طهران تعلن من دمشق أنها «سعيدة» باستئناف التقارب التركي ـ السوري

أصغر خاجي التقى نظيره السوري في زيارة لم يعلن عنها

وزير الخارجية السورية فيصل مقداد استقبل الاثنين علي أصغر خاجي والوفد المرافق له (سانا)
وزير الخارجية السورية فيصل مقداد استقبل الاثنين علي أصغر خاجي والوفد المرافق له (سانا)
TT

طهران تعلن من دمشق أنها «سعيدة» باستئناف التقارب التركي ـ السوري

وزير الخارجية السورية فيصل مقداد استقبل الاثنين علي أصغر خاجي والوفد المرافق له (سانا)
وزير الخارجية السورية فيصل مقداد استقبل الاثنين علي أصغر خاجي والوفد المرافق له (سانا)

أعلنت طهران دعمها لاستئناف المباحثات على مسار التقارب السوري - التركي. وقال كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة، علي أصغر خاجي، بعد لقاء وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في دمشق، إن «بلاده سعيدة» باستئناف المباحثات على مسار التقارب التركي - السوري، وأنها تأمل في أن تلقى التمهيدات «اللازمة والجيدة» للاجتماعات بينهما، منوهاً إلى أن طهران تدعم هذا المسار لحل المشكلات بين البلدين عبر «الحوار السياسي بعيداً عن الطرق العسكرية».

اجتماع على مستوى وزراء دفاع سوريا وتركيا وإيران وروسيا في موسكو يوم 25 أبريل 2023 (وزارة الدفاع الروسية - أ.ف.ب)

ولفت المسؤول الإيراني إلى أن الاجتماعات الأولى بين سوريا وتركيا، كانت في طهران، ومن ثم استمرت بشكل رباعي، مشدداً على «محاولة طهران عقد الاجتماعات بشكل أكبر، لنشهد مزيداً من التطور في العلاقات بين البلدين».

ولفتت تصريحات أصغر خاجي التي نقلها التلفزيون الرسمي السوري، إلى أن لقاءه والوفد المرافق مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، تناول آخر التطورات في سوريا والمنطقة، والقضايا المتعلقة بالعلاقات الثنائية مع تحديد «مسارنا في المستقبل».

وقال إنه تحدث مع المقداد ونائبه بشكل مفصل حول القضايا الثنائية والإقليمية، و«كان لدينا تقييم مشترك حولها، كما حددنا أهدافنا بشأن تعزيز العلاقات أكثر وأكثر بين بلدينا».

المسؤول الإيراني كشف أيضاً أن اللقاء، اليوم (الاثنين)، تطرق إلى المواضيع الاقتصادية، وعودة اللاجئين إلى سوريا، ومكافحة الإرهاب، مضيفاً: «وكانت لدينا تقييمات جيدة بهذا الخصوص، للاستمرار في مسار التعاون بهذه المجالات»، لافتاً إلى أن الحكومة الإيرانية الجديدة «لديها الإرادة والعزيمة الجادة في تعزيز العلاقات بين البلدين في كل المجالات».

زيارة المسؤول الإيراني والوفد المرافق له جاءت دون إعلان مسبق، بعد يوم من تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تصميمه على مواصلة دعمه الثابت لسوريا في سعيها «للدفاع عن سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها وضمان أمنها القومي واستقرارها»، وذلك رداً على برقية الرئيس السوري بشار الأسد، بمناسبة مرور 80 عاماً على العلاقات الروسية - السورية.

لقاء بشار الأسد ورجب طيب إردوغان في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)

ورأت مصادر متابعة في دمشق أن تأكيد الرئيس بوتين جاء بعد أن «بردت» التصريحات المتبادلة بين الجانبين التركي والسوري بخصوص ملف التقارب بين البلدين، التي أوحت بأن جلوس دمشق وأنقرة إلى طاولة المفاوضات بوساطة من بغداد ودفع من موسكو ودول عربية، بات «وشيكاً». وهو الأمر الذي دفع إيران إلى التلويح لدمشق بورقة الديون المستحقة عليها، كي لا يأتي التقارب مع تركيا بدفع من روسيا، على حساب مصالحها في سوريا، رغم تشجيعها الوساطة العراقية في هذا المسار. بينما لم تتقبل موسكو أن تكون بغداد مكاناً لجمع الجانبين التركي والروسي.

خريطة المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا منتصف 2023 - 2024 (مركز «جسور»)

وتابعت المصادر أن تلك التطورات حركت واشنطن التي تجاهلت الحركة الدبلوماسية المتسارعة على مسار تطبيع العلاقات السورية - التركية، إلى تجاهلها والإشارة بشكل غير مباشر، بعدم السماح لأي تقارب من شأنه تعزيز نفوذ إيران في سوريا التي ستعمل على إخراج القوات الأميركية من سوريا، بحسب ما قالته مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن الفترة التي نشطت فيها التصريحات التركية والردود السورية على أعلى مستوى، أوحت بأن ملفات المنطقة ذاهبة باتجاه إيجاد مخارج للحلول.

لكن الواقع على الأرض كان عكس ذلك، إذ دفعت الأطراف الموجودة على الأرض (إيران وقوات التحالف والقوات التركية)، بمزيد من التعزيزات العسكرية، خلال الأيام الماضية. ورأت المصادر في ذلك «إعادة تمترس كل طرف في موقعه وتعزيزه بزيادة النفوذ العسكري على الأرض، بعد وصول الجولة الأخيرة من العملية الدبلوماسية على مسار التقارب السوري - التركي، إلى طريق شبه مغلقة».

وكانت مواقع إعلامية قد نقلت، الأحد، عن مسؤولين أميركيين القول إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «غير مبالية» بالتقارب بين أنقرة ودمشق. كما عدّ السفير الأميركي السابق في سوريا، روبرت فورد، أنه «من المستحيل فصل وساطة العراق بين أنقرة ودمشق، عن هدف طهران المتمثل في إخراج القوات الأميركية من سوريا».

ولا تزال إيران صاحبة النفوذ العسكري الأقوى في سوريا بين القوى الأجنبية الموجودة على الأراضي السورية، بحسب خريطة الانتشار العسكري الأجنبي في سوريا لعام 2023 - 2024 التي حدثها «مركز جسور للدراسات»، وبحسب الخريطة، هناك 801 موقع عسكري للقوى الأجنبية، منها 529 موقعاً لإيران، التي تمتلك 52 قاعدة عسكرية على الأراضي السورية.



«التحالف» يسعى لوقف النار بين أنقرة و«قسد»

عناصر من قوات «قسد» تتمركز في أحد ميادين الرقة (أ.ب)
عناصر من قوات «قسد» تتمركز في أحد ميادين الرقة (أ.ب)
TT

«التحالف» يسعى لوقف النار بين أنقرة و«قسد»

عناصر من قوات «قسد» تتمركز في أحد ميادين الرقة (أ.ب)
عناصر من قوات «قسد» تتمركز في أحد ميادين الرقة (أ.ب)

سيّر التحالف الدولي للحرب على «داعش»، بقيادة أميركا، دورية في عين العرب (كوباني) في شمال شرقي سوريا، وأنشأ مركزاً للإشراف على مفاوضات وقف إطلاق النار بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالية لها، التي تسعى للسيطرة على المدينة.

في الوقت ذاته، تقدمت «قسد» باتجاه مدينة منبج، في محافظة حلب، وسيطرت على عدد من القرى، خلال المعارك مع فصائل الجيش الوطني السوري في مسعى لاستعادة السيطرة على المدينة.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قوات التحالف الدولي سيّرت دورية مؤلفة من عربات عسكرية عدة، الثلاثاء، في عين العرب (كوباني)، وأنشأت عناصر الدورية مبنى مؤقتاً من أجل الإشراف على المفاوضات والوساطة بين القوات التركية والفصائل الموالية وقسد، للحد من التصعيد في المنطقة وتجنيبها الدمار.

دورية أميركية في عين العرب (المرصد السوري)

وكان قائد قوات التحالف الدولي أكد خلال اجتماع في 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مع قائد «قسد» مظلوم عبدي، ووجهاء مدينة الرقة ومجلسها المحلي، استمرار بقاء قوات التحالف مدينة الرقة وريفها.

مفاوضات وتصعيد

ولا تزال المفاوضات جارية، بالنسبة لمدينة عين العرب التي تحاول الفصائل الموالية لتركيا السيطرة عليها. ويقول التحالف الدولي إنها حققت تقدماً كبيراً في الآونة الأخيرة، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.

في الوقت ذاته، اندلعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة وقذائف الهاون بين قوات «قسد» ومجلس منبج العسكري التابع لها من جهة، وفصائل «الجيش الوطني» قرب قرية قبر إيمو شرق جسر قره قوزاق، من جهة أخرى. وأفادت وسائل إعلام تركية بمقتل 5 من عناصر الفصائل في الاشتباكات.

قوات «قسد» تتقدم باتجاه منبج مجدداً (المرصد السوري)

كما تقدمت قوات «قسد» لتسيطر على 4 قرى في محيط سد تشرين في ريف حلب الشرقي وباتت على بعد نحو 12 كيلومتراً من مدينة منبج.

ووقعت اشتباكات عنيفة، بعد منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء، بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور بلدة دير حافر جنوب شرقي حلب، ومحور جنوب حلب، حيث تمكنت «قسد» من السيطرة على محطة «بابيري» التي تضخ المياه لحلب.

وقصفت القوات التركية والفصائل بالمدفعية الثقيلة عدداً من القرى في ريفي عين عيسى وتل أبيض شمال محافظة الرقة. وقُتل اثنان من الفصائل الموالية لتركيا، خلال تصدي قوات مجلس الرقة العسكري لمحاولة تسلل على قرية أم البراميل شرق عين عيسى.

ودارت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين قوات «مجلس تل تمر العسكري»، التابعة لقسد، والفصائل المتمركزة بمنطقة «نبع السلام»، ما أدى لمقتل 3 عناصر من المهاجمين وجرح آخرين وتدمير سيارة عسكرية تحمل سلاح دوشكا.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن أوامر تركية صدرت بمنع مغادرة المئات من عناصر فصائل الجيش الوطني، مع عائلاتهم، للعودة إلى مناطقهم الأصلية في مناطق متفرقة من سوريا، ممن قدموا إلى مدينة رأس العين في منطقة «نبع السلام» في ريف الحسكة الشمالي الغربي خلال العملية العسكرية التركية التي حملت الاسم ذاته في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.

كما تواجه العائلات المُهجّرة، التي نزحت إلى منطقة عفرين إبان عملية «غصن الزيتون» العسكرية التركية عام 2018، ضغوطاً متزايدة لعدم العودة إلى مناطقهم الأصلية، من قبل فصائل «الجيش الوطني» التي تضغط لإبقائهم في المنطقة ومنع عودة السكان الأصليين (غالبيتهم أكراد) إلى منازلهم.

ضرورة الحل السياسي

وبينما تستمر مفاوضات لوقف دائم لإطلاق النار بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، دعا الممثل الخاص للأمم المتحدة في سوريا، غير بيدرسن، إلى إنهاء التوتر بين الفصائل المدعومة من تركيا و«قسد» في شمال شرقي سوريا بالوسائل السياسية.

غير بيدرسن متحدثاً للصحافيين في دمشق الأسبوع الماضي (رويترز)

وقال بيدرسن لـ«رويترز»: «إذا لم يتم التعامل مع الوضع في الشمال الشرقي بشكل صحيح، فقد يكون هذا سيئاً للغاية بالنسبة لسوريا بأكملها، إذا فشلنا هنا، فستكون هناك عواقب وخيمة عندما يتعلق الأمر بإعادة نزوح الناس».

ولفت إلى أن الحل السياسي يتطلب «تنازلات جدية»، وأن قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، وعد، خلال لقائه معه في دمشق الأسبوع الماضي، بترتيبات انتقالية تشمل الجميع.

وأوضح أن الحل السياسي في شمال شرقي سوريا سيكون بمثابة اختبار لسوريا الجديدة بعد أكثر من 50 عاماً من حكم عائلة الأسد، وأن «مسألة إنشاء سوريا جديدة وحرة، بتعبير دبلوماسي، ستكون صعبة للغاية».

إصرار تركي

في المقابل، أكد، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن تركيا ستعمل «بالتأكيد» للقضاء على «هذه العصابة المجرمة» (يقصد «قسد» التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية غالبية قوامها)، ولن نسمح بأن تبقى مصدر تهديد لمنطقتنا.

إردوغان أكد استمرار العمليات التركية ضد «قسد» عقب اجتماع حكومته مساء الاثنين (الرئاسة التركية)

وشدد إردوغان، في تصريحات عقب ترؤسه اجتماع حكومته في أنقرة ليل الاثنين - الثلاثاء، على عزم تركيا على مواصلة تنفيذ «عمليات عسكرية دقيقة» ضد الإرهابيين (حزب العمال الكردستاني - الوحدات الكردية) في سوريا دون إلحاق أي ضرر بالمدنيين، ولن يكون لهم مكان في مستقبل سوريا.

والتقى إردوغان، الثلاثاء، الزعيم الدرزي اللبناني، وليد جنبلاط، بقصر الرئاسة في أنقرة، الثلاثاء، غداة لقاء جنبلاط مع الشرع في دمشق، الاثنين، وجرى بحث التطورات في سوريا في ظل تقارير عن وساطة يسعى إليها السياسي اللبناني بين تركيا و«قسد»، على خلفية علاقاته الجدية بالإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا.

وفي السياق، بحث وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي، ليل الاثنين - الثلاثاء، مستجدات الأوضاع في سوريا، بعد ساعات قليلة من لقاء الصفدي مع الشرع في دمشق، التي زارها فيدان أيضاً يوم الأحد، وأجرى مباحثات مماثلة.

ملف اللاجئين

على صعيد ملف اللاجئين السوريين في تركيا، أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عن سلسلة إجراءات جديدة لتسهيل عودته إلى بلادهم بطريقة طوعية وآمنة.

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا متحدثاً عن تسهيلات جديدة للسوريين في المغادرة (من حسابه في «إكس»)

وقال يرلي كايا، خلال لقاء مع محرري وكالة «الأناضول» التركية الرسمية، الثلاثاء، إن السوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم يمكنهم أن ينقلوا معهم جميع ممتلكاتهم ومركباتهم.

وأضاف أن السوريين الراغبين في العودة يمكنهم تقديم طلب عبر الموقع الإلكتروني لرئاسة إدارة الهجرة وأخذُ موعد في اليوم نفسه، مشيراً إلى أنه، بتعليمات من الرئيس إردوغان، سيسمح لفرد واحد من كل عائلة سورية مقيمة في تركيا بعبور البوابات الحدودية بين تركيا وسوريا 3 مرات في الفترة من يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) المقبلين، لتسهيل ترتيب أوضاع العائلات عند العودة إلى أماكن إقامتهم في سوريا.

السلطات التركية تسمح للسوريين باصطحاب أمتعتهم معهم عند المغادرة (أ.ف.ب)

وأضاف أنه سيتم إنشاء مكتب لإدارة الهجرة بسفارة تركيا في دمشق وقنصليتها في حلب لتسهيل أمور عودة السوريين.

في الوقت ذاته، أعلنت القنصلية السورية في إسطنبول البدء من، الثلاثاء، في منح تذاكر عبور للسوريين الذين لا يمتلكون جواز سفر أو كانت جوازاتهم منتهية الصلاحية، صالحة لمدة شهر واحد فقط وتستخدم مرة واحدة فقط.

وأشار وزير الداخلية التركي إلى عودة 763 ألفاً و443 سورياً إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن ومنظم منذ عام 2017، وأن عدد العائدين إلى سوريا في آخر 15 يوماً تجاوز 25 ألف شخص.