«انتشلناهم أشلاء»... شاهد ومسؤول يرويان تفاصيل «مجزرة الفجر» في غزة

صبي مصاب في مستشفى «شهداء الأقصى» بعد مجزرة الفجر التي قامت بها إسرائيل فجر اليوم في غزة (أ.ف.ب)
صبي مصاب في مستشفى «شهداء الأقصى» بعد مجزرة الفجر التي قامت بها إسرائيل فجر اليوم في غزة (أ.ف.ب)
TT

«انتشلناهم أشلاء»... شاهد ومسؤول يرويان تفاصيل «مجزرة الفجر» في غزة

صبي مصاب في مستشفى «شهداء الأقصى» بعد مجزرة الفجر التي قامت بها إسرائيل فجر اليوم في غزة (أ.ف.ب)
صبي مصاب في مستشفى «شهداء الأقصى» بعد مجزرة الفجر التي قامت بها إسرائيل فجر اليوم في غزة (أ.ف.ب)

«لقد انتشلناهم أشلاء»... هكذا وصف أبو أنس، أحد شهود العيان في موقع مدرسة التابعين التي تأوي نازحين في غزة المجزرة التي وقعت فجر اليوم بقصف إسرائيلي، أسفر عن مقتل 100 شخص على الأقل، في واحدة من أعنف الضربات في الحرب التي استمرت 10 أشهر.

وقالت السلطات الصحية الفلسطينية إن غارة جوية إسرائيلية أصابت مدرسة تحولت إلى ملجأ في مدينة غزة، في وقت مبكر من صباح يوم السبت، وتم استخدام المنشأة، مثل جميع مدارس غزة تقريباً، كمأوى للأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب الحرب.

وقال أبو أنس، وهو عمل على إنقاذ الناس، لوكالة «أسوشيتد برس» إن الغارة ضربت دون سابق إنذار في الصباح الباكر قبل شروق الشمس بينما كان الناس يصلون في مسجد داخل المدرسة.

صبي وسيدة أمام جثمان أحد أقاربهما بعد قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي النازحين في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وتابع أبو أنس: «كان هناك أشخاص يصلون، وكان هناك أشخاص يغتسلون وكان هناك أشخاص نائمون في الطابق العلوي، بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن. سقط الصاروخ عليهم دون سابق إنذار. الصاروخ الأول، والثاني. لقد انتشلناهم أشلاء».

وقالت وزارة الصحة إن الضربة على مدرسة التابعين في وسط مدينة غزة أسفرت أيضاً عن إصابة 47 شخصاً. واعترف الجيش الإسرائيلي بالضربة، مدعياً أنها أصابت مركز قيادة لـ«حماس» داخل المدرسة. ونفت «حماس» ذلك.

وأظهر مقطع فيديو من مكان الحادث جدراناً مدمرة على مستوى الأرض في مبنى كبير. كانت قطع خرسانية ومعادن ملتوية ملقاة فوق الأرضية الملطخة بالدماء، جنباً إلى جنب مع الملابس والأثاث المقلوب والحطام الآخر. كانت سيارة سوداء اللون مع نوافذ محطمة مغطاة بالأنقاض.

وقال فضل نعيم، مدير المستشفى الأهلي في مدينة غزة لوكالة «أسوشيتد برس» إن المستشفى استقبل 70 جثة من القتلى في الغارة وأشلاء أجساد ما لا يقل عن 10 آخرين.

في سياق متصل، قال محمود بصل، المتحدث باسم قوات الدفاع المدني افي غزة، إن ثلاثة صواريخ اخترقت المدرسة والمسجد بداخلها، حيث كان نحو 6000 نازح يحتمون من الحرب.

وقال بصل إن «الاحتلال الإسرائيلي قصف المدرسة واستهدف النازحين بصاروخ حربي ما أدى لاستشهاد جل من كان في المكان. جثامينهم قطّعت بشكل كامل والطواقم تعجز عن تكوين جثة كاملة في هذا المكان».

وأضاف بصل أن العديد من القتلى لم يكن من الممكن التعرف عليهم، مضيفاً أنه يتوقع ارتفاع عدد القتلى. وقال إن العديد من الضحايا كانوا من النساء والأطفال.

وفقاً للأمم المتحدة، فإن 477 من أصل 564 مدرسة في غزة تعرضت لقصف مباشر أو تضررت في الحرب حتى 6 يوليو. وفي يونيو، أسفرت غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي فلسطينيين نازحين في وسط غزة عن مقتل 33 شخصاً على الأقل، بينهم 12 امرأة وطفل، وفقاً لمسؤولي الصحة في غزة.

ويوم الخميس، ضرب الجيش الإسرائيلي مدرستين تؤويان نازحين في شرق مدينة غزة، مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً على الأقل، وفقاً لمسؤولين في القطاع الطبي.

وألقت إسرائيل باللوم في مقتل المدنيين بغزة على «حماس»، قائلة إن الجماعة تعرض المدنيين للخطر باستخدام المدارس والأحياء السكنية كقواعد للعمليات والهجمات.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي المقدم نداف شوشاني، في بيان على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، إن الاستخبارات الإسرائيلية أشارت إلى أن نحو 20 مسلحاً من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بما في ذلك كبار القادة، كانوا يستخدمون مجمع مدرسة التبين للتخطيط لهجمات على القوات الإسرائيلية.

ونفى عزت الرشق، وهو مسؤول كبير في «حماس»، وجود مسلحين في المدرسة. وقالت إسرائيل إن المدرسة المستهدفة تقع بجوار مسجد يعمل كمأوى لسكان مدينة غزة، حسبما نقلت وكالة «أسوشيتد برس».

طفلة فلسطينية تبكي ومحاطة بنساء يبكين بعد «مجزرة الفجر» التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة اليوم (أ.ف.ب)

وقال مصور يعمل لدى وكالة «أسوشييتد برس»، إن المسجد والفصول الدراسية كانت في مبنى واحد، مع قاعة الصلاة في الطابق الأرضي والمدرسة فوقها. ويبدو أن صاروخاً اخترق أرضية الفصول الدراسية إلى المسجد أدناه ثم انفجر.

وجاءت الضربة في الوقت الذي جدد فيه الوسطاء الأميركيون والقطريون والمصريون جهودهم لدفع الطرفين إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أن يساعد في تهدئة التوترات المتصاعدة في المنطقة.

مواطنون فلسطينيون يتفقدون آثار الدمار في مدرسة التابعين بمدينة غزة عقب قصف إسرائيلي (أ.ب)

وأسفرت الحملة الإسرائيلية على غزة عن مقتل أكثر من 39600 فلسطيني وإصابة أكثر من 91700 آخرين، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع. وتم إجبار أكثر من 1.9 مليون من سكان غزة قبل الحرب البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على الفرار من منازلهم، وفروا مراراً وتكراراً عبر المنطقة هرباً من الهجمات.


مقالات ذات صلة

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا فلسطينية نازحة تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا في شمال قطاع غزة سيراً على الأقدام بطريق صلاح الدين (أ.ف.ب)

وزراء خارجية «الأوروبي» يناقشون خطة وقف المباحثات السياسية مع إسرائيل

من المقرر أن يقترح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل تعليق الحوار السياسي مع إسرائيل بسبب حربها في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الخليج جددت السعودية رفضها القاطع لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والوكالات الإغاثية والإنسانية (د.ب.أ)

السعودية تدين وتستنكر الاستهداف الإسرائيلي لمدرسة أبو عاصي في غزة

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة السعودية بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهدافها الممنهج لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سينما الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

لفتت الأنظار التجربة الإخراجية والإنتاجية الأولى للممثلة التونسية درة زروق، بفيلم عن عائلة غزوية نزحت بسبب الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي يقف رجلان بجانب شاحنة مساعدات تابعة لبرنامج الغذاء العالمي تمر عبر معبر إيريز 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

هل التزمت إسرائيل بالمطالب الأميركية بشأن مساعدات غزة؟

المطالب الأميركية وردود تل أبيب وملاحظات منظمات الإغاثة والأمم المتحدة حول وصول المساعدات لغزة

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
TT

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على المفاوضات الجارية لهدنة الأيام الـ60 بين لبنان وإسرائيل عن أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإخراج مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، على أن يترافق ذلك مع مفاوضات إضافية عبر الوسطاء الأميركيين.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مباركة» ترمب لجهود بايدن حصلت خلال لقائهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين.

وبينما سادت حالة الترقب للمواقف التي ستعلنها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والبيان المشترك «الوشيك» من بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضاً فرنسا بالإضافة إلى لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل»، ستُشرف على تنفيذ عمليات إخلاء «حزب الله» من مناطق الجنوب «على 3 مراحل تتألف كل منها من 20 يوماً، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي»، بما يشمل أيضاً انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في هذه المنطقة بموازاة انتشار معزز لقوات من الجيش اللبناني و«اليونيفيل». وتشمل المرحلة الثانية في الأيام الـ20 التالية بدء عمليات الإخلاء والانسحاب من مناطق القطاع الأوسط، وتُخصص الأيام الـ20 الأخيرة لتطبيق المبدأ نفسه في القطاع الشرقي. وسُربت معلومات إضافية عن أنه «لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لـ(حزب الله)». ولكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني.

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

بقاء اللجنة الثلاثية

وتوقع مصدر أن تضطلع الولايات المتحدة بـ«دور فاعل» في آلية المراقبة والتحقق من دون أن يوضح ما إذا كانت أي قوات أميركية ستشارك في هذه الجهود. ولكن يتوقع أن تقوم بريطانيا ودول أخرى بـ«جهود خاصة موازية للتحقق من وقف تدفق الأسلحة غير المشروعة في اتجاه لبنان». ولن تكون الآلية الخماسية بديلاً من اللجنة الثلاثية التي تشمل كلاً من لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل».

وتعامل المسؤولون الأميركيون بحذر شديد مع «موجة التفاؤل» التي سادت خلال الساعات القليلة الماضية، آملين في «عدم الخروج عن المسار الإيجابي للمفاوضات بسبب التصعيد على الأرض».

ومن شأن اقتراح وقف النار، الذي توسط فيه دبلوماسيون أميركيون وفرنسيون أن يؤدي إلى إحلال الاستقرار في جنوب لبنان «إذا وفت كل الأطراف بالتزاماتها». غير أن العديد من الأسئلة حول الاقتراح لا تزال من دون إجابة، بما في ذلك كيفية ممارسة الجيش اللبناني سلطته على «حزب الله».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، عن دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات، أن الجانبين مستعدان للموافقة على الاتفاق. لكنه «حض على توخي الحذر» بعدما «عشنا بالفعل لحظات كان فيها الاتفاق وشيكاً قبل اتخاذ خطوات تصعيدية كبيرة»، كما قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين «يعتقدون أن المسار يسير في اتجاه إيجابي للغاية».

الوسيط الأميركي آموس هوكستين (أ.ب)

قرار أممي جديد؟

وكانت «الشرق الأوسط» أول من نقل، الاثنين، عن مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان الهدنة بعد ظهور مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار «اليونيفيل» والجيش اللبناني في المنطقة بإشراف «آلية مراقبة وتحقق» جديدة «تحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».

ويتوقع أن يصدر مجلس الأمن «قراراً جديداً يضع ختماً أممياً على الاتفاق الجديد» ويتضمن «لغة حازمة» حول الالتزامات الواردة في الاتفاق، من دون أن يشير إلى أنه سيكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يخوّل المجتمع الدولي اتخاذ «إجراءات قهرية» لتنفيذ ما ورد في القرار 1701.

ويتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس (آذار) 1948، على أن «تجري عملية إخلاء مقاتلي (حزب الله) وأسلحتهم من منطقة عمليات (اليونيفيل) طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل إلى تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».