نتنياهو يبطئ صفقة غزة... وينقل التفاوض إلى واشنطن

غالانت يفكّر بمخاطبة الجمهور لإحراجه... وقادة الأمن الإسرائيليون مقتنعون أن الوقت حان للاتفاق والفرصة قد تكون الأخيرة

غارة إسرائيلية على مبنى سكني في النصيرات وسط قطاع غزة السبت (رويترز)
غارة إسرائيلية على مبنى سكني في النصيرات وسط قطاع غزة السبت (رويترز)
TT

نتنياهو يبطئ صفقة غزة... وينقل التفاوض إلى واشنطن

غارة إسرائيلية على مبنى سكني في النصيرات وسط قطاع غزة السبت (رويترز)
غارة إسرائيلية على مبنى سكني في النصيرات وسط قطاع غزة السبت (رويترز)

قالت مصادر إسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سينقل مباحثات التهدئة في غزة إلى واشنطن، حيث يخطط لعقد لقاء مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وإلقاء خطاب أمام الكونغرس، في خطوة قد تكون حاسمة قبل إقرار صفقة وقف النار، وتبادل الأسرى والمحتجزين، التي دخلت - على ما يبدو - مرحلتها الأخيرة، حسب تصريحات مسؤولين أميركيين.

وأكّد مسؤولون إسرائيليون لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن نتنياهو سيبحث مع بايدن وكبار المسؤولين في إدارته، بشكل مباشر، قضية المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة «حماس» في غزة، وسيحاول حسم بعض النقاط الخلافية، بحيث تصبح القضية على الجانب الأميركي أكثر منها على الجانب القطري. وحتى عودة نتنياهو من واشنطن، لن يسافر رئيس «الموساد» ديفيد برنياع، إلى قطر، بعكس ما كان مفترضاً، لإكمال التفاوض على صفقة غزة.

أطفال يسيرون في شارع تغمره مياه آسنة بدير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (أ.ف.ب)

وأوضحت مصادر إسرائيلية أن الخلافات مع «حماس» لم تنته، لكن يمكن الحديث عن تقدّم فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا على حدود غزة مع مصر. وفي حين يُصرّ نتنياهو على البقاء في هذا المحور، ترفض مصر و«حماس» والسلطة الفلسطينية ذلك، وتقترح ترتيبات أمنية وضمانات مختلفة.

أما النقطة العالقة بشكل أكبر الآن فهي عودة الفلسطينيين من جنوب القطاع إلى شماله، فنتنياهو يُصرّ على وجود لقواته في الشمال لمنع آلاف المسلحين من العودة، وهو أمر ترفضه «حماس»، وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنه يمكن إيجاد حلول لهذه القضية.

وتأخير نتنياهو لمفاوضات الصفقة في قطر، عزّز الاتهامات له في إسرائيل بأنه يتباطأ عمداً في دفعها إلى الأمام.

وذكرت «القناة 13» الإسرائيلية، ووسائل إعلام أخرى، أنه في ظل تباطؤ نتنياهو في دفع الصفقة نحو الأمام، يفكر وزير الدفاع يوآف غالانت في مخاطبة الإسرائيليين مباشرةً عبر بيان عام بصوته، في محاولة للضغط على رئيس الوزراء ودفعه إلى توقيع الاتفاق.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارة لجنوده في رفح جنوب قطاع غزة الخميس (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - رويترز)

ويرى غالانت ورؤساء الأجهزة الأمنية أن المفاوضات دخلت مراحل حاسمة، وأن هناك فرصة محدودة في هذه المرحلة، ستسمح بعودة عدد كبير من المختطفين.

وحتى الآن، عبّر غالانت عن موقفه في غرف مغلقة أمام أهالي المختطفين، وفي خطابات غير مخصّصة للموضوع، وإذا اختار طرح موقفه علناً وبخطاب هادف، فمن المتوقع أن يؤكد أن الخطة التي تتم مناقشتها الآن، والتي حظيت بمباركة الرئيس جو بايدن، قد تكون الفرصة الأخيرة لإعادة المختطفين أحياءً.

ويُعدّ الخطاب المفترض الذي ينوي غالانت الخروج به، هو الهجوم العلني الثالث ضد نتنياهو في الولاية الحكومية الحالية، ففي مارس (آذار) 2023، حذّر غالانت من كارثة أمنية، بسبب الخلافات حول قانون إصلاح القضاء، في بيان أثار غضب رئيس الوزراء، الذي حاول إقالته رداً على ذلك، لكنه تراجع بعد الغضب الشعبي. وفي المرة الثانية في مايو (أيار) الماضي عندما خرج في موقف مخالف لسياسة نتنياهو، محذّراً من السيطرة المدنية الإسرائيلية على غزة.

وتوجُّه غالانت جاء بعد تجنّب نتنياهو حسم مستقبل الصفقة، وتجاهُله مطالبة قادة الأمن بطرح الخطوط العريضة للتصويت.

مظاهرة في تل أبيب الأربعاء لأهالي المحتجزين الإسرائيليين بغزة للضغط على نتنياهو من أجل إبرام صفقة تؤمّن الإفراج عنهم (رويترز)

والخميس الماضي، أنهى نتنياهو جلسة ضمّت عدداً من كبار قادته العسكريين بعد نصف ساعة فقط، حسبما كشف موقع «واللا»، الذي أشار إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة هرتسي هاليفي، طالبه فيها بالمُضي قدماً في صفقة لإطلاق سراح المختطفين.

وقال الموقع إن المناقشة بدأت حوالي الساعة 11 ليلاً، لكن بعد حوالي نصف ساعة من بدء النقاش، وبعد أن قال رئيس الأركان كلامه، أعلن نتنياهو انتهاء اللقاء، بسبب تأخّر الوقت والإرهاق، على الرغم من أن المناقشة كانت مخصّصة لبحث سياسة إسرائيل في الحرب، ومستقبل قطاع غزة والصفقة، وكان يحضرها وزير الدفاع غالانت، ورئيس «الموساد» ديفيد برنياع، ورئيس «الشاباك» رونين بار، ومسؤولون كبار آخرون في الجهاز الأمني.

وذكرت المصادر أن هاليفي أوضح في كلامه أن صفقة الرهائن ضرورية لتحقيق أهداف الحرب بشكل عام، وأنه لا يوجد ما يمنع إسرائيل من العودة إلى القتال في غزة، وأنه يجب التوصل إلى اتفاق الآن، لكن نتنياهو أوقف المناقشة بعد وقت قصير قائلاً إن الوقت تأخر، وإنه متعب، وطلب مواصلة المناقشة يوم الأحد.

ويأتي ذلك عشية سفر نتنياهو إلى واشنطن لإلقاء خطاب أمام الكونغرس بمجلسَيه في 24 يوليو (تموز) الحالي، تلبيةً لدعوة رسمية من قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وفي وقت ارتفع فيه منسوب التفاؤل في الإدارة الأميركية حول صفقة محتملة لوقف النار في غزة.

الرئيس جو بايدن (رويترز)

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، إن اتفاق إطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة ووقف إطلاق النار أصبح قريباً.

وقال بلينكن، الذي كان يتحدث في منتدى آسبن الأمني ​​في كولورادو، إن المحادثات الآن «داخل خط العشر ياردات» (أو الأمتار العشرة الأخيرة).

وأبدى بلينكن نبرة أمل عالية، قائلاً إن اسرائيل و«حماس» وافقتا على الإطار الذي اقترحه بايدن، مضيفاً: «عندما أقول: إننا داخل خط الـ 10 ياردات، فنحن كذلك... الآن، نعلم أيضاً، أن آخر 10 ياردات غالباً ما تكون الأصعب».

وبعد ساعات في المؤتمر نفسه، قال سوليفان إنه لا توجد توقعات بالتوصل إلى اتفاق قبل أن يُلقي نتنياهو خطابه أمام الكونغرس، الأربعاء، وهو خطاب يخشى بعض المسؤولين الأميركيين أن يضع عقبات جديدة أمام التوصل إلى اتفاق مع «حماس».

وقال سوليفان إن الرئيس جو بايدن «سيركز طاقته» في اجتماعاته مع نتنياهو «لإنجاز هذه الصفقة»، مضيفاً: «نحن ندرك أنه لا تزال هناك عقبات في الطريق، ودعونا نستغل الأسبوع المقبل لمحاولة إزالة تلك العقبات».

وعلّق مسؤولون إسرائيليون على تصريحات بلينكن قائلين إنها صحيحة، وما تبقى من نقاط عالقة بحاجة لتفاصيل صغيرة سيبحثها نتنياهو مع بايدن.

وأضافوا في حديث مع «يديعوت أحرونوت»: «المفاوضات ليست عالقة، وهي مستمرة طوال الوقت». وتابعوا: «سيكون مطلوباً من الوفد السفر فقط لوضع اللمسات النهائية على التفاصيل، ولكن في هذه الأثناء هناك عمل على التفاصيل الصغيرة».


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية ترفض نشر أي قوات أجنبية في غزة

المشرق العربي مركز لتوزيع المساعدات الغذائية في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الخميس (أ.ف.ب)

الرئاسة الفلسطينية ترفض نشر أي قوات أجنبية في غزة

رفضت الرئاسة الفلسطينية نشر أي قوات غير فلسطينية في قطاع غزة، قائلة إن «الأولوية» لوقف العدوان الإسرائيلي، و«ليس الحديث عن اليوم التالي للحرب».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي محتجون ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي يتظاهرون في القدس ليلة الخميس (رويترز)

نتنياهو يستعد لإلقاء كلمته أمام الكونغرس... ويسعى للقاء بايدن وترمب

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هامش زيارته لواشنطن، إلى ترتيب اجتماعين مع الرئيسين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترمب.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي غارة جوية إسرائيلية بالقرب من قرية الجميجمة بجنوب لبنان 19 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن شن ضربات على 3 مستوطنات إسرائيلية لأول مرة

قالت جماعة «حزب الله» اللبنانية هذا اليوم (الجمعة) في بيان إنها شنت ضربات على مستوطنات أبيريم ونيفيه زيف ومنوت لأول مرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي محتجون ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتظاهرون في القدس ليلة الخميس قبيل سفره إلى الولايات المتحدة لإلقاء خطاب أمام الكونغرس (رويترز)

استطلاع رأي: نتنياهو يسترد مقعداً بعد محاولة اغتيال الضيف

دلّ استطلاع رأي نشر في إسرائيل، الجمعة، على أن حزب الليكود بات على مسافة خطوة من إغلاق الفجوة مع منافسه حزب «المعسكر الرسمي» في الانتخابات المقبلة.

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ أعضاء من منظمات شبابية يسارية مختلفة ينظمون مسيرة احتجاجية مع ملصق للرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يطالبون بالوقف الفوري لإطلاق النار والتوقف عن قتل الفلسطينيين (أ.ب)

البيت الأبيض يتفاءل بتعافي بايدن... وعقْد لقاء مع نتنياهو الاثنين المقبل

أبدى جون كيربي، مسؤول الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، تفاؤلاً حول احتمالات عقد لقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

هبة القدسي (واشنطن)

حرب إسرائيل و«حزب الله» تتصاعد ميدانياً وتتوسع جغرافياً

الدخان يتصاعد في كريات شمونة نتيجة إطلاق صاروخ من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد في كريات شمونة نتيجة إطلاق صاروخ من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

حرب إسرائيل و«حزب الله» تتصاعد ميدانياً وتتوسع جغرافياً

الدخان يتصاعد في كريات شمونة نتيجة إطلاق صاروخ من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد في كريات شمونة نتيجة إطلاق صاروخ من جنوب لبنان (إ.ب.أ)

يواصل «حزب الله» وإسرائيل حربهما المفتوحة على كل الاحتمالات بعدما لجآ مؤخراً إلى تعديلات جديدة في قواعد الاشتباك، كان أبرزها توسيع رقعة المواجهات.

وبرز السبت دخول «كتائب القسام»، فرع لبنان، مجدداً على خط القتال من الجنوب، إذ أعلنت هذه الكتائب في بيان «قصفها من جنوب لبنان مقر قيادة (اللواء 300 – شوميرا) في القاطع الغربي من الجليل الأعلى، شمال فلسطين المحتلة، برشقة صاروخية رداً على المجازر الصهيونية بحق المدنيين في قطاع غزة».

مستعمرة جديدة في مرمى الحزب

وأعلن «حزب الله»، السبت، إدخال مستعمرة إسرائيلية جديدة إلى «جدول النيران»، رداً على ما قال إنه استهداف لمدنيين، علماً بأنه كان قد أدخل الجمعة 3 مستعمرات جديدة إلى هذا الجدول، تنفيذاً لتهديدات سابقة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» في لبنان بأن «مسيّرة معادية استهدفت سيارة رباعية الدفع فارغة، في خراج برج الملوك، على مفترق الحوش، على الطريق المؤدية إلى مثلث الخيام - الوزاني، ما أدى إلى إصابة عدد من السوريين بشظايا صاروخ، بينهم أطفال كانوا قرب خيمة يسكنون فيها». وفي وقت لاحق، أعلن «حزب الله» أنه «رداً على ‏الاعتداء على المدنيين في بلدة برج الملوك، أدخل مجاهدو المقاومة الإسلامية إلى جدول النيران ‏مستعمرة (دفنا) للمرة الأولى وقصفوها بعشرات صواريخ الكاتيوشا».

كذلك أعلن الحزب عن استهداف «تجمع لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع المنارة بقذائف المدفعية وأصابوه إصابة مباشرة».

بدورها، نفذت إسرائيل غارة بصاروخين استهدفت منزلين في بلدة حولا من دون أن يؤدي ذلك لوقوع إصابات، كما تعرضت منطقة وادي الدلافة، في بلدة حولا، لقـصف مدفعي بالقذائف الفوسفورية، ما تسبب بنشوب حريق كبير في المنطقة. وطال القصف الإسرائيلي بلدة طلوسة وحرش بلدة مركبا.

أما من الجهة المقابلة، فتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن «قصف صاروخي عنيف استهدف شمال الجولان وعن دوي صفارات إنذار تدوي في زرعيت، شوميرا وإفن مناحم بالجليل»، وعن «سقوط صواريخ في مستعمرة عامير في إصبع الجليل واندلاع حريق». وفي وقت لاحق تحدث الإعلام الإسرائيلي عن «أضرار كبيرة لحقت بمستوطنة المنارة عقب إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان».

لا مؤشرات لتهدئة مقبلة

وعدّ مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «بات في وضع أفضل مما كان عليه». وقال: «صحيح أن أزمة الداخل الإسرائيلي لا تزال قائمة، لكن الضغط الأميركي عليه، ولا سيما من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، لم يعد كما في السابق، إضافة إلى أنه سيلقي الأسبوع المقبل خطاباً أمام الكونغرس، وهذا قلما حصل على مر التاريخ». وأضاف نادر لـ«الشرق الأوسط»: «حتى وزير الخارجية الأميركي بات يصعّد اللهجة في وجه إيران ويقول إنها على بُعد أسابيع من امتلاك سلاح نووي».

وتحدث نادر عن مؤشرات تدعو للقلق بخصوص مستقبل جبهة جنوب لبنان، أبرزها «القنابل الثقيلة التي تزن أكثر من 500 كلغ، والتي تم تفعيل عملية تسليمها من قبل واشنطن لإسرائيل، وهذا مؤشر على خطورة المرحلة، بعدّ قنابل من هذا النوع لن تستخدم ضد (حماس) بعد أن انتهت العمليات العسكرية الواسعة في غزة، وهي قد تستخدم في أي حرب مقبلة مع لبنان. أضف إلى ذلك أن الاستعدادات تبدو قائمة في شمال إسرائيل للحرب، كما أن هامش التسوية الدبلوماسية يتقلص».

ولفت نادر إلى أن «نتنياهو بات منخرطاً في استراتيجية لإطالة عمره السياسي، ومن ثم قد يسعى لحرب استنزاف لكسب الوقت حتى الانتخابات الأميركية»، عادّاً أن ما يمكن استخلاصه هو «أنه لا مؤشرات لتهدئة على الجبهات كافة، وأنه لا ضغط جدياً وحقيقياً على إسرائيل للقبول الفوري بوقف إطلاق النار».