إسرائيل تستفيد من ثغرة أمنية لدى «حزب الله» لتنفيذ الاغتيالات

باحث عسكري: لم تردمها الأجهزة الإيرانية المشفرة

مواطنون لبنانيون يرفعون أنقاض سيارة قيادي في «الجماعة الإسلامية» استهدفته إسرائيل بشرق لبنان (أ.ف.ب)
مواطنون لبنانيون يرفعون أنقاض سيارة قيادي في «الجماعة الإسلامية» استهدفته إسرائيل بشرق لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستفيد من ثغرة أمنية لدى «حزب الله» لتنفيذ الاغتيالات

مواطنون لبنانيون يرفعون أنقاض سيارة قيادي في «الجماعة الإسلامية» استهدفته إسرائيل بشرق لبنان (أ.ف.ب)
مواطنون لبنانيون يرفعون أنقاض سيارة قيادي في «الجماعة الإسلامية» استهدفته إسرائيل بشرق لبنان (أ.ف.ب)

تُبرِز الاغتيالات الإسرائيلية المتواصلة لمقاتلين وقياديين في «حزب الله»، ثغرة أمنية وتكنولوجية لم يستطع الحزب التعامل معها، رغم الأجهزة الإيرانية التي لم توقف الانكشاف الأمني لعناصره و«الملاحقة القاتلة» التي أدت، الخميس، إلى استهداف عنصر في جبال البطم بالجنوب، بعد ساعات على استهداف قيادي في «الجماعة الإسلامية» بالبقاع في شرق لبنان.

واغتالت مسيرات إسرائيلية، صباح الخميس، القيادي في «الجماعة الإسلامية» محمّد حامد جبارة من بلدة القرعون، جراء غارة على بلدة غزة في منطقة البقاع. كما اغتالت بعد ساعات، عنصراً في الحزب استهدفت مسيرة سيارته من نوع «رابيد» بُعيد خروجه من منزل والدته في بلدة جبال البطم بالجنوب، ونعاه الحزب بعد الظهر.

إسرائيل و«حزب الله» ينزلقان نحو الحرب (إنفوغراف - الشرق الأوسط)

ثغرة أمنية وتكنولوجية

والاغتيالان جزءٌ من حلقة طويلة من الملاحقات الإسرائيلية لقيادات في «حزب الله» و«الجماعة الإسلامية» و«حركة حماس»، على امتداد جنوب وشرق لبنان، ولم تحل الإجراءات والتدابير الأمنية دون الملاحقة الإسرائيلية التي «تستفيد من ثغرة أمنية وتكنولوجية تمكن إسرائيل من ملاحقتهم»، كما يقول الباحث بالشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد لـ«الشرق الأوسط».

ورغم أن وتيرة الاغتيالات تتراجع أحياناً، وتتكثف في أحيان أخرى، فإنها «لا ترتبط ببُعد سياسي»، كما يقول أسعد، بل تتصل «ببعد عسكري بحت». ويشرح: «عندما تسنح فرصة لدى إسرائيل لاستهداف قادة ألوية أو قادة أفواج أو قادة مناطق، فلن تضيع الفرصة، وتستفيد في ملاحقاتها من كل أنواع التكنولوجيا المتاحة لديها، فضلاً عن العامل البشري الداخلي لرصد التحركات». ويضيف: «تنتظر المسيرات الشخص المستهدف ليخرج من المنزل أو من مكان آخر لاستهدافه بالطريقة التي اعتادوا عليها».

ويشير أسعد إلى أن «حزب الله» لم يستطع حتى الآن «وقف الخروقات والانكشاف رغم أجهزة الإرسال المشفرة التي اعتمدها، وهي أجهزة بمعظمها إيرانية مطورة عن أجهزة صينية وروسية وكورية شمالية، وأثبتت أن هذه الأجهزة ليست آمنة، بل مخترقة، ما يعني أن تشفيرها ليس فعالاً».

وفيما يخص العامل البشري، يشير أسعد إلى أن إسرائيل بقدراتها التكنولوجية أحياناً «لا تحتاج إلى عميل، بالنظر إلى أن مجموعات غير منتظمة لا تحافظ على نفسها، قد توفر كشفاً مجانياً لنفسها ولمتعاملين آخرين معها من خلال صور يلتقطونها، أو التخفيف من القيود على التحرك». ويرى أن ما ينطبق على الحزب، ينطبق أيضاً على عناصر «حماس»، أو «الجماعة الإسلامية»، لكنه يدرج ملاحقة هؤلاء ضمن إطار «التصفية والتهديد»، بالنظر إلى أن عمليات الجماعة و«حماس»، «ليست نشطة كثيراً، وتجري بصورة متقطعة، بينما يتولى (حزب الله) الجزء الأساسي من المعركة».

اغتيال قيادي بـ«الجماعة الإسلامية» مرتبط بـ«حماس»

ونفذت إسرائيل اغتيالين، الخميس، ففي البقاع، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بـ«استشهاد القيادي في (الجماعة الإسلامية) محمّد حامد جبارة»، وقالت إن «مسيّرة معادية استهدفت صباحاً بصاروخ سيارته، وهي بيك أب من نوع دودج». وفي وقت لاحق، أكدت «الجماعة الإسلامية»، في بيان، مقتل «القائد» جبارة «بغارة صهيونية غادرة». وقالت إن «الجريمة الجبانة... لن تثنينا عن القيام بدورنا وواجبنا في الدفاع عن أرضنا وأهلنا في الجنوب، ولا عن نصرة شعبنا في فلسطين». كذلك، نعت «حماس» القيادي جبارة.

وشكلت «الجماعة الإسلامية»، المقربة من «حركة حماس»، هدفاً لضربات إسرائيلية عدة، أودت بعدد من قيادييها آخرهم في 22 يونيو (حزيران) الفائت في منطقة البقاع. وقال الجيش الإسرائيلي حينها إن القيادي كان مسؤولاً عن إمداد فصيله وحليفته حركة «حماس» في المنطقة بالأسلحة. ونعى الفصيل تسعة من عناصره، بينهم قياديون، منذ بدء التصعيد.

وأكّد المسؤول السياسي لـ«الجماعة الإسلامية» في الجنوب الدكتور بسام حمود أنّ «هذه الاغتيالات تدل على مدى الضرر ومدى الإصابات الموجعة التي يوقعها المجاهدون بهذا العدو في جهادهم في أرض الميدان»، قائلاً في تصريح إذاعي: «إنها معركة وجود وليست مجرد معركة حدود».

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه هاجم باستخدام طائرات سلاح الجو منطقة البقاع، مما أسفر عن مقتل محمد جبارة، المرتبط بمنظمة (حماس) في لبنان». وقال إنه «تم تكليف جبارة بترويج وتنفيذ مخططات إرهابية وعمليات إطلاق من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية، وبعضها بالتعاون مع (الجماعة الإسلامية) في لبنان».

حطام سيارة قيادي بـ«الجماعة الإسلامية» اللبنانية استهدفته إسرائيل في بلدة غزة في البقاع (أ.ف.ب)

اغتيال في الجنوب

وبعد الظهر، نعى «حزب الله» حسن مهنا، الذي استهدفته مسيرة إسرائيلية في جبال البطم. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن مسيرة أطلقت صاروخاً على سيارته، قبل أن يخرج من السيارة ويتوارى بين الأشجار، حيث استُهدف بصاروخ آخر أودى بحياته. وتناقل اللبنانيون مقطع فيديو لأمه تقول فيه إنه قبيل استهدافه بلحظات كان يزورها، ما يعني أن المسيرة رصدت خروجه من المنزل قبل استهدافه.

الدخان يتصاعد من مواقع سقوط صواريخ لـ«حزب الله» على مدخل كريات شمونة الأربعاء (رويترز)

في ميدانيات الجنوب، قام الجيش الإسرائيلي بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتجاه بلدة الوزاني، كما استهدف بلدة شيحين بصاروخ موجه. ونفذت طائراته غارة على مرتفعات عين التينة في البقاع الغربي (شرق لبنان). واستهدفت غارة غرفة غير مأهولة اندلعت فيها النيران في وادي العزية، أطراف بلدة زبقين، وقد توجهت فرق الإطفاء إلى مكان الاستهداف. وتعرض وادي البياض - حولا لجهة وادي السلوقي للقصف بالمدفعية الثقيلة، كما قام الجيش الإسرائيلي من مواقعه بتمشيط الأحياء السكنية لبلدة كفركلا بالأسلحة الرشاشة.

في المقابل، أعلن «حزب الله» عن قصف التجهيزات التجسسية في موقع حدب يارين بالأسلحة المناسبة، ما أدى إلى تدميرها.

وقال الجيش الإسرائيلي إن «طائرات سلاح الجوّ، نفذت غارة على البنية التحتية العسكرية لـ(حزب الله) في منطقة عين التينة، كما تم تنفيذ هجوم آخر على موقعين عسكريين للحزب في منطقتي القصيرة ومريمين». وذكر أن قواته «هاجمت منطقة بليدة بالمدفعية، لإزالة تهديد».


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

وقال «حزب الله»، في 3 بيانات، إن مقاتليه دمروا 5 دبابات «عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة»، إحداها أثناء محاولتها «التقدم لسحب دبابة من الدبابات المدمرة»، وأضاف في بيان آخر أنه استهدف بصاروخ موجه دبابة «عند الأطراف الغربية لبلدة دير ميماس».

وتحدثت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية عن معارك عنيفة في العديد من مناطق الجنوب، مشيرة إلى «تراجع رتل من 30 آلية عسكرية إسرائيلية من جنوب البياضة (...) باتجاه شمع وطيرحرفا تحت غطاء مدفعي»، بعد تدمير «حزب الله» للدبابات. وأضافت: «تسارع وتيرة العملية البرية الإسرائيلية في الخيام»، البلدة القريبة من الحدود، بعد ليلة من المعارك «العنيفة».

كذلك، أكد «حزب الله» استهداف القوات الإسرائيلية المتمركزة في شرق الخيام بـ4 دفعات من الصواريخ.

وتعدّ إسرائيل هذه البلدة «بوابة استراتيجية تسهل التقدم البري السريع»، بحسب الوكالة.

وقال رئيس بلدية دير ميماس، جورج نكد، للوكالة إن «القوات الإسرائيلية كانت قد وصلت من جهة كفركلا إلى تلة لوبيا الواقعة بين القليعة ودير ميماس ونصبت فيها حاجزاً، وإن هناك ما يقارب 20 شخصاً عالقين في البلدة بينهم امرأة حامل».

وأفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن نحو 200 صاروخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، الأحد. ونقلت الصحيفة عن مصادر القولَ إن تلك الصواريخ تسببت في وقوع إصابات وتلفيات في مناطق بوسط وشمال إسرائيل.

وأعلن «حزب الله»، في وقت سابق، الأحد، استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيّرة، وذلك بعد أن استهدف أيضاً قاعدة أسدود البحرية الإسرائيلية.