بغداد: مخاوف أميركية من عودة «داعش»... وفصيل مؤيد لإيران يبرر استهداف «عين الأسد»

جندي من قوات التحالف الدولي خلال دورية قرب قاعدة «عين الأسد» الجوية في العراق (أرشيفية - سانتاكوم)
جندي من قوات التحالف الدولي خلال دورية قرب قاعدة «عين الأسد» الجوية في العراق (أرشيفية - سانتاكوم)
TT

بغداد: مخاوف أميركية من عودة «داعش»... وفصيل مؤيد لإيران يبرر استهداف «عين الأسد»

جندي من قوات التحالف الدولي خلال دورية قرب قاعدة «عين الأسد» الجوية في العراق (أرشيفية - سانتاكوم)
جندي من قوات التحالف الدولي خلال دورية قرب قاعدة «عين الأسد» الجوية في العراق (أرشيفية - سانتاكوم)

فيما أفادت القيادة المركزية للجيش الأميركي، الأربعاء، أن تنظيم «داعش» الإرهابي يحاول «إعادة تشكيل نفسه» من جديد، عبر هجمات في سوريا والعراق، عاودت الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران تبرير استهداف قاعدة «عين الأسد» غربي العراق بطائرتين مسيرتين.

القيادة المركزية الأميركية أكدت، في بيان، أن «(داعش) تبنى 153 هجوماً في كلا البلدين خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024». وطبقاً للبيان، فإن «التنظيم المتشدد وراء 121 هجوماً في سوريا والعراق خلال هذا العام».

مقاتل من «داعش» يحمل سلاحاً مع علم التنظيم في أحد شوارع مدينة الموصل يوم 23 يونيو 2014 (رويترز)

وتضاعفت هجمات «داعش» في العراق خلال الأيام الماضية، في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين، حيث شن عناصر هذا التنظيم هجمات على مواقع للجيش العراقي وقوات «البيشمركة» الكردية، في الحد الفاصل بين محافظتي كركوك والسليمانية.

وفيما تزامنت تلك الهجمات مع إصدار القضاء العراقي حكماً بإعدام الزوجة الأولى لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، فإن تلك الهجمات أوقعت خسائر في صفوف القوات العراقية بمن في ذلك مقتل ضابط كبير، وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، فإن قواتها ستواصل عملياتها لملاحقة ما يقدر بنحو 2500 مقاتل من «داعش» في العراق وسوريا، وإعادة تأهيل وإدماج أكثر من 43 ألف فرد وعائلة من مخيمي «الهول» و«روج».

أسماء الكبيسي أرملة زعيم «داعش» الأسبق خلال مقابلة بثتها قناة «العربية» (مواقع التواصل)

وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد قوات التحالف الدولي، إن «الهزيمة العالمية الدائمة لتنظيم (داعش) تعتمد على الجهود المشتركة التي يبذلها التحالف والشركاء لإزالة القادة الرئيسيين من ساحة المعركة، وإعادة الأسر من الهول وروج وإعادة تأهيلها وإدماجها».

ويذكر أن العراق طلب من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية لهزيمة «داعش»، إنهاء مهماته وتحويل العلاقات بين دوله والعراق إلى علاقات ثنائية.

قوات عراقية في عمليات ملاحقة لعناصر «داعش» في ديالى (أرشيفية - الإعلام الأمني)

وبعد توقف هجمات الفصائل المسلحة في العراق المقربة من إيران على القوات الأميركية، منذ شهر فبراير (شباط) الماضي، بعد وساطة أبرمها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وامتنع الطرفان، بنتيجتها، عن استهداف بعضهما بعضاً، سجّلت ليل الثلاثاء - الأربعاء، عملية استهداف لقاعدة «عين الأسد» بطائرتين مسيرتين، ما عدّ تصعيداً خطيراً في هذا الشأن.

الحكومة العراقية التي تمكنت من ضبط إيقاع الهدنة بين الطرفين على مدى الأشهر الستة الماضية، لم تعلق على استهداف «عين الأسد»، لكن «كتائب سيد الشهداء»، دافعت عن العملية، وقالت على لسان المسؤول الإعلامي فيها كاظم الفرطوسي إن «استهداف قاعدة (عين الأسد) الجوية في العراق، التي تتمركز فيها قوات أميركية ودولية، بطائرتين مسيرتين، قد يكون بمثابة رد فعل على ممارسات الولايات المتحدة وتدخلها السافر في الشأن العراقي».

وأشار في حديث صحافي إلى أنّه «حتى الساعة لم تظهر أيّ جهة وتبنت هذه العملية»، وأنّه «سيكون هناك تحقيق بنوعية الطائرات المستهدِفة لبيان الجهة التي قامت بهذه العملية، خصوصاً أنّه لم يتم تبني هذه العملية من أي جهة».

أعضاء من جماعة مسلحة شيعية عراقية مدعومة من إيران في بغداد - 4 يناير 2024 (رويترز)

ولفت الفرطوسي إلى أنّ «انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الأراضي العراقية هو مطلب ضروري، لا سيّما أنّنا لم نلاحظ أيّ نتائج ملموسة وجدّية بعد مرور أشهر من المفاوضات»، مبيناً أن «رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لديه استحقاقات آتية، وبالتالي عليه أن يحقق إنجازاً في ملف الفصائل العراقية والعلاقة مع الولايات المتحدة».

وأوضح أن العمليات المسلحة تجاه الولايات المتحدة هي بقرار عراقي وليس إيرانياً، وهي ستحرج السوداني مع الإدارة الأميركية من جهة، إلا أنّها قد تشكل له حافزاً للضغط على أميركا وإجبارها على الانسحاب من العراق»، من جهة أخرى.

الرئيس بايدن ورئيس الوزراء العراقي في 15 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

وانخرط العراق في مفاوضات مع واشنطن منذ يناير (كانون الثاني) هذا العام، بهدف إعادة تقييم انسحاب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق والذي تشكل عام 2014 للمساعدة في قتال «داعش» بعد أن اجتاح التنظيم أجزاء كبيرة من البلاد.

وخلال الزيارة التي قام بها السوداني إلى واشنطن خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، ولقائه الرئيس الأميركي جو بايدن، تم الاتفاق على إعادة العمل باتفاقية «الإطار الاستراتيجي» الموقعة بين بغداد وواشنطن عام 2008، والتي توقف العمل بها بعد سلسلة الضربات المتبادلة بين الأميركان والفصائل المسلحة الموالية لإيران، وقرار البرلمان العراقي عام 2020 القاضي بانسحاب القوات الأميركية من العراق بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، في غارة أميركية على مطار بغداد الدولي.


مقالات ذات صلة

دعوات عراقية لعقد المؤتمر الأول لـ«الإقليم السني» في سبتمبر المقبل

المشرق العربي السوداني خلال استقباله شيوخ عشائر من الأنبار في مناسبة سابقة (مكتب رئاسة الوزراء)

دعوات عراقية لعقد المؤتمر الأول لـ«الإقليم السني» في سبتمبر المقبل

شهدت الأسابيع الماضية تصاعداً غير مسبوق في المطالبة بإقامة إقليم سني في العراق، وصل حتى تحديد شهر سبتمبر (أيلول) المقبل موعداً لمناقشتها.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مجلس الأمن يصوّت على قرار بشأن تجديد تفويض بعثة «يونامي» لدى العراق في مايو الماضي (الأمم المتحدة)

الحسّان يخلف بلاسخارت في «مهمة تصريف أعمال يونامي» لدى العراق

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان مقتضب (الاثنين)، تعيين محمد الحسّان من سلطنة عمان ممثلاً خاصاً جديداً له في العراق، ورئيساً لـ«يونامي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عَلم العراق يرفرف أمام حقل نفطي (رويترز)

مخاوف عراقية من «التطبيع» مع إسرائيل... فما السبب؟

يبلغ عمر مشروع أنبوب نقل النفط من البصرة في العراق إلى ميناء العقبة الأردني، أكثر من 40 عاماً، لكنَّ الجدل حوله تجدد اليوم، وسط مخاوف من التطبيع مع إسرائيل.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي وزير الداخلية العراقية عبد الأمير الشمري (إعلام حكومي)

طرد 320 شرطياً و36 ضابطاً عراقياً خلال 6 أشهر

أعلنت وزارة الداخلية العراقية، الأحد، عن «طرد 320 شرطياً، و36 ضابطاً من الخدمة خلال النصف الأول من العام الجاري»، وذلك في إطار مساعيها لمحاربة «الفساد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من قضية «سرقة القرن» (أ.ف.ب)

بعد مرور سنتين... ما مصير «سرقة القرن» العراقية؟

أعاد رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، التذكير بالقضية المعروفة باسم بـ«سرقة القرن» إلى الواجهة، بعدما أقر بأن «نصف أموال القضية هُرِّب إلى خارج البلاد».

فاضل النشمي (بغداد)

غليان في السويداء بعد «اغتيال» زعيم فصيل مسلح

غليان في السويداء بعد «اغتيال» زعيم فصيل مسلح
TT

غليان في السويداء بعد «اغتيال» زعيم فصيل مسلح

غليان في السويداء بعد «اغتيال» زعيم فصيل مسلح

استيقظت محافظة السويداء جنوب سوريا على نبأ «اغتيال» قائد فصيل «لواء الجبل» المسلح المحلي، مرهج الجرماني، الذي وُجد في منزله فجر الأربعاء مقتولاً برصاص مجهولين، الأمر الذي خلف موجة غضب واسعة بين سكان المحافظة.

وأفادت منصات إعلامية محلية بأن مرهج الجرماني قُتل برصاصة واحدة أُطلقت عليه من مسافة قريبة. ولم تتضح بعد ملابسات الاغتيال، وقالت شبكة «السويداء 24» الإعلامية المحلية على «فيسبوك» إن زوجة الجرماني «فوجئت صباح الأربعاء بالدماء تنزف من رأس زوجها إثر طلق ناري، وقد فارق الحياة».

وتشهد السويداء منذ منتصف أغسطس (آب) الماضي، احتجاجات سلمية أسبوعية، انطلقت إثر رفع الدعم الرسمي عن الوقود وتطورت للمطالبة بـ«إسقاط النظام». وزادت وتيرة المظاهرات في فبراير (شباط) الماضي إثر استئناف السلطات السورية عملية التسويات الأمنية للمطلوبين للخدمة العسكرية والاحتياطية في مركز داخل المدينة بعد توقف منذ نهاية العام الماضي.

والجرماني من الوجوه البارزة في احتجاجات السويداء، ومن المشاركين فيما يسمى «معارك الدفاع عن الجبل». وينسب إليه أنه احتُجز الشهر الماضي عشرات الضباط والعناصر من الأجهزة الأمنية الحكومية، بعد اعتقال شابة من السويداء في دمشق من قِبل الجهات الأمنية.

ويتداول مقيمون محليون أن للجرماني دوراً في التصدي لتنظيمات متطرفة هاجمت السويداء مرات عدة بعد عام 2014، بالإضافة لمشاركته في المواجهات ضد مجموعات مدعومة من الأجهزة الأمنية الحكومية.

ونقلت شبكة إخبارية محلية أن أفراد عائلة الجرماني أو حتى جيرانه لم يسمعوا في مدينة السويداء، أي صوت لإطلاق النار، ما يرجّح مقتله بكاتم للصوت.

وذكرت «السويداء 24» أن موالين للحكومة السورية شنّوا خلال الأشهر الماضية حملة تحريض ضد الجرماني، على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأحدث مقتل الجرماني الذي يُشيع، الخميس، في قريته «أم الزيتون» صدمة كبيرة في أوساط الحراك الذي تشهده السويداء منذ نحو عام، وأطلق المحتجون على الجرماني وصف «شهيد الكرامة» ووقفوا حداداً على مقتله.

وقالت مصادر محلية في السويداء لـ«الشرق الأوسط» إن الجرماني كان له دور كبير في الاحتجاجات، وتصدى فصيله لحمايتها.

وأشارت المصادر إلى أنه على الرغم من عدم اتضاح ملابسات عملية الاغتيال؛ فإن أوساط المحتجين تشير بالاتهام إلى «جهات أمنية حكومية». ورأت المصادر أنه إذا ثبتت صحة تلك الاتهامات فإنها «ستكون مؤشراً خطيراً لأن الجرماني يتمتع بشعبية واسعة في السويداء، وأشعل اغتياله الغضب إلى حد يصعب التكهن بما ستؤول إليه الأمور».

في سياق آخر، ظهر محافظ السويداء أكرم محمد علي في شريط متلفز جرى تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي مساء الثلاثاء، وهو يتحدث ضمن اجتماع مع أعضاء مجلس المحافظة عن «محبته ومودته لمحافظة السويداء وأهلها»، وأن لديه خطة عمل متكاملة وتصوراً لمعالجة القضايا الخدمية، مع الإشارة إلى أنه لا «يملك عصا سحرية» وإنما سيعمل ضمن الإمكانات المتاحة لتأمين الخدمات الأساسية.

ويعد هذا أول ظهور متلفز لمحافظ السويداء منذ توليه مهامه في منتصف مايو (أيار) الماضي. ومحافظ السويداء لواء متقاعد عمل بالمخابرات العامة السورية، ووفق موقع «مع العدالة»، أوكلت إليه مسؤولية قمع الاحتجاجات في 2011 لدى تسلمه رئاسة فرع أمن الدولة في محافظة حلب، وكان حينها برتبة «عميد».