المعارضة في لبنان تدعو البرلمان لمناقشة مخاطر توسّع الحرب

طالبت الحكومة بتحمّل مسؤولياتها وبتطبيق القرارات الدولية

النائب أشرف ريفي متحدثاً باسم نواب المعارضة داعياً لعقد جلسة برلمانية لمناقشة خطر توسّع الحرب (الوكالة الوطنية للإعلام)
النائب أشرف ريفي متحدثاً باسم نواب المعارضة داعياً لعقد جلسة برلمانية لمناقشة خطر توسّع الحرب (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

المعارضة في لبنان تدعو البرلمان لمناقشة مخاطر توسّع الحرب

النائب أشرف ريفي متحدثاً باسم نواب المعارضة داعياً لعقد جلسة برلمانية لمناقشة خطر توسّع الحرب (الوكالة الوطنية للإعلام)
النائب أشرف ريفي متحدثاً باسم نواب المعارضة داعياً لعقد جلسة برلمانية لمناقشة خطر توسّع الحرب (الوكالة الوطنية للإعلام)

دقّ نواب المعارضة اللبنانية ناقوس خطر الانزلاق إلى حرب مدمّرة، محذرين من تداعياتها على مختلف الأصعدة، ورافضين أن يدفع لبنان ثمن أي معادلات جديدة. وطالبوا بعقد جلسة للبرلمان لمناقشة الحرب في الجنوب ومخاطر توسعها، داعين الحكومة إلى تحمّل مسؤوليتها.

وأتت «خريطة الطريق» التي وضعها النواب المعارضون في وقت يستمر فيه التصعيد في الجنوب، ويترافق مع تهديدات مستمرة من قبل إسرائيل و«حزب الله» وحلفائه الذين يتمسكون بموقفهم وبربط جبهة الجنوب بجبهة غزة.

وبانتظار ما ستكون عليه ردة فعل رئيس البرلمان نبيه بري على طلب النواب المعارضين، يلفت الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك، إلى أن هذه المطالبة لا تعني حكماً تجاوب بري والدعوة لجلسة برلمانية. ويقول مالك لـ«الشرق الأوسط»: «تنص المادة 137 من النظام الداخلي للبرلمان على أنه بالإمكان دعوة الحكومة إلى جلسة مناقشة بناء على طلب خطي يتقدم به 10 نواب أو أكثر إلى رئاسة المجلس، وبعد موافقة البرلمان يدعو رئيسه إلى جلسة لمناقشة الحكومة»، من هنا يشير مالك إلى أن رئيس البرلمان يمكنه أن يتحجّج بهذا الأمر عبر ربط الدعوة بموافقة المجلس، أي أن يطرح الموضوع على الهيئة العامة، وفي حال وافقت على الطلب عندها يصبح بري ملزماً بالدعوة للمناقشة.

وأتى موقف نواب المعارضة في مؤتمر صحافي عقدوه بالبرلمان، بحضور ممثلين لكتلة حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية» وكتلة «تجدد» وعدد من النواب المستقلين. وتحدث باسمهم النائب أشرف ريفي، مشيراً إلى «ازدياد المخاوف من توسّع رقعة الحرب الدائرة التي كلفتنا إلى الآن أرواح المئات من اللبنانيين والآلاف من الوحدات السكنية المدمرة بالكامل، عدا عن الأضرار الاقتصادية والبيئية مع ما يرتبه هذا التصعيد من تداعيات على لبنان على مختلف الأصعدة»، وذلك في موازاة «استمرار تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية يعيد إنتاج السلطة وانتظام المؤسسات لتقوم بدورها الدستوري في مواجهة المخاطر التي تحدق بلبنان».

وشدد على «ضرورة عدم ربط المسارين اللبناني والفلسطيني مع التأكيد على نصرة الشعب الفلسطيني وأهل غزة خصوصاً وأحقية القضية الفلسطينية»، معلناً رفض نواب المعارضة «جرّ لبنان إلى حرب شاملة لا تفيد القضية الفلسطينية، وتدمر لبنان»، وتأكيدهم عدم التسليم «بأن تقوم مجموعات مسلحة، تعمل على الأراضي اللبنانية، محلية كانت أم أجنبية، بفرض منطق وحدة الساحات، خدمة لمشروع الممانعة الإقليمي الذي يستخدم القضية الفلسطينية ولا يخدمها، وبأن تستجلب العداء للبنان مع المجتمعين العربي والدولي، وآخرها قبرص والاتحاد الأوروبي».

وجدد ريفي، باسم زملائه، التأكيد على «ضرورة تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، من قبل جميع الأطراف، وعلى دعم الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية، لضبط الحدود الدولية جنوباً، وشرقاً وشمالاً، وعلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية؛ 1559 و1680، وغيرها من المعاهدات الدولية الموقعة من قبل الدولة اللبنانية، التي يتعيّن تطبيقها كاملة لتكريس سيادة الدولة على أراضيها وعلى قرار الحرب والسلم، بالإضافة إلى مندرجات اتفاق الطائف».

وطرح النواب «خريطة طريق» عبر دعوة البرلمان لعقد «جلسة مناقشة نيابية لموضوع الحرب الدائرة في الجنوب لنزع فتيل التصعيد وتجنيب لبنان حرباً، لا يريدها اللبنانيون، ولم تتخذ المؤسسات الرسمية اللبنانية قراراً بخوضها»، كما إلى دعوة حكومة تصريف الأعمال كي «تتحمل مسؤولياتها التي تخلت عنها منذ اليوم الأول للحرب، عبر المبادرة فوراً إلى وضع حد لكل الأعمال العسكرية خارج إطار الدولة اللبنانية وأجهزتها والتي تنطلق من الأراضي اللبنانية وإعلان حالة الطوارئ في الجنوب وتسليم الجيش زمام الأمور فيه وتكليفه بالتصدي لأي اعتداء على الأراضي اللبنانية والتحرك على الصعيد الدبلوماسي من أجل العودة إلى اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949 وتطبيق القرار 1701 كاملاً».


مقالات ذات صلة

تل أبيب تواصل ملاحقة حلفاء «حزب الله» في لبنان

المشرق العربي مواطنون يتفقدون منازلهم بعد القصف الإسرائيلي خلال الليل في مدينة أبلح في البقاع (أ.ف.ب)

تل أبيب تواصل ملاحقة حلفاء «حزب الله» في لبنان

تستمر إسرائيل في حرب الاغتيالات التي تقوم بها، مستهدفةً، إضافة إلى قيادات في «حزب الله»، حلفاء الأخير في لبنان، ومن الفصائل الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي القيادي البارز في «حزب الله» هاشم صفي الدين خلال مشاركته في تشييع قيادي من الحزب قُتل في إدلب بسوريا (أ.ف.ب) play-circle 00:53

«حزب الله» يعلن فقدان الاتصال مع زعيمه المحتمل هاشم صفي الدين

بعد الغارات العنيفة التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، بدأت المعلومات تتكشف عن مصير رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» مع الإعلان عن فقدان الاتصال به.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

مكتب ميقاتي ينفي أن يكون اجتماعه مع وزير خارجية إيران أمس عاصفاً

نفى المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، ما تم تداوله بشأن أن اجتماعه مع وزير خارجية إيران عباس عراقجي أمس كان عاصفاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
يوميات الشرق «سكاي بار» أمَّن جميع المستلزمات لحياة كريمة (الشرق الأوسط)

ملاهٍ وأماكن عرض تتحوَّل ملاجئ نزوح في لبنان

بعد أيام على فتح أبواب «سكاي بار» أمام النازحين، أُعلن عن فتح أماكن ترفيه وتسلية أخرى. فمركز المعارض الفنية، «فوروم دو بيروت»، قرّر القيام بالخطوة عينها.

فيفيان حداد (بيروت)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يستقبل نظيره الفرنسي جان نويل بارو في الرياض (واس)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان تطورات لبنان

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، التطورات على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

 الجيش الإسرائيلي يختبر توغّله البرّي في العديسة ومارون الراس

دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية - اللبنانية (أ.ب)
دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية - اللبنانية (أ.ب)
TT

 الجيش الإسرائيلي يختبر توغّله البرّي في العديسة ومارون الراس

دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية - اللبنانية (أ.ب)
دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية - اللبنانية (أ.ب)

تواصل القوات البرّية الإسرائيلية منذ 3 أيام تنفيذ عمليات استطلاع بالنّار عبر نقاط برّية قرب الخطّ الأزرق، تحديداً على أطراف بلدات العديسة ومارون الراس ويارون، لاختبار قدرات مقاتلي «حزب الله»، ومحاولة فتح ثغرة أمام التوغّل البرّي في الجنوب اللبناني، من دون معرفة أسباب اختيارها هذه النقاط بوابة لدخول الأراضي اللبنانية، لكنّها أخفقت في محاولاتها بعد أن واجهت مقاومة شرسة من مقاتلي الحزب، وتكبّدت خسائر بشرية بين ضبّاط وجنود ومدرعات.

ويجمع الخبراء على أن «العمليات البرّية المحدودة لا تعدو كونها استطلاعاً نارياً لرصد القدرات الدفاعية عند الخصم».

نقاط قوة «حزب الله»

يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد نزار عبد القادر، أن الإسرائيلي «اختار فتح العمليات انطلاقاً من القرى المحاذية للخطّ الأزرق: يارون، العديسة ومارون الراس، لكون طريق الأخيرة سهلة ويمكن الوصول عبرها إلى عمق البلدة، أو الالتفاف غرباً والدخول إلى يارون». وشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «المعركة البرّية لن تكون سهلة أمام الإسرائيلي كما هي العمليات الجويّة».

وقال: «نقطة القوة لدى مقاتلي (حزب الله) في الميدان تكمن بلا مركزية المواجهة، إذ إن كل مجموعة صغيرة تعمل بشكل مستقل عن الأخرى، وتختبئ وتفاجئ العدو، وهذا يعني أن الحرب البرّية ليست نزهة».

وثمة أسباب حتّمت على الجيش الإسرائيلي أن يبدأ عملياته من البلدات المتاخمة للخطّ الأزرق، علماً بأن الحدود البرّية بين لبنان وإسرائيل يبلغ طولها نحو 100 كيلومتر.

العملية البرية في بدايتها

وعزا العميد عبد القادر السبب في ذلك، إلى أن هذه البلدات «تقع في القطاع الأوسط، والدخول عبرها يسهّل الوصول إلى مدينة بنت جبيل»، مشيراً إلى أن «العملية ما زالت في بدايتها، وربما لم تبدأ بعد، وقد يوسع الإسرائيليون النطاق الجغرافي للهجوم باتجاه بلدة كفركلا ويحاولون الدخول منها إلى جسر الخردلي، وهذه المسافة الجغرافية لا تتعدى 5 كيلومترات بين الحدود الفلسطينية ومجرى نهر الليطاني».

مقابل ما يعلنه الإسرائيليون عن تقدّم محدود، يسارع الإعلام الحربي لدى «حزب الله» إلى النفي وتقديم رواية مختلفة، حيث أعلن في بيان، أن «مجاهدي المقاومة، ودعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة ‌‏‌‏‌والشريفة، ودفاعاً عن لبنان وشعبه، ورداً على الاستباحة الهمجية الإسرائيلية للمدن والقرى والمدنيين، استهدفوا عند الثانية من فجر السبت، تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في خلة عبير في يارون بصلية صاروخية».

وفي بيان آخر، أفاد الإعلام الحربي بأنه «لدى محاولة قوة مشاة إسرائيلية معادية التقدم باتجاه محيط البلدية في بلدة العديسة عند الساعة الحادية عشرة من مساء الجمعة، اشتبك معها مجاهدو المقاومة الإسلامية، ما أدى إلى حصول انفجار ضخم في القوة المتقدمة وأجبروها على التراجع وأوقعوا في صفوفهم قتلى وجرحى».

الدخول إلى الجولان

ويكثر الحديث عن إمكانية توسيع نطاق الجبهة، وأن تتوغّل إسرائيل نحو البقاع لإحكام عزل لبنان عن سوريا، وقطع طرق الإمداد لـ«حزب الله».

وأشار العميد نزار عبد القادر إلى أن «مثل هذا السيناريو يستدعي الدخول إلى الجولان، ومنه إلى مدينة راشيا اللبنانية في البقاع الغربي، ثم التوجه إلى ضهر الأحمر، لكن هذه الخطّة ليست سهلة»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «العملية البرّية حتمية، لكن حتى الآن لم يضع الإسرائيلي خططه قيد التنفيذ، الذي يبدأ بقوات كبيرة جداً لخلق اضطراب في صفوف مقاتلي الحزب وتحقيق الاختراق الذي يريده».

وبثّ الجيش الإسرائيلي قبل ساعات، مشاهد فيديو تظهر دخول عدد من عناصر قوات النخبة إلى منازل في بلدة مارون الراس وتفتيشها والعبث بمحتوياتها. ورداً على هذه الصور التي باتت جزءاً من أدوات المعركة، نقل «حزب الله» عن ضابط ميداني في غرفة عمليات المقاومة الإسلامية، قوله إن «الصور التي نشرها جيش العدو الإسرائيلي لجنوده قرب منازل في قرية حدودية بجنوب لبنان تم تصويرها في بقعة جغرافية تبعد عشرات الأمتار عن الأراضي المحتلة، حيث كما يعلم الجميع أن بعض الجنوبيين بنوا منازلهم بالقرب من الحدود».

وأضاف البيان نقلاً عن الضابط الميداني أنه «بهدف الحصول على هذه الصور التي يحتاجها بشدّة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو المأزوم، كان الثمن أكثر من 20 قتيلاً وجريحاً في صفوف جنود النخبة، الأمر الذي أجبر الرقيب العسكري الإسرائيلي على إخفائه والتعتيم على الحدث»، مشيراً إلى أن «جنود النخبة في جيش العدو الإسرائيلي حاولوا عصر الجمعة، وبعد تغطية نارية مدفعية وجوية، التقدم من محورين باتجاه بلدتي مارون الرأس ويارون عند الحافة الأمامية، ولدى وصول القوات إلى نقاط الكمائن المعدّة مسبقاً، (...) فجّر مجاهدو المقاومة الإسلامية عدداً من العبوات (بعضها زُرِع بالأمس - الخميس) واشتبكوا مع ضباط وجنود النخبة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية، من مسافات قريبة وصلت إلى مسافة صفر، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف القوة المتسللة، ومن لم يُصَب حمل قتيلاً أو جريحاً وانسحب تحت غطاء مدفعي من مرابض العدو داخل الأراضي المحتلة».

الحزب وحرب العصابات

من جهته، عدّ منسق الحكومة اللبنانية السابق مع قوات «اليونيفيل»، العميد منير شحادة، أن «إسرائيل اعتقدت أنه بعد اغتيال السيد حسن نصر الله وكبار قادة (حزب الله)، باتت المقاومة في مرحلة الترهّل والانهيار، فاختارت الانتقال السريع إلى العملية البرية، حيث مهّدت لها بقصف جوي ومدفعي عنيف على تخوم الجبهة». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المقاومة فاجأت العدو بقدرتها على القيادة والسيطرة»، لافتاً إلى أن الحزب «مارس حرب العصابات التي تسمح للعدو بالتوغل بعمق كيلومتر تقريباً، ثم تستهدفه وتطبق عليه».

ورأى العميد شحادة أن «إصرار إسرائيل على الدخول من القطاع الأوسط، غايته السيطرة على مارون الراس، التي ترتفع عن سطح البحر 950 متراً، وتشرف على جزء كبير من شمال فلسطين المحتلة وعلى الأراضي اللبنانية». وقال إن «هدفها في المرحلة الأولى احتلال هذه التلّة (المرتفع) للانطلاق منها إلى المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن إسرائيل «تتحسّب لما يمتلكه مقاتلو الحزب من ترسانة لصواريخ الكورنيت و(ثأر الله) المضادة للدروع التي تدمر الهدف بالكامل».