تسوية سياسية «جزئية» تسمح بقبول ضباط في الكلية الحربية بلبنان

وزير الدفاع مستمر في منع تعيين رئيس لأركان الجيش

ميقاتي مترئساً مجلس الوزراء الذي عُقد الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)
ميقاتي مترئساً مجلس الوزراء الذي عُقد الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

تسوية سياسية «جزئية» تسمح بقبول ضباط في الكلية الحربية بلبنان

ميقاتي مترئساً مجلس الوزراء الذي عُقد الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)
ميقاتي مترئساً مجلس الوزراء الذي عُقد الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)

أقرّ مجلس الوزراء اللبناني إجراء مباراة جديدة لاختيار 82 تلميذاً ضابطاً لصالح الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، وإلحاقهم بدورة تلامذة الضباط التي أُعلنت نتائجها قبل نهاية العام الماضي وعرقلها الخلاف القائم ما بين وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون، ليفرج عن دورة الضباط المعلّقة منذ سبعة أشهر، في حين لا تزال الخلافات السياسية تعطّل قرار تعيين العميد حسان عودة رئيساً للأركان؛ بسبب امتناع وزير الدفاع عن توقيع مرسوم تعيينه؛ وهو ما أثار استياء وزير التربية القاضي عبّاس الحلبي لأن التسوية لم تشمله.

وعكس حلّ أزمة الضباط الجدد، التي رعاها وزير الثقافة محمد مرتضى بتكليف من رئيس مجلس لنواب نبيه برّي، ارتياحاً لدى الفائزين بدورة الضباط وينتظرون إلحاقهم بالكلية الحربية، كما تركت انطباعاً إيجابياً لدى المؤسسة العسكرية، واعترف مصدر مقرّب من المجلس العسكري بأن «قرار فتح دورة جديدة لاختيار 82 ضابطاً جديداً جاء نتيجة التسوية السياسية التي رعاها وزير الثقافة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الحلّ كان طرحه قائد الجيش العماد جوزف عون، حين طلب إلحاق التلامذة الفائزين وعددهم 118 بالكلية الحربية، وفتح دورة جديدة لاختيار آخرين، إلا أن وزير الدفاع لم يوقّع قرار إلحاقهم بالمدرسة الحربية؛ بحجة عدم مراعاة التوازن الطائفي فيها». وعبّر المصدر عن أسفه لـ«عدم حلّ أزمة مرسوم تعيين رئيس لأركان بالنظر لأهمية موقعه ودوره في هيكلية المجلس العسكري وفي قيادة الجيش».

وتلا وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري مقررات مجلس الوزراء، فأشار إلى أنه «بعد المداولة، ومع مراعاة الأحكام القانونية ذات الصلة، قرر المجلس الموافقة على طلب وزير الدفاع الوطني الرامي إلى الموافقة على مضمون كتاب قيادة الجيش الذي يقضي برفع العدد الإجمالي لدورة الضابط إلى 200 تلميذ ضابط لصالح الجيش وبقية القوى الأمنية، على أن يتمّ إكمال العدد عبر مباراة إضافية تجرى بالسرعة الممكنة ويتم إلحاق الناجحين فيها والمحدد عددهم بـ82 تلميذاً ضابطاً مع أولئك الذين نجحوا في المباراة السابقة». وقال إن مجلس الوزراء «أقرّ ضرورة أن يكون التعيين عبر المباراة من بين المدنيين الذكور والعسكريين ذكوراً وإناثاً على أن يجاز للعسكري التقدم لصالح أي من الأجهزة المذكورة».

وشدد وزير الإعلام على أن هذا القرار «يؤكد حرصنا (الحكومة) على كيانية مؤسسات الجيش والقوى الأمنية، واستمرارية دورها الحامي للوطن والضامن للحريات، والاحتكام الدائم للقوانين والأنظمة»، مضيفاً: «لن نسمح بأن يتسلل الفراغ إلى المؤسسات وسنبقى في جهوزية لتفادي أي خطر يهدد مؤسسات الدولة، من خلال تحصينها وتحديثها ودعمها (...)، كما نؤكد على عناية الدولة بالشباب لأنهم مستقبل الوطن الواعد بالخير، وندعوهم إلى الانتساب إلى الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية والإدارية، ونشدد على رفد الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك بالضباط». وتحدث وزير الإعلام عن أهمية «رفد القطاعات جميعها بدم شبابي يؤمّن استمراريتها من خلال تطويع الناجحين وتوظيفهم في دورة خفراء الجمارك أيضاً، وهذا الملف سنسعى إلى إيجاد حل له، على قاعدة حق الناجحين في الدورة وفق التوازنات في البلد».

وشعوراً بمدى الضرر الذي يلحق بالجيش والأجهزة الأمنية جراء تعطيل دورة الضباط، اعتبر مصدر مقرّب من وزير الدفاع أن «أزمة الضباط الجدد كان بالإمكان حلّها منذ البداية لو أُخذ باقتراح الوزير موريس سليم، وتمّ رفع عدد الفائزين فيها، ولما كان هؤلاء تأخروا سنة عن الالتحاق بالكلية الحربية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزير سليم «مرتاحٌ إلى موافقة مجلس الوزراء على تعيين 82 تلميذاً ضابطاً جديداً، رغم تغيبه عن الجلسة (الحكومة) التي يقاطعها لأسباب سياسية معروفة». أما عن تأخير صدور مرسوم تعيين رئيس الأركان، فأشار المصدر إلى أن «قرار تعيينه غير قانوني ويتعارض مع قانون الدفاع الوطني». وشدد على أن «الآلية القانونية للتعيينات في المجلس العسكري بما فيها منصب رئيس الأركان واضحة، وتبدأ باقتراح يصدر عن وزير الدفاع للأسماء المرشحة لتولي المناصب الشاغرة، وهذا ما لم يحصل خلال تسمية رئيس الأركان الجديد»، مؤكداً أن سليم «لن يوقّع المرسوم؛ لأن ما بُني على باطل هو باطل».

ورداً على سؤال عن تداعيات إبقاء موقع رئيس الأركان شاغراً، وهو الوحيد المخوّل تسلّم مهام قائد الجيش إذا ما أحيل العماد جوزف عون على التقاعد في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل، قبل تعيين قائد جيش أصيل أو التمديد للقائد الحالي، رأى المصدر أن «هناك ستة أشهر تفصل عن موعد انتهاء ولاية قائد الجيش، ومن المبكر الحديث عن فراغ في قيادة الجيش والبحث عن الحلول».


مقالات ذات صلة

«القوات» و«الاشتراكي»: اختلافات بالجملة واتفاق على عدم الخصومة

المشرق العربي رئيس «القوات» سمير جعجع يستقبل رئيس «الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط لطرح مبادرة رئاسية (إعلام الاشتراكي)

«القوات» و«الاشتراكي»: اختلافات بالجملة واتفاق على عدم الخصومة

تمر العلاقة بين حزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» في أسوأ مراحلها رغم محاولة الطرفين الظهور عكس ذلك.

كارولين عاكوم (بيروت)
تحليل إخباري مواطنون لبنانيون يرفعون أنقاض سيارة قيادي في «الجماعة الإسلامية» استهدفته إسرائيل بشرق لبنان (أ.ف.ب)

تحليل إخباري إسرائيل تستفيد من ثغرة أمنية لدى «حزب الله» لتنفيذ الاغتيالات

تبرز الاغتيالات الإسرائيلية المتواصلة لمقاتلين وقياديين في «حزب الله»، ثغرة أمنية وتكنولوجية لم يستطع الحزب التعامل معها، رغم أجهزة التشويش الإيرانية.

نذير رضا (بيروت)
أوروبا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

شرطة إسبانيا وألمانيا تعتقل 4 للاشتباه في تهريب أجزاء طائرات مسيرة لـ«حزب الله»

شرطة إسبانيا وألمانيا تعتقل أربعة لبنانيين للاشتباه في تهريب أجزاء طائرات مسيرة لـ«حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ملتقياً المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين في زيارة سابقة له إلى بيروت (إ.ب.أ)

إسرائيل تتبع التدمير البطيء جنوباً لتطبيق الـ«1701» على طريقتها

يتخوف اللبنانيون من تراجع الاهتمام الدولي ببلدهم بخلاف ما يتوهمه البعض من أهل السياسة نظراً لانشغال الدول بمشاكلها الداخلية.

محمد شقير (بيروت)
تحليل إخباري نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)

تحليل إخباري ​«حزب الله» يهدد بقصف مستعمرات جديدة... فهل تتوسّع الحرب؟

انتقل «حزب الله» من مرحلة الدفاع إلى الهجوم سواء عبر استخدامه أسلحة جديدة أو عبر تهديدات أمينه العام بـ«قصف مستعمرات إسرائيلية لم يسبق أن تم استهدافها».

يوسف دياب (بيروت)

«القوات» و«الاشتراكي»: اختلافات بالجملة واتفاق على عدم الخصومة

رئيس «القوات» سمير جعجع يستقبل رئيس «الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط لطرح مبادرة رئاسية (إعلام الاشتراكي)
رئيس «القوات» سمير جعجع يستقبل رئيس «الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط لطرح مبادرة رئاسية (إعلام الاشتراكي)
TT

«القوات» و«الاشتراكي»: اختلافات بالجملة واتفاق على عدم الخصومة

رئيس «القوات» سمير جعجع يستقبل رئيس «الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط لطرح مبادرة رئاسية (إعلام الاشتراكي)
رئيس «القوات» سمير جعجع يستقبل رئيس «الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط لطرح مبادرة رئاسية (إعلام الاشتراكي)

تمر العلاقة بين حزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» في أسوأ مراحلها رغم محاولة الطرفين الظهور عكس ذلك. الوقائع السياسية على الأرض تعكس «فراقاً» واضحاً بينهما وغياب الروابط المشتركة في مقاربة معظم القضايا الأساسية في البلد، من الدعوة إلى الحوار لانتخاب رئيس جمهورية، والتشريع في البرلمان في مرحلة الفراغ الرئاسي إلى صلاحيات حكومة تصريف الأعمال ومقاربة قضية النازحين السوريين.

وهذه الاختلافات جعلت الحليفين السابقين في موقعين بعيدين أكثر من أي وقت مضى، وهو ما ظهر جلياً أخيراً في المبادرات الرئاسية التي قدّمت، بحيث عمد «الاشتراكي» إلى طرح مبادرة تدعم في جزء منها طلب رئيس البرلمان نبيه بري بالحوار بين الكتل، ليعود بعدها ويجتمع «القوات» في طرح مبادرة أخرى مع أطراف في المعارضة، تستبعد الحوار بدعوة ورئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، وهو ما جاء رد الفعل «الاشتراكي» عليها سلبياً، بحيث كان أول من أسقط المبادرة.

وكان واضحاً حينها النائب وائل أبو فاعور بالقول بعد اللقاء: «لم نر أن هناك عناصر سياسية جديدة أو أفكاراً سياسية جديدة يمكن أن تقود الاستحقاق الرئاسي قدماً، بل أكثر من ذلك، فإن في المداولات السابقة، أكثر من مبادرة لأكثر من طرف سياسي. تم إنضاج أفكار أكثر تطوراً أو أكثر تقدماً أو عمقاً، وبقيت هذه الأفكار قاصرة عن إيجاد حل لمسألة الرئاسة، وبالتالي نحن نتمنى التوفيق في هذا المسعى، لكن الشعور أن هذه الأفكار لا نرى أنها يمكن أن تقود إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي».

وأتى ذلك، بعدما سبق لـ«الاشتراكي» أن قاطع اجتماع المعارضة الذي دعا إليه «القوات»، علماً بأنهما كانا قد اجتمعا على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور والتمديد لقادة الأجهزة الأمنية. لكن الاختلاف في مقاربة الطرفين للاستحقاق الرئاسي يظهر بشكل واضح عبر تأييد «الاشتراكي» للحوار الذي يرفضه «القوات»، وتلميح رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط لإمكانية التصويت للوزير السابق سليمان فرنجية، ما يجعل الاتفاق على رئاسة الجمهورية مستبعداً بين الطرفين.

ويقرّ عضو الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وائل أبو فاعور بالتمايزات بالفترة الأخيرة بين الطرفين وتحديداً في موضوع الحرب على غزة، لكنه يؤكد عدم الرغبة في توتّر العلاقة، منتقداً ما سمّاه «التراشق غير المبرّر» من البعض في «القوات»، ومؤكداً أنه لا مصلحة للطرفين بهذا الأمر.

ويقول أبو فاعور، الذي اجتمع قبل أيام مع النائب في «القوات» ملحم رياشي لـ«الشرق الأوسط»: «نتماير في بعض القضايا مع (القوات) لكن لا قطيعة معه كما غيره من الأفرقاء اللبنانيين، ونرى في موقعنا الوسطي أنه لا مصلحة لاصطفافات جديدة في البلد، لا سيما بعد التجارب السابقة في الاستحقاق الرئاسي التي لم تؤد إلى نتيجة، بحيث بتنا مقتنعين أنه لا جدوى من أي اصطفاف ولا بدّ من الحوار للتوصل إلى حل».

وفي موضوع الحرب على غزة والجنوب، ذكّر أبو فاعور أن «الاشتراكي كان أوّل من دعا إلى تطبيق القرار 1701 وعدم توسيع الحرب».

من جهته، يصف عضو كتلة «القوات» النائب ملحم رياشي العلاقة بين الطرفين بـ«الجيدة»، معتبراً أنها لا تعدو كونها «اختلافات في وجهات النظر لا يجد الخلاف مكاناً له فيها»، ومذكراً بأن مصالحة جبل لبنان (التي أنجزت عام 2001 بين المسيحيين والدروز) لا تزال قائمة وثابتة، وهذا أمر لا يمكن الاستهانة به أو التقليل من أهميته. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «قد لا نجتمع اليوم على بعض الأمور، لكن من المؤكد أننا سنجتمع معاً في مقاربة اليوم التالي بعد انتهاء الحرب».

وحول القضايا الخلافية بين الطرفين، يقول رياشي: «فيما يتعلق بمقاربة الحرب وانخراط «حزب الله» بها، لكل منا موقفه الذي لا يؤدي إلى الخصومة، بحيث إن «الاشتراكي» لن يقاتل مع الحزب ولا نحن ذاهبون لمحاربته، والأمر نفسه بالنسبة إلى قضية النازحين»، موضحاً: «لا أعتقد أن (الاشتراكي) ضد عودتهم، لكن الاختلاف فيما بيننا يرتبط بتوقيت هذه العودة وظروفها».