سيارة القيادي بـ«حماس» سامر الحاج الذي اغتالته مُسيّرة إسرائيلية بمدينة صيدا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

مواجهات جبهة جنوب لبنان في امتحان ردّ «حزب الله» المنتظر

شهدت المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل تصاعداً في طبيعة العمليات خلال الساعات الأخيرة، وتحديداً بعد اغتيال المسؤول الأمني بمخيم عين الحلوة سامر الحاج.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «القسام» يشيعون قيادياً في «القسام» اغتالته إسرائيل في مدينة صيدا الجمعة (أ.ف.ب)

«حزب الله» يكرر: الرد على اغتيال شكر منفصل عن مفاوضات غزة

أطلقت المسيّرات الإسرائيلية، السبت، نيرانها مرتين باتجاه مقاتل من «حزب الله»، في استهدافين منفصلين نفذتهما في بلدة مجدل سلم بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق المنزل التراثي بحجره العتيق وَهَب شكله المُهدَّم إلى فكرة إعادة الإحياء (صور جوني فنيانوس)

«جبيل تحتضن بيروت» مدينة الأمل العنيد

الصمود تؤكّده لوحة تظلُ مُعلَّقة على جدران انهار ما حولها، وتجسّده موسيقى تُعزَف لتُطيّب الجراح، فيتسلّل نغمها إلى الفوضى والأرض المحروقة ليس بالنار وحدها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
شؤون إقليمية أشخاص يمرون أمام نموذج لطائرة دون طيار في متحف حربي تابع لـ«حزب الله» في قرية مليتا جنوب لبنان (أ.ب)

تهديد «حزب الله» الذي لم تتوقعه إسرائيل: قوة المسيّرات المتنامية

في منتصف شهر مايو، شنت جماعة «حزب الله» اللبنانية المسلحة واحدة من أعمق ضرباتها على إسرائيل، باستخدام طائرة دون طيار (درون) متفجرة سجلت ضربة مباشرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - بيروت)

«كارثة غزة» والوضع في المنطقة على أجندة بوتين وعباس

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في لقاء سابق بالكرملين (أرشيفية - أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في لقاء سابق بالكرملين (أرشيفية - أ.ب)
TT

«كارثة غزة» والوضع في المنطقة على أجندة بوتين وعباس

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في لقاء سابق بالكرملين (أرشيفية - أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في لقاء سابق بالكرملين (أرشيفية - أ.ب)

أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين سيعقد الثلاثاء، جولة محادثات مع نظيره الفلسطيني محمود عباس الذي يقوم بزيارة رسمية إلى موسكو.

وفي حين ركزت الرئاسة الروسية على أن «الوضع الكارثي في غزة» ومستجدات الوضع الإقليمي سيكونان على رأس الملفات المطرحة للبحث، فإن عباس استبق زيارته التي تدوم يومين بإعلان عزمه مناقشة ترتيبات الوضع في غزة، واستعداد السلطة الفلسطينية لتولي مسؤولياتها في الإقليم، فضلاً عن البعد السياسي وآفاق فتح حوار فلسطيني - إسرائيلي وترتيبات وضع مسار عملي لتنفيذ فكرة المؤتمر الدولي حول الشرق الأوسط.

وأفاد بيان مقتضب أصدره الكرملين ونشره على المنصة الإلكترونية للرئيس الروسي، بأن بوتين يتطلع لتبادل وجهات النظر مع الرئيس الفلسطيني حول «الوضع في الشرق الأوسط على ضوء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي المتفاقم».

وزاد أنه «بالإضافة إلى مناقشة القضايا الراهنة المتعلقة بتطوير التعاون الثنائي، من المتوقع تبادل وجهات النظر حول الوضع في الشرق الأوسط في ضوء التفاقم الحالي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والكارثة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة».

الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي على النصيرات بوسط قطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

بدوره، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إن زيارة الرئيس الفلسطيني لروسيا تُعدّ «في غاية الأهمية لتنسيق المواقف حول سبل حل الصراع في الشرق الأوسط».

وقال الدبلوماسي الذي يشغل كذلك منصب الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط ودول أفريقيا، إن «هذه المحادثات مهمة للغاية وستسمح بإجراء تحليل مشترك، لأنه ستتم صياغة بعض المسالك المشتركة والثابتة حول كيفية المضي قدماً حتى يسود السلام والأمن في الشرق الأوسط على أساس عادل وفقاً لقرار المجتمع الدولي».

من جانبه، استبق عباس الزيارة بإعلان أولويات السلطة الفلسطينية خلالها، وقال في مقابلة مع وكالة أنباء «تاس» الحكومية الروسية، إنه «في إطار الحل السياسي الشامل، قدمت الحكومة الفلسطينية التي تنتظر الفرصة لتولي مسؤولياتها في قطاع غزة، خطة لعودة اللاجئين بالإضافة إلى برنامج لإعادة إعمار القطاع، بما في ذلك استئناف عمل المستشفيات والمدارس وإمدادات الكهرباء والمياه».

وأشار عباس إلى أن إعادة الإعمار على نطاق واسع تتطلب انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتنفيذ حل سياسي على أساس القانون الدولي لتحقيق السلام والأمن بشكل شامل.

وشدد الرئيس الفلسطيني على أن فلسطين مستعدة لعقد مؤتمر دولي للسلام يتم خلاله حل كل جوانب الوضع النهائي للقضية الفلسطينية. وأوضح أن الحل الاستراتيجي للقضية الفلسطينية يتلخص فيما يلي: إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في الحرية والاستقلال.

وشدد عباس على حق الفلسطينيين في تقرير المصير وفقاً لحل الدولتين الذي يحترم القانون الدولي وبضمان المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

وأكد ضرورة وقف جميع الأعمال العدائية الإسرائيلية أحادية الجانب بالضفة الغربية والقدس، مشدداً على تسوية جميع جوانب الوضع النهائي خلال مؤتمر السلام الدولي، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية ضمن الإطار الزمني المتفق عليه، وتنفيذ آلية الأمن الإقليمي العام.

لقاء سابق بين بوتين والرئيس الفلسطيني محمود عباس في سوتشي على البحر الأسود عام 2021 (سبوتنيك - أ.ب)

وقبل أيام، أبلغ عباس شبكة «سبوتنيك» الروسية بأن السلطة الفلسطينية ما زالت متمسكة بموقفها حيال جهود موسكو المتواصلة لترتيب لقاء يجمع الرئيس الفلسطيني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وزاد: «لم يتم رفض لقاء الجانب الإسرائيلي في أي وقت في السابق، ولكن إسرائيل هي التي انصرفت وابتعدت عن طريق السلام».

وقال الرئيس الفلسطيني إنه وافق عدة مرات على لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بناء على دعوة من الجانب الروسي، معرباً عن «ثقته بالرئيس فلاديمير بوتين والأصدقاء في موسكو». وأوضح: «أبدينا موافقتنا عدة مرات للقاء نتنياهو في موسكو بناء على دعوة الرئيس بوتين، لأننا نثق بأصدقائنا في موسكو، ونثق أيضاً بالرئيس بوتين، ونتبادل الآراء بشكل دائم، ونتشاور في كل القضايا الأساسية من أجل دفع عملية السلام، إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية والإقليمية، وهو ما سنقوم به خلال زيارتنا المقبلة إلى روسيا».

وأكد أن «الحل السياسي المبني على الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية هو الطريق لتحقيق السلام والأمن للجميع».

وانتقد الرئيس الفلسطيني الجانب الإسرائيلي الذي وصفه بأنه «ابتعد عن طريق السلام، خصوصاً الحكومة الإسرائيلية الحالية التي سنّت القوانين لتعارض إقامة دولة فلسطينية وتقوض حل الدولتين على الأرض».

وأكد أنه سيُجري مع بوتين مشاورات ويتبادل وجهات النظر حول آخر التطورات على الساحتين الفلسطينية والدولية.

وأضاف أنه سيتم «تنسيق المواقف وتعزيز العلاقات الثنائية في كل المجالات، خصوصاً أن روسيا تحتل مكانة مهمة في السياسة العالمية ومجلس الأمن الدولي، وكذلك في منطقة الشرق الأوسط».