لبنان: «الاشتراكي» و«الاعتدال» غير متحمسيْن لتشكيل قوة ضغط رئاسية مع «الوطني الحر»

رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط مجتمعاً مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل خلال جولة قام بها «الاشتراكي» الشهر الماضي على الأفرقاء لطرح مبادرة رئاسية (أرشيفية)
رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط مجتمعاً مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل خلال جولة قام بها «الاشتراكي» الشهر الماضي على الأفرقاء لطرح مبادرة رئاسية (أرشيفية)
TT

لبنان: «الاشتراكي» و«الاعتدال» غير متحمسيْن لتشكيل قوة ضغط رئاسية مع «الوطني الحر»

رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط مجتمعاً مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل خلال جولة قام بها «الاشتراكي» الشهر الماضي على الأفرقاء لطرح مبادرة رئاسية (أرشيفية)
رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط مجتمعاً مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل خلال جولة قام بها «الاشتراكي» الشهر الماضي على الأفرقاء لطرح مبادرة رئاسية (أرشيفية)

لم تنجح قيادة «التيار الوطني الحر» حتى الساعة بإقناع الحزب «التقدمي الاشتراكي» وتكتل «الاعتدال الوطني» بتشكيل قوة وسطية ضاغطة في الملف الرئاسي. إذ يعتقد رئيس «التيار» النائب جبران باسيل أن توحيد مبادرات وجهود الأطراف الثلاثة كفيل بتغيير الواقع الرئاسي الحالي، الذي يدور في حلقة مفرغة، خاصة مع اصطدام آخر المبادرات التي وضعت على الطاولة، وهي مبادرة لقوى المعارضة، بحائط مسدود نتيجة رفض «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») التجاوب معها.

قوة وسطية ضاغطة

ويقول مصدر نيابي في «الوطني الحر» إن «فكرة تشكيل قوة وسطية ضاغطة في الملف الرئاسي ولدت نتيجة وصول كل المبادرات التي تم التداول بها في الأشهر الماضية إلى نقطة معينة لم تعد تستطيع أن تتقدم بعدها، من هنا اعتبرنا أن اجتماعنا وتوحيد جهودنا ككتل تقف بالوسط بين الفريقين المتصارعين كفيلان بتغيير الواقع الراهن»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التقدمي» و«الاعتدال» منفتحان على لقاءات ثنائية لا ثلاثية، ولم يتجاوبا حتى الساعة مع فكرة خلق قوة ضغط أو تحالف بالملف الرئاسي.

التشاور أولاً

ويؤكد النائب في تكتل «اللقاء الديمقراطي» الدكتور بلال عبد الله أن «التكتل يتمنى تكامل وتآلف كل المساعي التي من شأنها أن تؤدي لانتخاب رئيس»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المبادرات المطروحة تتقاطع أحياناً وتتمايز أحياناً أخرى، لكن الأهم يبقى بتكريس مبدأ التشاور للوصول إلى نتيجة»، مضيفاً: «وإذا كان التشاور في مجلس النواب من الطبيعي أن يترأسه رئيس مجلس النواب». ويضيف عبد الله: «المطلوب التقارب بيننا ككتل سياسية في ظل الاستعصاء الإقليمي والدولي والحرب المتواصلة في المنطقة وابتعاد الخارج عن لبنان الذي لم يعد يندرج بإطار الأولويات».

الوسطية ضمانة

من جهته، يشير عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب أحمد الخير إلى أنه «ليس هناك نقاش لتوحيد الجهود في الملف الرئاسي مع (التيار الوطني الحر) و(الحزب التقدمي الاشتراكي)، إنما هناك نقاشات مستمرة للتكامل بين المبادرات على تنوعها، وإيجاد تقاطعات مشتركة يمكن البناء عليها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، إذا ما تضافرت الجهود، وتوافرت النوايا لذلك».

رئيس البرلمان نبيه بري متوسطاً أعضاء من تكتل «الاعتدال» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)

ويذكّر الخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «تكتل (الاعتدال) كان أول من تموضع في الوسط، ولم يكن جزءاً من أي اصطفاف، لإدراكنا أن الاصطفافات، كما كانت وما زالت، لن تنتخب رئيساً للجمهورية، ولا وظيفة لها إلا إطالة أمد الفراغ الرئاسي، وأن لا مفر من التشاور للوصول إلى حلول، واليوم، وكل يوم، يتأكد مدى صوابية موقفنا، في ظل تقاطع كل المبادرات على مبدأ التشاور، بمعزل عن تفاصيله، وفي ظل الحديث عن حاجة لخلق قوة ضغط وسطية من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي».

ويضيف الخير: «اليوم، نحن في الوسط، ولم نغادر موقعنا منذ بدء الأزمة، نمد اليد للجميع، ونراهن على التقاء الجميع على قناعة بأن الوسطية في هذا الاستحقاق من شأنها أن تشكل ضمانة وصمام أمان لأي حوار أو تشاور ينشد الوصول إلى حل، وأن الاستمرار بمنطق الاصطفافات والتحديات، بعد نحو السنتين على الفراغ، بات جريمة بحق لبنان، دولة وكياناً ومؤسسات وشعباً».

المبادرات الثلاث

وجاء تحرك باسيل الرئاسي متبنياً إلى حد بعيد مبادرة كان قد أطلقها رئيس المجلس النيابي بصيف عام 2022، التي تطرح حواراً محدوداً زمنياً، بحيث لا يتجاوز الأيام العشرة، يدعو إليه بري ويرأسه، على أن تليه مباشرة جلسة لانتخاب رئيس بعدة دورات. أما مبادرة «اللقاء الديمقراطي» فسعت لتقريب وجهات النظر بين «الثنائي الشيعي» والمعارضة وأتت تلبية لتمني المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان لكنها لم تؤد لأي خرق يُذكر.

وكان قد سبقت هاتين المبادرتين، مبادرة لـ«تكتل الاعتدال» التي كانت عبارة عن خطة عملية تقول بالتداعي لتشاور يسبق جلسة الانتخاب. هذه المبادرة رحبت بها كل القوى قبل أن تختلف على تنفيذ بنودها، وبخاصة بعد إصرار «حزب الله» وحركة «أمل» على أن يكون بري من يرأس الحوار ويدعو إليه.


مقالات ذات صلة

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

تحليل إخباري الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

يشكّل انتخاب الرئيس اللبناني جوزيف عون وتسمية الرئيس المكلّف نواف سلام لتأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد، موضع اهتمام عربي ودولي غير مسبوق.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون (د.ب.أ)

عون: الجميع متساوون تحت راية العلم اللبناني

أكد الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون اليوم (الأربعاء) أن الهدف حاليا يتمثل في العمل على بناء الدولة واستعادة اللبنانيين في الخارج ثقتهم في بلدهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

برزت دعوات الكتل النيابية اللبنانية إلى تشكيل «حكومة كفاءات» مع إطلاق الرئيس المكلف، نواف سلام، الاستشارات النيابية غير الملزمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي اللبناني جورج روكز كان ضحية عملية سرقة (إكس)

جريمة سطو مسلح تهزّ بيروت... والأجهزة الأمنية توقف الفاعل

تمكّنت الأجهزة الأمنية في لبنان، من توقيف «ع.ع»، بعد 4 ساعات على ارتكابه جريمة قتل اللبناني جورج روكز داخل معرض السيارات الخاص به في منطقة الضبية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً».

فاطمة عبد الله (بيروت)

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
TT

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

يشكّل انتخاب الرئيس اللبناني جوزيف عون وتسمية الرئيس المكلّف نواف سلام لتأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد، موضع اهتمام عربي ودولي غير مسبوق، وهذا ما تترجمه الزيارات التي يبدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، الجمعة، لتهنئة الرئيس عون والرئيس المكلف.

وفي حين جال وزير خارجية إسبانيا والاتحاد الأوروبي خوسيه مانويل ألباريس على المسؤولين اللبنانيين، الأربعاء، بالتزامن مع لقاءات مماثلة لوزير خارجية الدنمارك لارس لوكه راسموسن، من المقرر أن يصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت إلى بيروت، ثم يبدأ مسؤولون عرب وأجانب في الوصول إلى العاصمة اللبنانية بدءاً من الأسبوع المقبل.

وعدّ سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد، أن «لبنان مهمّ جداً للمنطقة والعالم، والتغييرات التي تحصل الآن في لبنان هي جزء من المتغيرات التي تحصل على مستوى المنطقة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاهتمام الدولي بلبنان لم يبدأ اليوم، بل تبلور خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وكان للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا الدور الأكبر في التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار». وأشار السفير شديد إلى أن «الاستقرار في لبنان وانتظام العمل الدستوري مسألة مهمة جداً لإرساء الاستقرار في المنطقة، وتجلَّى ذلك بانتخاب رئيس الجمهورية وإطلاق عجلة تأليف الحكومة».

ضمانة عون وسلام

ويشكّل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف الآن، ضمانة إطلاق مسيرة الدولة وعدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وذكّر السفير أنطوان شديد بأن «زيارة الرئيس الفرنسي هي فاتحة زيارات عدد من القادة الدوليين والعرب؛ للتعبير على الدعم المطلق للدولة اللبنانية برئيسها وحكومتها وجيشها ومؤسساتها الدستورية». وقال: «نحن أمام مرحلة من الدعم الدولي غير المسبوق للعهد وللدولة، والمهم أن يتلقف لبنان هذا الدعم بإيجابية، وأعتقد أن ما أعلنه الرئيس عون أمام الوفود التي زارته، عن هجمة عربية دولية تجاه لبنان لتقديم الدعم والمساعدة في عملية بناء الدولة يعبّر عن الحقيقة التي يعرفها الرئيس عون، عمّا ينتظر لبنان من الأشقاء والأصدقاء في المرحلة المقبلة».

من جهته، عدَّ الوزير السابق رشيد درباس أن «الاهتمام الدولي بلبنان، يؤشر بوضوح إلى أن لبنان خرج من حالة الاضطرابات والاختلال الأمني، ولم يعد منصّة للتخريب على أمن المنطقة». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة الرئيس الفرنسي وما يليها من توافد لقيادات عربية وعالمية إلى بيروت، يعطي انطباعاً بعودة الثقة إلى اللبنانيين بمجرد أن انتخبوا رئيساً للبلاد وشكَّلوا حكومة»، مشيراً إلى أن «هذا الانفتاح مقدمة لمساعدة لبنان على الاستثمار في عوامل الأمان والتنمية وتخفيف النزاعات وخروجه من العدمية والفوضى».

وقال: «إن مجيء الرئيس ماكرون أو غيره من الشخصيات العالمية، دليل على أنهم باتوا شركاء مع اللبنانيين في بناء الدول ومؤسساتها، ومنخرطين في عملية تعامي لبنان عن الأمراض التي كانت تسكنه».

ويقرأ البعض في هذه الزيارات تدخلاً في الشؤون اللبنانية، إلّا أن درباس رأى أن «بعض اللبنانيين وتحديداً الثنائي الشيعي لم يقرأوا المتغيرات في المنطقة ولا التقلبات في موازين القوى، بل أصروا على خطاب حماسي يعمي البصيرة»، لافتاً إلى أنه «عندما كان لدى هذا الفريق (الثنائي الشيعي) الحقّ بالشراكة القوية في تسمية رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، رفضوا كلّ العروض وأصروا على إضاعة الفرص، إلى أن فُرضت الخيارات عليهم من الخارج»، متمنياً «الانتهاء من مرحلة تضييع الفرص على البلد وانتهاك الدستور تحت حجّة الحفاظ على السيادة التي بذريعتها أصبحنا على عداء مع كل الأشقاء والأصدقاء، ومزاعم تحرير فلسطين ومقولة أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت».

مقاطعة شيعية غير مطمئنة

وعكست مقاطعة كتلتي الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) الاستشارات أجواء سلبية عشية توافد المسؤولين الدوليين والعرب على لبنان، ورأى المحلل السياسي توفيق هندي أن «الخيار الذي ذهب إليه الثنائي الشيعي بمقاطعة الاستشارات غير الملزمة لا يطمئن ولا يلاقي إرادة اللبنانيين في الداخل وإرادة الأشقاء والأصدقاء في الخارج»، مبدياً أسفه كيف أن «هذا الفريق يعلن مقاطعته الاستشارات غير الملزمة، وبالوقت نفسه يؤكد على رغبته المشاركة في الحكومة»، مشدداً على أن «خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس جوزيف عون جاء على قدر آمال اللبنانيين، وشكَّل بارقة رجاء لدول العالم، ولاقاه بذلك كلام الرئيس المكلف نواف سلام من القصر الجمهوري عندما وضع الخطوط العريضة لمشروع بناء الدولة».