عبد الله الثاني يجدد رفضه أن يكون الأردن ساحة حرب

الخصاونة: التصدي لأي محاولة اختراق للأجواء

الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مساعدي أعضاء من الكونغرس الأميركي (الديوان الملكي)
الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مساعدي أعضاء من الكونغرس الأميركي (الديوان الملكي)
TT

عبد الله الثاني يجدد رفضه أن يكون الأردن ساحة حرب

الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مساعدي أعضاء من الكونغرس الأميركي (الديوان الملكي)
الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مساعدي أعضاء من الكونغرس الأميركي (الديوان الملكي)

الجملة التي درجت على لسان الرسميين الأردنيين، خلال الساعات الـ24 الماضية، في سياق التصعيد الإيراني الإسرائيلي المرتقب الذي سيشكل تحدياً أمنياً ستتأثر به المملكة بحكم موقعها، هي بـ«الحد الذي يستطيعه الأردن ووفق قدراته وإمكاناته، سيتصدى لأي محاولة اختراق لأجوائه».

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء بشر الخصاونة، وكذلك وزير الخارجية أيمن الصفدي، أكدوا موقف المملكة في أنها «لن تكون ساحة حرب، ولن يسمح بتعريض حياة الشعب للخطر».

ويضيف أبرز المسؤولين في البلاد أن «الأردن لن يكون ساحة حرب لأحد وأبلغنا الإيرانيين والإسرائيليين بذلك».

وتابع: «الدولة الأردنية تستشعر حالة الخطر جراء التصعيد الذي شهدته الحرب على غزة بعد حادثة اغتيال (هنية) في طهران، ثم احتمالات امتدادها إقليمياً، وموقع بلدنا منها؛ ما يؤكد ذلك حركة الدبلوماسية الأردنية المكثفة ومواقفها برفض أن نكون ساحة لهذه الحرب، حيث تم إبلاغ جميع الأطراف، (واشنطن وتل أبيب وطهران وغيرها)، بأن الأردن ‏لن يسمح لأحد باستخدام أجوائه أو أراضيه في أي عمليات عسكرية. ووفق معلومات مؤكدة، فإن أطرافاً حاولت أن تمارس ضغوطات على الأردن إلا أنه رفضها بالمطلق»، هذا القول منسوب للكاتب الصحافي القريب من مراكز صنع القرار، حسين الرواشدة.

يضيف في مقالته في يومية «الدستور» ليوم الأحد: «هناك أطراف في المنطقة تحاول العبث بأمننا الداخلي، وقد تم رصد العديد من هذه المحاولات وكشفها»، لكن المؤكد أن «خزان التهديدات لم ينفد بعد، ما رشحت عنه المؤشرات في الخطاب السياسي والإعلامي لهذه الأطراف وغيرها، ناهيك عن تفاعلاته بالداخل الأردني».

واستدل الكاتب مما أورده من معلومات «أن بلدنا أصبح قيد الاستهداف المبرمج، وأن خيارات المرحلة القادمة يجب أن تتكيف مع هذا الاستهداف، وعليه ربما نشهد استدارات وقرارات غير متوقعة لمواجهة ذلك والرد عليه»، لا أحد يملك قراءة أفكار مراكز القرار السيادية. لكن الاجتماع الأول لمجلس الأمن القومي، الذي أُقر بموجب التعديلات الدستورية مطلع عام 2022، له دلالات سياسية وأمنية مهمة، في ظل ما تشهده المنطقة ودول الجوار من تصعيد خطير، مع استمرار حالة الترقب للرد الإيراني على إسرائيل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران نهاية الأسبوع الماضي.

تحذير من حرب إقليمية

جدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رفضه أن «تكون المملكة ساحة حرب، ولن يسمح بتعريض حياة شعبه للخطر»، خلال استقباله، الأحد، وفداً من مساعدي أعضاء الكونغرس الأميركي، في اجتماع تناول التطورات الراهنة بالمنطقة. وأكد الملك عبد الله الثاني ضرورة بذل أقصى الجهود لخفض التصعيد في المنطقة والتوصل إلى تهدئة شاملة؛ تجنباً للانزلاق نحو حرب إقليمية.

وشدد العاهل الأردني، على أن المنطقة «ستبقى عرضة لتوسع دائرة الصراع الذي يهدد استقرارها، طالما الحرب على غزة مستمرة»، ما يستدعي تكثيف الجهود الدولية لوقف الحرب من خلال التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار.

جولات استفزازية لمجموعة من المستوطنين بمسافر يطا جنوب الخليل (أرشيفية - وفا)

وفي حين حذر العاهل الأردني من خطورة هجمات المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، والانتهاكات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، أعاد التأكيد على ضرورة إيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد لضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة بأكملها.

كما نبه إلى ضرورة مواصلة دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، لتمكينها من تأدية مهامها الإنسانية لملايين الفلسطينيين في غزة والمنطقة، ضمن تكليفها الأممي.

الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مساعدي أعضاء من الكونغرس الأميركي (الديوان الملكي)

بلاغ صريح

في السياق، جدد رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، الأحد، خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، أنَّ الأردن لن يسمح باختراق أجوائه من أي جهة كانت، وسيتصدى لكل ما من شأنه أن يشكل خطراً على أمنه الوطني ومواطنيه، لافتاً إلى أن الأردن أبلغ بشكل واضح وصريح الإيرانيين والإسرائيليين، بأنه لن يسمح لأحد بأن يخترق أجواءه ويعرِض حياة أو سلامة مواطنيه للخطر، وسيتصدى لأي محاولة اختراق فوق أجوائه وبالحد الذي يستطيعه ووفق قدراته إمكاناته.

تشييع ضحايا مدرسة التابعين بمدينة غزة السبت (رويترز)

كما عبر الخصاونة عن إدانة المملكة الواضحة والصريحة للعدوان الإسرائيلي الغاشم الذي وقع على مدرسة التابعين في حي الدرج في قطاع غزة. مؤكداً أن هذا العدوان يشكل جريمة إضافية إلى «سجل العار في سلسلة الجرائم وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة التي ما فتأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وجيش الاحتلال الإسرائيلي يمارسها ويستمر في ممارستها في غزة والضفة الغربية، والتي تشكل في مجملها انتهاكاً واضحاً لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وقبل ذلك انتهاكاً للقيم والكرامة الإنسانية».

مخاوف أردنية مشروعة

تُدرك عمان جيداً أن إسرائيل تبحث عن فرص لتوسيع نطاق الحرب، وتحقيق بنك أهداف استراتيجية، لتصل في نهاية المطاف من تطبيق خطط تهجير الفلسطينيين، والوصول لسيناريوهات تنهي دعوات «حل الدولتين» المفضي لإعلان قيام دولة فلسطينية على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية وأجزاء من القدس. وتبحث تل أبيب عن تحقيق تلك الأهداف حتى على حساب علاقاتها الدبلوماسية مع الأردن ومصر.

وفي حسابات المخاوف الأردنية، أن تكون سماء المملكة «مسرحاً للصواريخ الإيرانية ومضادات الدفاع الإسرائيلية»، وهذا بالحسابات المحلية يُشكل خطراً وطنياً يهدد أرواح السكان والممتلكات... ففي الذاكرة القريبة ليلة الثالث عشر من أبريل (نيسان) الماضي عندما سقطت عشرات المسيرات الإيرانية داخل الأراضي الأردنية، وسقط بعضها وسط تجمعات سكانية بعد التصدي لها. وإذا كان هذا حال المسيرات فكيف سيكون حال الصواريخ المصنعة وفق تكنولوجيا التسليح الحديث؟!

عنصران من القوات المسلحة الأردنية خلال عملية مراقبة لشبكات التهريب عبر الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)

ويضاعف من مخاوف مركز القرار الأردني، جبهات التوتر على حدوده الشمالية والشرقية التي تسيطر على مناطق واسعة فيها من الجانب السوري والعراقي ميليشيات إيرانية (الحرس الثوري)، التي لها أجندات معادية للأمن الأردني، ومستمرة في محاولاتها لتهريب المخدرات والسلاح في اقتصاد خطر أرهق الدفاعات العسكرية الأمامية، التي أصبحت تتعامل بشكل شبه يومي مع تدفق عصابات متعددة الولاءات والمصالح.

وزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري كني يستقبل أيمن الصفدي في طهران 4 أغسطس (إ.ب.أ)

وكل ذلك يفسر الحركة النشطة للدبلوماسية الأردنية، التي تسعى إلى تعريف أزمة المنطقة اليوم بـ«استمرار الحرب والعدوان على غزة»، وليس التصعيد الإيراني الإسرائيلي المرتقب، الذي سيصب في مصلحة التصعيد المستمر وردود الأفعال المتبادلة، وهذا ما تخشاه عمان.


مقالات ذات صلة

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

حذرت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
TT

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

قالت وزارة الخارجية العراقية اليوم (السبت) إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

وأضافت الخارجية العراقية في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية، أن بغداد طالبت في رسائلها بإلزام إسرائيل بوقف «العنف المستمر في المنطقة والكف عن إطلاق التهديدات».

وأوضح البيان أن إسرائيل «تخلق مزاعم وذرائع في المنطقة بهدف توسيع رقعة الصراع»، مؤكداً أن لجوء العراق إلى مجلس الأمن «يأتي انطلاقاً من حرصه على أداء المجلس لدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين».

كما شدد البيان على أن العراق كان «حريصاً على ضبط النفس فيما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار».

وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أعلن أمس، أنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل، وأكد حسين، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك في إقليم كردستان، أنَّ «القوات المسلحة تلقّت أوامر من رئيس الحكومة بمنع أي هجمات تنطلق من الأراضي العراقية»، وشدد على أن بلاده «لا تريد الحرب، وتسعى لإبعاد خطرها»، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد ذكر، في وقت سابق، أنه بعث برسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.