بنية «حزب الله» العسكرية تحتاج «ثأراً نوعياً» لاغتيال شكر

القيادة تفرض وجود بديل جاهز للحفاظ على الاستمرارية

القيادي فؤاد شكر وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله (الإعلام الحربي في حزب الله)
القيادي فؤاد شكر وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله (الإعلام الحربي في حزب الله)
TT

بنية «حزب الله» العسكرية تحتاج «ثأراً نوعياً» لاغتيال شكر

القيادي فؤاد شكر وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله (الإعلام الحربي في حزب الله)
القيادي فؤاد شكر وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله (الإعلام الحربي في حزب الله)

رغم تأكيد «حزب الله» في نعيه «القائد الجهادي الكبير» فؤاد شكر أن شهادته ستكون «دفعاً قوياً لإخوانه المجاهدين للمضي قُدماً بثباتِ وشجاعة»، فإن وقع اغتياله «المعنوي» لن يكون سهلاً على «المقاومين» بل غيابه يشكّل صدمة لهم، ما يتطلب تجاوزها الثأر عبر رد نوعي لحماية تماسك الحزب ومنع تدهور معنويات جهازه العسكري.

وكان شكر، غير المعروف إعلامياً، قد تولى مهام «قيادة العمليات العسكرية في جنوب لبنان» ضد إسرائيل منذ بدء التصعيد بين الطرفين منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ووصفه «حزب الله» في بيان نعيه بأنه «رمز من رموز (المقاومة) الكبار من صانعي انتصاراتها وقوتها واقتدارها ومن قادة ميادينها الذين ما تركوا الجهاد حتى النَّفْسِ الأخير».

ويعرف عن شكر أن قيادته العسكرية للحزب ساهمت في إحداث انتقال نوعي للعمليات، منها اقتحام المواقع وأسر الجنود الإسرائيليين، والعمل على بناء قدرات تسليحية نوعية، كما أشرف على ملف الأسلحة النوعية وبرامج «حزب الله» التدريبية العسكرية.

ويرى العميد المتقاعد والخبير العسكري، حسن جوني، أن اغتيال شكر سيؤثر بشكل كبير معنوياً على قيادات الحزب وكوادره، إضافة إلى الثغرات التي قد تظهر عبر «الأسرار» التي يحتفظ بها عادة أبرز القادة، وإن كان هناك قيادي بديل عنده جاهز لتولي المهمة. ويقول جوني لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن اغتيال قائد بحجم شكر، رئيس أركان الحزب وقائد العمليات العسكرية في الجنوب، هو على قدر كبير من الأهمية وسيكون له تأثير بالدرجة الأولى، معنوياً على كل أركان الحزب وكوادره».

وفي الإطار نفسه، وصف أحد المعارضين لـ«حزب الله» من الطائفة الشيعية، اغتيال الرجل الثاني في الحزب بـ«الصدمة النوعية للجهاز العسكري، ما يفرض من موقع الدفاع والتماسك لهذا الجهاز، أن يقوم برد نوعي ضد إسرائيل وإلا سيهتز داخلياً، وبالتالي الرد هو لحماية تماسكه ومنع تدهور معنويات جهازه العسكري».

ويقول المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن اغتيال شكر كبير إلى حد أن جنوده يعتبرونه عملاً يتطلب الثأر، وهو ما سيحصل على الأرجح بمعزل عن تداعيات هكذا عملية، لا سيما أن الذين يقودون الحرب اليوم هم رفاق شكر وجنوده ولا يبدو أن أحداً سيستطيع لجمهم. ويصل المصدر إلى حدّ القول إنه «حتى لو أراد أمين عام (حزب الله) ضبط إيقاع الضربة - الرد، فإن الجهاز العسكري لن يقبل، بل سيتجاوزه في ذلك».

من هنا، يعتبر المعارض، أن اغتيال شكر هو استهداف للقيادة التي تدير الحرب الجارية مع إسرائيل، خاصة أنه من الخلية المؤسسة لـ«حزب الله» التي «ترتبط ارتباطاً وثيقاً بـ(الحرس الثوري)، وهو من القيادات القوية داخل الحزب، ومن الوجوه التي تتحرك في العتمة»، متوقفاً عند تمييز إيران نفسها في عملية اغتياله بحيث إنه جرى التعامل مع موقف الحزب باعتباره سيقوم بعمل خاص ونوعي، وهذا سببه أن البنية العسكرية للحزب يمكن أن تهتز وتتراجع إذا لم يكن الرد نوعياً».

فلسفة القيادة وتحضير بديل

من الناحية العسكرية، يقول جوني: «من المعروف أن (حزب الله)، كما كل الكيانات العسكرية، يعتمد على ما يعرف بفلسفة القيادة والإمرة للحفاظ على الاستمرارية، بحيث يتم دائماً إعداد قادة بدلاء، كما أن كل قائد في المعركة يكون هناك قيادي بديل عنه ليقين الجميع بأن القائد معرض بأي لحظة إلى أن يغيب عن المشهد، والعمليات والوحدات لا تنتظر، وبالتالي فلابد من إعداد قائد بديل عنه»، مشيراً إلى أن البديل «عادة يواكب الأصيل في تفاصيل ومجريات المعركة حتى يستطيع متابعة المعركة بعده، وتحديداً عند الحزب الذي خسر في حرب الجنوب اليوم عدداً من القياديين، وقبل ذلك قياديين بحجم شكر».

القيادي فؤاد شكر (الإعلام الحربي في حزب الله)

ورغم ذلك، يشدد جوني على أن البديل، لا يحل مائة في المائة مكان الأصيل الذي، على غرار شكر، اكتسب خبرة طويلة ومتخصصة في المجال الذي يعمل فيه وهو ملم بكل تفاصيلها وبنفسية العدو، إضافة إلى أنه «ربما يملك من الأسرار التي يحتفظ بها لنفسه والخطيرة، لكن ذلك لا يؤثر على سير العمليات، خاصة أن تلك التي تنفذ في حرب الجنوب اليوم، لا تعتبر معقدة في العلم العسكري، حيث لا توجد مناورات تكتيكية دقيقة على الأرض ولا تشكيلات معقدة للقوى والمشاة وغيرها»، موضحاً: «لو كانت هناك معركة برية بكل معنى الكلمة كان سيؤدي غياب شكر إلى إحراج القيادة واستمراريتها قليلاً».


مقالات ذات صلة

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

المشرق العربي موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

سُمع دوي انفجارات عدة في العاصمة اللبنانية، فجر اليوم، مع دخول الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ضربة إسرائيلية تدمّر مبنى سكنياً في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
TT

ضربة إسرائيلية تدمّر مبنى سكنياً في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)

استهدفت ضربة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (السبت)، مبنى سكنياً في قلب بيروت بـ«خمسة صواريخ» ودمرته بالكامل وسط أنباء عن استهداف القيادي البارز في «حزب الله» طلال حمية، فيما تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

وأوردت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية، أن بيروت «استفاقت على مجزرة مروّعة، حيث دمّر طيران العدوّ الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من ثماني طبقات بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».

عمال إنقاذ وسكان يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية في بيروت (أ.ب)

وقالت الوكالة إن «فرق الإنقاذ تعمل على رفع الأنقاض في شارع المأمون في البسطة، حيث استهدف طيران العدو مبنى سكنياً، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى».

وذكرت قناة محلية تابعة لـ«حزب الله» نقلاً عن وزارة الصحة اللبنانية أن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 23 آخرون في الهجوم الذي استهدف حي البسطة في بيروت.

طلال حمية

وأفاد وسائل إعلام إسرائيلية بأن المستهدف في غارة بيروت هو القيادي في «حزب الله»، طلال حمية، حيث تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات ما أدى الى سماع دوي كبير في مناطق مختلفة من لبنان، وهي شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حمية يُعرف بـ«صاحب السيرة العسكرية اللامعة»، وأنه تولى قيادة الذراع العسكرية للحزب بعد اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين.

وظل حمية بعيداً عن الأضواء حتى عاد إلى الواجهة مع إعلان برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأميركية، الذي عرض مكافأة تصل 7 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات عنه.

ويعد حمية القائد التنفيذي للوحدة «910» وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

أضرار جسيمة

وأظهر مقطع بثته قناة تلفزيونية محلية مبنى واحداً على الأقل منهاراً وعدداً من المباني الأخرى تعرضت لأضرار جسيمة.

وذكر شهود من «رويترز» أن الانفجارات هزت بيروت في نحو الساعة الرابعة صباحاً (02:00 بتوقيت غرينتش). وقالت مصادر أمنية إن أربع قنابل على الأقل أطلقت في الهجوم.

وهذا هو رابع هجوم جوي إسرائيلي خلال أيام يستهدف منطقة في وسط بيروت، فيما شنت إسرائيل معظم هجماتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وأسفر هجوم جوي إسرائيلي يوم الأحد على حي رأس النبع عن مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب.

وشنت إسرائيل هجوماً كبيراً على «حزب الله» في سبتمبر (أيلول)، بعد عام تقريباً من اندلاع الأعمال القتالية عبر الحدود بسبب الحرب في قطاع غزة، ودكت مساحات واسعة من لبنان بضربات جوية وأرسلت قوات برية إلى الجنوب.

واندلع الصراع بعد أن فتح «حزب الله» النار تضامناً مع «حماس» التي شنت هجوماً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وزار المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين لبنان وإسرائيل الأسبوع الماضي في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتحدث هوكستين عن إحراز تقدم بعد اجتماعاته يومي الثلاثاء والأربعاء في بيروت قبل أن يتوجه إلى إسرائيل للاجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.