لبنان يتخطى سيناريو العتمة بوقود عراقي

قبل أيام على إطفاء آخر محطات إنتاج الكهرباء

صورة أرشيفية لـ«محطة الزهراني لإنتاج الكهرباء» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لـ«محطة الزهراني لإنتاج الكهرباء» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

لبنان يتخطى سيناريو العتمة بوقود عراقي

صورة أرشيفية لـ«محطة الزهراني لإنتاج الكهرباء» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لـ«محطة الزهراني لإنتاج الكهرباء» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تجاوز لبنان سيناريو انقطاع الكهرباء بصورة كاملة، إثر قرار الحكومة العراقية مواصلة تزويده بالنفط، بعد إطفاء معمل ضخم للطاقة بسبب نفاد الوقود، وتحذيرات من إطفاء المعمل الأخير في نهاية الأسبوع الحالي.

وكانت شركة «كهرباء لبنان» أعلنت، الأحد، نفاد الوقود في معمل دير عمار (شمال لبنان)، في حين حذّر وزير الطاقة وليد فياض من أن «الفيول» في معمل الزهراني (جنوب لبنان) يشرف على النفاد بحلول الأحد المقبل، علماً بأنه ينتج الكهرباء بقدرة لا تتجاوز 200 ميغاواط بعد ترشيد الاستهلاك في كمية الوقود المتبقية. وتوقف إمداد الوقود من العراق، نتيجة عدم تحويل لبنان الأموال المستحقة عليه مقابل شحنات الوقود العراقي للسنة الثانية على التوالي.

وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الخميس، أنه بحث مع رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في «ملف استمرار تزويد لبنان بالنفط العراقي والالتزامات المالية المترتبة على ذلك»، مضيفاً: «تم التوافق على استمرار هذا الدعم؛ ما سيساعد في حل الأزمة المستجدة».

وشكر ميقاتي العراق «الذي لم يتردّد بإيعاز تفريغ حمولات (الفيول)»، لافتاً إلى أنه «سيكون لنا لقاء بعد عاشوراء في بغداد لبحث الموضوع».

وسمحت الدولة العراقية بتعبئة الباخرة الفارغة المتوقفة في البصرة بـ«الفيول أويل» العراقي؛ ما يسمح لناقلات «الغاز أويل» بتفريغ حمولتها في معامل إنتاج الكهرباء في لبنان، وتحديداً في دير عمار والزهراني.

ويعمل في لبنان في الوقت الراهن معملان فقط على «الفيول أويل» لإنتاج الكهرباء؛ هما: معمل الزهراني في الجنوب، ومعمل دير عمار في الشمال.

من جهته، أعلن فياض، في بيان، أنه «تلقّى اتصالاً من المدير العام لشركة (SOMO) التابعة لوزارة النفط العراقية، أخبره فيه موافقة رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني على إعطاء الإذن بتحميل باخرة (الفيول) تضامناً مع لبنان وشعبه؛ ما سيمكّن من إفراغ شاحنتي (الغاز أويل) في معملي الزهراني ودير عمار».

صورة أرشيفية لـ«محطة الزوق لإنتاج الكهرباء» شمال بيروت (أ.ف.ب)

وذكّر فياض بأن «صفقة التبادل النفطي المبرمة بين لبنان والعراق في عام 2021، التي يُفترض أن يزوّد بموجبها العراق لبنان بالنفط الأسود الثقيل مقابل تحويل مبالغ مالية في حساب خاص بالعراق في مصرف لبنان لتمويل خدمات من لبنان لمصلحة العراق؛ تمت بناءً على علاقة ثقة بناها مع نظيره العراقي وانعكست على العلاقة مع الحكومة العراقية».

وبدأ العراق في أغسطس (آب) 2021 تنفيذ الاتفاق القاضي بإعطاء لبنان شحنات من النفط الخام، تتم مبادلتها مع شركات أجنبية بنحو 40 ألف طن شهرياً من «الفيول» المشغل لمحطات إنتاج الكهرباء العاملة به، وأسهمت هذه الكمية في تأمين الكهرباء لنحو 4 ساعات يومياً، إلى جانب مصادر طاقة أخرى لتوفيرها.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

المشرق العربي مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في النبطية، في جنوب لبنان بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

تحليل إخباري «حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

كارولين عاكوم (بيروت)
يوميات الشرق ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

تحكي المسرحية قصص 4 رجال يمثلون نماذج مختلفة في مجتمعنا. لم تقارب في كتابتها موضوعات محرّمة (تابوات)، وتعدّها تحاكي الإنسانية لدى الطرفين.

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي نساء وأطفال ورجل عجوز ضمن موجة النازحين السوريين الأخيرة إلى الأراضي اللبنانية (الشرق الأوسط)

تردُّد الوزراء يعوق تفعيل لجنة التنسيق اللبناني - السوري في ملف النازحين

رغم مرور نحو شهرين على توصية البرلمان بتفعيل عمل اللجنة الوزارية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، لم تفعّل حتى الساعة هذه اللجنة أو تشكَّل لجنة جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي دمار في بلدة كفركلا بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

مقتل ثلاثة مدنيين في ضربة إسرائيلية على جنوب لبنان

قُتل ثلاثة مدنيين وأصيب ثلاثة آخرون في غارة إسرائيلية على مبنى في بلدة بنت جبيل بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الانسحاب من محور فيلادلفيا وعودة الغزيين إلى الشمال يفجران خلافات إسرائيلية إضافية

لا أحد يعرف الضيف سوى عائلته ومجموعة قليلة من أفراد «حماس» (مواقع التواصل)
لا أحد يعرف الضيف سوى عائلته ومجموعة قليلة من أفراد «حماس» (مواقع التواصل)
TT

الانسحاب من محور فيلادلفيا وعودة الغزيين إلى الشمال يفجران خلافات إسرائيلية إضافية

لا أحد يعرف الضيف سوى عائلته ومجموعة قليلة من أفراد «حماس» (مواقع التواصل)
لا أحد يعرف الضيف سوى عائلته ومجموعة قليلة من أفراد «حماس» (مواقع التواصل)

زاد حزب «الصهيونية الدينية» الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهدده بحل الحكومة إذا وافق على الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم في قطاع غزة.

وقالت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك من «معبر كرم أبو سالم» على حدود قطاع غزة الثلاثاء: «قلنا بوضوح: إذا انسحب الجيش من طريقي نتساريم (الذي يقسم قطاع غزة إلى قسمين) وفيلادلفيا (الحدودي)، فسوف نقوم بتفكيك الحكومة». وأضافت: «رئيس الوزراء يعرف ذلك جيداً».

وجاءت تحذيرات ستروك في وقت اندلعت، خلافات بين نتنياهو وفريق التفاوض حول بقاء الجيش في محور فيلادلفيا، ومسألة عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله.

وزيرة الاستيطان أوريت ستروك ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش في الكنيست (أرشيفية: غيتي)

وأكد نتنياهو، في مقابلة مع «القناة 14» الإسرائيلية، عزمه إبقاء الجيش في محور فيلادلفيا، مخالفاً بذلك موقف وزير الدفاع يوآف غالانت، وفريق التفاوض الإسرائيلي. وقال: «إسرائيل ستبقى في محور فيلادلفيا، وهذا له مزايا سياسية وأمنية».

وأضاف في رد على رأي غالانت وفريق التفاوض: «مسموح للجميع بالتعبير عن رأيه، كما يُسمح لرئيس الوزراء بالتعبير عن رأيه، وفي النهاية سنتخذ القرار (بشأن بقاء الجيش في محور فيلادلفيا من عدمه) حسب رأي الأغلبية في الكابنيت، وأنا متأكد من أن الأغلبية تؤيد موقفي لأنه الموقف الصحيح».

ورفض نتنياهو القول بأن طريقة التي يعمل بها «تهدد صفقة التبادل». وقال متحدثاً عن محاولة اغتيال رئيس الجناح العسكري لحركة «حماس»، محمد الضيف: «الصفقة ليست في خطر، ومحاولة الاغتيال تدفعها، هناك مؤشرات مثيرة للاهتمام، لكنني لا أريد أن أقول أي شيء على الإطلاق». وأضاف: «كلما زدنا الضغوط سنحصل على اتفاق يمكن من خلاله إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المختطفين في المرحلة الأولى».

نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (رويترز)

وتمسك نتنياهو بالبقاء في فيلادلفيا جاء على الرغم من أن الاقتراح الإسرائيلي للصفقة، الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن قبل نحو شهر، ينص على الانسحاب من «معبر نتساريم» في اليوم 22 من وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى، والانسحاب الكامل من قطاع غزة بأكمله في المرحلة الثانية.

ويبدو أن ذلك، كان سبب تهديدات ستروك لنتنياهو، خصوصاً بعد معلومات أن فريق التفاوض يضغط من أجل الانسحاب من فيلادلفيا فعلا.

وقالت قناة «كان 11»، إن ثمة خلافات واسعة في الرأي بين نتنياهو وفريق التفاوض فيما يتعلق بموضوع محور فيلادلفيا، وذلك في ظل إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب من المحور وترك قوات الجيش هناك، وعدم السماح بعودة سكان غزة بحرية إلى شمال القطاع.

وأوضح فريق التفاوض لنتنياهو، في لقاء عقد الأحد أن «هناك تقدماً مهماً مع الوسطاء، لكن من دون حل للقضيتين (فيلادلفيا وعودة السكان)، فإن (حماس) لن توافق على صفقة المخطوفين أبداً». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى أن فريق التفاوض وجه انتقادات لاذعة لنتنياهو. وعزز ذلك وجود اتهامات متصاعدة له بمحاولة تخريب الصفقة.

وهاجم رئيس حزب «الوحدة الوطنية» بيني غانتس، نتنياهو مجددا الثلاثاء، وقال إن أفعاله «لا تخدم الصفقة». وأضاف: «أفعال نتنياهو تهدف في تقديري إلى عدم دفع الصفقة إلى الأمام. إنه يخضع الكثير من القضايا لاعتباراته الشخصية».

وقبل غانتس، طلب غالانت من عائلات محتجزين في غزة، لقاء نتنياهو والضغط عليه قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة.

وفعلا التقى نتنياهو بعائلات مراقبات في الجيش سقطن يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ولم يلتق عائلات مراقبات خطفن إلى غزة، ما خلف غضباً لدى الجهتين، أهالي القتلى لأنه لم يلتزم بفتح تحقيق بما جرى، وأهالي المحتجزات لأنه لم يلتق بهم.

ورداً على ذلك، قررت عوائل الأسيرات نشر مقطع فيديو عُرض عليها من قِبل الجيش و«الشاباك» حول اختطاف المجندات، مطالبة نتنياهو بالعمل فوراً على إتمام صفقة قبل توجهه إلى واشنطن الأسبوع المقبل.

سيارات تابعة للأمم المتحدة بمحور فيلادلفيا المعروف أيضاً باسم محور صلاح الدين على الحدود بين غزة ومصر (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي مظاهرات واسعة كانت جرت السبت، تجمع آلاف الإسرائيليين خارج مكتب نتنياهو، وطالبوه بالتوقف عن تخريب الصفقة، وكان شعارهم: «كفّ عن التخريب»، فيما سار آخرون إلى مقر حزب «الليكود» في تل أبيب للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة.

وعلى الرغم من أن أي طرف سواء إسرائيل أو «حماس»، لم يعلن أن الاتصالات توقفت، لكنها بحسب صحيفة «هآرتس»، تضررت على الأقل.

وقالت مصادر سياسية، إنه على الرغم من أن «حماس» أعلنت بالفعل أنها لن تجمّد المحادثات، لكن التقدم نحو الأمام تأخر، وليس كما كان يفترض.

والمخاوف من تأثير محاولة اغتيال الضيف على المفاوضات، عبر عنها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي أعرب أمام وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس «مجلس الأمن القومي» تساحي هنغبي، عن «قلق بلاده العميق» من الخسائر الكبيرة في الأرواح التي أوقعتها غارات السبت في غزة،

ولم يتوجه رئيس جهاز «الموساد» ديفيد برنياع إلى قطر الأحد، كما كان متفقاً عليه لاستكمال المفاوضات بشأن الصفقة، لكن التقديرات في إسرائيل ترجح أن زيارته ستتم في نهاية الأمر.

من مظاهرة لعائلات الأسرى في الطريق إلى الكنيست (إ.ب.أ)

ويقدر الإسرائيليون أن «حماس» لن تتراجع عن الصفقة، ويقولون إن رد فعلها الضعيف على محاولة اغتيال الضيف يثبت ذلك. وثمة اعتقاد بأن الضغط العسكري أتى ثماره، وعزز ذلك اعتقاد أميركي بأن زعيم حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، يتعرض لضغوط متزايدة من قادته العسكريين الميدانيين لقبول اقتراح وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.

وقال رئيس «سي آي إيه» ويليام بيرنز في جلسة مغلقة السبت الماضي، حسب مصدر كان حاضراً أثناء الجلسة لشبكة «سي إن إن» الأميركية إن «السنوار لا يخشى موته، لكنه يواجه ضغوطاً وسط اتهامات له بالتسبب بالمعاناة الهائلة التي يعيشها أهالي قطاع غزة». وأضاف: «الضغط الذي يواجهه السنوار، لإنهاء الحرب، هو التقدم الذي تم إحرازه في الأسبوعين الماضيين».