حرب إسرائيل و«حزب الله» تتصاعد ميدانياً وتتوسع جغرافياً

مستعمرة جديدة في مرمى نيران الحزب

الدخان يتصاعد في كريات شمونة نتيجة إطلاق صاروخ من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد في كريات شمونة نتيجة إطلاق صاروخ من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

حرب إسرائيل و«حزب الله» تتصاعد ميدانياً وتتوسع جغرافياً

الدخان يتصاعد في كريات شمونة نتيجة إطلاق صاروخ من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد في كريات شمونة نتيجة إطلاق صاروخ من جنوب لبنان (إ.ب.أ)

يواصل «حزب الله» وإسرائيل حربهما المفتوحة على كل الاحتمالات بعدما لجآ مؤخراً إلى تعديلات جديدة في قواعد الاشتباك، كان أبرزها توسيع رقعة المواجهات.

وبرز السبت دخول «كتائب القسام»، فرع لبنان، مجدداً على خط القتال من الجنوب، إذ أعلنت هذه الكتائب في بيان «قصفها من جنوب لبنان مقر قيادة (اللواء 300 – شوميرا) في القاطع الغربي من الجليل الأعلى، شمال فلسطين المحتلة، برشقة صاروخية رداً على المجازر الصهيونية بحق المدنيين في قطاع غزة».

مستعمرة جديدة في مرمى الحزب

وأعلن «حزب الله»، السبت، إدخال مستعمرة إسرائيلية جديدة إلى «جدول النيران»، رداً على ما قال إنه استهداف لمدنيين، علماً بأنه كان قد أدخل الجمعة 3 مستعمرات جديدة إلى هذا الجدول، تنفيذاً لتهديدات سابقة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» في لبنان بأن «مسيّرة معادية استهدفت سيارة رباعية الدفع فارغة، في خراج برج الملوك، على مفترق الحوش، على الطريق المؤدية إلى مثلث الخيام - الوزاني، ما أدى إلى إصابة عدد من السوريين بشظايا صاروخ، بينهم أطفال كانوا قرب خيمة يسكنون فيها». وفي وقت لاحق، أعلن «حزب الله» أنه «رداً على ‏الاعتداء على المدنيين في بلدة برج الملوك، أدخل مجاهدو المقاومة الإسلامية إلى جدول النيران ‏مستعمرة (دفنا) للمرة الأولى وقصفوها بعشرات صواريخ الكاتيوشا».

كذلك أعلن الحزب عن استهداف «تجمع لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع المنارة بقذائف المدفعية وأصابوه إصابة مباشرة».

بدورها، نفذت إسرائيل غارة بصاروخين استهدفت منزلين في بلدة حولا من دون أن يؤدي ذلك لوقوع إصابات، كما تعرضت منطقة وادي الدلافة، في بلدة حولا، لقـصف مدفعي بالقذائف الفوسفورية، ما تسبب بنشوب حريق كبير في المنطقة. وطال القصف الإسرائيلي بلدة طلوسة وحرش بلدة مركبا.

أما من الجهة المقابلة، فتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن «قصف صاروخي عنيف استهدف شمال الجولان وعن دوي صفارات إنذار تدوي في زرعيت، شوميرا وإفن مناحم بالجليل»، وعن «سقوط صواريخ في مستعمرة عامير في إصبع الجليل واندلاع حريق». وفي وقت لاحق تحدث الإعلام الإسرائيلي عن «أضرار كبيرة لحقت بمستوطنة المنارة عقب إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان».

لا مؤشرات لتهدئة مقبلة

وعدّ مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «بات في وضع أفضل مما كان عليه». وقال: «صحيح أن أزمة الداخل الإسرائيلي لا تزال قائمة، لكن الضغط الأميركي عليه، ولا سيما من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، لم يعد كما في السابق، إضافة إلى أنه سيلقي الأسبوع المقبل خطاباً أمام الكونغرس، وهذا قلما حصل على مر التاريخ». وأضاف نادر لـ«الشرق الأوسط»: «حتى وزير الخارجية الأميركي بات يصعّد اللهجة في وجه إيران ويقول إنها على بُعد أسابيع من امتلاك سلاح نووي».

وتحدث نادر عن مؤشرات تدعو للقلق بخصوص مستقبل جبهة جنوب لبنان، أبرزها «القنابل الثقيلة التي تزن أكثر من 500 كلغ، والتي تم تفعيل عملية تسليمها من قبل واشنطن لإسرائيل، وهذا مؤشر على خطورة المرحلة، بعدّ قنابل من هذا النوع لن تستخدم ضد (حماس) بعد أن انتهت العمليات العسكرية الواسعة في غزة، وهي قد تستخدم في أي حرب مقبلة مع لبنان. أضف إلى ذلك أن الاستعدادات تبدو قائمة في شمال إسرائيل للحرب، كما أن هامش التسوية الدبلوماسية يتقلص».

ولفت نادر إلى أن «نتنياهو بات منخرطاً في استراتيجية لإطالة عمره السياسي، ومن ثم قد يسعى لحرب استنزاف لكسب الوقت حتى الانتخابات الأميركية»، عادّاً أن ما يمكن استخلاصه هو «أنه لا مؤشرات لتهدئة على الجبهات كافة، وأنه لا ضغط جدياً وحقيقياً على إسرائيل للقبول الفوري بوقف إطلاق النار».


مقالات ذات صلة

«الثنائي الشيعي» يمتنع عن تحديد موعد للمعارضة لبحث الأزمة الرئاسية

المشرق العربي وفد من المعارضة اللبنانية خلال اللقاءات التي يقوم بها لطرح مبادرته الرئاسية (الوكالة الوطنية)

«الثنائي الشيعي» يمتنع عن تحديد موعد للمعارضة لبحث الأزمة الرئاسية

بعدما كان مقرراً أن يلتقي ممثلون عن قوى المعارضة ممثلين عن حركة «أمل» وآخرين عن «حزب الله» فإنه تم إلغاء الموعدين من دون عذر ومن دون تحديد مواعيد جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد من موقع استهدفه القصف الإسرائيلي في قرية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

«سرايا المقاومة»... قوة بلا فائدة عسكرية تدخل جبهة جنوب لبنان

أعلنت «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي» عن تنفيذ عملية استهدفت موقع الراهب، مسجلة انضمامها إلى التنظيمات المشاركة في جبهة الجنوب بإشراف «حزب الله»

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله (أ.ف.ب)

تحليل إخباري نصرالله حصر التفاوض بالدولة اللبنانية من دون أن يبرر تغييبه لدور بري

توقفت مصادر دبلوماسية أمام قول حسن نصرالله إن الدولة اللبنانية هي الوحيدة المخوّلة التفاوض لإعادة الهدوء إلى الجنوب وفسرته برغبته في رفع الإحراج عن الحكومة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «القوات» سمير جعجع يستقبل رئيس «الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط لطرح مبادرة رئاسية (إعلام الاشتراكي)

«القوات» و«الاشتراكي»: اختلافات بالجملة واتفاق على عدم الخصومة

تمر العلاقة بين حزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» في أسوأ مراحلها رغم محاولة الطرفين الظهور عكس ذلك.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي مترئساً مجلس الوزراء الذي عُقد الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)

تسوية سياسية «جزئية» تسمح بقبول ضباط في الكلية الحربية بلبنان

أقرّ مجلس الوزراء اللبناني إجراء مباراة جديدة لاختيار ضباط جدد وإلحاقهم بالدورة السابقة التي عرقلها الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش.

يوسف دياب (بيروت)

المبعوث الأوروبي للشرق الأوسط: نعمل على تجنب اندلاع حرب إقليمية

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

المبعوث الأوروبي للشرق الأوسط: نعمل على تجنب اندلاع حرب إقليمية

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

تقوض الحرب في قطاع غزة الآمال الضعيفة في التوصل إلى سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى الشرق الأوسط مصمم على المضي قدماً في مساعيه لتطبيق حل الدولتين الذي ترفضه حكومة إسرائيل.

يقول سفين كوبمانز في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الأولوية» اليوم هي «للسعي لوضع حد للمعاناة في غزة»، مع العمل على تجنب اندلاع «حرب إقليمية» ستشمل لبنان خصوصاً، وإعادة إطلاق «عملية السلام».

يعمل هذا الدبلوماسي المتكتم بما يتوافق مع إعلان المجلس الأوروبي بشأن الشرق الأوسط الصادر في عام 1980. وإعلان البندقية هذا يؤكد بشكل خاص على «حق جميع الدول في المنطقة في الوجود والأمن، بما في ذلك إسرائيل... والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني»، لا سيما حق «تقرير المصير».

لكن خريطة الطريق هذه تصطدم بعقبات بنيوية تواجهها الدول السبع والعشرون فيما يتعلق بالدبلوماسية، لا سيما الحاجة إلى إيجاد توافق بين الحكومات ذات المواقف والمصالح المختلفة بشأن العلاقات الدولية.

وتشهد على ذلك الفجوة الكبيرة بين مواقف وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل، ودول مثل المجر أو التشيك.

ولم يتردد بوريل في إدانة إسرائيل «لانتهاكها القانون الدولي» في قطاع غزة، في حين أخَّرت بودابست وبراغ فرض عقوبات أوروبية على المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية المحتلة.

ومع ذلك، يؤكد المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط الذي يشغل منصبه منذ عام 2021، أن بروكسل هي بالفعل إحدى العواصم التي تشهد، في الكواليس، نشاطًا بهدف الخروج من الأزمة، وأن جميع الدول الأعضاء متفقة على الحاجة إلى إقامة دولة فلسطينية.

قوات إسرائيلية محتشدة على أطراف قطاع غزة (رويترز)

ويقول هذا الدبلوماسي الهولندي إن الاتحاد الأوروبي هو «الشريك التجاري الأول لإسرائيل، وأهم جهة مانحة للفلسطينيين».

ويضيف: «نحن أهم جار سياسي للطرفين. بالطبع، لسنا الشريك الأكثر أهمية في القضايا الأمنية، لكننا جهة فاعلة مؤثرة ولها صلة مباشرة» بالمنطقة.

وبهذا المعنى، فإن الاعتراف بدولة فلسطين من قبل 3 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هي إسبانيا وآيرلندا وسلوفينيا خلال مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، يمكن أن «يسهم» في وضع حل دبلوماسي لنزاع مستمر منذ عقود عدة.

يقول كوبمانز: «هناك حركة خفيفة بشكل عام، وهذا يعني أن عدداً أكبر من الدول الأعضاء تقول إنه ليس من الضروري الانتظار حتى نهاية» عملية سلام للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ويؤكد أن التصريحات المتكررة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته التي تعبر عن معارضة حازمة وثابتة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، لن تثنيه عن مواصلة عمله.

ويشير كوبمانز إلى أن لدى نتنياهو «وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر جزء كبير من بقية العالم» وأن «رفض هذا أو ذاك... لا يعني أننا يجب أن نتوقف عن العمل».

وأضاف من جهة أخرى: «لم أسمع أحداً ممن يعارضون حل الدولتين يعلنون ما يقترحونه عوضاً عن ذلك».

أجريت المقابلة قبل اعتماد البرلمان الإسرائيلي هذا الأسبوع قراراً ضد «إقامة دولة فلسطينية».

ولمناقشة مرحلة ما بعد الحرب في غزة التي اندلعت إثر هجوم شنته حركة «حماس» الإسلامية الفلسطينية في إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، استقبل الاتحاد الأوروبي في نهاية مايو وزراء المملكة العربية السعودية ومصر وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والأردن وقطر.

ومن خلال آلية بيغاس التي أُنشئت عام 2008، يدعم الاتحاد الأوروبي السلطة الفلسطينية التي قدم لها 25 مليون يورو في بداية يونيو للمساهمة في دفع رواتب الموظفين.

وأعلنت المفوضية الأوروبية، الجمعة، عن رزمة مالية «طارئة» للسلطة الفلسطينية بقيمة 400 مليون يورو على شكل منح وقروض، على أن تُدفع بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، وذلك «رهناً بإحراز تقدم في تنفيذ برنامج إصلاحات».

يقول كوبمانز إن «الاتحاد الأوروبي حريص على استمرار السلطة الفلسطينية»، وتعزيز حكومتها ومقرها في رام الله حتى تتمكن من «أن تحكم غزة عندما يكون ذلك ممكناً».

ويقول الدبلوماسي إنه من «غير المقبول» أن تتكدس شاحنات المساعدات الإنسانية على معابر قطاع غزة، ولا يُسمح بدخولها، وأن يستمر توسيع الاستيطان الإسرائيلي والعنف الذي يولده في الضفة الغربية المحتلة.

ولبحث «الوضع في غزة» و«احترام حقوق الإنسان»، وجَّه الاتحاد الأوروبي مطلع يونيو دعوة إلى إسرائيل التي وافقت على عقد اجتماع في النصف الثاني من عام 2024، في ظل الرئاسة المجرية الدورية للاتحاد.

يقول كوبمانز: «أنا واثق بأن هذا الاجتماع سوف يتعمق في مناقشة ما نتوقعه من شريكنا الإسرائيلي».