صدام شاهراً سلاحه: لديك أولاد فلا تجعلهم أيتاماً

«تموز 1968» العراقي...ليلة القبض على القصر ومكيدة إنهاء الشريكين

الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين (أ.ف.ب)
الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين (أ.ف.ب)
TT

صدام شاهراً سلاحه: لديك أولاد فلا تجعلهم أيتاماً

الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين (أ.ف.ب)
الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين (أ.ف.ب)

لشهر يوليو (تموز) رنةٌ في ذاكرة العراقيين فهو ترك بصماته على أيامهم. شهد يوليو الأول في 1958 انتقال البلاد إلى الحكم الجمهوري على يد الرفيقين اللدودين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف. أما يوليو 1968 فقد كان أشد هولاً ولا تزال آثاره ماثلة حتى اليوم.

في 17 يوليو 1968، استعاد «البعث» السلطة في «انقلاب أبيض» ستعقبه أنهار من الدم. فجر ذلك اليوم نجح أحمد حسن البكر وصدام حسين وصلاح عمر العلي ورفاقهم في القبض على القصر بعدما استسلم الرئيس عبد الرحمن عارف وغادر إلى المنفى.

فرضت موازين القوى على «البعث» الاستعانة برجلين من خارجه؛ الأول عبد الرزاق النايف، معاون مدير المخابرات العسكرية، والثاني إبراهيم الداود، قائد الحرس الجمهوري. واضطر الحزب إلى تعيين الأول رئيساً للوزراء والثاني وزيراً للدفاع، مع قرار سري بإزاحة الرجلين في أول فرصة.

وفي 30 من الشهر نفسه، نصب البكر فخ لحم الغزال في القصر فدخل صدام والعلي بالسلاح ودفعا النايف إلى المنفى. وقال صدام حسين للنايف: «لديك أولاد فلا تجعلهم أيتاماً». وفي الوقت نفسه اعتقل الحزب الداود بعدما خدعه برحلة إلى الأردن ودفعه إلى المنفى.

«الشرق الأوسط» تسترجع مجريات «تموز البعثي» عبر روايات لمشاركين ومعنيين.


مقالات ذات صلة

السعودية تسلِّم ملفها لاستضافة «مونديال 2034»

رياضة سعودية الإشراف المباشر من ولي العهد على ملف الترشح لاستضافة مونديال 2034 جسد حرصه على النجاح (واس)

السعودية تسلِّم ملفها لاستضافة «مونديال 2034»

سلّمت السعودية، رسميّاً، ملف ترشّحها لاستضافة «مونديال 2034» في حفل أقامه الاتحاد الدولي لكرة القدم في باريس، أمس. وسلّم الملف وفد رسمي برئاسة الأمير.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي دخان كثيف يتصاعد من موقع قصف إسرائيلي في قرية كفركلا اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل أمس (د.ب.أ)

لبنان يعيش على «توقيت الحرب»

يعيش لبنان واللبنانيون على توقيت التهديدات بالحرب التي تكبّل حياتهم منذ مساء السبت، إثر التهديد الإسرائيلي بشن حرب على لبنان، وازداد الإرباك على ضوء دعوات,

كارولين عاكوم (بيروت)
أميركا اللاتينية 
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عقب إعلان فوزه بولاية ثالثة في كاراكاس أمس (أ.ف.ب)

«التجديد» لمادورو يقسّم الفنزويليين مجدداً

أعلن المجلس الوطني الانتخابي في فنزويلا، أمس، فوز الرئيس نيكولاس مادورو بولاية ثالثة، بعد حصوله على 51.2 في المائة من الأصوات في الانتخابات.

هبة القدسي (واشنطن) «الشرق الأوسط» (كاراكاس - لندن)
أوروبا شرطيان وخبيرا أدلة جنائية في مسرح الحادث بساوثبورت (إ.ب.أ)

جريمة طعن تهزُّ بريطانيا

هزت جريمة طعن، بريطانيا، أمس، موقعة قتيلين و9 جرحى، غالبيتهم من الأطفال. وقالت الشرطة إنها ألقت القبض على رجل بعد «واقعة كبيرة» في ساوثبورت شمال غربي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانين (وسط) إلى جانب الرئيس إيمانويل ماكرون ومدير شرطة باريس يوم 27 يوليو بمناسبة لقاء مع القوى الأمنية المكلفة حماية الأولمبياد (رويترز)

رسالة «مشبعة بالطاعون» إلى وزير الداخلية الفرنسي

تحقق الشرطة الفرنسية في رسالة مشبوهة موجهة إلى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان ثبتت إيجابية اختبارها للطاعون. وتم اكتشاف الرسالة في مركز فرز البريد.

«الشرق الأوسط» (باريس)

لبنان في مواجهة الضربة الإسرائيلية يشكو الفراغ وحاجته لشبكة أمان

بري وميقاتي خلال اجتماعها في عين التينة (الوكالة الوطنية)
بري وميقاتي خلال اجتماعها في عين التينة (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان في مواجهة الضربة الإسرائيلية يشكو الفراغ وحاجته لشبكة أمان

بري وميقاتي خلال اجتماعها في عين التينة (الوكالة الوطنية)
بري وميقاتي خلال اجتماعها في عين التينة (الوكالة الوطنية)

الجهود المبذولة من قبل رئيسَي المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، لقطع الطريق على رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، المهدِّد بتوجيه ضربة غير مسبوقة إلى «حزب الله» على خلفية تحميله مسؤولية الصاروخ الذي أصاب بلدة مجدل شمس الواقعة في هضبة الجولان السورية المحتلة، وإن كانت ضرورية، لكنها لا تكفي لتأمين شبكة أمان سياسية للبنان لاستيعاب التداعيات المترتبة على الرد الإسرائيلي، ما لم يتبدل المشهد السياسي الحالي بانخراط المعارضة ومحور الممانعة في تحرك مشترك يؤدي إلى تحصين الساحة الداخلية بإطلاق مبادرة سياسية جامعة لدرء الأخطار التي تهدد البلد.

فالتهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة إلى «حزب الله»، تستدعي من جميع الأطراف الخروج من دائرة الانتظار وحالة الارتباك المسيطرة على البلد، من دون أن يعني ذلك من وجهة نظر سياسية محايدة أن المطلوب توفير الغطاء السياسي لـ«حزب الله» الذي سيضطر إلى الرد على الضربة الإسرائيلية، بمقدار ما أن اتساع الهوّة بين محور الممانعة والمعارضة بات يستدعي تأجيل الدخول في تصفية الحساب مع «الحزب» على قاعدة أنه تفرّد بقراره في مساندة «حماس» من دون العودة إلى الدولة التي هي صاحبة القرار في السلم والحرب.

«محاسبة» الحزب بعد «الضربة»

وبكلام آخر، يرى مصدر سياسي محايد أنه ليس المطلوب تبرئة «الحزب» من تفرّده بقراره في ظل الانقسام في البلد، «وإنما هناك ضرورة لترحيل محاسبته إلى وقت لاحق ريثما يتمكن لبنان من تجاوز الآثار السياسية للضربة الإسرائيلية التي باتت وشيكة»، وفق مصادر دبلوماسية غربية في لبنان، وبالتالي؛ فإن مروحة الاتصالات الخارجية لتأمين شبكة أمان للبلد تبقى ناقصة ما لم تَلقَ التجاوب المطلوب من «أهل البيت»؛ أكانوا في المعارضة أم محور الممانعة.

ويدعو المصدر المحايد، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، إلى «الترفع عن تبادل الاتهامات، بإطلاق مبادرة سياسية جامعة تتناغم مع الجهود الدولية والإقليمية لمنع إسرائيل من توسعة الحرب بذريعة توجيه ضربة مؤذية إلى (حزب الله)؛ لأن ما سيصيب لبنان من أكلاف سياسية ومادية لن يبقى محصوراً في (الحزب)؛ وإنما سيطول جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الطائفية وميولهم السياسية».

ويلفت المصدر نفسه إلى أنه لا يكفي الركون إلى الضغوط الدولية التي تتزعمها الولايات المتحدة الأميركية لـ«تنعيم» حجم الرد الإسرائيلي وتقنينه، ما لم تبادر حكومة تصريف الأعمال، بالتنسيق مع الرئيس بري الذي يتولى حالياً التفاوض مع الوسيط الأميركي أموس هوكستين لإعادة الهدوء إلى جنوب لبنان، إلى طرح تصور متكامل يكون بمثابة خريطة طريق لا تبقى محصورة بعناوين عامة، ويؤكد أن الوزير بوحبيب طرح مجموعة من الأفكار تستدعي تبنيها لحشر إسرائيل أمام المجتمع الدولي، خصوصاً أن نتنياهو يصر على توجيه ضربة إلى «الحزب» للتفلُّت من الضغوط التي تمارس عليه للتوصل إلى وقف النار في غزة الذي يُفترض أن ينسحب على الجنوب.

انفتاح المعارضة على ميقاتي

ويسأل: «ما المانع من أن تبادر المعارضة إلى الانفتاح على الرئيس ميقاتي ما دامت علاقتها بالرئيس بري مأزومة، وإبداء استعدادها للانخراط في مبادرة من شأنها الالتفاف على اتهام محور الممانعة لرئيس حزب (القوات اللبنانية) سمير جعجع بالمراهنة على ما ستؤول إليه المواجهة المشتعلة بين إسرائيل و(حزب الله) لعلها تضعفه»

ويرى المصدر السياسي المحايد أن مبادرة المعارضة للانفتاح على الرئيس ميقاتي أكثر من ضرورية لإحداث خرق للجمود السياسي المسيطر على الداخل اللبناني، «وبذلك يكون حزب (القوات) اختار الوقت المناسب لدحض التهمة الموجهة إليه من محور الممانعة، ويؤكد أنه من غير الجائز أن يبقى البلد مكشوفاً، بالمفهوم السياسي للكلمة، جراء انقطاع التواصل بين قواه السياسية، فيما المطلوب وبإلحاح تعليق تبادل الحملات، ريثما تؤدي الاتصالات إلى توفير الشروط لتأمين شبكة أمان للبنان تلتقي مع الجهود الدولية والإقليمية لمنع نتنياهو من التصرف بحرية في رده على (حزب الله)».

ويحذر المصدر ذاته مما يترتب على البلد من أضرار جسيمة على كل المستويات في ظل تمدد الفراغ الرئاسي وانتقال عدواه إلى القوى السياسية، ويقول إن «المعارضة والممانعة تتحملان مسؤولية عدم ملء الفراغ بإطلاق مبادرة لمواكبة الضغط الدولي لمنع نتنياهو من توسيع ضربته لـ(حزب الله)»، ويدعو الممانعة إلى «الكف عن كيل الاتهامات لمن يخالفها الرأي بانتقاده (حزب الله) على تفرده في مساندته (حماس) من دون العودة إلى الدولة، ووضع الآخرين أمام الأمر الواقع».

الاقتداء بموقف جنبلاط

وإذ يشيد المصدر بـ«الموقف الشجاع والاستثنائي للرئيس السابق لـ(الحزب التقدمي الاشتراكي)، وليد جنبلاط، الذي تجلى بقطع الطريق على المشروع الإسرائيلي لإحداث فتنة شيعية- درزية في محاولة من تل أبيب للتحريض على (حزب الله) بتحميله مسؤولية الصاروخ الذي استهدف بلدة مجدل شمس»، فإنه يدعو الجميع إلى «الترفع عن المهاترات والاقتداء بموقفه الذي أدى لوأد الفتنة».

ويكشف عن أن «المعارضة تقف حالياً أمام اختبار للنيات، أسوة بمحور الممانعة، يتطلب منها المساهمة بلملمة الوضع والانفتاح على ميقاتي، ما دامت المتاريس السياسية ما زالت مرفوعة بينها وبين بري»، ويؤكد أنه آن الأوان لتحسم موقفها، وأنه «لا مانع من تواصلها مع ميقاتي لحثه على إطلاق مبادرة لا تتعارض وتفاوض بري مع الوسيط الأميركي».

ويبقى السؤال: إلى متى يبقى البلد متروكاً للقضاء والقدر في ظل تصاعد الانقسام السياسي؟ وماذا يمنع أن تبادر المعارضة بملء إرادتها إلى الاحتكاك الإيجابي بميقاتي لإيجاد خريطة الطريق لملء الفراغ السياسي القاتل، وصولاً لتوحيد الموقف الذي يعيد الاستقرار للجنوب تحت مظلة الالتزام بتطبيق القرار «1701»؟

فهل يبادر ميقاتي إلى فتح قنوات للتواصل مع المعارضة لإنضاج موقف موحد يشكل نقطة التقاء بين تعدد الآراء بداخلها، والمدرجة على جدول أعمال اجتماعاتها، في مقابل استعداد محور «الممانعة» للتخلي عن إصداره الأحكام المسبقة على خصومه، بأن يقول ماذا يريد ليكون في وسع لبنان الرسمي أن يتقدم من المجتمع الدولي بتصور متكامل لتطبيق القرار «1701»، وهذا يتطلب من «حزب الله» تأييده دون تحفظ؛ لأنه لا مبرر للتعامل معه بقلق ما دام أنه كان في عداد مؤيديه عند صدوره، وهو يشكل نقطة ارتكاز للخيار الدبلوماسي لوقف الحرب جنوباً.