إعلام إسرائيلي: تل أبيب تلقّت تأكيداً باغتيال الضيف

نجاته من 7 محاولات سابقة جعل الإعلان الرسمي «حذِراً»

دمار في موقع استهدفته إسرائيل بالمواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)
دمار في موقع استهدفته إسرائيل بالمواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)
TT

إعلام إسرائيلي: تل أبيب تلقّت تأكيداً باغتيال الضيف

دمار في موقع استهدفته إسرائيل بالمواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)
دمار في موقع استهدفته إسرائيل بالمواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)

قالت «القناة 14» الإسرائيلية، الأحد، إن إسرائيل تلقّت تأكيداً باغتيال محمد ضيف، قائد «كتائب القسام» الجناح المسلّح لحركة «حماس»، في الهجوم الذي شنّته قبل أكثر من أسبوع في مواصي خان يونس، موضحة أن الإعلان الرسمي عن مقتله سيتم قريباً.

وأكّدت «القناة 14» أنه بعد عقود من المطاردة، و7 محاولات اغتيال فاشلة، تأكّد اغتيال الضيف في الهجوم الذي استهدفه صباح السبت 13 يوليو (تموز) الحالي، وقُتل فيه رافع سلامة قائد لواء خان يونس بحركة «حماس»، بالإضافة إلى 100 آخرين.

ويتوافق خبر «القناة 14» مع تسريبات إسرائيلية، وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين قالوا فيها إن «حماس» تحاول إخفاء مصير الضيف، في إشارة إلى أنهم متأكّدون من اغتياله. لكن «حماس» لم تعقّب، باستثناء تصريح واحد سابق لخليل الحية عضو المكتب السياسي للحركة، قال فيه إن الضيف حي، ويستمع لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان يتحدث عن استهدافه، ويسخر منه. وكان نتنياهو خرج بعد إعلان الجيش الإسرائيلي استهداف الضيف قائلاً إنه لا يمكن التأكد من نتائج الهجوم، وما إذا كان الضيف قد قُتل.

نتنياهو خلال زيارة سابقة لجنوده بمدينة رفح جنوب قطاع غزة (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - رويترز)

التريث في الإعلان الرسمي

وتتريث إسرائيل في الإعلان عن مصير الضيف رسمياً حتى تتلقى تأكيدات حاسمة، بعد أن كانت قد تورّطت أثناء الحرب الحالية في عدد من الإعلانات التي تَبيّن لاحقاً عدم صحّتها، ما سبّب لها الكثير من الحرج، شمل الجيش والقيادة السياسية.

وسألت «الشرق الأوسط» مصادر في «حماس» حول مصير الضيف، دون الحصول على إجابات واضحة. وقال مصدر مطلع إن «عدداً قليلاً في (حماس) نفسها يعرف ما حدث. وواضح أن الحركة تفضّل التزام الصمت».

وبالفعل، كانت «حماس» قد التزمت الصمت تجاه إعلان إسرائيل عن اغتيال نائب الضيف مروان عيسى، في هجوم بالنصيرات قبل عدة أسابيع، كما أنها لم تعقّب على إعلان إسرائيل عن اغتيال رافع سلامة، قائد لواء خان يونس، في الضربة نفسها التي استهدفت محمد الضيف.

والضيف الذي تولى قيادة «كتائب القسام» في 2002 بعد اغتيال قائدها العام صلاح شحادة، يُعَد شخصية غامضة للغاية، ومن الصعب معرفة ما إذا كان على قيد الحياة أم لا، إلا إذا أعلنت «حماس» ذلك؛ لأن الضيف منذ سنوات لا يظهر للعامة.

أرشيفية لمحمد الضيف

صورة الضيف

قبل الحرب الحالية لم يكن يعرفه سوى أفراد عائلته، ومجموعة قليلة من قادة «حماس»، والأغلب أن كثيراً منهم لا يعرف مكان وجوده طوال الوقت، وظل هذا الوضع هكذا حتى نشرت إسرائيل صورته للعامة نهاية العام الماضي، وهي الصورة الرابعة له على الإطلاق؛ إذ كانت الأولى قديمة للغاية، ظهر فيها شاباً صغيراً، والثانية وهو ملثّم، والثالثة صورة لظِلّه، والرابعة ظهر فيها إلى جانب شخص في مكان عام، بشعر أشيَب ولحية خفيفة وعين واحدة، في جلسة هادئة.

وبطبيعة الحال، كان الضيف يحافظ على سرية كبيرة في كل تحركاته، ولا يستخدم التكنولوجيا؛ لتقليل إمكانية تتبّعه، وهو ذكي وسريع البديهة، وليس محباً للظهور، ونادراً ما اضطر لبَثّ رسائل صوتية، معلناً بداية معركة جديدة مع إسرائيل، ومنها معركة «طوفان الأقصى»، التي أشعلت الحرب الحالية. وحتى أثناء الحرب الحالية لم تكن مطاردة إسرائيل له أمراً سهلاً أبداً؛ إذ كان استهدافه في مواصي خان يونس هي المحاولة الأولى بعد أكثر من 9 أشهر من البحث عنه.

وقالت «القناة 14» إن الضيف نادراً ما يكشف نفسه؛ لأنه يعدّ مسؤولاً عن سلسلة طويلة من الهجمات ضد الإسرائيليين، بما في ذلك هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وكان في العقود الأخيرة الهدف الأول لإسرائيل، وسبق أن نجا من العديد من محاولات الاغتيال، وهذا أحد أسباب حذَر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في الإعلان عن اغتياله، خوفاً من أن يكون قد تمكّن من النجاة هذه المرة أيضاً.

فلسطينيون يحملون جثمان أحد القتلى من موقع القصف الإسرائيلي بمنطقة المواصي في خان يونس (أ.ب)

مؤشرات مهمة

وأكّد نتنياهو أن ثمة مؤشرات مهمة حول اغتيال الضيف، دون أن يعلن عن أي تفاصيل، فيما قال السفير الأميركي لدى إسرائيل جاك لو، إن ثمة مؤشرات بأن الضيف قد قُتل. وإذا ما تأكّد مقتل الضيف سيمثّل ذلك ضربة لـ«كتائب القسام»، التي قادها الرجل لأكثر من 20 عاماً، وحوّلها إلى جيش شبه نظامي، وأصبحت القوة الفلسطينية رقم 1 التي نجحت إلى حد كبير في تحقيق ميزان ردع مع إسرائيل، قبل أن تفاجئها في هجوم بري وجوي وبحري بـ«طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الماضي.

ومنذ ذلك التاريخ أصبح اغتيال الضيف هاجساً إسرائيلياً، بعد جميع المحاولات السابقة الفاشلة لاغتياله. وأدّت كل هذه المحاولات ونجاة الضيف منها إلى تحوّله إلى رمز فلسطيني تجاوز دوره الوظيفي في «كتائب القسام».

وحاولت إسرائيل اغتياله أول مرة عام 2001، والثانية عام 2002، في استهداف مركبة بشارع الجلاء، حيث أُصيب لكنه نجا من الموت، والثالثة عام 2003، في اجتماع مع قيادات من «حماس» في حي الشيخ رضوان، ونجا مرة أخرى، والرابعة عام 2004، أيضاً في حي الشيخ رضوان، بشقة سكنية في منزل لعائلة أبو سلمية، حيث أصيب حينها بجروح حرجة، والخامسة عام 2014 في منزل لعائلة الدلو، حيث قُتلت في الهجوم زوجته واثنان من أبنائه، والسادسة عام 2021 في حي الرمال، وقد نجا منها أيضاً.

وإذا تأكّد مقتل الضيف فستكون إسرائيل قد تخلّصت من أبرز قادة المجلس العسكري في «كتائب القسام»، باستثناء محمد شبانة قائد «لواء رفح»، وعز الدين الحداد قائد «لواء غزة» في الكتائب، ورائد سعد، الذي ما زال مصيره مجهولاً بعدما أعلنت إسرائيل سابقاً أنها اغتالته، ولم يتم تأكيد ذلك، ومحمد السنوار، شقيق يحيى السنوار قائد «حماس» في غزة.

وقالت مصادر في «حماس» إن مستقبل قيادة «الكتائب» سيكون في يد المكتب السياسي للحركة. وحسب المصادر فإن السنوار أو الحداد سيصبح مسيِّراً لأعمال المجلس العسكري في انتظار انتهاء الحرب وحسم المسألة رسمياً.


مقالات ذات صلة

غالانت يسمح باستخدام الطائرات الحربية في الضفة الغربية

المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي - د.ب.أ)

غالانت يسمح باستخدام الطائرات الحربية في الضفة الغربية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إزالة القيود على استخدام الطائرات الحربية في الضفة الغربية، وإصدار أوامر للجيش «للقضاء» على الكتائب المسلحة فيها.

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو: إرسال وفد لإجراء محادثات بشأن الرهائن يوم الخميس

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم إن نتنياهو أمر بإرسال وفد مكلف بالتفاوض مع حركة «حماس» للتوصل إلى اتفاق بخصوص الرهائن يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي جانب من الدمار في جباليا شمال قطاع غزة الأحد 21 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

احتدام القتال في جنوب غزة وقصف إسرائيلي على وسط القطاع

اشتبكت القوات الإسرائيلية، الأحد، مع مقاتلين فلسطينيين في رفح جنوب غزة، كما قصفت مناطق وسط القطاع حيث يلوذ آلاف الفلسطينيين النازحين من منازلهم بحثاً عن مأوى.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي لقطة عامة تُظهر «الكنيست» (البرلمان) الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)

8 نواب من «الليكود» يهددون نتنياهو بالتمرد عليه وإجهاض أي «صفقة»

هدد 8 نواب من حزب «الليكود»، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنهم سيُصوتون ضد أي صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية كريستينا تمنت لو كان عصام عبد الله وجميع الزملاء الذين فقدوهم هنا اليوم ليشاهدوا هذا الأمر (أ.ف.ب)

الصحافيان كريستينا عاصي وديلان كولنز يحملان الشعلة الأولمبية

حملت مصوّرة وكالة الصحافة الفرنسية كريستينا عاصي التي بُترت ساقها اليمنى في ضربة إسرائيلية على جنوب لبنان في أكتوبر 2023 استهدفت صحافيين، الشعلة الأولمبية.

«الشرق الأوسط» (فانسان (فرنسا))

8 نواب من «الليكود» يهددون نتنياهو بالتمرد عليه وإجهاض أي «صفقة»

لقطة عامة تُظهر «الكنيست» (البرلمان) الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
لقطة عامة تُظهر «الكنيست» (البرلمان) الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

8 نواب من «الليكود» يهددون نتنياهو بالتمرد عليه وإجهاض أي «صفقة»

لقطة عامة تُظهر «الكنيست» (البرلمان) الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
لقطة عامة تُظهر «الكنيست» (البرلمان) الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)

هدد 8 نواب من حزب «الليكود»، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمعروفون بأنهم مقربون منه، بأنهم سيصوتون ضد أي صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة «حماس»، إذا لم تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى مرة واحدة، وإذا تضمنت وقفاً تاماً للنار، أو إذا أدت إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من قطاع غزة.

ووقّع على الرسالة كل من النواب (أعضاء الكنيست من كتلة «الليكود»): عميت هاليفي، وحانوخ ميلوبسكي، ودان إيلوز، وموشيه سعادة، وأرييل كيلنر، وشالوم دانينو، وتالي جوتليف، ونسيم فاطوري. وهاجموا موقف قيادة الجيش الإسرائيلي علناً، وكتبوا أن تصريحات رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، وغيره من قادة هيئة الأركان، القائلة بأن الجيش لديه وسائل تكنولوجية تجعله قادراً على حماية إسرائيل حتى لو عاد مسلحون فلسطينيون من جنوب القطاع إلى شماله، إنما يدل على أن الجيش لم يتعلم الدرس من أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأن هناك ثغرة في فهمه للشؤون والمصالح الأمنية.

ويطالب النواب الثمانية نتنياهو بإجراء تغييرات كبيرة على الاقتراح الحالي، وبالإفراج المتزامن عن جميع الرهائن، والحفاظ على الوجود الإسرائيلي في الممرات الاستراتيجية في محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، ووجود عسكري إسرائيلي كبير على جميع الطرق الرئيسية في غزة. وتتجاوز هذه المطالب التعديلات والشروط التي أدخلها نتنياهو نفسه مؤخراً على مسودة الاتفاق، والتي أدت بالفعل إلى تعقيد المفاوضات وتوقفها.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخاطب المشرعين في «الكنيست» 17 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

نتنياهو وراء التمرد

وكان نتنياهو قد دعا فريق التفاوض وقادة الجيش ووزير الدفاع، يوآف غالانت، للتداول في إمكانية استئناف المفاوضات. وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن الهدف هو التخفيف من الخلافات مع الإدارة الأميركية، عشية سفر نتنياهو إلى الولايات المتحدة. وأكدت هذه المصادر أن قرب المتمردين من نتنياهو يثير أكثر من تساؤل حول هذا الموقف، ويجعل كثيرين لا يستبعدون أن يكون نتنياهو هو الذي نظّم هذا التمرد ضده ليكون رداً أمام الأميركيين، مقابل قادة أجهزة الأمن الإسرائيليين الذين يمارسون ضغوطاً على نتنياهو لقبول الصفقة، إذ إن نتنياهو يستطيع حينها أن يقول لواشنطن إنه لا يخاف من الوزيرين المتطرفين، إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموترتش، بل لديه الآن معارضة أوسع حتى من داخل حزبه.

وقررت عائلات الأسرى الإسرائيليين الاتصال مع النواب الثمانية لحثهم على تغيير موقفهم وإقناعهم بالتخلي عن هذا التمرد، ودعم الصفقة، لكن النواب تهربوا من الالتقاء بهم، ثم تمكنت مجموعة منهم من الوصول إلى النائب فاطوري، وواجهوه قرب مكتبه في الكنيست (البرلمان)، فراح يدفعهم، وكاد يوقع أحدهم أرضاً، وراح يهاجمهم ويتهمهم بمساعدة «حماس».

متظاهر يحمل لافتة تطالب بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة خلال تظاهرة بتل أبيب (أ.ف.ب)

المصلحة الوطنية العليا

وقال نائب آخر منهم، هو دان إيلوز، إنه يتفهم ضائقة العائلات، لكنه بصفته قائداً سياسياً، يهتم بالمصلحة الوطنية العليا، ويجد نفسه مضطراً للاختلاف معهم والمطالبة بتنفيذ صفقة ذات شروط أفضل، تضمن تحقيق أهداف الحرب، كما تم الإعلان عنها قبل أكثر من 9 أشهر.

وأضاف إيلوز، في تصريحات لـ«القناة 12» التلفزيونية الإسرائيلية، الأحد، أن «الصفقة التي لا تؤدي إلى تفكيك (حماس) والقضاء عليها بوصفها تنظيماً إرهابياً حاكماً في قطاع غزة، لا تعد مفخرة لحكومة اليمين، بل إن الحكومة التي تتوصل إلى صفقة كهذه لا تستحق الحياة، ويُفضل أن تسقط».

المعروف أن القانون الإسرائيلي لا يُلزم الحكومة بجلب الصفقة للمصادقة عليها في «الكنيست»، ويخول الحكومة بإقرارها. وقال إيلوز إنه ورفاقه المتمردين يقيمون اتصالات مع عدد من الوزراء الذين وعدوا بالتصويت ضد الصفقة. إلا أن فحصاً لمواقف الوزراء يُبين أن غالبيتهم يؤيدون الصفقة حالياً. وهو ما يعني أن تمرد النواب الثمانية لا يؤثر على الحكومة، ولكنه ينشئ أجواء معادية تكفي لإخافة نتنياهو في حال لم يقف وراء هذه الحملة، أو تعزز موقفه الرافض لشروط الصفقة في حال كانوا فعلاً متمردين عليه. وفي الحالتين فإن هذا التمرد يضيف شكوكاً حول النيات الإسرائيلية للصفقة.