شركات الأدوية في صنعاء تتعرض للتعسف بدافع الابتزاز

الحوثيون أطلقوا حملة استهداف تحت مبرر «ضبط الأسعار»

الجماعة الحوثية استهدفت قطاع الأدوية في مناطق سيطرتها بحملات متكررة (فيسبوك)
الجماعة الحوثية استهدفت قطاع الأدوية في مناطق سيطرتها بحملات متكررة (فيسبوك)
TT

شركات الأدوية في صنعاء تتعرض للتعسف بدافع الابتزاز

الجماعة الحوثية استهدفت قطاع الأدوية في مناطق سيطرتها بحملات متكررة (فيسبوك)
الجماعة الحوثية استهدفت قطاع الأدوية في مناطق سيطرتها بحملات متكررة (فيسبوك)

تعرَّضت نحو 10 مؤسسات دوائية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، لعمليات دهم تعسفية بدافع الابتزاز، على أيدي مسلحين حوثيين، إذ تواصل الجماعة تنفيذ ما سمتها المرحلة الأولى الميدانية ضد العاملين في القطاع الدوائي والصيدلاني بحجة الرقابة على الأسعار وضبط المخالفات.

وكشفت مصادر طبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة الحوثية أطلقت العنان لأتباعها ومشرفيها «لتكثيف حملات النهب والتعسف والإغلاق بحق شركات الأدوية والصيدليات في كافة مديريات صنعاء بهدف جمع مزيد من الأموال ودعم المجهود الحربي».

وبحسب المصادر أغلقت فرق التعسف الميدانية الحوثية في أول يومين من إطلاق الحملة أكثر من 10 مؤسسات أدوية في مناطق متفرقة بصنعاء، بزعم مخالفتها للتسعيرة المحددة.

عنصر حوثي يقوم بإغلاق صيدلية في صنعاء (إعلام حوثي)

واعترف القيادي الحوثي علي عباس المعين رئيساً لهيئة الدواء أن النزول الميداني بمرحلته الأولى يأتي في إطار خطة واسعة تستهدف مستوردي أكثر من 4 آلاف صنف من الأدوية.

وتوعدت الجماعة بمواصلة لجانها الميدانية استهداف ما تبقَّى من تجار الدواء وجميع مُلاك المنشآت الصيدلانية، البالغ عددها نحو 1750 صيدلية في صنعاء وضواحيها، كما برَّرت ذلك السلوك بأنه يأتي ضمن ما يسمى الرقابة على سوق الدواء، وضبط مخالفات التسعيرة، على حد زعمها.

سلوك متكرر

وشكا ملاك صيدليات ومؤسسات أدوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» ما وصفوه بـ«إصرار الانقلابيين على استهدافهم ونهب أموالهم وتهديدهم بالاعتقال والإغلاق حال رفضهم دفع مبالغ مالية».

ويستغرب سمير، وهو اسم مستعار لمالك مؤسسة دوائية في صنعاء، من أن الجماعة تزعم تنفيذ حملة للرقابة على تسعيرة الدواء، ثم تقوم بمداهمة مقار الشركات الدوائية، وتطلب منهم دفع مبالغ غير قانونية، وتهددهم بالاعتقال والإغلاق في حال عدم الاستجابة لمطالبها.

وطالب مالك المؤسسة الدوائية كافة المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لإنقاذهم ومصادر عيشهم من آلة البطش والتنكيل والنهب الحوثية.

حملة حوثية جديدة طاولت بالإغلاق منشآت دوائية في صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق للجماعة الحوثية أن اقتحمت في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، مقرات أكبر شركتين للصناعات الدوائية في اليمن، واختطفت 8 من المديرين، بينهم سيدة، وعيّنت أحد أتباعها حارساً قضائياً بذريعة وجود مساهمين فيهما يعارضون توجهاتها، وعدم تحصلها على أرباح مالية منهما طوال السنوات السابقة.

وأطلقت الجماعة الانقلابية على مدى السنوات القليلة الماضية كثيرا من حملات التعسف والإغلاق وفرض الإتاوات بحق مئات المنشآت الطبية وشركات الدواء في المناطق تحت سيطرتها، تحت عدة مبررات منها فرض تسعيرة للأدوية.

وذكرت مصادر عاملة في القطاع الصحي اليمني في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن جماعة الحوثي أغلقت خلال إحدى حملاتها التعسفية أكثر من 12 مستودعاً لبيع الأدوية بالجملة، و24 صيدلية من أصل أكثر من 116 منشأة دوائية تقع في مناطق متفرقة بصنعاء.


مقالات ذات صلة

واشنطن تدمر 4 زوارق مسيّرة في البحر الأحمر

المشرق العربي رافعة متضررة على رصيف التحميل في ميناء الحديدة بعد يوم من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

واشنطن تدمر 4 زوارق مسيّرة في البحر الأحمر

استأنف الحوثيون العمل في ميناء الحديدة على الرغم من استمرار الحريق في مستودعات الوقود لليوم الثالث جراء الغارات الإسرائيلية، بينما دمرت واشنطن 4 زوارق مسيرة.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الحوثيون يُرغمون الموظفين الحكوميين على حضور دورات ذات منحى طائفي (إعلام حوثي)

دورات «تطييف» حوثية تستهدف عشرات المسؤولين المحليين

أخضعت جماعة الحوثي نحو 41 مسؤولاً محلياً، استقدمتهم من مديريات تحت سيطرتها إلى العاصمة المختطَفة صنعاء، خلال الأيام الأخيرة الماضية لتلقّي برامج ودروس تعبوية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي يمني يبيع وقوداً في الشارع وسط أزمة نفط تواجهها صنعاء ومناطق أخرى في البلاد (إ.ب.أ)

أزمة وقود في صنعاء تربك الانقلابيين غداة قصف الحديدة

شهدت صنعاء ومدن يمنية أخرى، لليوم الثاني على التوالي، أزمة وقود، وسط ارتباك حوثي في احتواء الموقف، وذلك غداة قصف إسرائيل خزانات الوقود في ميناء الحديدة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
شؤون إقليمية صورة الأقمار الاصطناعية تظهر منظراً لخزانات النفط المحترقة في ميناء مدينة الحديدة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون (أ.ف.ب)

مصادر إسرائيلية: الجيش تدرب في اليونان على ضرب بنك أهداف باليمن

الجيش الإسرائيلي وأجهزة مخابراته أعدوا منذ شهور لاحتمال القيام بهجوم على مواقع للحوثيين في اليمن وتدربوا في اليونان على بنك أهداف

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي عمال يفرغون حاوية من سفينة تجارية في ميناء الحديدة الذي يعد أحد أكبر موانئ اليمن وأكثرها حيوية (رويترز)

بعد الضربات الإسرائيلية... شبح اقتصادي يحدق باليمن

يتوقع باحثون يمنيون أن تؤثر الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة بشكل محدود لكنهم يتخوفون من تكرار الضربات على الاقتصاد والمعيشة ومحاصرة الموانئ

وضاح الجليل (عدن)

«هدنة غزة»: الوسطاء لجولة تفاوض «حاسمة»

صبي فلسطيني يحمل فتاة أثناء فرارهم من الجزء الشرقي لخان يونس بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء المنطقة (رويترز)
صبي فلسطيني يحمل فتاة أثناء فرارهم من الجزء الشرقي لخان يونس بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء المنطقة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء لجولة تفاوض «حاسمة»

صبي فلسطيني يحمل فتاة أثناء فرارهم من الجزء الشرقي لخان يونس بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء المنطقة (رويترز)
صبي فلسطيني يحمل فتاة أثناء فرارهم من الجزء الشرقي لخان يونس بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء المنطقة (رويترز)

تبدأ جولة جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة الخميس من الدوحة، مع إعلان إسرائيل مشاركة وفد فيها، وسط جهود للوسطاء لإقرار هدنة ثانية في القطاع، تنهي الحرب المستمرة منذ 10 أشهر.

وقال خبراء لـ«الشرق الأوسط»، إن المحادثات ستكون «حاسمة»؛ كونها تُجرى بالتوازي مع زيارة مهمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، وتطلعات الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء فترته الرئاسية بحل للأزمة، بخلاف الضغوط الداخلية في تل أبيب، وموافقة «حماس» على مبادئ المقترح، وسعي إسرائيل لتقليل جبهات الحرب المفتوحة بعد التصعيد مع الحوثيين في اليمن.

وتحت ضغوط احتجاجات داخل إسرائيل، قرر نتنياهو، الأحد، إرسال فريق تفاوض الخميس إلى الدوحة، بعد «نقاشات معمقة» مع المجلس الوزاري الأمني، وفق بيان لمكتبه لم يفصح عن تفاصيل أكثر.

وبالتوازي، يبدأ، الاثنين، نتنياهو رحلة خارجية، هي الأولى منذ أشهر إلى الولايات المتحدة لإلقاء خطاب أمام الكونغرس، يعول عليها كثيراً لنيل الدعم الأميركي، لكنه «لا يخفي مخاوفه من الضغوط التي سيتعرض لها من إدارة بايدن للقبول باتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار كما هو، بعد أن أعلنت (حماس) موافقتها عليه»، وفق «القناة 12» الإسرائيلية، التي لفتت إلى «ترقب أهالي الرهائن لنتائج المحادثات المقبلة».

ذلك الترقب للمفاوضات أرجعه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق محمد حجازي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أهمية التوقيت الذي وصفه بـ«الحاسم»؛ كونه مرتبطاً بزيارة نتنياهو لواشنطن، ونتائج مقابلاته، متوقعاً «ضغطاً من الديمقراطيين لحسم الصفقة بعد حالة التذبذب التي يعيشها الحزب عقب قرار انسحاب بايدن من السباق الانتخابي».

في حين دعا المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، إلى الانتظار لمعرفة ماذا في حقيبة الوفد التفاوضي الإسرائيلي من بنود، خلال محادثات الخميس، متخوفاً من أن «تحمل خطوطاً حمراء أو رؤى جديدة تعرقل التوصل لصفقة».

ورغم ذلك، يرى الرقب أن «المفاوضات قد تستطيع الوصول لاتفاق بشأن المرحلة الأولى من المراحل الثلاث التي يحملها مقترح بايدن، والتي تمتد إلى 42 يوماً»، وسط مخاوف لدى «حماس» من أن تتذرع إسرائيل بإمكانية العودة للقتال وعدم الذهاب لمفاوضات المرحلة الثانية في أي وقت تريد، ولذلك ستكون هناك مطالب بـ«ضمانات».

فلسطينية على كرسي متحرك في حين تفر هي وآخرون من الجزء الشرقي لخان يونس بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بالإخلاء (رويترز)

ويقدر عضو المجلس الوزاري الأمني ووزير الطاقة إيلي كوهين، المقرب من نتنياهو، لـ«القناة 12» الإسرائيلية، أنه في «غضون أسبوعين يمكن الوصول لاتفاق بشأن الهدنة».

وشهدت القاهرة في 9 يوليو (تموز) جولة جديدة من المسار التفاوضي للبحث في تنفيذ مقترح بايدن، واستُكملت المفاوضات، بعد يومين وقتها، في الدوحة، قبل أن تعود لمصر في اليوم التالي، وسط تأكيدات إعلامية أميركية بإحراز «تقدم» بالمسار التفاوضي. قبل أن يكشف مسؤولون عسكريون في 12 يوليو الجاري، أن نتنياهو «أضاف مبادئ تتجاوز الاتفاقات مع الوسطاء».

ومن أبرز العراقيل استمرار سيطرة الجيش الإسرائيلي على «ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح» اللذين احتلهما في مايو (أيار) الماضي، وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية بينها «القناة 12»، وسط رفض من «حماس» والقاهرة.

ووفق السفير محمد حجازي، فإن هناك عدة عوامل تجعل من الجولة التفاوضية المقبلة «حاسمة»، بينها مخاوف إسرائيل من توسيع نطاق الحرب في ظل ضربات حوثية طالت تل أبيب لأول مرة ومناوشات مع «حزب الله» على الحدود، وكذلك الحديث الإعلامي الفترة الأخيرة عن تدمير أكثر من نصف قدرات «حماس»، وأيضاً «مساعي نتنياهو للحصول على دعم أميركي في ظل الخسائر الكبيرة للجيش الإسرائيلي الذي لم يتعود من قبل على الحروب الطويلة، وكلها أمور تجعل الذهاب لتهدئة أمراً ضرورياً».

وهو ما يتفق مع تصريحات وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، التي كشف خلالها أن هناك «موافقة من إسرائيل و(حماس)» على مقترح بايدن، وقال إننا نتجه نحو «الهدف النهائي» فيما يتعلق بالتوصل لاتفاق، والأمر يتعلق الآن بالانتهاء من التفاوض بشأن «بعض التفاصيل المهمة». إلا أن الرقب توقع أن «تستمر المحادثات أكثر من أسبوعين»، وفق ما يتردد بالإعلام الإسرائيلي، خاصة في ظل مطالب جديدة خرجت من قيادات بحزب «الليكود»، بينها أن تتضمن الصفقة إطلاق سراح جميع الأسرى مرة واحدة، وكذلك الخلافات بشأن الانسحاب من محور فيلادلفيا ومعبر رفح.

والأحد، هدد 8 نواب من حزب «الليكود»، معروفين بأنهم مقربون من نتنياهو، بأنهم سيصوتون ضد أي صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة «حماس»، إذا لم تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى مرة واحدة، وإذا تضمنت وقفاً تاماً للنار، أو إذا أدت إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي كلياً من قطاع غزة.

في المقابل، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة، لم تسمها، أن الولايات المتحدة والوسطاء بعثوا رسالة إلى «حماس»، مفادها أن عليها تجاهل تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو بشأن المفاوضات؛ «إذ إن بعضها كان مخصصاً لاحتياجات سياسية فقط».

ومنذ اندلاع الحرب قبل 10 أشهر، شهدت غزة هدنة واحدة في نوفمبر (تشرين الثاني)، لم تستمر إلا نحو أسبوع، وتضمنت تبادل أسرى وإدخال مساعدات إغاثية، قبل أن يدخل الوسطاء نحو نصف عام بين «مناورات» و«تعقيدات» من قبل طرفَي الحرب لم تسفر عن هدنة ثانية.