رسائل «حزب الله» لـ«اليوم التالي» للحرب لا تُطْمئن المعارضة اللبنانية

ترى أن امتلاكه السلاح يبقى مقوِّضاً لدور الدولة

رجل يرتدي وشاحاً أصفر يقف إلى جوار عَلَم «حزب الله» وسط حطام سيارة بالقرب من المباني التي دُمرت في أثناء القصف العسكري الإسرائيلي السابق على قرية عيتا الشعب جنوب لبنان (أ.ف.ب)
رجل يرتدي وشاحاً أصفر يقف إلى جوار عَلَم «حزب الله» وسط حطام سيارة بالقرب من المباني التي دُمرت في أثناء القصف العسكري الإسرائيلي السابق على قرية عيتا الشعب جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

رسائل «حزب الله» لـ«اليوم التالي» للحرب لا تُطْمئن المعارضة اللبنانية

رجل يرتدي وشاحاً أصفر يقف إلى جوار عَلَم «حزب الله» وسط حطام سيارة بالقرب من المباني التي دُمرت في أثناء القصف العسكري الإسرائيلي السابق على قرية عيتا الشعب جنوب لبنان (أ.ف.ب)
رجل يرتدي وشاحاً أصفر يقف إلى جوار عَلَم «حزب الله» وسط حطام سيارة بالقرب من المباني التي دُمرت في أثناء القصف العسكري الإسرائيلي السابق على قرية عيتا الشعب جنوب لبنان (أ.ف.ب)

يشغل «اليوم التالي» ما بعد الحرب، الأفرقاء اللبنانيين، لا سيما بعدما كرّست «جبهة المساندة» في الجنوب الانقسام في لبنان بشكل أكبر، بين «حزب الله» وحلفائه من جهة، ومعارضيه من جهة أخرى، وهم الذين يطلقون المواقف الرافضة لتفرده بقرار الحرب عبر منطق وحدة الساحات وإمساكه اليوم بقرار المفاوضات، وبالتالي هو الأمر الذي قد ينعكس على الواقع السياسي في لبنان بعد انتهاء الحرب.

وبانتظار ما ستنتهي إليه مفاوضات الهدنة في غزة التي يربطها «حزب الله» بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، يبعث الحزب بـ«رسائل طمأنة» إلى الأفرقاء اللبنانيين، كان آخرها عبر قول النائب في كتلة الحزب حسن فضل الله: «بالنسبة لليوم التالي لما بعد وقف العدوان، هو يوم لبناني بامتياز، يحدده أهل لبنان والمعنيون بهذه المواجهة من جهات رسمية ومن المقاومة تحت سقف حماية السيادة، وتعزيز قوة الردع للبنان، ومنع العدو من تحقيق أهدافه، وعدم السماح له بأن يحصل بالسياسة على ما عجز عنه في الحرب، وبالوسائل القتالية وبالقصف والتدمير والاغتيالات».

لكن لا يرى معارضو الحزب أن لهذه «التطمينات» فائدة ما دام الواقع السياسي والعسكري في لبنان لم يتبدّل، وتحديداً لجهة عدم تطبيق الدستور وتفرد الحزب بقرار الحرب والسلم، وفريقه السياسي بقرارات الدولة. وهو ما يعبّر عنه النائب في كتلة حزب «القوات اللبنانية» غياث يزبك بقوله: «كلام فضل الله مردود لأن ليس هكذا تدار الدول». ويؤكد أن «الدستور ينص على سيادة الدولة، وعلى أن يرعى رئيس الجمهورية المفاوضات والعلاقات الدولية بين لبنان والخصوم والحلفاء والأصدقاء، لكن ما دام هذا المنطق لا يسود على الحدود فكل ما يقوله (النائب) فضل الله وغيره من قيادات الحزب هو عملية ذرٍّ للرماد في العيون».

والتوصيف نفسه الذي استخدمه يزبك عبّر عنه النائب السابق مصطفى علوش، معتبراً أنه لا يمكن التعويل على أي كلام من هذا النوع في ظل استمرار وجود سلاح خارج الدولة، مؤكداً أن المطلوب اليوم هو الاحتكام إلى الدستور لأن مجرد وجود السلاح يعني أنه مقوِّض لقرار الدولة ولو ادَّعى «حزب الله» عكس ذلك.

وفي حين يشكّك يزبك بكلام فضل الله، يتحدث عن محاولات لخلق أعراف جديدة يقوم بها «حزب الله» وحليفه رئيس البرلمان نبيه بري، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حتى قبل الوصول إلى اليوم التالي يقوم الحزب بعملية إبعاد وخلق عرف بأن لبنان يحكَم من دون رئيس للجمهورية، ومؤسسة المجلس النيابي بقيادة بري تدير المجلس بطريقة ملتوية يقتطع عبرها بري صلاحيات لا تعود له عبر إدارة شأن المجلس وصلاحيات مرتبطة بالرئاسة، فيما يبدو واجهة للانقلاب المتمادي الذي يقوم به (حزب الله) الذي يأخذنا إلى الحرب من دون سؤال، وإذا قلنا له: أنت تعود إلى البلد بالدمار، يقول: أنتم تتعرضون للمقاومة». ويعبّر علوش عن عدم الثقة بما يقوله مسؤولو «حزب الله» بناءً على تجارب عدة سابقة، منطلقاً في ذلك من «واقع أنهم يملكون السلاح ويستخدمونه في القرار السياسي بغضِّ النظر عن نتائج الحرب».

ويسأل: «ماذا يعني القول إن قرار اليوم التالي سيكون لبنانياً بامتياز؟ هل يعني الاحتكام إلى الدستور أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة؟ أو ماذا؟ هذا الكلام هو ذرٌّ للرماد في العيون، لا سيما أنه يَصدر عمَّن لا يحترم حتى توقيعه على الوثائق، ومن ضمنها إعلان بعبدا الذي نصَّ على تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والتزام القرارات الدولية بما فيها القرار 1701».

ويذكِّر علوش أيضاً بتفرد الحزب بقرار الحرب وبامتلاكه قرار مفاوضات وقف إطلاق النار التي يفاوض باسمه فيها رئيس البرلمان نبيه بري، ويحمّل مسؤولية هذا الأمر الدول التي تتفاوض مع الحزب بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن بقي يمثل الدولة، أي رئيس الحكومة والوزراء الذي يسلّمون بهذا الواقع.

من هنا يؤكد: «الحزب هو حزب عسكري له وجه سياسي وموقفه يتبدل وفقاً للوقائع لذا لا يمكن التعويل على أي كلام من هذا النوع لأنه يستند دائماً إلى موازين القوى العسكرية».

وفي إطار السياسة التي يعتمدها «حزب الله» مع معارضيه، يشير يزبك إلى التهديد بالسلم الأهلي الذي يلجأ إليه «حزب الله» ضد معارضيه بمجرد مخالفتهم له، ويقول: «ما سُمح للحزب بأن يقوم به إضافةً إلى سطوة السلاح والاستقواء بالسوريين فيما مضى والإيرانيين اليوم، هي التسوية التي كان يفرضها على اللبنانيين الحريصين دائماً على لعب دور أُم الصبي، حمايةً للسلم الأهلي، بحيث إنه يرى دائماً أنه إذا رفضت مخالفة الدستور كما يريد يعني أنك تتلاعب بالسلم الأهلي مهوِّلاً بالحرب وهو ما أدى بنا إلى ما نحن عليه اليوم». ويتحدث كذلك عن «عملية تخدير المجتمع اللبناني كي يتمكن الحزب من الاستمرار بما يقوم به منذ التسعينات، وهو ما أدى بنا اليوم إلى فوضى وخراب اقتصادي وأمني ودبلوماسي».

مع العلم أن «حزب الله» من جهته، يتّهم معارضيه ومعارضي الحرب بأنهم يريدون إضعاف موقف الدولة، وهو ما عبّر عنه فضل الله أخيراً بقوله: «إن بعض الأصوات المعروفة والمعروف تاريخها وموقفها من القضية الفلسطينية ليست لها وظيفة في الداخل اليوم إلا إضعاف موقف الدولة اللبنانية وموقف الشعب اللبناني في تصديهما للعدوان الإسرائيلي؛ لأنه من يريد أن يتحدث عن الدستور والدولة، عليه أن يلتزم موقف الدولة، الذي تعبّر عنه الجهات الرسمية بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني».


مقالات ذات صلة

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

المشرق العربي عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)
الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)
TT

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)
الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، اليوم (السبت)، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

ولم تذكر الوكالة تفاصيل أخرى على الفور، لكن التلفزيون السوري نقل عن مراسله القول إن «العدوان» الإسرائيلي على معبر جوسية - القاع أدى إلى أضرار كبيرة في الطريق الواصل بين نقطتي العبور السورية واللبنانية.

كانت وزارة الدفاع السورية قد أعلنت قبل عشرة أيام أن إسرائيل قصفت جسوراً على نهر العاصي وطرقاً على الحدود السورية - اللبنانية في ريف حمص.

وأضافت الوزارة على «فيسبوك»: «شنّ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً من اتجاه الأراضي اللبنانية، مستهدفاً جسوراً على نهر العاصي والطرقات على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص».

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يقصف محاور نقل تابعة للنظام السوري على الحدود السورية - اللبنانية تُستخدم لنقل «وسائل قتالية» إلى جماعة «حزب الله» اللبنانية.