تراجع الاهتمام الدولي بلبنان يُدخل انتخاب الرئيس في «غيبوبة»

بري لا يؤيد تسويق باسيل للتشاور بمن حضر

رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)
TT

تراجع الاهتمام الدولي بلبنان يُدخل انتخاب الرئيس في «غيبوبة»

رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)

المشهد السياسي في لبنان لم يتبدّل نحو الأفضل، ولو قيد أنملة، ما يعني أن انتخاب رئيس للجمهورية يدخل حالياً في «غيبوبة» سياسية، ويصعب إنعاشه على الأقل في المدى المنظور لإخراجه من التأزم، وهذا ما خلص إليه أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، في ختام لقاءاتهما بالمرجعيات المعنية بانتخاب الرئيس، وهما يلتقيان مع تأكيد مصدر بارز في اللجنة «الخماسية» بأن كل المبادرات لن تحقق الأهداف المرجوة منها ما لم يتعاون اللبنانيون لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي.

وحذر المصدر البارز في «الخماسية»، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، من تراجع الاهتمام الدولي بلبنان، لانشغال عدد من الدول المعنية بمساعدته باستحقاقاتها وهمومها الداخلية، ما يرفع المخاوف من دخول انتخاب الرئيس في «غيبوبة» سياسية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن السفراء لم يقرروا حتى الساعة طبيعة الخطوة التالية لمعاودة تحركهم، وإن لم يكن هناك ما يمنع لقاءاتهم بالقوى السياسية، نافياً ما يتردد عن وجود تباين بين السفراء الأعضاء في اللجنة، مؤكداً أن التنسيق بينهم هو الآن على أكمل وجه، وأن كل ما يشاع بخلاف ذلك من قبل البعض، يأتي في سياق ترويج الشائعات لرمي المسؤولية على السفراء، لتبرئة ذمتهم من تهمة تأخير إنجاز الاستحقاق الرئاسي، رغم أن أصحاب هذه الشائعات يعرفون جيداً أن السفراء لم يتدخّلوا في أسماء المرشحين، لأن القرار يعود للنواب بتسهيل انتخاب الرئيس الذي هو في صلب صلاحياتهم.

الكرة في ملعب الكتل النيابية

رأى المصدر نفسه أن هناك صعوبة في استقدام الدعم الدولي والعربي لإخراج الاستحقاق الرئاسي من الدوران في حلقة مفرغة ما لم يبادر النواب إلى مساعدة أنفسهم بتلاقيهم في منتصف الطريق، وإلا فإن تقطيع الوقت لملء الفراغ الرئاسي سيرتد سلباً على الوضع الداخلي، الذي يكفيه تراكم الأزمات الذي ما زالت مستعصية على الحل، والمفتوحة على الوضع المشتعل في جنوب لبنان في ظل تصاعد المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل التي تنذر بتوسعة الحرب، ما لم تنجح الوساطات الدولية والضغوط الأميركية في السيطرة على الوضع ومنعه من التفلُّت، شرط وقف النار على الجبهة الغزاوية لينسحب فوراً على جنوب لبنان.

وكرر المصدر في «الخماسية» تحذيره من التكلفة المترتبة على لبنان، مع انشغال الولايات المتحدة الأميركية في انتخاباتها الرئاسية أسوة بانشغال فرنسا وبريطانيا في انتخاباتها النيابية، واحتمال تبدل المشهد السياسي في إيران في ضوء ما ستسفر عنه انتخاباتها الرئاسية في دورتها الثانية، لتعذُّر فوز أحد المرشحين في دورة الانتخاب الأولى، وقال إن الكرة الآن في مرمى الكتل النيابية المدعوة للتخلي عن شروطها والدخول في تسوية تؤدي لتسهيل انتخاب الرئيس، وإلا فإن «الخماسية» عبثاً تحاول دون جدوى، مع أن سفراءها يحثون باستمرار على ضرورة وقف تعطيل انتخاب الرئيس، لأن لبنان لم يعد يحتمل الإبقاء على انتخابه في الثلاجة فيما يعاني من الانهيار الشامل، ويترقب ما سيؤول إليه الوضع على الجبهة الجنوبية.

تفكيك العقدة المسيحية

وتوقف المصدر أمام اللقاءات التي عقدها الكاردينال بارولين في بيروت، وقال إن ما توافر من معطيات ومعلومات لسفراء «الخماسية» يؤشر إلى استحالة جمعه القيادات المسيحية تحت سقف البطريركية المارونية بمبادرة فاتيكانية، وهذا ما «دفعنا للقول بأنه يترتب على عدم جمعهم تداعيات ومفاعيل من شأنها أن تؤدي إلى تمديد الفراغ الرئاسي إلى أمد طويل؛ لأن تمسكهم بمواقفهم يعطل كل المحاولات الرامية لإخراج انتخابه من المراوحة»، مع أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ركز عندما التقى الرجل الثاني في الفاتيكان على ضرورة تفكيك العقدة المسيحية بوصفه أساس للالتفات إلى عقد أخرى، على أساس أنها الممر الإلزامي لتعبيد الطريق أمام إنهاء الشغور الرئاسي.

وأكد المصدر نفسه أن لقاءات الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية لم تكن أفضل حالاً من اللقاءات التي عقدها بارولين، وتكاد تكون نتيجتها واحدة، رغم أن زيارته للبنان كانت استكشافية وتضامنية بامتياز، وإن شكّلت لديه قناعة بأنه لم يحن أوان انتخاب الرئيس، وأن أساس المشكلة يكمن في التباعد بين الكتل النيابية التي استحال عليها حتى الساعة التوصل إلى قواسم مشتركة تقود للإسراع في إعادة فتح أبواب المجلس أمام انتخاب الرئيس.

بري: لا تشاور بمن حضر

أما بالنسبة إلى ما تروجه مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» من معلومات تنسبها إلى الرئيس بري، وفيها أنه سيدعو للتشاور النيابي فور تأمين مشاركة 86 نائباً، أي ثلثي أعضاء البرلمان، فإن ما يروّج له، كما تقول مصادر نيابية بارزة لـ«الشرق الأوسط»، ليس دقيقاً، لا بل بحاجة إلى تصويب، لأن رئيس البرلمان لن يوجه الدعوة للتشاور بمن حضر بغياب المعارضة، التزاماً منه بعدم عزل أي مكون سياسي؛ لأنه لا يريد تكرار ما حدث إبان اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 عندما قررت الحركة الوطنية عزل حزب «الكتائب» الذي قوبل برد فعل مسيحي زاد التعاطف معه.

وتتعامل المصادر النيابية مع ما يروج له «التيار الوطني» على أنه يأتي في سياق المنافسة بين رئيسه النائب جبران باسيل ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، موحياً بأنه هو من يسهل انتخاب الرئيس، بخلاف خصمه، محملاً إياه مسؤولية عدم التجاوب لإنهاء الشغور الرئاسي. وأكدت أنه استحال على باسيل في لقاءاته لدى اجتماعه بكتلتي «الاعتدال» و«اللقاء الديمقراطي» إقناعهما بتشكيل قوة نيابية ثالثة تتموضع بين محوري الممانعة والمعارضة، وسألت: كيف يسوق باسيل على طريقته للتشاور وهو يعلم جيداً أن بري لا يؤيده، ولن يدعو له بمن حضر، وهذا ما يشكل نقطة توافق مع «اللقاء الديمقراطي»؟


مقالات ذات صلة

المعارضة تنتظر «تواضع الثنائي الشيعي» في مقاربة الانتخابات الرئاسية

المشرق العربي اجتماع نواب المعارضة في معراب -مقر «القوات»- الأسبوع الماضي لتباحث الاستحقاق الرئاسي (القوات اللبنانية)

المعارضة تنتظر «تواضع الثنائي الشيعي» في مقاربة الانتخابات الرئاسية

يُجمع كل الأفرقاء في لبنان على أهمية الاتصالات واللقاءات الحاصلة اليوم فيما بينهم بشكل مباشر أو غير مباشر، للتوصل إلى نتيجة إيجابية في الملف الرئاسي.

كارولين عاكوم (بيروت)
تحليل إخباري مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان (أرشيفية)

تحليل إخباري سقوط الأسد يعيد خلط الأوراق الفلسطينية في لبنان

الضربة القاسية التي مني بها محور الممانعة بقيادة إيران تستدعي السؤال عن إمكانية تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي لقاء رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل مع «اللقاء النيابي التشاوري المستقل»... (الكتائب)

بري يستبعد تأثير التغيير السوري سلباً على لبنان

استبعد رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري «تأثيرات سلبية» لما يحدث في سوريا على لبنان، ورأى أن «المستفيد الأول حتى الآن هو إسرائيل، والثاني هو تركيا».

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي البطريرك بشارة الراعي (رويترز)

البطريرك الماروني «واثق» بأنه سيكون للبنان رئيس في 9 يناير

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي «ثقته» بأنه سيكون للبنان رئيس في 9 يناير المقبل.

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في أعمال اليوم الأول للمنتدى العشرين للأمن الإقليمي «حوار المنامة 2024» (واس)

السعودية: على المجتمع الدولي ترجمة الأقوال لأفعال وتَجسيد حل الدولتين واقعياً

شددت السعودية على دعوتها للمجتمع الدولي إلى ترجمة أقواله لأفعال، وتجسيد حل الدولتين على أرض الواقع، خلال «حوار المنامة» المنعقد بالبحرين.

«الشرق الأوسط» (المنامة)

سوريا: «حزب البعث» يعلق عمله «حتى إشعار آخر»

مقاتلون معارضون يقفون خارج مكتب حزب البعث في دمشق (أ.ف.ب)
مقاتلون معارضون يقفون خارج مكتب حزب البعث في دمشق (أ.ف.ب)
TT

سوريا: «حزب البعث» يعلق عمله «حتى إشعار آخر»

مقاتلون معارضون يقفون خارج مكتب حزب البعث في دمشق (أ.ف.ب)
مقاتلون معارضون يقفون خارج مكتب حزب البعث في دمشق (أ.ف.ب)

أعلن «حزب البعث» الحاكم في سوريا، منذ أكثر من 50 عاماً، تعليق عمله ونشاطه الحزبي «حتى إشعار آخر»، بعد 3 أيام من إعلان فصائل معارضة إسقاط الرئيس بشار الأسد وهروبه من البلاد، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأورد الأمين العام المساعد للحزب، إبراهيم الحديد، في بيان، أن القيادة المركزية للحزب قرَّرَت «تعليق العمل والنشاط الحزبي بكافة أشكاله ومحاوره حتى إشعار آخر»، وكذلك «تسليم كافة الآليات والمركبات والأسلحة» إلى وزارة الداخلية، على أن «توضع كافة أملاك وأموال الحزب تحت إشراف وزارة المالية... ويودع ريعها في (مصرف سوريا المركزي)».