دراسة: عدد القتلى في غزة كان دقيقاً إلى حد كبير في الأيام الأولى للحرب

أشخاص يسيرون في شارع بجوار المباني التي دُمرت خلال القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة في 23 يوليو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون في شارع بجوار المباني التي دُمرت خلال القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة في 23 يوليو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)
TT

دراسة: عدد القتلى في غزة كان دقيقاً إلى حد كبير في الأيام الأولى للحرب

أشخاص يسيرون في شارع بجوار المباني التي دُمرت خلال القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة في 23 يوليو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون في شارع بجوار المباني التي دُمرت خلال القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة في 23 يوليو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

وجدت دراسة جديدة تحلل الأيام الـ17 الأولى من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، أن حصيلة القتلى التي أعلنتها وزارة الصحة في القطاع، والتي كانت موضوع نقاش في ذلك الوقت، أنه يمكن الاعتماد عليها.

وتقول الدراسة، التي أجرتها منظمة «إير وورز» غير الربحية التي تتخذ من لندن مقرا لها، وتقوم بتقييم ادعاءات الأضرار المدنية في النزاعات، إن أرقام وزارة الصحة بغزة في الأيام الأولى للحرب كانت ذات مصداقية.

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الحملة البرية والجوية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة أسفرت عن مقتل ما يزيد على 39 ألف شخص معظمهم من المدنيين، ونزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
واندلعت الحرب عندما شن مسلحو حركة «حماس» هجوماً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، مما تسبب في مقتل أكثر من 1200 مدني إسرائيلي واحتجاز 253 رهينة، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.
وبلغ عدد الفلسطينيين الذين لاقوا حتفهم في غزة حتى اليوم الخميس الموافق 25 يوليو (تموز) 39175 قتيلاً.

وفي أواخر أكتوبر ، نشرت وزارة الصحة أسماء حوالي 7000 شخص قتلوا في الأيام الـ17 الأولى من الحرب، وفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

ومن بين آلاف الغارات الجوية الإسرائيلية والانفجارات الأخرى خلال تلك الفترة الزمنية، قالت منظمة «إير وورز» في الدراسة التي صدرت، الأربعاء، إنها قامت بتحليل جزء صغير فقط – 350 حدثاً – وتمكنت من تحديد 3000 اسم بشكل مستقل، معظمها يطابق قائمة الوزارة. ونتيجة ذلك، قالت منظمة «إير وورز» إنها شعرت بالثقة في أن نظام الإبلاغ عن الضحايا التابع للوزارة في بداية الحرب كان موثوقاً به، وأنه كان يعمل على تحليل الضربات والانفجارات الإضافية.

وذكرت منظمة «إير وورز» أن أرقام الوزارة الأحدث أصبحت أقل دقة بعد تدمير النظام الصحي في الإقليم. ولكن من الواضح أن الحرب قد دمرت السكان المدنيين في غزة. وقالت الوزارة، التي لا تفرق حصيلة قتلاها بين المدنيين والمقاتلين، الأربعاء، إن أكثر من 39 ألف شخص قُتلوا. وتشرف «حماس» في نهاية المطاف على الوزارة، وقد أعرب المسؤولون الإسرائيليون عن تشككهم في دقتها.

وفي وقت مبكر من الحرب، قبل أن تنشر وزارة الصحة قائمتها، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه «ليست لديه ثقة بالعدد الذي يستخدمه الفلسطينيون»، على الرغم من أنه ومسؤولين أميركيين آخرين أعربوا منذ ذلك الحين عن مزيد من الثقة بهم، وحثّوا إسرائيل على بذل مزيد من الجهد لحماية المدنيين.

وتقول إسرائيل إنها تحاول تجنب سقوط ضحايا من المدنيين، لكنها تشير إلى أن «حماس» كثيراً ما تقيم قواتها في مناطق حضرية مكتظة بالسكان.

وركزت «إير وورز» أبحاثها فقط على الأيام الأولى للصراع. وقالت إنه كان هناك عدد أكبر بكثير من الضربات والانفجارات الأخرى، بخلاف ما يقرب من 350 وثقتها خلال هذه الفترة. وقال مايك سباغات، الأستاذ في كلية «رويال هولواي» بجامعة لندن، إن نحو 75 في المائة من الأسماء التي وثقتها منظمة «إير وورز» ظهرت في قائمة وزارة الصحة في غزة لشهر أكتوبر (تشرين الأول).

يقول كثير من المسؤولين والخبراء الدوليين المطلعين على الطريقة التي تتحقق بها وزارة الصحة من الوفيات في غزة – بالاعتماد على معلومات من المشارح والمستشفيات في جميع أنحاء القطاع – إن أرقامها موثوقة بشكل عام. ولكن هناك أدلة على أن جودة البيانات قد انخفضت؛ إذ انهارت البنية التحتية في أجزاء كثيرة من القطاع. وفي ديسمبر (كانون الأول)، بعد إغلاق العديد من المستشفيات، أعلنت وزارة الصحة أنها ستكمل حصيلة القتلى بـ«مصادر إعلامية موثوقة».

وفي تحليلها، تحققت منظمة «إير وورز» من إدراج بعض المسلحين على الأقل في قائمة القتلى في الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب. وقال الجيش الإسرائيلي في يوليو (تموز) إنه قتل أو أسر نحو 14 ألف مقاتل في غزة منذ بدء الحرب، وهو رقم لا يمكن تأكيده بشكل مستقل. وفي إحدى الحالات، استهدفت غارة جوية إسرائيلية في 19 أكتوبر وقتلت اللواء جهاد محيسن، قائد قوات الأمن الوطني التي تديرها «حماس»، إلى جانب 18 فرداً من عائلته، بمن في ذلك 9 أطفال و6 نساء، وفق ما وجدت منظمة «إير وورز»، وجرى إدراج اللواء محيسن وجميع الـ18، باستثناء واحد على قائمة وزارة الصحة. ولأن منظمة «إير وورز» قامت فقط بتحليل الحوادث التي ورد فيها أن المدنيين تعرضوا للأذى، قال الباحثون إنهم لا يستطيعون تقدير عدد المسلحين المدرجين في قائمة وزارة الصحة.

كما دعمت دراسات أخرى موثوقية حصيلة الوفيات المبكرة التي أعلنتها وزارة الصحة في غزة. ووجد باحثو مركز «جونز هوبكنز» أنه لا يوجد دليل على أنه جرى تضخيم الأرقام حتى أوائل نوفمبر (تشرين الثاني).

وقام باحثون من كلية «لندن للصحة والطب الاستوائي» بتحليل أرقام الهوية من قائمة وزارة الصحة في غزة في أكتوبر، ووجدوا أنه لا يوجد «سبب واضح» للشك في البيانات.

وقالت إميلي تريب، مديرة المجموعة، إن منظمة «إير وورز» استخدمت المنهجية نفسها في تحليلها لغزة، كما استخدمت في الصراعات في العراق وسوريا وأوكرانيا وليبيا وغيرها من الدول.


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».