نهاية مبكرة للموسم السياحي الصيفي في لبنان

خسائر الاقتصاد تفوق 3 مليارات دولار

مسافرون ينتظرون في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد إلغاء رحلاتهم أو تغيير في مواعيدها (أ.ب)
مسافرون ينتظرون في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد إلغاء رحلاتهم أو تغيير في مواعيدها (أ.ب)
TT

نهاية مبكرة للموسم السياحي الصيفي في لبنان

مسافرون ينتظرون في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد إلغاء رحلاتهم أو تغيير في مواعيدها (أ.ب)
مسافرون ينتظرون في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد إلغاء رحلاتهم أو تغيير في مواعيدها (أ.ب)

يسترجع الاقتصاد اللبناني بوتيرةٍ متسارعةٍ انكشافه على الارتفاع الحاد لمنسوب المخاطر السيادية، ربطاً بالتصعيد الميداني والتحذيرات الدولية لاحتمالات توسعة الحرب، وما يترتب على ذلك من نتائج وتداعيات مباشرة وغير مباشرة على كل القطاعات الإنتاجية.

ولم يعد الانتهاء المبكر للموسم السياحي الصيفي في لبنان بحاجة إلى إعلان رسمي في ظل كثافة حركة المغادرين يومياً عبر مطار بيروت، وإلغاء الكثير من الحفلات الفنية والمهرجانات في العاصمة والمناطق، ما يعني تلقائياً تكبد القطاع بمرافقه الفندقية والسياحية والمطاعم والملاهي خسائر جسيمة تفوق، حسب التقديرات، 3 مليارات دولار، غير قابلة للتعويض آنياً بسبب قرب نهاية فترة العطلات السنوية التي يعوّل عليها بتوافد الزائرين.

ووفق رصد تقرير لأحد المصارف اللبنانية، فإنه مع الأداء الواهن الذي سجله الاقتصاد اللبناني خلال النصف الأول من عام 2024، جراء التداعيات السلبية للحرب في الجنوب وتأثيرها على القطاع السياحي والاستثمارات، يقف المستثمرون في حالة ترقب وعدم اتخاذ قرار بالاستثمار، أو بأقل تقدير قاموا بتأجيل قراراتهم السابقة. وحسب التقرير، لقد «بات المستثمرون في حال انتظار في ظل ضبابية الأوضاع الأمنية في البلاد، التي من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي على الآفاق الماكرواقتصادية والمالية في لبنان».

وبالفعل، بادر رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر إلى إعلان «نعي» الموسم الصيفي، ليؤكد أن «لا فرص للموسم الحالي، وإذا توافرت فهي بعيدة جداً حيث لا نلحظ أي تطور إيجابي وسط كل التهديدات التي توجه للبلد من كل الجهات، والتي تؤكد أن الحرب لا تزال طويلة».

عائلات تنتظر في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد تأخر مواعيد عدد من الرحلات (أ.ب)

وحتى قبل اشتداد احتمالات توسعة الحرب، وبعد أن شهدت القطاعات السياحية انتعاشاً نسبياً في مطلع الصيف، كشفت البيانات المسجلة لنهاية يوليو (تموز) الماضي تسجيل تراجع بنسبة 40 في المائة في قطاع المطاعم، وبنسبة 60 في المائة في قطاع الفنادق، لتكتمل مع إلغاء نحو 90 في المائة من الحجوزات بعد حادثة مجدل شمس في الجولان، علماً بأن الأحداث التالية من اغتيالات وتهديدات جاءت أشد وطأة وتأثيراً سلبياً على مجمل أنشطة القطاع السياحي.

بالمقابل، وبخلاف تجارب سابقة، يستمر الغياب الملحوظ للمضاربات على العملة الوطنية في أسواق القطع، وسط استقرار مستمر لسعر الصرف عند مستوى 89.5 ألف ليرة لكل دولار، بالترافق مع انسياب طبيعي لعمليات صرف الرواتب في القطاعين العام والخاص، ومعظمها بالدولار النقدي. كما تستمر عمليات الضخ النقدي للحصص المحددة وفق تعاميم البنك المركزي لصالح المودعين في البنوك، التي تراوح بين 150 و400 دولار شهرياً.

ومن الواضح، حسب مصادر مصرفية معنية، أن السياسات المتشددة التي اتبعها حاكم البنك المركزي (بالإنابة) وسيم منصوري أثبتت فاعليتها في حماية استقرار الليرة من جهة، وفي إعادة تكوين احتياطات سائلة بالعملات الأجنبية من جهة مقابلة، بعدما نجح، عبر التحكم الصارم بكتلة الليرة المتداولة في الأسواق، في تحقيق زيادات بلغ متوسطها الشهري نحو 130 مليون دولار، وبحصيلة إجمالية تعدت نحو 1.6 مليار دولار ليصل الإجمالي إلى نحو 10.3 مليار دولار.

وتشكل الاحتياطات المتوفرة، إلى جانب فوائض حساب الدولة لدى البنك المركزي المقدرة بنحو 5.3 مليارات دولار (بالليرة والدولار المصرفي والدولار النقدي)، عامل اطمئنان في القدرة على تلبية نفقات طارئة تنتجها الحرب المحتملة، لا سيما تأمين التمويل لفواتير استيراد مواد أساسية كالقمح والأدوية والمحروقات الضرورية للمستشفيات والمؤسسات العسكرية، فضلاً عن توفير دعم مالي طارئ للأسر «المهجّرة».


مقالات ذات صلة

هاجس الحرب يسكن اللبنانيين... تهافت لتخزين المواد الغذائية والأدوية والمحروقات

المشرق العربي موظفون في مطار بيروت يفرغون المساعدات الطبية الطارئة المقدمة من منظمة الصحة العالمية (أ.ب)

هاجس الحرب يسكن اللبنانيين... تهافت لتخزين المواد الغذائية والأدوية والمحروقات

يعيش اللبنانيون هاجس الحرب وإمكان اندلاعها بين ساعة وأخرى، ولا يقتصر خوفهم على أمنهم الشخصي، بل يسكنهم هاجس الأمن الغذائي والدوائي والاستشفائي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي لوحة بأحد شوارع بيروت تجمع صور كل من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية والقيادي في «حزب الله» فؤاد شكر وقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» (رويترز)

مزيد من الدعوات لمغادرة لبنان... ومفوّض الأمم المتحدة: الوضع خطير للغاية

تتوالى تحذيرات الدول من السفر إلى لبنان؛ حيث قُتل في الساعات الأخيرة 3 عناصر من «حزب الله» ومُسعِف في «كشافة الرسالة الإسلامية»، نتيجة القصف الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي: مستمرون في العمل لتجنيب لبنان أي مخاطر

أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الاثنين، الاستمرار في العمل لتجنيب لبنان أي مخاطر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دمار في مصنع إسرائيلي بمدينة كريات شمونة ناتج عن قصف صواريخ «حزب الله» (رويترز)

«دفاع مشترك» إسرائيلي - أميركي رداً على ضربة محتملة لـ«حزب الله» وإيران

توعدت إسرائيل بالهجوم رداً على أي ضربة ينفذها «حزب الله» وإيران وسط دعوات لدول عربية وأجنبية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، لرعاياها بمغادرة لبنان فوراً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مجسمات تجسد مطالب اللبنانيين قرب مرفأ بيروت (أ.ف.ب)

اللبنانيون يطالبون بتحقيق العدالة في انفجار المرفأ

خرج اللبنانيون في مسيرات بشوارع بيروت، الأحد، إحياءً للذكرى السنوية الرابعة لانفجار مرفأ بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يعزز قواته في الضفة خشية هجوم شبيه بـ7 أكتوبر

آليات عسكرية للجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
آليات عسكرية للجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعزز قواته في الضفة خشية هجوم شبيه بـ7 أكتوبر

آليات عسكرية للجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
آليات عسكرية للجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

عزز الجيش الإسرائيلي قواته في مناطق شمال الضفة الغربية، خشية محاولة مسلحين فلسطينيين شن هجوم على مستوطنات على خط التماس، في مشهد يشبه الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على غلاف غزة.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الجيش دفع بعدد من القوات المعززة إلى المستوطنات بعد تحذيرات استخباراتية حول نيات تنفيذ عمليات اقتحام على غرار 7 أكتوبر. وجاء تحرك الجيش بعد تحذير بثه جهاز الأمن العام «الشاباك» إثر تلقيه إنذارات حول استعداد مجموعات فلسطينية لشن هجمات على مستوطنات عدة، رداً على الحرب الإسرائيلية المتواصلة في غزة، واغتيال إسرائيل مسلحين في طولكرم شمال الضفة.

ووفق الإذاعة العبرية، فإن لدى «الشاباك» تحذيرات حول نية مجموعات مسلحة تنفيذ عمليات تسلل إلى المستوطنات على طول خط التماس بتوجيه من إيران و«حماس». وقالت إذاعة الجيش إن التحذيرات تتعلق بشكل رئيسي بنيات خلايا مسلحة في طولكرم تحاول التسلل إلى المستوطنات القريبة، لذلك تم إرسال مزيد من القوات بهدف الرد الفوري والسريع على أي هجوم، بِعَدِّ ذلك جزءاً من الدروس المستفادة من هجوم السابع من أكتوبر.

مستوطنون مسلّحون في الضفة الغربية (أرشيفية - وفا)

وكان الجيش قد اغتال خلية مسلحين في طولكرم، السبت، وقال إنها كانت تعتزم تنفيذ عملية تسلل. ومنذ السابع من أكتوبر تخشى إسرائيل من أن تتحول الضفة إلى جبهة قتال أخرى. ويتهم مسؤولون أمنيون إسرائيليون، إيران و«حماس» بالعمل على إشعال الأوضاع في الضفة؛ لأنهما يعتقدان أنها الطريقة الأنجح في منع هجوم إسرائيلي على إيران ولبنان.

وفي أبريل (نيسان) الماضي أجرت قوات الجيش الإسرائيلي تدريبات عسكرية على المنطقة ما بين إسرائيل والضفة الغربية، تحاكي سيناريو صد هجوم فلسطيني شبيه بما نفّذته «حماس» على غلاف غزة في عملية «طوفان الأقصى». وكُشف، خلال التدريبات عن إقامة حواجز جديدة من جدران الأسمنت المسلح، وإكمال بناء جدار في مناطق عدة، وتفعيل دوريات مكثفة لهذه القوات، بمشاركة البلديات ومتطوعين.

وشاركت قوات إسرائيلية متنوعة وكبيرة من الجيش والشرطة وحرس الحدود والمخابرات والجبهة الداخلية، في هذه التدريبات التي تركزت في منطقتين واسعتين داخل ما يُعرف بنطاق أراضي 48 غرب الضفة الغربية؛ وكانت الأولى في قلقيلية، والثانية في طولكرم.

وحاكت التدريبات سيناريو مهاجمة مجموعات من الشباب الفلسطينيين المسلحين، من قلقيلية، ومدينتي كفار سابا ورعنانا والبلدات اليهودية المجاورة، وسيناريو مهاجمة مجموعات أخرى من طولكرم وبلدة شويكة المجاورة لها مدينة نتانيا، على النمط نفسه الذي نفَّذه مقاتلو «حماس» في هجوم 7 أكتوبر.

فلسطينيون يتفقدون حطام سيارة دمرتها ضربة جوية إسرائيلية في الضفة الغربية (رويترز)

وقال المقدم ليئور دوفيت، الذي قاد التدريبات الأولى، إن «الجيش اختبر الخطط التي وُضعت منذ 7 أكتوبر لمنع هجمات فلسطينية شبيهة. وفحص خلال ذلك سبل التأكد من كون الجيش على أهبة الاستعداد لكي يضمن ألا يتم تكرار الإخفاقات الأمنية في غلاف غزة». وأضاف: «نحن هنا في منطقة حساسة، نسميها (غلاف طولكرم)، حيث توجد مدن كبرى يعيش فيها وفي محيطها مئات ألوف السكان، ويوجد شارع 6، وهو الطريق العابر لإسرائيل من شمالها إلى جنوبها، وتمر عبره يومياً نحو مليون سيارة، وهدفنا ألا يداهمنا الخطر، ولا يباغتنا الأعداء مرة أخرى».

وتخصص القوات الإسرائيلية في المنطقة «غلاف طولكرم»، منذ 7 أكتوبر الماضي، دوريات عسكرية تراقب الحدود مع الضفة الغربية يومياً لمنع تسلل فلسطينيين إلى إسرائيل، خوفاً من تكرار ما حدث في غلاف غزة. والشهر الماضي هدد وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش بتحويل طولكرم إلى مدينة خراب، وقال لمستوطنين في مستوطنات قريبة إنه «يجب القضاء على التهديد الذي تمثله طولكرم، وأن يختفي من العالم، ويجب أن تصبح طولكرم مدينة خراب».