«فادي الزنط»... انتشار صور وفيديوهات لطفل من غزة تنقذ حياته

مجموعة من النشطاء في أميركا أنقذوا 8 أطفال

فادي الزنظ في غزة وعلى اليسار صورة له في الولايات المتحدة (واشنطن بوست)
فادي الزنظ في غزة وعلى اليسار صورة له في الولايات المتحدة (واشنطن بوست)
TT

«فادي الزنط»... انتشار صور وفيديوهات لطفل من غزة تنقذ حياته

فادي الزنظ في غزة وعلى اليسار صورة له في الولايات المتحدة (واشنطن بوست)
فادي الزنظ في غزة وعلى اليسار صورة له في الولايات المتحدة (واشنطن بوست)

ساهمت جهود منظمة أميركية معنية بالأطفال في إنقاذ مجموعة من أطفال غزة، ومن بينهم الطفل فادي الزنط، الذي انتشرت مأساته في مارس (آذار) الماضي، بعد خمسة أشهر من الحرب الإسرائيلية على غزة. أفاد تقرير إخباري، الثلاثاء، بأن انتشار صور وفيديوهات الزنط ساهمت في إنقاذ حياته بعد أن كان على حافة الموت. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن مع انتشار مقاطع الفيديو الخاصة بفادي في جميع أنحاء العالم، أصبح لفترة وجيزة وجهاً لأزمة الجوع في غزة. ثم بدأ الاهتمام يتصاعد. قبل بدء الحرب، كان فادي طفلاً هادئاً نسبياً يعيش في مدينة غزة مع أمه وأبيه وشقيقه التوأم وأخته الصغرى. وكانت حالته تحت السيطرة بالأدوية والأطباء المناسبين. كان يحب الآيس كريم والسيارات واللعب في الفناء خارج منزله. كان وزنه نحو 40 رطلاً.

صور لفادي الزنط قبل الحرب (رويترز)

وأدت الحرب في غزة إلى نزوح أكثر من 1.9 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة. وانخفضت شحنات المساعدات وسط القيود الإسرائيلية؛ مما أدى إلى جوع مئات الآلاف، بما في ذلك فادي، الذي تدهورت حالته بسرعة، حيث اضطرت عائلته إلى الانتقال من مكان إلى آخر بحثاً عن الأمان.

الطفل فادي الزنط في غزة وقت الحرب (رويترز)

تتطلب حالة فادي أن يستهلك ما يصل إلى ضعف كمية السعرات الحرارية التي يستهلكها الأطفال الآخرون في عمره. كما يتطلب الأمر دواءً محدداً: إنزيم يساعد الأشخاص مثل فادي في الحصول على العناصر الغذائية من الطعام. ومن دون أي منهما، بدأ فادي يضيع، كما تقول والدته شيماء البالغة من العمر 31 عاماً. ولم يتم العثور على الدواء الذي كان يحتاج إليه لعلاج التليف الكيسي. وكان يتضور جوعاً أيضاً. وفي مارس، حملت الأم فادي بين ذراعيها وتوجهت نحو المستشفى الوحيد الذي كانت تأمل أن يتمكن من علاجه، على حد قولها. وبعد ساعتين، وجدت رجلاً معه حمار وعربة نقلهما إلى مستشفى كمال عدوان شمال غزة. ولكن حتى في المستشفى، ومن دون الإمدادات اللازمة، لم يكن هناك الكثير مما يستطيع الأطباء فعله لمساعدة فادي. وبرز فادي كواحد من أكثر الأشخاص أهمية. ثم نشر صحافيون مقاطع تخص فادي، وظهر الطفل الفلسطيني عبر صور على مواقع التواصل الاجتماعي، والمرض أكل جسده الذي ظهرت عظامه بصورة واضحة؛ نظراً لمعاناته من الجفاف وسوء التغذية. كان فادي قد فقد نحو نصف وزن جسمه بحلول ذلك الوقت، وكان وزنه 22 رطلاً فقط. بكى من ألم في الصدر والجفاف. يتسبب التليف الكيسي في انسداد مجرى التنفس بمخاط سميك.

وكانت شيماء تخشى أنه كلما حمّمته، تنكسر عظام الصبي البارزة تحت جلده الشاحب. وقالت لصحيفة «واشنطن بوست» في مارس: «إن خوفي الأكبر هو أن أفقد فادي».

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن اللقاءات مع والدته وانتشارها ساهمت في إنقاذ حياة الطفل، من خلال طالب الطب طارق هيلات، والبالغ من العمر 27 عاماً في ولاية كارولينا الجنوبية.
 يتذكر هيلات، وهو رئيس برنامج العلاج في الخارج التابع لمنظمة إغاثة أطفال فلسطين، كيف شاهد على الشاشة شيماء ترفع قميص ابنها لتكشف عن عظامه. وشارك هيلات الفيديو مع إحدى جهات الاتصال في منظمة الصحة العالمية. بحلول ذلك الوقت كان لديه مئات الآلاف من الإعجابات.

على اليمين صورة للطفل فادي الزنط قبل الحرب وعلى اليسار صورة له في مستشفى كمال عدوان شمال غزة

وكان إخراج فادي من غزة مهمة شبه مستحيلة. وكان الشمال محور الحرب الإسرائيلية. وخشي عمال الإغاثة أن ينضموا إلى العشرات من زملائهم الذين قُتلوا بالفعل إذا غامروا بدخول هذا الجزء من غزة.

وقال هيلات إنه نسّق مع العاملين في منظمة إغاثة أطفال فلسطين على الأرض وأمَّن سيارة إسعاف من منظمة الصحة العالمية، التي تواصلت مع الحكومة الإسرائيلية للوصول إلى شمال غزة. كما بدأ في الاتصال بالمستشفيات في الولايات المتحدة، في الوقت الذي كان يتقلص فيه وزن الصبي الفلسطيني.

في البداية، قال العاملون في مجال الصحة إنهم لا يستطيعون سوى اصطحاب فادي وشيماء. لكن هذا يعني أن يترك وراءه شقيقه التوأم حمدان، وأخته سمر، وأباه أحمد.

قالت شيماء: «جلست على الأرض وبكيت حتى وافقوا على اصطحاب أطفالي الآخرين معي، لكنهم لم يوافقوا على أخذ زوجي». وأعطى الأب أحمد ابنه قُبلة أخيرة على جبهته. نظرت جدة فادي والدموع تنهمر على وجهها، خلال مغادرة فادي.
وبعد ليلة واحدة في رفح، تم إجلاء فادي وإخوته ووالدتهم إلى مصر في 24 مارس.

فادي مع والدته خلال الانتقال إلى رفح (واشنطن بوست)

وتلقى فادي الرعاية في أحد المستشفيات المصرية للتأكد من استعادته بعض الوزن وأن رئتيه تستقبلان كمية كافية من الأكسجين لركوب الطائرة؛ إذ يمكن أن يكون الطيران محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للأشخاص الذين يعانون التليف الكيسي غير المعالج.

وجاء التأكيد في 12 أبريل (نيسان) أن فادي سيذهب إلى الولايات المتحدة لتلقي رعاية طويلة الأمد. حصلت الأم والابن على تأشيرات لمدة ستة أشهر.

وفي 5 مايو (أيار) وصل فادي الزنط إلى مانهاتن، وبقي فادي في العناية المركزة لمدة شهر تقريباً. وكان يرتدي سترة كهربائية تزيل تراكم المخاط في رئتيه.

فادي خلال الوصول إلى الولايات المتحدة مايو الماضي (نيويورك تايمز)

وحسب الأطباء، فقد تحسّنت الحالة الصحية لفادي مع الوقت، وبدأ في تناول البطاطس المقلية، وزاد وزنه مع الوقت.

إجلاء أطفال آخرين

 

وحسب تقرير سابق لصحيفة «نيويورك تايمز»، فقد ساهمت منظمة إغاثة أطفال فلسطين في إجلاء أكثر من 100 طفل إلى مصر، ثم نقل 60 منهم إلى بلدان أخرى، ووصل 8 منهم، من بينهم فادي الزنط، إلى الولايات المتحدة من بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول).
وقال هيلات لصحيفة «نيويورك تايمز» إنه تم اختيار الأطفال بناءً على إحالات من مستشفيات في غزة، أو يتم اكتشافهم من خلال منشورات وسائل التواصل الاجتماعي حول الأطفال المحتاجين.

وقال لافي ميلو (28 عاماً)، من برونكس، والذي كان في المطار لاستقبال أطفال قدموا من غزة، لإظهار الدعم: «من المهم جداً أن نظهر لكل شخص في فلسطين أننا نعني ذلك عندما نقول إننا نراهم هم وعائلاتهم». وتابع ميلو، وهو من أصل فلسطيني ولاتيني وهو يقوم بجمع الأموال لمساعدة غزة: «لقد مرّ هؤلاء الأشخاص بالكثير للوصول إلى هذه النقطة، وهذا أقل ما يمكننا القيام به – أن نقول: مرحباً».

ومنذ 7 أكتوبر، تم تقديم أكثر من 13500 طلب لمغادرة غزة لتلقي العلاج في الخارج، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي تدعم معظم عمليات الإجلاء الطبي خارج القطاع. وقالت المنظمة إنه تم إجلاء أكثر من 4900 مريض.

لكن الهجوم الإسرائيلي على جنوب غزة أعاق عمليات الإجلاء. ومنذ 7 مايو، تم إخراج 23 مريضاً فقط من القطاع، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

 


مقالات ذات صلة

المشرق العربي رجل يتفقد مبنى مدمراً ضربته غارة جوية إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

اغتيالات إسرائيل في لبنان منذ اندلاع حرب غزة

تقرير يرصد سلسلة من عمليات الاغتيال الإسرائيلية في لبنان منذ أكتوبر، عندما اندلعت أعمال قتالية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي بالتوازي مع حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

القضاء الإسرائيلي يستجوب جنودا متهمين بإساءة معاملة معتقل من غزة

استجوب القضاء العسكري الإسرائيلي الثلاثاء جنودًا اعتقلوا في إطار التحقيق بشبهة سوء معاملة معتقل في مركز يُحتجز فيه فلسطينيون من غزة منذ بدء الحرب

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )
خاص الجيش اللبناني يصل قرب موقع الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

خاص كيف ترى واشنطن احتمالات التصعيد في لبنان؟

رسم مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، سيناريوهات المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» بعد محاولة استهداف الرجل الثاني في الحزب.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم العربي الموسيقي الفلسطيني رؤوف البلبيسي (رويترز)

موسيقيون نازحون من غزة يسعون لمواصلة مسيرتهم الفنية في مصر

منذ نعومة أظفاره، يراود الموسيقي الفلسطيني رؤوف البلبيسي حلم بإنشاء مركز ثقافي ينبض بالحياة في غزة، لكن بعد 5 أشهر من افتتاحه المقهى عصفت رياح الحرب بحلمه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

القضاء الإسرائيلي يستجوب جنودا متهمين بإساءة معاملة معتقل من غزة

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

القضاء الإسرائيلي يستجوب جنودا متهمين بإساءة معاملة معتقل من غزة

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

استجوب القضاء العسكري الإسرائيلي الثلاثاء جنودًا اعتقلوا في إطار التحقيق بشبهة سوء معاملة معتقل في مركز يُحتجز فيه فلسطينيون من غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر.

وأمام المحكمة العسكرية في قاعدة بيت ليد في الوسط، تظاهر العشرات احتجاجا على توقيف الجنود التسعة في قضية حظيت بتغطية إعلامية واسعة.

بعد فترة وجيزة على توقيف المشتبه بهم الاثنين بأيدي الشرطة العسكرية، اقتحم عشرات المتظاهرين، بمن فيهم نواب من اليمين المتطرف، مركز الاعتقال التابع للجيش وتظاهروا أمام السجن العسكري.

وما زالت هذه الأحداث التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية على نطاق واسع، تثير ردود أفعال في إسرائيل حيث دعا الثلاثاء وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش وزير الدفاع إلى "الوقف الفوري لسوء معاملة أبطال الجيش".

من جهته، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أيضا إلى إطلاق سراح الجنود.

شتبك جنود وشرطة إسرائيليون مع متظاهرين من اليمين بعد اقتحامهم قاعدة «بيت ليد» العسكرية بسبب احتجاز جنود احتياطيين للتحقيق معهم للاشتباه في إساءة معاملتهم لمعتقل بعد هجوم 7 أكتوبر (أ.ف.ب)

بدوره، قال زعيم المعارضة يائير لبيد على فيسبوك إن اقتحام المتظاهرين الاثنين للمجمع العسكري مثّل "تهديدا خطيرا لصورة إسرائيل بصفتها دولة يهودية وديموقراطية".

وقال متحدث باسم الجيش لوكالة فرانس برس الاثنين إن التحقيق بوشر "عقب الاشتباه بسوء معاملة كبيرة تعرض لها معتقل في مركز احتجاز سدي تيمان"، دون مزيد من التفاصيل.

قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري تعقيبا على توقيف الجنود لوكالة فرانس برس "هذه جريمة اغتصاب جديدة بحق أحد المعتقلين في معسكر (سديه تيمان) من قبل مجموعة من السجانين... هذه الجريمة تُسقط بشكل واضح ادعاءات الاحتلال وما روّج له على مدار الفترة الماضية عن نيته فتح تحقيقات حول الجرائم التي جرت في المعسكر".

ودان الزغاري "محاولة الاحتلال المستمرة تصوير معسكر (سديه تيمان) على أنه السجن الوحيد الذي شهد على جرائم التعذيب والاغتصاب وأنه بنقل المعتقلين منه ستتوقف الجرائم، علما أن سجونا أخرى تشهد المستوى نفسه من الجرائم، وقد وثقنا العديد من الإفادات والشهادات حول ذلك، وأبرزها سجن (النقب)".

أقام الجيش الاسرائيلي معسكر سديه تيمان لاعتقال مقاتلي حماس الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر ، وخلال عملياتها البرية وتوغلاتها، اعتقلت إسرائيل أعدادا كبيرة من الفلسطينيين الذين نقلتهم إلى المعسكر.

وأدلى أكثر من مئة معتقل أفرج عنهم بشهاداتهم عما لاقوه من "تعذيب" والتقت فرانس برس عددا منهم.

وتقدمت منظمات إسرائيلية معنية بحقوق الإنسان بالتماس للمحكمة العليا بشأن إساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين، هي اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان "هموكيد" وجمعيتا "مسلك" و"عدالة" اللتان تدافعان عن حقوق الفلسطينيين.

وقالت منظمة العفو الدولية في منتصف يوليو "يتعين على السلطات الإسرائيلية وضع حد لاعتقالها الانفرادي غير المحدد لفلسطينيين من قطاع غزة المحتل، من دون تهمة أو محاكمة... (وهو ما يشكل) انتهاكا صارخا للقانون الدولي".

ووثقت المنظمة 27 حالة لفلسطينيين، بينهم خمس نساء وصبي يبلغ 14 عاما، احتُجزوا "لمدة تصل إلى أربعة أشهر ونصف شهر" دون أن يتمكنوا من الاتصال بأسرهم..

وينفي الجيش الإسرائيلي هذه الاتهامات.

وفي وقت لاحق الثلاثاء، قال الجيش إنه في قضية منفصلة، اتُهم جندي احتياط بعدد من حالات إساءة المعاملة للمعتقلين وبإظهار "عنف شديد" تجاههم.