نمو قطاعي سياحي ونقدي ينفصل عن حرب جنوب لبنان

الاحتياطيات السائلة تقفز إلى 10.3 مليار دولار لدى «المركزي»

جانب من أماكن السهر في بلدة ضهور الشوير بجبل لبنان (أ.ف.ب)
جانب من أماكن السهر في بلدة ضهور الشوير بجبل لبنان (أ.ف.ب)
TT

نمو قطاعي سياحي ونقدي ينفصل عن حرب جنوب لبنان

جانب من أماكن السهر في بلدة ضهور الشوير بجبل لبنان (أ.ف.ب)
جانب من أماكن السهر في بلدة ضهور الشوير بجبل لبنان (أ.ف.ب)

كرّست الإحصاءات القطاعية المنجزة جانباً من مشهدية الانفصام الواقعي بين حرب الجنوب اللبناني ومخاطر توسعها إلى حرب شاملة، والأداء الإيجابي الشامل لأنشطة اقتصادية حيوية في الداخل، المعزّز باستعادة الاستقرار النقدي القائم على تحكم صارم من قبل السلطة النقدية بالكتلة النقدية لليرة، والمترجم تلقائياً بكبح التضخم في أسواق الاستهلاك.

وتعكس حركة الوافدين عبر المطار، التي تعدّت نحو 400 ألف زائر خلال الشهر الماضي، ومرشحة للمضاعفة هذا الشهر وتاليه، وكثافة الحجوزات التي تشهدها الحفلات الفنية والمهرجانات في العاصمة وشمالها وجبل لبنان وزحمة الإقبال على المطاعم وقطاع تأجير السيارات... النجاح المنشود للموسم السياحي الصيفي وحياده الواضح عن يوميات المواجهات العسكرية المحتدمة على الحدود الجنوبية، ما أنعش الترقبات بتحقيق نمو ظرفي في مجمل مؤسسات القطاع السياحي، واستتباعاً في حجم التدفقات الدولارية.

ومن دون أي التباس، يؤكد معنيون وناشطون في القطاع السياحي لـ«الشرق الأوسط»، أن اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين يشكلون الغالبية العظمى للوافدين، بسبب تأثير أخبار الحرب واحتمالاتها على توجهات السياح العرب والأجانب، بينما تعوّض السياحة الداخلية للمقيمين جزءاً من هذا النقص، ولا سيما في ظل توسيع نطاق التوازن المعيشي النسبي، عبر «الدولرة» الشاملة لمعظم المداخيل العامة والخاصة ومجمل مصاريف البنود الاستهلاكية والخدمية.

دخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويشكل اللبنانيون في الخارج، والذين انضم اليهم ما يزيد على 400 ألف مقيم اختاروا الانتقال بسبب الضغوط الناجمة عن الانهيارات النقدية والمعيشية في السنوات السابقة، مصدراً حيوياً للتحويلات المالية الواردة إلى البلد بالعملات الصعبة، وبما يصل إلى نحو 7 مليارات دولار سنوياً، وفق القيود المصرفية الموثقة، أي ما يضاهي نحو 35 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، علماً بأن الحجم الإجمالي للتدفقات يفوق هذا الرقم بكثير عبر مبالغ السيولة التي يحملها الوافدون، ومن دون احتساب المبالغ الواردة إلى منظمات أممية وهيئات مختلفة.

وبالتوازي، أظهرت تحديثات بيانات ميزانية مصرف لبنان المركزي منتصف الشهر الحالي، تسجيل زيادة كبيرة نسبياً في الاحتياطات الدولارية السائلة بلغت نحو 350 مليون دولار، لتدفع الحصيلة التراكمية للزيادات المتواصلة إلى نحو 1.7 مليار دولار، وسط ترجيحات ببلوغها عتبة ملياري دولار بنهاية الشهر الحالي، والتي تصادف مرور سنة كاملة على تسلّم الدكتور وسيم منصوري سدة حاكمية مصرف لبنان.

وتبرز الأهمية الخاصة لهذا النمو في مؤشرات موازية لا تقل أهمية، حسب مصادر مصرفية معنية، لا سيما لجهة ارتفاع إجمالي الاحتياطات السائلة إلى نحو 10.3 مليار دولار، بموازاة منع أي نمو مقابل بسيولة الليرة خارج البنك المركزي، حيث تظل الكتلة المتداولة بحدود 62.5 تريليون ليرة، أي ما يوازي 698 مليون دولار بسعر الصرف البالغ 89.5 ألف ليرة، وما يشكل أقل من 7 في المائة من احتياطي الدولار.

من حفل موسيقي في مدينة جبيل (أرشيفية - أ.ف.ب)

كذلك، تبرز معطيات مؤشر سوقي يشكل تقدماً نوعياً يسهم في تعزيز توجهات البنك المركزي في ضبط السيولة واعتماد وسائل دفع تخضع للمقاصة لديه ولإمكانية تتبعها من قبل الأجهزة الرقابية المختصة لدى السلطة النقدية. ويتمثل إلى جانب التوسع مجدداً باستخدام البطاقات المصرفية والمحافظ الإلكترونية، بارتفاع قيمة الشيكات المحرّرة بالدولار (الفريش) كبديل مساوٍ تماماً للسداد بالنقد الورقي (البنكنوت)، حيث شهد النصف الأول من العام الحالي، تبادل نحو 7.42 ألف شيك بقيمة ناهزت 101 مليون دولار، وتدني الشيكات المرتجعة بينها إلى 87 فقط، وبقيمة مجمعة بلغت نحو 766 ألف دولار.

وفي سياق رقمي متصل، إنّما تقتصر مفاعيله على البعد النفسي نظير التشريع الذي يمنع التصرف به بأي وسيلة، استفاد لبنان تلقائياً من الارتفاعات القياسية المتتالية في أسعار الذهب بالأسواق العالمية، لتقفز القيمة السوقية للمخزون البالغ نحو 286.8 طن، إلى نحو 22.2 مليار دولار منتصف الشهر الحالي، مما رفع الحصيلة التراكمية لقيمة «الثروة» المخزنة بثلثيها في لبنان ونحو الثلث في أميركا، بنحو 4.17 مليار دولار بالمقارنة مع مثيلتها البالغة نحو 18 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء موقعين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت ذات طابع عسكري فقط؛ بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثل في ضرب منطقة أضحت بيئة مؤيدة لـ«حزب الله».

يوسف دياب (بيروت)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، مساء اليوم (الأحد)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان مناطق الغبيري وشويفات العمروسية والحدث وحارة حريك وبرج البراجنة.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء الماضي، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها. وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف.