تواصل «بارد» بين باسيل و«حزب الله»

رئيس «التيار» يعتقد أنه يمكن حشر الحزب رئاسياً

صورة متداولة للقاء سابق بين جبران باسيل والمعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» حسين الخليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا
صورة متداولة للقاء سابق بين جبران باسيل والمعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» حسين الخليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا
TT

تواصل «بارد» بين باسيل و«حزب الله»

صورة متداولة للقاء سابق بين جبران باسيل والمعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» حسين الخليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا
صورة متداولة للقاء سابق بين جبران باسيل والمعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» حسين الخليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا

ليست العلاقة بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، الذي يرأسه النائب جبران باسيل مقطوعة. فرغم التوتر الذي سادها منذ نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، والذي تفاقم مع قرار الحزب فتح جبهة جنوب لبنان لدعم ومساندة غزة، يبقي الطرفان حداً أدنى من التواصل والتنسيق بينهما.

ويقول مصدر قيادي في «التيار الوطني الحر» إن التواصل «بارد» مع حارة حريك (مقر قيادة «حزب الله»)، في إشارة إلى تنسيق بالحد الأدنى بين الطرفين اللذين كانا في «تحالف استراتيجي» منذ عام 2006.

لكن، وبعد انتهاء ولاية عون عام 2022، خرج العونيون ليتهموا «حزب الله» صراحة بالمساهمة في إفشال وضرب العهد من خلال مساندة حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والعمل على تنفيذ أجندته السياسية التي طالما تعارضت مع الأجندة العونية. كما وجه باسيل انتقادات مباشرة إلى قيادة الحزب بعدم المساهمة في عملية بناء الدولة والتصدي للفساد، مما أدى لاتساع الهوة بينهما.

وساءت العلاقة أكثر مع تولي حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي إدارة البلد في ظل شغور سدة الرئاسة، واعتبار «التيار»، الذي علّق حضور وزرائه جلساتها لاعتباره أنها تتجاوز صلاحياتها، أن الحزب يغطي هذه التجاوزات. وشكّلت حرب غزة وقرار «حزب الله» المشاركة في القتال من بوابة الجنوب، الشعرة التي قصمت ظهر البعير، إذ خرج عون وباسيل لينتقدا قرار الحزب وأدائه، وليؤكدا أنه يضر بالمصلحة اللبنانية العليا، مما أثار امتعاض قيادة «حزب الله» وجمهوره الذي عبّر صراحة عن ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي.

تحالفات جديدة

وبدا لافتاً مؤخراً خروج رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، ليقول إن «الغليان الذي نشهده في غزة، أفرز كل هذا القيح في الداخل، حتى نكون على بصيرة بمَن نتعاون معه ويتعاون معنا، وبِمن نصدقه القول ويكذب علينا بأقواله ومواقفه ومشاعره، وسنرتب أوضاعنا على هذا الأساس».

وفيما عدّ كثيرون أن هذا الكلام موجه بشكل أساسي إلى قيادة «التيار» ويؤشر لتحالفات جديدة سيلجأ إليها الحزب بعد انتهاء حرب غزة، قال المصدر القيادي في «التيار»: «في حال كان هذا الكلام موجهاً إلينا، فلنرَ أي تحالفات سيُقدم عليها الحزب. فإذا خاصمنا، فإن لدينا جمهوراً واسعاً لا يحبذ تحالفنا معه، وفي حال عدنا وتلاقينا فذلك سيخدمنا مع جماهير أخرى، وبالتالي لسنا نحن الخاسرين، بل نحن رابحون مهما كانت توجهات الحزب المقبلة».

وتدرك قيادة «التيار» أن «حزب الله» سيعود بفائض قوة إضافي إلى الداخل اللبناني بعد انتهاء حرب غزة، في ظل استبعاد أي حرب موسعة على لبنان. وعن هذا يقول المصدر: «نحن، وبخلاف قوى أخرى كانت ولا تزال تعول على حرب مفتوحة يخرج منها (حزب الله) ضعيفاً، أعلنا بصراحة أننا نرفض هكذا خيار، وسنقف صفاً واحداً بمواجهة العدو، إذ لا يمكن أن نفرح باستهداف وبإضعاف مكون لبناني رئيسي. هذا، عدا التبعات المدمرة على بلدنا لأي حرب موسعة. أما عن عودة الحزب أقوى بعد الحرب وكيفية ترجمة ذلك سياسياً، فمسائل تُبحث في وقتها».

حشر الحزب

ويشكل ملف رئاسة الجمهورية ملفاً خلافياً أساسياً بين حارة حريك وميرنا الشالوحي (مقر قيادة «التيار الوطني الحر»). ففيما يواصل «حزب الله» دعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، يُعارض باسيل هذا الترشيح رغم «إغراءات» كثيرة، قال لنواب معارضين إنه تلقاها للسير بهذا الترشيح، ومنها انتخابه رئيساً بعد 6 سنوات.

ويدفع باسيل باتجاه انتخاب مرشح ثالث (غير فرنجية ومرشح «التيار» والمعارضة المعلن الوزير السابق جهاد أزعور). وهو أعاد النبض مؤخراً إلى قناة التواصل مع الرئيس بري، في محاولة لإقناعه بهذا الخيار، ومن هنا كان قبوله السير بمبادرة بري الرئاسية القائلة بحوار ومشاورات محدودة زمنياً يليها جلسة انتخاب بدورات متتالية.

ويشير المصدر القيادي في «الوطني الحر» إلى أنه «بالرغم من سعي الحزب إلى ربط مصير ومسار الرئاسة بمصير ومسار الحرب في غزة، رغم نفيه ذلك علناً، فإننا نعتقد أنه يمكن حشره وإحراجه من خلال الموافقة على طرح بري الحوار، خاصة أنه محدود زمنياً، لكن المعارضة، وبخاصة حزب (القوات اللبنانية) يخدم من حيث يدري أو لا يدري تعطيل الاستحقاق الرئاسي بوضعه شروطاً شكلية للحوار».

ويضيف المصدر: «لا شك أن بري يتمنى انتخاب فرنجية، إلا أنه وصل إلى قناعة بأن ذلك غير ممكن في ظل التوازنات النيابية الحالية، وبخاصة في غياب الغطاء المسيحي الواسع، وهو بات أقرب للسير بخيار المرشح الثالث، بخلاف الحزب الذي لا يزال متشدداً لاعتبارات باتت معروفة».

علاقة معلقة

من جهته، يشير الكاتب والباحث السياسي قاسم قصير إلى أن «العلاقة حالياً بين (التيار الوطني الحر) و(حزب الله) لا تزال معلقة بانتظار الانتخابات الرئاسية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «حصل بعض التغيير الإيجابي في مواقف الوزير جبران باسيل وبعض قادة التيار تجاه الحزب ومواجهة العدوان الإسرائيلي». ويضيف أن «كل الاحتمالات على مستوى العلاقة المقبلة بين الطرفين لا تزال واردة، علماً بأنه لا يمكن القول اليوم إن الجرة انكسرت نهائياً بينهما».

ويؤكد قصير أن «الحزب حريص على العلاقات مع البيئة المسيحية، سواء على مستوى القوى السياسية والحزبية، أو على مستوى المرجعيات الدينية، أو على مستوى النخب الفكرية والأكاديمية»، متحدثاً عن «مساعٍ من الحزب لعدم حصر العلاقات مع الأحزاب المسيحية، وإن كنا لا ننفي أن حاجته لحلفاء مسيحيين مهمة وضرورية».


مقالات ذات صلة

بري لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر اقتراحات ملموسة... والـ1701 وحده المطروح

المشرق العربي نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)

بري لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر اقتراحات ملموسة... والـ1701 وحده المطروح

نبيه بري يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يتبلغ شيئاً رسمياً» عن إحياء مساعي وقف النار... ومعلومات عن اعتراضه على رقابة بريطانيا وألمانيا على الـ1701.

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي نازحون لجأوا إلى دير الأحمر من بعلبك بعد اشتداد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

الشتاء يفاقم معاناة النازحين في لبنان

تتفاقم معاناة النازحين، كلما انخفضت درجات الحرارة، حيث تفتقد غالبية مراكز الإيواء لمستلزمات التدفئة الضروريّة

حنان حمدان
المشرق العربي قرية لبنانية مُدمَّرة كما بدت في صورة من جبل أدير بشمال إسرائيل يوم الاثنين (رويترز)

فصل الشتاء يعوق الحرب في لبنان ولا يوقفها: التأثير الأكبر على المعركة البرية

تتفاوت حدّة المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» اللذين سيكونان أمام تغيرات في الطقس مع بدء فصل الشتاء الذي لا يوقف المعركة إنما يعوقها.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد فوق ضاحية بيروت الجنوبية بعد ضربة إسرائيلية (رويترز) play-circle 00:39

غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية

شن الطيران الحربي الإسرائيلي، الثلاثاء، 13 غارة على ضاحية بيروت الجنوبية، بعد أن استبعد وزير الدفاع الإسرائيلي أي وقف لإطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة مركبة للرئيس المنتخب دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

«صفقة نتنياهو»: السيادة على المستوطنات مقابل إنهاء الحرب

تُعِدّ حكومة نتنياهو خطة استراتيجية لإجهاض حل الدولتين بفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء واسعة من الضفة الغربية وقطاع غزة وتعزيز الاستيطان.

نظير مجلي (تل أبيب)

العناصر السوريون في الميليشيات الإيرانية بين نيران التحالف وغضب العشائر

أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور (المرصد السوري)
أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور (المرصد السوري)
TT

العناصر السوريون في الميليشيات الإيرانية بين نيران التحالف وغضب العشائر

أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور (المرصد السوري)
أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور (المرصد السوري)

بعد سلسلة ضربات وجهتها قوات التحالف الدولي في سوريا للميليشيات التابعة لإيران في منطقة دير الزور، خفضت تلك الميليشيات ساعات عمل العناصر الإدارية في مدينتي البوكمال والميادين، بحسب مصادر إعلامية محلية، أفادت بوجود قلق وتوتر لدى العناصر المحلية في الميليشيات التابعة لإيران، في ظل ما تشهده مقراتهم من هجمات سواء من قوات التحالف الدولي أو إسرائيل، وحتى مسلحين محليين من أبناء العشائر على خلفية التوتر الحاصل بين عشيرة «الحسون» وعناصر «الفوج 47» في البوكمال التابع للحرس الثوري الإيراني.

وكشفت الأحداث التي شهدتها مدينة البوكمال وريفها شرق دير الزور، في الأيام القليلة الماضية، عن حالة احتقان شعبي تجاه الميليشيات التابعة لإيران، وتحديداً العناصر المحليين من أبناء العشائر، لعدم مراعاتهم الحساسية العشائرية في المنطقة، حيث أدت تصرفات استفزازية لعناصر من «الفوج 47» إلى تأليب عشائر قبيلة العكيدات، وأغلبهم من الموالين للحكومة بدمشق، على الوجود الإيراني، بحسب ما قالت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى وجود حالة من إعادة فرز للمواقف والتمييز بين القوات الحكومية والميليشيات الرديفة لها التابعة لإيران.

ولفتت المصادر إلى أن مساعي دمشق لاحتواء التوتر كشفت عن «توافق على إزالة كل الحواجز العسكرية من مدينة البوكمال باستثناء القوات الحكومية السورية».

ضربات أميركية ومحاكاة لهجوم برّي

جاء ذلك فيما أعلنت القـيادة المركزية الأمـيركية العمل على «تقليل قدرة» الميليشيات التابعة لإيران على «التخطيط وشن هجمات مستقبلية ضد القوات الأميركية وقوات التحالف الموجودة في المنطقة»، وفق بيان للقيادة الأميركية، اليوم الثلاثاء، أعلنت فيه تنفـيذ ضـربات جـوية ضد 9 أهداف في موقـعين مرتبطين بميليشيات إيرانية في سوريا، رداً على هـجمات طالت أميركيين في سوريا خلال اليومين الماضيين.

متداولة لأعمدة الدخان بعد قصف جوي استهدف منطقة المزارع قرب منطقة السيدة زينب (أرشيفية)

وقال قائد القيادة المركزية، الجنرال مايكل إريك كوريلا، في تصريح حول هذه الضربات: «رسالتنا واضحة، الهجمات ضد القوات الأميركية وشركائنا في التحالف بالمنطقة لن يتم التسامح معها»، وتوعد باتخاذ «جميع الخطوات اللازمة لحماية أفرادنا وشركائنا في التحالف والرد على الهجمات».

وأجرت قوات «التحالف الدولي»، الثلاثاء، تدريبات عسكرية تحاكي الهجوم البري على أهداف داخل مدن أو قرى في قاعدة التنف بمنطقة الـ55 كيلومتراً عند مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية، لرفع الجاهزية القتالية لدى الجنود واستعداداً لهجمات قد تكون محتملة من قبل المجموعات المدعومة من إيران. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن هذه التدريبات هي الأولى خلال هذا العام.

وجاءت ضربات قوات التحالف الدولي الجوية يوم الاثنين بعد ساعات من إجراء ميليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني مناورات عسكرية، في بادية الميادين بريف دير الزور الشرقي، حيث استهدفت غـارات التحالف مواقع جنوب قلعة الرحبة في بادية الميادين، وفقاً لموقع (فرات بوست) المحلي الذي أفاد بتخفيض الميليشيات التابعة لإيران ساعات عملها الإداري في مدينتي البوكمال والميادين إلى النصف خشية استهدافها من قبل قوات التحالف الدولي.

وتتخذ الميليشيات التابعة لإيران و«حزب الله» إجراءات احترازية أمنية مع ارتفاع وتيرة الاستهدافات الأميركية والإسرائيلية خلال الشهر الماضي، تتضمن عمليات إعادة انتشار، واستبعاد القياديين من خطوط المواجهة والإقامة في مقرات مؤقتة وعدم استخدام شبكات الجوال وغيرها من إجراءات. وبحسب مصادر محلية ركزت تلك الإجراءات على «ضمان أمن وسلامة العناصر الإيرانية وغير السورية أولاً»، فيما أفاد تقرير لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم الثلاثاء، بأن الميليشيات الإيرانية تركت العناصر السوريين في «مواجهة مع خطر الضربات الجوية الإسرائيلية والأميركية بمفردهم» على امتداد الأراضي السورية، من الحدود السورية – اللبنانية، وصولاً إلى أعماق بادية دير الزور.

وأكد المرصد أن العناصر السوريين «باتوا الآن وحدهم على خطوط القتال، بينما تراجعت القيادات الأجنبية وانكفأت عن المشهد، تاركةً عناصرها السوريين في ظروف محفوفة بالمخاطر».