«قواعد الاشتباك» بين «حزب الله» وإسرائيل تتساقط… والرد على شكر يحدد مصيرها

خبير عسكري: لا يمكن اعتمادها في توصيف المواجهة بين الطرفين

مناصرون لـ«حزب الله» خلال المشاركة في ذكرى أسبوع على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» خلال المشاركة في ذكرى أسبوع على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ب)
TT

«قواعد الاشتباك» بين «حزب الله» وإسرائيل تتساقط… والرد على شكر يحدد مصيرها

مناصرون لـ«حزب الله» خلال المشاركة في ذكرى أسبوع على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» خلال المشاركة في ذكرى أسبوع على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ب)

رغم تمسّك «حزب الله» بمعادلة «الردود المدروسة» التي تندرج ضمن قواعد الاشتباك التي سبق أن وضعها، تعكس المواجهات مع إسرائيل وتصاعدها منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) سقوطاً تدريجياً لهذه القواعد، في وقت يسود الترقب لما ستكون عليه ردّة فعل «حزب الله» على اغتيال الرجل الثاني فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، بعدما كان قد أعلن أمينه العام، حسن نصر الله، أن الضاحية مقابل تل أبيب.

وفي حين يرى البعض أن قواعد الاشتباك لم تعد موجودة، أو لا يمكن الحديث عنها أساساً بين الطرفين، هناك من يعدّ أنها لم تسقط، وإنما باتت على المحك، ومصيرها يتحدد وفق الرد الذي سيقوم به «حزب الله» في ثأره لاغتيال شكر، وما سيليه من رد فعل عليه، بعدما أعلن نصر الله أن الرد سيكون «مدروساً قوياً وفاعلاً».

مع العلم بأن معادلة «الضاحية - تل أبيب» لم تنفذ عند اغتيال القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، حين ردّ الحزب بقصف جبل ميرون، برشقات صاروخية، في موازاة تجاوز القصف الإسرائيلي مسافة بعيدة في العمق اللبناني، وملاحقة عناصر وقياديي «حزب الله» في مختلف المناطق. وإضافة إلى ذلك، فإن تهديد «حزب الله» أن الدم بالدم، والمدنيين مقابل مدنيين، لا تبدو مفاعيله كبيرة على الأرض؛ انطلاقاً من العدد الكبير للقتلى المدنيين في لبنان مقابل عدد محدود في إسرائيل، بحيث تشير الأرقام إلى سقوط أكثر من 116 مدنياً في لبنان، و25 في إسرائيل.

الردّ على اغتيال شكر يحدد مصير «قواعد الاشتباك» المهتزة

ويعدّ العميد المتقاعد، الخبير العسكري، حسن جوني، أنه لا يمكن القول إن قواعد الاشتباك سقطت كلياً، لكنها لم تعد كما كانت عليه منذ بداية الحرب، مع تسجيل اختراقات كبيرة، بحيث سيتحدد مصيرها بشكل نهائي في نوعية رد «حزب الله» على اغتيال شكر وطبيعته، ليظهر عما إذا كانت هذه القواعد، ولا سيما بعناوينها العريضة، لا تزال موجودة أو سيجري الخروج عنها.

ويعدّ جوني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن اغتيال شكر لم يكن استهدافاً عسكرياً للضاحية، إنما استهداف لشخص معين سمحت الثغرة الأمنية باغتياله في هذه المنطقة، «وبالتالي لا نعرف كيف سيتعاطى (حزب الله) معها، بحيث سيستهدف تل أبيب انطلاقاً من المعادلة التي وضعها أم لا».

ويشير جوني إلى اختراقات إسرائيلية كبيرة في «قواعد الاشتباك»، ترتبط باستهداف عمق جنوب لبنان من دون أن يكون في المقابل استهداف للعمق الإسرائيلي بالمستوى نفسه، إضافة إلى أن قوّة تأثير الاستهداف الإسرائيلي في البيئة العسكرية لـ«حزب الله» هي أقوى بكثير من قوة الردود.

وعن معادلة مدني مقابل مدني، كما اغتيال قياديين في «حزب الله»، يقر جوني بأن الخسائر في لبنان أكبر من تلك التي تُسجل في إسرائيل، ويوضح: «يحاول الحزب المحافظة على هذه المعادلة بقصف مستوطنات مدنية رداً على استهداف المدنيين، لكن لا شك في أن الأضرار ليست بالمستوى الذي ينتج عن الاعتداءات الإسرائيلية في لبنان، في حين تستمر تل أبيب باغتيالاتها، ولم تردعها الردود التي ينفذها (حزب الله)». وانطلاقاً من كل ذلك، يرى جوني «أن المعركة غير تقليدية بين الطرفين، لأن القتال هو بين جيش تقليدي ومجموعات مسلحة مقاومة مع اختلاف في التوازنات، وبالتالي مهما كان الرد لا بد أنه سيكون مؤثراً...».

لا تنطبق على المواجهة بين الطرفين وإيران تحاذر الاشتباك الكبير

في المقابل، يؤكد الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد خالد حمادة، أنه في المصطلحات الأكاديمية لا يوجد ما يمكن تسميته بـ«قواعد اشتباك» بين عدوّين، إنما قواعد الاشتباك تكون بين جيشين حليفين أو صديقين يؤديان مهمة مشتركة، وهي عبارة عن مجموعة قواعد وإجراءات بهدف تسهيل تنفيذ المهام العسكرية، بأفضل الممكن، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك قواعد اشتباك بين الجيش اللبناني و(قوات اليونيفيل)، كما أن القرار 1701 الذي صدر إثر حرب يوليو (تموز) 2006، هو يعني لبنان و(قوات اليونيفيل) وإسرائيل، و(حزب الله) ليس طرفاً فيه».

أما لجهة المواجهة الميدانية القائمة، فيرى حمادة، أن «إسرائيل تعتمد في مناورتها على مهاجمة مواقع وأهداف عسكرية، وتغتال قياديين من (حزب الله) بطريقة انتقائية من الصف الثاني والثالث، مستخدمة الأسلحة النوعية والتكنولوجية من ملاحقة الاتصالات والتشويش والتصوير الجوي، إضافة إلى اعتماد على العملاء في الداخل، وقد تمكنت في الاعتداء الأخير من اغتيال فؤاد شكر، القيادي في الصف الأول، في المقابل، تقوم مناورة (حزب الله) على إطلاق صواريخ تقليدية، تستهدف مراكز عسكرية وجنوداً لا يمثلون قيمة عسكرية، من دون أن تؤدي إلى خسائر كبيرة، مقارنة بتلك التي يتكبدها لبنان و(حزب الله)». من هنا، يعد حمادة، أن كل ذلك يثبت أن «إيران تحاذر الاشتباك الكبير والمواجهة الفاصلة مع إسرائيل، لامتناعها عن وضع الأسلحة الذكية والمتطورة التي تمتلكها بتصرف (حزب الله)».


مقالات ذات صلة

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

المشرق العربي موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

سُمع دوي انفجارات عدة في العاصمة اللبنانية، فجر اليوم، مع دخول الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ضربة إسرائيلية تدمّر مبنى سكنياً في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
TT

ضربة إسرائيلية تدمّر مبنى سكنياً في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)

استهدفت ضربة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (السبت)، مبنى سكنياً في قلب بيروت بـ«خمسة صواريخ» ودمرته بالكامل وسط أنباء عن استهداف القيادي البارز في «حزب الله» طلال حمية، فيما تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

وأوردت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية، أن بيروت «استفاقت على مجزرة مروّعة، حيث دمّر طيران العدوّ الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من ثماني طبقات بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».

عمال إنقاذ وسكان يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية في بيروت (أ.ب)

وقالت الوكالة إن «فرق الإنقاذ تعمل على رفع الأنقاض في شارع المأمون في البسطة، حيث استهدف طيران العدو مبنى سكنياً، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى».

وذكرت قناة محلية تابعة لـ«حزب الله» نقلاً عن وزارة الصحة اللبنانية أن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 23 آخرون في الهجوم الذي استهدف حي البسطة في بيروت.

طلال حمية

وأفاد وسائل إعلام إسرائيلية بأن المستهدف في غارة بيروت هو القيادي في «حزب الله»، طلال حمية، حيث تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات ما أدى الى سماع دوي كبير في مناطق مختلفة من لبنان، وهي شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حمية يُعرف بـ«صاحب السيرة العسكرية اللامعة»، وأنه تولى قيادة الذراع العسكرية للحزب بعد اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين.

وظل حمية بعيداً عن الأضواء حتى عاد إلى الواجهة مع إعلان برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأميركية، الذي عرض مكافأة تصل 7 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات عنه.

ويعد حمية القائد التنفيذي للوحدة «910» وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

أضرار جسيمة

وأظهر مقطع بثته قناة تلفزيونية محلية مبنى واحداً على الأقل منهاراً وعدداً من المباني الأخرى تعرضت لأضرار جسيمة.

وذكر شهود من «رويترز» أن الانفجارات هزت بيروت في نحو الساعة الرابعة صباحاً (02:00 بتوقيت غرينتش). وقالت مصادر أمنية إن أربع قنابل على الأقل أطلقت في الهجوم.

وهذا هو رابع هجوم جوي إسرائيلي خلال أيام يستهدف منطقة في وسط بيروت، فيما شنت إسرائيل معظم هجماتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وأسفر هجوم جوي إسرائيلي يوم الأحد على حي رأس النبع عن مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب.

وشنت إسرائيل هجوماً كبيراً على «حزب الله» في سبتمبر (أيلول)، بعد عام تقريباً من اندلاع الأعمال القتالية عبر الحدود بسبب الحرب في قطاع غزة، ودكت مساحات واسعة من لبنان بضربات جوية وأرسلت قوات برية إلى الجنوب.

واندلع الصراع بعد أن فتح «حزب الله» النار تضامناً مع «حماس» التي شنت هجوماً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وزار المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين لبنان وإسرائيل الأسبوع الماضي في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتحدث هوكستين عن إحراز تقدم بعد اجتماعاته يومي الثلاثاء والأربعاء في بيروت قبل أن يتوجه إلى إسرائيل للاجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.