رفاق السنوار في السجن يروون لـ «الشرق الأوسط» قصته

عنيد وكثير الشكوك... وإسرائيل عالجته لإنقاذ «صفقة شاليط»

(أ.ف.ب) يحيى السنوار
(أ.ف.ب) يحيى السنوار
TT

رفاق السنوار في السجن يروون لـ «الشرق الأوسط» قصته

(أ.ف.ب) يحيى السنوار
(أ.ف.ب) يحيى السنوار

في أعقاب عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها حركة «حماس» ضد إسرائيل، ملأ اسم يحيى السنوار الدنيا وشغل دوائر الأمن والسياسية داخل إسرائيل وخارجها.

نشأ السنوار في مخيمات الصفيح بغزة وبين أزقتها الضيقة بعدما نزحت عائلته من مدينة المجدل عقب «نكبة 48». طبعت الظروف القاسية علاماتها على شخصية الطفل الذي وقف شاهداً على «نكسة 67»، وراكمت السنوات التي تلت، رصيداً من الغضب والسخط في صدره، فاقمتها يوميات البؤس في غزة ومخيماتها، مخلّفة «رغبة ملحّة بالانتقام» لازمته لعقود تلت.

كانت «النكبة» جزءاً أساسياً في رؤيته للصراع، وكان لديه تطلع دائم لإحداث «صدمة في موازين القوى»، كما يقول بعض من عرفوه.

«الشرق الأوسط» تحدثت إلى «رفاق القيد» ممن عاشوا معه واقتربوا منه خلال سنوات في السجون الإسرائيلية. روى هؤلاء كيف كان «أبو إبراهيم» شخصاً عنيداً وكثير الشكوك. وتحدثوا عن تفاصيل إقدام إسرائيل على علاجه لإنقاذ صفقة إطلاق جنديها جلعاد شاليط عام 2001 بعدما كان أسيراً لدى «حماس» لسنوات.

رسم الأسرى السابقون أيضاً «صورة طبقيّة» عن «العقل المدبر» لـ«7 أكتوبر (تشرين الأول)»، وأفكاره وقيادته لحركته داخل السجون وعلاقته بالفصائل الأخرى وصولاً إلى الدوافع التي أوصلته إلى ساعة الصفر صبيحة «السابع من أكتوبر».


مقالات ذات صلة

هل تساعد شخصية السنوار القوية في وقف الحرب؟

المشرق العربي يحيى السنوار لدى وصوله إلى احتفالية إحياء «يوم القدس» في غزة 14 أبريل 2023 (غيتي)

هل تساعد شخصية السنوار القوية في وقف الحرب؟

شكّل إعلان حركة «حماس» اختيارها يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة مفاجأة بالنسبة لكثير من المتابعين والمراقبين، وحتى للشارع الفلسطيني في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا حمدين صباحي (رويترز)

سياسي مصري يقيم عزاءً لهنيّة وشكر وسط «انقسام سوشيالي»

انقسام واسع سبّبته دعوة وجّهها السياسي المصري حمدين صباحي، إلى إقامة عزاء لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، والقيادي بـ«حزب الله»، فؤاد شكر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي يحيى السنوار خلال مشاركته في مسيرة سابقة لدعم المسجد الأقصى بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: كيف تنعكس قيادة السنوار لـ«حماس» على مسار المفاوضات؟

اختيار «حماس» يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي، خلفاً لإسماعيل هنية، أثار تساؤلات بشأن مسار مفاوضات «الهدنة»، خصوصاً أن إسرائيل تضعه في صدارة المطلوبين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية باقري كني يصل إلى اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة الأربعاء (أ.ف.ب)

الغرب يُحذّر إيران: عواقب الهجوم على إسرائيل كارثية

حذّرت دول غربية إيران من عواقب الهجوم على إسرائيل، بينما تستعد منطقة الشرق الأوسط لموجة جديدة محتملة من الهجمات من جانب طهران والجماعات المسلحة الموالية.

«الشرق الأوسط» (لندن - باريس - طهران)
شؤون إقليمية أعضاء من الكشافة في صيدا بلبنان يحملون صورة لزعيم «حماس» الراحل إسماعيل هنية خلال احتجاج تنديداً بمقتله (رويترز)

إسرائيل أبلغت واشنطن مسؤوليتها عن اغتيال هنية

ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة أنها مسؤولة عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في طهران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«جبهة المساندة» تجمّد حياة اللبنانيين 4 مرات... بانتظار الحرب

لوحة بأحد شوارع بيروت تجمع صور كل من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية والقيادي في «حزب الله» فؤاد شكر وقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» (رويترز)
لوحة بأحد شوارع بيروت تجمع صور كل من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية والقيادي في «حزب الله» فؤاد شكر وقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» (رويترز)
TT

«جبهة المساندة» تجمّد حياة اللبنانيين 4 مرات... بانتظار الحرب

لوحة بأحد شوارع بيروت تجمع صور كل من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية والقيادي في «حزب الله» فؤاد شكر وقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» (رويترز)
لوحة بأحد شوارع بيروت تجمع صور كل من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية والقيادي في «حزب الله» فؤاد شكر وقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» (رويترز)

منذ أن فتح «حزب الله» جبهة الجنوب اللبناني لـ«مساندة غزّة»، انقلبت حياة اللبنانيين رأساً على عقب، وانتابهم الخوف من تحوّل هذه «المساندة» إلى حربٍ تقضي على أحلامهم وتحوّلها إلى كابوس.

وشهدت هذه الحرب، أربع محطات بارزة رافقتها تهديدات وترقبات لمسارها ومآلاتها، بدأت في الأسبوع الأول من الحرب، حيث طوقت التحركات الدبلوماسية المخاطر من توسعها، ثم تصاعدت المخاوف مع اغتيال الجيش الإسرائيلي للقيادي في حركة «حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، مطلع شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وتداعت على أثره الوفود الدبلوماسية إلى لبنان وإسرائيل لمنع تمدد الحرب.

عنصر من استخبارات الجيش اللبناني بجانب عمال ينظفون موقع استهداف العاروري في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

المحطة الثالثة كانت بُعيد اغتيال إسرائيل لقياديين في «الحرس الثوري» الإيراني في القنصلية الإيرانية في دمشق، ورد إيران على الضربة، أما الاختبار الرابع فهو الحالي مع اغتيالين نفذهما الجيش الإسرائيلي بحق المسؤول العسكري المركزي في «حزب الله» فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في طهران، وهو ما وضع لبنان في مرحلة الترقب، وجمّد حياة اللبنانيين بانتظار الردود المتوقعة سواء من إيران والحزب، أم من إسرائيل في ردها على الرد.

حرب مشاغلة... واغتيالات

تبدلت كلّ الحسابات لدى أطراف الصراع، فـ«حزب الله» الذي اعتقد أن «مشاغلة» الإسرائيليين بعملياته التي وضعت مستوطنات الشمال تحت مرمى نيرانه، ستحملهم على وقف الهجوم على غزّة، وفرض شروطه ضمن «توازن الردع» الجديد، لم تحقق الأهداف التي وضعها الحزب. وفي المقابل، اعتقد الجيش الإسرائيلي أن عمليات الاغتيال التي نفذها في لبنان وسوريا ستدفع الحزب إلى التراجع، وتجبره على تنفيذ القرار 1701 والانسحاب إلى شمال مجرى نهر الليطاني، الأمر الذي لم يتحقق رغم الضغوط الدولية.

صورة متداولة تجمع العاروري وهنية وأبو شعبان

اغتيال العاروري وقصف القنصلية الإيرانية بدمشق

عمليات جسّ النبض التي بدأت في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واستمرت لنحو 3 أشهر لدى الطرفين، لم تلتزم بها إسرائيل طويلاً، فسارعت إلى كسر قواعد الاشتباك، متخطية الخطوط الحمراء المرسومة منذ انتهاء حرب يوليو (تموز) 2006، لتنفّذ عملية اغتيال في عمق الضاحية الجنوبية، وتقتل نائب رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» صالح العاروري، وتستتبعها باغتيالات طالت قادة عسكريين وأمنيين للحزب في الجنوب والبقاع والداخل السوري، وما بين كلّ هذا وذاك، تجرّأت على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق وقتل القيادي البارز في «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال محمد رضا زاهدي، وعدد من المستشارين الإيرانيين وكوارد في «حزب الله».

ركام القنصلية الإيرانية بدمشق حيث قُتل زاهدي ورفاقه بغارة إسرائيلية في الأول من أبريل (أ.ف.ب)

بعد استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية ومقتل زاهدي، عاشت الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية ساعات طويلة من حبس الأنفاس، وجاء ردّ طهران في منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي بقصف إسرائيل بعشرات المسيرات والصواريخ الباليستية، غير أن نتيجته جاءت متواضعة أعلنت على أثره طهران أن ردّها كان كبيراً وتاريخياً.

اتصالات دولية لتجنب الحرب

في كل مرة كان يتصاعد فيها التوتر، كانت الحركة الدبلوماسية تتفعل، ونجحت في مرات سابقة قبل الرد على اغتيال شكر وهنية، بمنع توسعة الحرب، لكنها لم تنجح بخفض التصعيد وإنهاء الحرب القائمة.

ويرى مصدر دبلوماسي أن «الاتصالات الدولية لم تنجح حتى الآن في تخفيف حدّة التصعيد ما بين إسرائيل من جهة، وإيران و(حزب الله) من جهة ثانية». ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبنان سيشهد أياماً صعبة ومصيرية بانتظار ردّ الحزب على اغتيال قائده العسكري وترقّب الموقف الإسرائيلي منه»، مشيراً إلى أن «إقفال بعض السفارات أبوابها في بيروت، ودعوات السفارات الغربية المتكررة لمواطنيها بضرورة مغادرة لبنان على الفور، كلّها تزيد من قيمة التحذير وإفهام الحزب بأن أي عملية كبيرة ضدّ إسرائيل ستكون لها تداعيات كبيرة على لبنان».

وتمنّى المصدر الدبلوماسي أن «يفهم أطراف الصراع أن الحركة السياسية والدبلوماسية الناشطة تجاه تل أبيب وبيروت وطهران، هي محاولات الساعة الأخيرة لمنع الانزلاق إلى حرب واسعة».

عناصر من «حزب الله» يحملون نعش قائدهم العسكري فؤاد شكر خلال تشييعه في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

قواعد الاشتباك

رغم التطورات الخطيرة التي شهدتها الجبهة اللبنانية والاغتيالات والضربات الموجعة التي تلقاها، لم يكسر «حزب الله» قواعد الاشتباك، صحيح أنه نفّذ عمليات تخطّت خمسة كيلومترات، ونجح في إصابة مراكز ومقرات للجيش والاستخبارات الإسرائيلية، لكنه آثر عدم ارتكاب خطأ استراتيجي يؤدي إلى قتل مدنيين إسرائيليين، ويعطي بنيامين نتنياهو وحكومته المبرر لشنّ حرب واسعة على لبنان، إلى أن جاءت عملية مجدل شمس في الجولان السوري المحتلّ التي أدت إلى مقتل 14 مدنياً غالبيتهم من الأطفال، ورغم أن «حزب الله» نفى مسؤوليته عنها، فإن تل أبيب حمّلته تبعاتها، وردّت عليها باغتيال القائد العسكري الأول في الحزب فؤاد شكر داخل منزله في حارة حريك في الضاحية الجنوبية، وبعد ساعات اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية داخل غرفة نومه في قصر الضيافة في طهران.

قلق ونزوح

بانتظار أن يأتي ردّ «حزب الله» على اغتيال شكر، والردّ الإيراني على اغتيال هنيّة، يعيش اللبنانيون ساعات قلق شديد، يعززها دعوات السفارات الغربية والعربية رعاياها إلى مغادرة لبنان على الفور، مترافقة مع وقف أغلب شركات الطيران رحلاتها إلى مطار بيروت الدولي.

أطفال يلهون في باحة فندق يستضيف نازحين في بلدة المروانية بجنوب لبنان (أ.ب)

وأثارت عملية اغتيال فؤاد شكر في عمق الضاحية الجنوبية، مخاوف اللبنانيين خصوصاً المقيمين في ضاحية بيروت الجنوبية، الذين استعادت ذاكرتهم مشاهد حرب يوليو 2006 التي شهدت تدميراً واسعاً، حيث سارعت آلاف العائلات إلى مغادرة المنطقة فوراً إلى مدنٍ وبلدات آمنة أو أقلّ خطراً، وغالبيتهم انتقل إلى منازل استأجروها في وقت سابق في جبل لبنان، فيما تركت العملية والتهديد بالانتقام نتائج سلبية على الوضع الاقتصادي، عززتها مغادرة الجاليات الأجنبية وغالبية المغتربين الذين حضروا إلى لبنان لقضاء موسم الاصطياف، ترافق ذلك مع تراجع في حركة الأسواق، بالإضافة إلى إلغاء معظم المهرجانات الفنية والحفلات التي كانت مقررة منذ أشهر، فيما ألغيت آلاف الحجوزات في الفنادق والمؤسسات السياحية.