لبنان يلجأ إلى مجلس الأمن رداً على التهديدات الإسرائيلية بشن حرب

يتمسك بـ«حق الدفاع» وتطبيق «1701»... والمطار لم يتعرض لأي تهديد

مسافران يدفعان بحقائبهما على مدخل مطار بيروت (رويترز)
مسافران يدفعان بحقائبهما على مدخل مطار بيروت (رويترز)
TT

لبنان يلجأ إلى مجلس الأمن رداً على التهديدات الإسرائيلية بشن حرب

مسافران يدفعان بحقائبهما على مدخل مطار بيروت (رويترز)
مسافران يدفعان بحقائبهما على مدخل مطار بيروت (رويترز)

توجهت الحكومة اللبنانية إلى مجلس الأمن الدولي برسالة مفصلة ترد فيها على «المزاعم والاتهامات الإسرائيلية» بعد تهديد تل أبيب برد انتقامي على هجوم بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل. وأبلغت الحكومة اللبنانية دولاً غربية وأوروبية أن «التهديدات الإسرائيلية المستجدة ضد لبنان والتهويل بحرب شاملة لن يثني اللبنانيين عن التمسك بحقهم في أرضهم والدفاع عنها بكل الوسائل التي تقرها الشرائع الدولية»، بموازاة تأكيد رئيس البرلمان نبيه بري أن «المدخل الأساس للاستقرار وتجنيب المنطقة اندلاع صراع لن يسلم منه أحد هو الضغط على إسرائيل لإيقاف حرب غزة».

ويأتي الموقف اللبناني في أعقاب تهديد إسرائيلي بشن ضربة على لبنان، على خلفية مقتل 12 شخصاً في ملعب لكرة القدم ببلدة مجدل شمس بهضبة الجولان السورية المحتلة، واتهام إسرائيل «حزب الله» بالمسؤولية عنها، وهو ما نفاه «الحزب».

وتسارعت الاتصالات السياسية والدبلوماسية على أكثر من صعيد لاحتواء الضربة التي بدا أن إسرائيل جادة في تنفيذها، وفق ما أبلغ موفدون دوليون المسؤولين اللبنانيين، وأصدرت دول عربية وأجنبية تحذيرات سفر، وطالبت رعاياها بمغادرة لبنان، فيما أوقفت شركات طيران عالمية رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب على خلفية التصعيد والتهديدات.

اتصالات ميقاتي

وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية بأن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي واصل اتصالاته ولقاءاته الدبلوماسية المكثفة في إطار مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والتهديدات المستجدة. وشدد في تلك الاتصالات على أن «لبنان يدين كل أشكال العنف، لا سيما التعرض للمدنيين، ويطالب بوقف العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وتنفيذ القرار الدولي الرقم (1701) كاملاً».

واستغرب ميقاتي أن «العدو الإسرائيلي الذي يشن حرباً بلا هوادة على الفلسطينيين، قتلاً وتدميراً وتهجيراً، يزعم التفجع على ضحايا عرب سقطوا في منطقة عربية محتلة من قبل إسرائيل ويهدد ويتوعد، علماً أن الملابسات الكاملة لما حصل لا تزال غير معروفة بعد».

وقال: «التهديدات الإسرائيلية المستجدة ضد لبنان والتهويل بحرب شاملة لن يثني اللبنانيين عن التمسك بحقهم في أرضهم والدفاع عنها بكل الوسائل التي تقرها الشرائع الدولية». وأكد أن «هذا الموقف تم إبلاغه إلى جميع أصدقاء لبنان في العالم وإلى الاتحاد الأوروبي، كما سيتم الرد على المزاعم والاتهامات الإسرائيلية في رسالة مفصلة إلى مجلس الأمن الدولي».

وشكر رئيس الحكومة «الدول العربية والأجنبية التي عبّرت عن تضامنها الكامل مع لبنان إزاء التهديدات الإسرائيلية»، كما شكر لها «سعيها الدؤوب لوقف العدوان الإسرائيلي على بلدنا».

وحول التدابير الحكومية، شدد ميقاتي على أن «الحكومة حاضرة بكل وزاراتها وأجهزتها لمواجهة أي طارئ، ولكن الإجراءات المطلوبة يجري اتخاذها بطريقة لا تثير الهلع عند اللبنانيين»، وأوضح أن «لجنة الطوارئ الوطنية التي شكلها مجلس الوزراء في الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على لبنان تواصل عملها واجتماعاتها التنسيقية، كما تحديث الإجراءات والمعطيات المطلوبة. كذلك؛ فإن الاجتماعات الوزارية في هذا الإطار ستتكثف في (السراي) هذا الأسبوع».

موقف ميقاتي جاء خلال لقاءات عقدها في «السراي»، حيث استقبل المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس بلاسخارت، وبحث معها الأوضاع الراهنة والاتصالات الجارية لتمديد ولاية الـ«يونيفيل». ودعت المسؤولة الأممية إلى التهدئة على جميع الجبهات، وطالبت الجميع بالالتزام بتطبيق القرار «1701» الذي هو «الحل الوحيد لحل النزاع القائم». كما اجتمع رئيس الحكومة مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، عبد الله بوحبيب، الذي قال: «عرضنا التطورات الراهنة والاتصالات التي نجريها لمنع توسع الحرب، وقد أرسلت رداً على كلام المندوب الإسرائيلي في بروكسل على خلفية مهاجمته لبنان، كذلك سيكون لنا رد آخر على شكوى إسرائيل التي قدمتها ضد لبنان في الأمم المتحدة».

موقف بري

وفي سياق التحركات السياسية، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «ما يحصل يهدد المنطقة بأسرها، لكن على الرغم من خطورته، فنحن لسنا خائفين على لبنان وعلى مستقبله، فضمانة لبنان هي الوحدة، ثم الوحدة، ثم الوحدة، بين مواطنيه في الداخل وفي الاغتراب، وأيضاً من خلال التمسك بعناوين قوة لبنان وبحقوقه المشروعة في الدفاع عن أرضه وعن سيادته وثرواته بكل الوسائل المتاحة التي نصت عليها القوانين والشرائع الدولية».

بري يتوسط وفداً من الجامعة اللبنانية الثقافية (رئاسة مجلس النواب)

وأكد بري أن «لبنان التزم وملتزم بالقرار (1701) منذ لحظة صدوره، وإسرائيل سجلت رقماً قياسياً بخرق هذا القرار بأكثر من 33000 خرق، فالمدخل الأساس للاستقرار وتجنيب المنطقة اندلاع صراع لن يسلم منه أحد، يكون بالضغط على المستوى السياسي الإسرائيلي لوقف عدوانه المتواصل على غزة وعلى لبنان منذ ما يزيد على تسعة أشهر».

التهديد بقصف المطار

في غضون ذلك، تتخذ الأجهزة اللبنانية إجراءات للتعامل مع أي طارئ، ويُعقد الأربعاء اجتماع موسع للجنة الطوارئ الوطنية بمشاركة الوزراء المعنيين.

وتشمل التدابير ما اتخذته شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الجوي اللبناني، التي تؤخر 5 أو 6 رحلات تصل بعد منتصف الليل أو فجراً، إلى صباح اليوم التالي «لأسباب تقنية تتعلق بتوزيع مخاطر التأمين بين لبنان والخارج»، وفق ما قال رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت، موضحاً: «إننا لا نريد خلال ساعة معينة صباحاً وجود عدد كبير من الطائرات في المطار إذا، لا سمح الله، حصل شيء، وهو أمر غير متوقع، ولكن هذا التدبير من باب الاحتياط لتستمر الشركة في ممارسة أعمالها وإكمال عملياتها».

ورداً على سؤال؛ نفى الحوت أن يكون «مطار رفيق الحريري» قد تلقى أي تهديدات أو معلومات من أي مصدر بأن هناك ضربة للمطار. وقال: «على العكس من ذلك، فما نعرفه أن المطار لم يتعرض لأي تهديد، ومن المفترض أن يكون محايداً؛ لأنه لو كان لدينا أي تخوف من حصول ضربة، أو معلومات، فإننا لا نترك نصف عدد الطائرات في المطار؛ بل كنا أخرجناها».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يبلِغ المسؤولين اللبنانيين والدوليين «حتمية الردّ» على أي ضربة إسرائيلية

المشرق العربي مشايخ دروز يقيمون الصلاة على جنازة أحد ضحايا الهجوم في مجدل شمس بهضبة الجولان (أ.ف.ب)

«حزب الله» يبلِغ المسؤولين اللبنانيين والدوليين «حتمية الردّ» على أي ضربة إسرائيلية

رفض «حزب الله» تقديم أي تطمينات، وجدّد «موقفه المعلن» من أنه سيردّ على أي ضربة إسرائيلية، من غير تحديد طبيعة الرد «المتروكة للميدان».

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي درزية تبكي على نعش خلال تشييع ضحايا ملعب كرة القدم في مجدل شمس بهضبة الجولان (أ.ف.ب)

لبنان يتحرك داخلياً وخارجياً لتطويق تداعيات حادثة مجدل شمس

تحرك لبنان على المستويين الرسمي والحزبي؛ داخلياً وخارجياً، لتطويق تداعيات حادثة مجدل شمس في هضبة الجولان السوري المحتل وتجنب توسعة الحرب.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على حولا جنوب لبنان (أ.ف.ب)

لبنان يندد بالهجمات على المدنيين ويدعو لوقف الأعمال العدائية

نددت الحكومة اللبنانية في بيان اليوم السبت بالهجمات على المدنيين ودعت إلى وقف الأعمال العدائية على جميع الجبهات.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)

لبنان ينتظر مسودة قرار التمديد لـ«اليونيفيل» ويطالب بعدم تعديل ولايتها

ينتظر لبنان مسودة قرار التمديد لقوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) الذي تحضره فرنسا، وسط محادثات مع قوى دولية فاعلة لتسويق المطلب اللبناني.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال قداس الأحد (البطريركية المارونية)

دفع مسيحي لانتخاب رئيس للبنان يقابله إصرار بِري على الحوار

رأى السفير المصري لدى لبنان علاء موسى، أن التوصل إلى هدنة في غزة «سينعكس على الملف الرئاسي»، في إشارة الى ارتباطه بالحرب في الجنوب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الأردن يحذر من «تبعات خطيرة» لأي تصعيد إسرائيلي ضد لبنان

دخان يتصاعد جراء القصف الإسرائيلي فوق بلدة الخيام في جنوب لبنان (د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء القصف الإسرائيلي فوق بلدة الخيام في جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

الأردن يحذر من «تبعات خطيرة» لأي تصعيد إسرائيلي ضد لبنان

دخان يتصاعد جراء القصف الإسرائيلي فوق بلدة الخيام في جنوب لبنان (د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء القصف الإسرائيلي فوق بلدة الخيام في جنوب لبنان (د.ب.أ)

حذر الأردن اليوم (الثلاثاء) من «تبعات خطيرة» لأي تصعيد إسرائيلي ضد لبنان على أمن واستقرار المنطقة، مطالباً بموقف دولي يفرض على إسرائيل وقف حرب غزة ويلزمها «احترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، لنظيره اللبناني عبد الله بوحبيب خلال اتصال هاتفي «وقوف الأردن مع لبنان الشقيق وأمنه وسلامة مواطنيه ومؤسساته، ورفض الأردن لأي عدوان على لبنان وسيادته».

ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية، حذر الصفدي من «التبعات الخطيرة لأي تصعيد إسرائيلي ضد لبنان على أمن واستقرار المنطقة»، مؤكداً «ضرورة تكاتف كل الجهود لخفض التصعيد وحماية المنطقة من خطر الانزلاق نحو حرب إقليمية».

وتبادلت إسرائيل و«حزب الله» اللبناني الغارات الجوية وإطلاق الصواريخ اليوم، بعد أن توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برد «قاس» على مقتل فتية في الجولان المحتل في ضربة نسبت للحزب، رغم نفي الحزب أي صلة بها، وهو ما جدد المخاوف من اشتعال المنطقة فيما تستمر الحرب بحصد ضحاياها في غزة.

وأكد الصفدي خلال الاتصال الهاتفي مع بوحبيب «ضرورة إطلاق حراك دولي فاعل يفرض وقف العدوان (على غزة) ويلزم إسرائيل باحترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية».

منذ اندلاع الحرب في غزة إثر هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) في جنوب إسرائيل، يتبادل الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» الغارات والقصف الصاروخي على جانبي الحدود.

ونسبت إسرائيل القصف الذي استهدف بلدة مجدل شمس السبت وتسبب في مقتل 12 فتى وفتاة من أبناء الهضبة السورية المحتلة الدروز لـ«حزب الله» الذي نفى ذلك.

ومع توعد إسرائيل برد قوي، أحيا الهجوم المخاوف من اتساع رقعة الحرب في قطاع غزة إلى لبنان، وحتى من امتداد النزاع إلى المنطقة.