«حماس» تعلق اتصالات الهدنة لحين اختيار رئيس جديد للحركة

اغتيال هنية ونائبه ورئيس مجلس الشورى يعقد تطبيق «اللوائح الداخلية»

خالد مشعل يعانق إسماعيل هنية قبل مغادرته قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
خالد مشعل يعانق إسماعيل هنية قبل مغادرته قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تعلق اتصالات الهدنة لحين اختيار رئيس جديد للحركة

خالد مشعل يعانق إسماعيل هنية قبل مغادرته قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
خالد مشعل يعانق إسماعيل هنية قبل مغادرته قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

قالت مصادر مطلعة في حركة «حماس» إن الحركة جمدت الآن اتصالات وقف النار في قطاع غزة، لكن ليس لوقت طويل.

وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أنه تقرر تعليق الاتصالات «ولن يتم التعامل مع أي محاولة ولن يتم البت بشأن ذلك قبل اختيار خليفة لرئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية»، الذي اغتالته إسرائيل في العاصمة الإيرانية طهران الأربعاء الماضي.

ومن المتوقع أن يتم حسم مسألة خليفة هنية خلال الأيام القليلة المقبلة.

وبحسب اللوائح الداخلية في حركة «حماس»، فإن نائب رئيس المكتب السياسي يحل محل الرئيس في حال غيابه، وإذا تعذر ذلك يصبح رئيس مجلس الشورى مسيراً للأعمال إلى حين إجراء انتخابات. لكن الوضع اليوم معقد، إذ اغتالت إسرائيل هنية، وقبله اغتالت نائبه صالح العاروري، وقبلهما رئيس مجلس الشورى أسامه المزيني، ولم يبقَ سوى خيار أن يعقد مجلس شورى مصغر اجتماعاً لحسم المسألة، وإذا كان ذلك متعذراً، فسيحسم المكتب السياسي الأمر.

وقالت المصادر: «في ظل الوضع المعقد حالياً، قد يتم حسم المسألة في إطار المكتب السياسي». ورجحت المصادر أن يتم اختيار خالد مشعل بصفته رئيس الحركة في الخارج، رئيساً للمكتب أو على الأقل مسيراً لأعماله. وقالت المصادر إن اختيار مشعل يبدو الأقرب في ظل عدم قدرة رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، على تولي أي مسؤوليات في الوقت الحالي.

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة 24 يوليو (رويترز)

واجب وقف الحرب

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن اختيار شخصية لرئيس المكتب السياسي ستؤدي لاستئناف المفاوضات مباشرة، مؤكداً أن «حماس» غير معنية بوقف المفاوضات، وتريد التوصل إلى اتفاق يوقف الحرب ونزيف الدم في قطاع غزة. وأكد المصدر أن «اغتيال هنية ألقى بظلاله على مسار المفاوضات لكن لن يعطله إلى الأبد، لأن الحركة لا تتعامل بردود الفعل، وإنما بعقل سياسي منفتح ولديها واجب الآن بوقف الحرب».

وجاء موقف «حماس» بتعليق المفاوضات في وقت أرسلت فيه إسرائيل إلى القاهرة، السبت، وفداً رفيع المستوى يضم مدير الموساد ديفيد بارنيع ومدير «الشاباك» رونين بار، لإجراء محادثات مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل حول اتفاق الرهائن في غزة ووقف إطلاق النار، ومناقشة الترتيبات الأمنية على طول الحدود بين مصر وغزة وإعادة فتح معبر رفح.

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن إرسال الوفد إلى القاهرة جاء تحت ضغوط أميركية شديدة على إسرائيل في الأيام الأخيرة، لمواصلة المفاوضات والوصول إلى اتفاق.

بايدن يصافح نتنياهو في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض بواشنطن 25 يوليو (أ.ب)

بايدن يضغط على نتنياهو

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن اتصل بريس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، وطالبه بضرورة التوصل إلى اتفاق الآن، وحذره من أنه «إذا اتجهت إسرائيل للتصعيد مرة أخرى فلا ينبغي لها الاعتماد على الولايات المتحدة لإنقاذها». وقال أحد المسؤولين الأميركيين لموقع «أكسيوس»، إن بايدن قال لنتنياهو إنهما تحدثا الأسبوع الماضي في المكتب البيضاوي حول إتمام صفقة الرهائن، لكن نتنياهو بدلاً من ذلك مضى قدماً في الاغتيالات.

كما أرسل بايدن بريت ماكغورك، كبير مستشاريه إلى القاهرة، الخميس، وأجرى محادثات مع رئيس المخابرات المصرية ومسؤولين آخرين، ثم طلب من مديري «الشاباك» و«الموساد» الحضور إلى القاهرة رغم الشروط الجديدة التي وضعها نتنياهو لصفقة الرهائن، ورفضتها «حماس».

ووصل الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة رغم وجود خلافات حادة بينه وبين نتنياهو. والأربعاء الماضي، دار حوار صعب بين نتنياهو ورؤساء الأجهزة الأمنية، على خلفية الاتفاق، حتى إن رئيس «الشاباك» طلب من نتنياهو توضيح ما إذا كان مهتماً بالصفقة، وفقاً لخطوطها العريضة على الطاولة، أم لا. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن فريق المفاوضات قال لنتنياهو إن شروطه بشأن محوري فيلادلفيا ونتساريم ستجهض صفقة التبادل.

فلسطينيون يعاينون ركام منزل دمره القصف الإسرائيلي في مدينة غزة 27 يوليو (أ.ف.ب)

شروط غير مقبولة

كما قال لنتنياهو الضابط المسؤول عن ملف المختطفين في الجيش، نيتسان ألون: «أنت تعلم أن كل الشروط التي أضفتها لن يتم قبولها، ومن ثم لن تكون هناك صفقة، وسنعود إلى نقطة الصفر»، بينما شدد رئيس «الموساد» على أن أي تأخير سيضيع الفرصة. ورد نتنياهو على قادة الأجهزة الأمنية، بقوله: «أنتم كسالى ولا تعرفون كيفية إدارة المفاوضات. فبدلاً من الضغط على رئيس الحكومة اضغطوا على السنوار».

ويرى قادة الفريق الإسرائيلي أن نتنياهو غير معني بإبرام صفقة تبادل، ولا يريد صفقة في هذا الوقت، قائلين: «يجب فهم أن هذه ليست مجرد صفقة مختطفين، إنما مفترق حرج، وهذا المفترق عبارة عن طريقين؛ الأولى الدخول في حرب شاملة أو التوصل إلى صفقة».

لكن رغم ذلك في نهاية المطاف، قررت الأجهزة الأمنية الاستجابة للطلب الأميركي وإرسال وفد على مستوى عالٍ، لإيصال رسالة مفادها أن إسرائيل جادة في المفاوضات. وخلال المحادثة الصعبة التي أجراها الرئيس الأميركي مع نتنياهو، أبلغ رئيس الوزراء أن وفداً إسرائيلياً سينضم إلى المحادثات مساء الأحد أو السبت، وقد تم تقديم موعد إرسال الوفد بسبب الضغوط وإرسال رسائل لطمأنة واشنطن.


مقالات ذات صلة

مقتل 13 فلسطينياً بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي على غزة

المشرق العربي مشيعون يحملون جثامين فلسطينيين قُتلوا في غارة جوية للجيش الإسرائيلي خلال جنازتهم في «مستشفى الشفاء» بمدينة غزة (أ.ب) play-circle

مقتل 13 فلسطينياً بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي على غزة

واصلت القوات الإسرائيلية، فجر اليوم (الثلاثاء)، عدوانها على قطاع غزة، مستهدفةً منازل مدنيين ومراكز إيواء للنازحين، ما أسفر عن مقتل 13 فلسطينياً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي في قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل 5 جنود إسرائيليين بانفجار عبوة ناسفة في شمال غزة

قال الجيش الإسرائيلي إن 5 من جنوده قتلوا وأصيب اثنان بجروح خطيرة خلال اشتباكات بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ التقى ترمب ونتنياهو على عشاء خاص بدلاً من إجراء محادثات رسمية في المكتب البيضاوي (أ.ب)

ترمب يلتقي نتنياهو ويؤكد رغبة «حماس» في وقف إطلاق النار

استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي صبي فلسطيني يفتش بين النفايات في مخيم البريج وسط قطاع غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

ضغوط أميركية لإبرام «هدنة الشهرين» في غزة

أكدت مصادر من حركة «حماس» أن «هناك ضغوطاً أميركية واضحة تهدف إلى التوصل إلى اتفاق قريب»، خلال المفاوضات الجارية مع إسرائيل في الدوحة، التي تهدف للتوصل إلى هدنة

هبة القدسي (واشنطن) «الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أرشيفية - أ.ب) play-circle

ترمب يعدُّ إنهاء الحرب في غزة أولوية «قصوى»

قال البيت الأبيض إن «الأولوية القصوى» للرئيس الأميركي هي إنهاء الحرب في غزة وتحرير الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس»، قبل اجتماعه بنتنياهو.

هبة القدسي (واشنطن)

خبراء: الخطة الإسرائيلية للنقل القسري لسكان غزة «مخطط لجريمة ضد الإنسانية»

فلسطينيون يحملون أكياس الدقيق من «مؤسسة غزة الإنسانية» في رفح (أ.ب)
فلسطينيون يحملون أكياس الدقيق من «مؤسسة غزة الإنسانية» في رفح (أ.ب)
TT

خبراء: الخطة الإسرائيلية للنقل القسري لسكان غزة «مخطط لجريمة ضد الإنسانية»

فلسطينيون يحملون أكياس الدقيق من «مؤسسة غزة الإنسانية» في رفح (أ.ب)
فلسطينيون يحملون أكياس الدقيق من «مؤسسة غزة الإنسانية» في رفح (أ.ب)

وضع وزير الدفاع الإسرائيلي خططاً لإجبار الفلسطينيين جميعاً في غزة على العيش في مخيم على أنقاض رفح، في مخطط وصفه خبراء قانونيون وأكاديميون بأنه «مخططٌ لجرائم ضد الإنسانية».

وأفادت صحيفة «هآرتس» بأن يسرائيل كاتس صرَّح بأنه أمر الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لإنشاء مخيم، وصفه بـ«مدينة إنسانية»، على أنقاض مدينة رفح.

وقال كاتس، في إفادة صحافية إسرائيلية، إن الفلسطينيين سيخضعون «لفحص أمني» قبل دخولهم، ولن يُسمح لهم بالمغادرة بعد دخولهم. وستسيطر القوات الإسرائيلية على محيط الموقع، و«تنقل» في البداية 600 ألف فلسطيني إلى المنطقة... معظمهم من النازحين حالياً في منطقة المواصي.

ومنذ أن اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في بداية العام، أن يغادر عدد كبير من الفلسطينيين غزة «لتطهير» القطاع، روَّج سياسيون إسرائيليون، بمَن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للترحيل القسري، وكثيراً ما قدموه على أنه مشروع أميركي. وقال مايكل سفارد، أحد أبرز محامي حقوق الإنسان في إسرائيل، إن خطة كاتس تنتهك القانون الدولي. كما أنها تتناقض بشكل مباشر مع مزاعم صدرت قبل ساعات من مكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي قال في رسالة إن الفلسطينيين نزحوا داخل غزة فقط من أجل حمايتهم.

وقال سفارد: «لقد وضع (كاتس) خطةً عمليةً لجريمة ضد الإنسانية. إنها ليست أقل من ذلك. الأمر كله يتعلق بنقل السكان إلى الطرف الجنوبي لقطاع غزة تمهيداً لترحيلهم خارجه»، وفق ما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وأفاد سفارد: «في حين أن الحكومة لا تزال تُسمي الترحيل (طوعياً)، يخضع سكان غزة لتدابير قسرية كثيرة لدرجة أن أي مغادرة للقطاع لا تُعدّ من الناحية القانونية بالتراضي». وأضاف سفارد: «عندما تطرد شخصاً من وطنه، فهذا يُعدُّ جريمة حرب في سياق الحرب. وإذا نُفِّذ على نطاق واسع كما يُخطط، فإنه يُصبح جريمةً ضد الإنسانية».

فلسطينيون يحملون قتيلاً في جنازة بعد غارات إسرائيلية بخان يونس (د.ب.أ)

وعرض كاتس خططه لغزة قبيل وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن العاصمة؛ لعقد اجتماعات مع دونالد ترمب، حيث سيواجه ضغوطاً شديدة للموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء الحرب المستمرة منذ 21 شهراً، أو على الأقل إيقافها مؤقتاً.

في حديثه من البيت الأبيض، أمس (الاثنين)، قال نتنياهو إن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان مع دول أخرى من شأنها أن تمنح الفلسطينيين «مستقبلاً أفضل». وقال نتنياهو، بينما كان يستعد لتناول العشاء مع ترمب: «إذا أراد الناس البقاء، فبإمكانهم البقاء، ولكن إذا أرادوا المغادرة، فيجب أن يتمكَّنوا من المغادرة». كما أيَّد سياسيون إسرائيليون، بمَن فيهم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة في غزة.

وعُرضت خطط بناء مخيمات تُسمى «مناطق عبور إنسانية»؛ لإيواء الفلسطينيين داخل غزة وربما خارجها، سابقاً على إدارة ترمب، ونوقشت في البيت الأبيض. وأفادت وكالة (رويترز) للأنباء بأن الخطة، التي تبلغ قيمتها مليارَي دولار، تحمل اسم «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من الولايات المتحدة. ونفت المؤسسة تقديمها أي مقترح. وقالت إن الشرائح التي اطلعت عليها «رويترز»، والتي توضح الخطة، «ليست وثيقةً صادرةً عن المؤسسة».

وسبق أن أُثيرت مخاوف بشأن خطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين بسبب الأوامر العسكرية التي شُنَّت ربيع هذا العام.

وذكر سفارد مثالاً لثلاثة جنود احتياط قدَّموا التماساً إلى المحاكم الإسرائيلية، مطالبين الجيش بإلغاء أوامر «تعبئتهم وتركيزهم» (المدنيين في غزة)، ومنع أي خطط لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة. وفي رسالة رداً على ادعاءاتهم، قال مكتب رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، إن تهجير الفلسطينيين أو تركيز السكان في جزء واحد من غزة لم يكن من بين أهداف العملية.

وقال البروفسور عاموس غولدبرغ، مؤرخ الهولوكوست في الجامعة العبرية في القدس، إن هذا التصريح ناقض تصريح كاتس بشكل مباشر. وقال غولدبرغ إن وزير الدفاع وضع خططاً واضحة للتطهير العرقي في غزة، وإنشاء «معسكر اعتقال أو معسكر انتقالي للفلسطينيين قبل طردهم». وقال عن منطقة احتجاز كاتس المخطط لها للفلسطينيين: «إنها ليست إنسانية، ولا مدينة».

وأفاد غولدبرغ:«المدينة هي مكانٌ تُتاح فيه فرص العمل، وكسب المال، وتكوين العلاقات، وحرية التنقل. هناك مستشفيات ومدارس وجامعات ومكاتب. هذا ليس ما يُخططون له. لن تكون مكاناً صالحاً للعيش، تماماً كما أن (المناطق الآمنة) غير صالحة للعيش الآن».

وقال غولدبرغ إن خطة كاتس أثارت أيضاً سؤالاً مباشراً حول مصير الفلسطينيين الذين يرفضون الامتثال للأوامر الإسرائيلية بالانتقال إلى المجمع الجديد. وأضاف: «ماذا سيحدث إذا لم يقبل الفلسطينيون هذا الحل؟».