الحكومة المصرية لامتصاص «غضب» مواطنيها مع استمرار أزمة «انقطاع الكهرباء»

مصادر تحدثت عن إرجاء «زيادات» في الأسعار... ومراجعة قرار تبكير إغلاق المحلات

تتعرض مصر لانقطاعات متكررة في الكهرباء (أ.ف.ب)
تتعرض مصر لانقطاعات متكررة في الكهرباء (أ.ف.ب)
TT

الحكومة المصرية لامتصاص «غضب» مواطنيها مع استمرار أزمة «انقطاع الكهرباء»

تتعرض مصر لانقطاعات متكررة في الكهرباء (أ.ف.ب)
تتعرض مصر لانقطاعات متكررة في الكهرباء (أ.ف.ب)

تسعى الحكومة المصرية لامتصاص «غضب» المواطنين مع استمرار أزمة «انقطاع الكهرباء»، التي تعهدت بتقليصها ابتداء من (السبت)، بعدما استمرت لنحو أسبوع سجلت فيه انقطاعات منتظمة لمدة 3 ساعات يومياً، وأخرى لفترات أطول وصلت لـ6 ساعات في مناطق عدة على خلفية «قطع عشوائي»، من أجل تخفيف الأحمال مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك.

ونقلت تقارير إعلامية محلية تصريحات عن مصادر تفيد بإرجاء زيادة مقررة في أسعار الكهرباء، والتي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بداية يوليو (تموز) المقبل، إلى حين انتظام الخدمة، فضلاً عن مناقشات أخرى لتأخير زيادة أسعار الوقود، وكذلك مراجعة قرار «تبكير إغلاق المحال التجارية، الذي أثار استياء عامّاً».

ورفعت مصر أسعار الكهرباء بداية العام الحالي بنسب تراوحت بين 16 و26 في المائة ضمن خطة أعلنتها الحكومة لرفع الدعم عن قطاع الكهرباء بشكل كامل في غضون 4 سنوات، وهي الخطة التي جمد العمل بها لفترة على خلفية جائحة كورونا وتداعياتها.

وبحسب مصدر مسؤول بوزارة الكهرباء تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإنهم «لا يزالون بانتظار تعليمات تطبيق الزيادات الجديدة على الشرائح المختلفة التي جرى إعدادها سلفاً، وكان يفترض أن تعلن خلال الشهر الحالي»، مؤكداً أن الأمر بانتظار «قرار سيادي» لم يصدر بعد.

وبينما توقع أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام لـ«الشرق الأوسط» أن تسير الحكومة في خطتها لتطبيق التعريفة الجديدة للأسعار، طالب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو هاشم ربيع، بـ«التراجع عن تطبيق الزيادات في الوقت الحالي في ظل الغضب الشعبي من تداعيات طول فترة انقطاع الكهرباء».

وأضاف ربيع لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة يمكنها معالجة تأثير تداعيات تأخير تطبيق الزيادات المقررة على الموازنة عبر مصادر أخرى»، مشيراً إلى أن «الغضب ليس مرتبطاً فقط بتعطل مصالح المواطنين نتيجة طول فترات انقطاع التيار، لكن أيضاً للخسائر التي تعرضوا لها نتيجة تلف أجهزة كهربائية، الأمر الذي يتطلب اتخاذ قرارات لاحتواء تداعيات الأمر».

وخصصت الحكومة في مشروع موازنة العام المالي الجديد 2.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء، فيما تعهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بالعمل على الإسراع في حل الأزمة عبر توفير مليار و180 مليون دولار، من أجل استيراد الكميات اللازمة للوقود المُشغِّل لمحطات الكهرباء.

ويعد مدير المرصد المصري بالمركز المصري للفكر والدراسات، محمد مرعي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مدبولي أمام اختبار حقيقي في قدرته على الالتزام بتعهد وقف انقطاعات الكهرباء بحلول الأسبوع الثالث من يوليو»، مشيراً إلى أن «تطبيق زيادات في أسعار الكهرباء بالوقت الراهن أمر لن يكون مفيداً على المستويين السياسي والاقتصادي وفي ظل حاجة الحكومة لكسب ثقة المواطنين بعد الإعلان المرتقب عن تشكيل الحكومة الجديدة».

ويشير أمين سر لجنة الخطة والموازنة إلى تعقّد أزمة «تسعير الكهرباء» على خلفية زيادة الديون والاعتماد على توليد الكهرباء بشكل رئيسي من الغاز الطبيعي، الأمر الذي يتطلب «إصلاحاً شاملاً» برؤية واضحة للمنظومة، مؤكداً أن أي زيادات ستطبق في الوقت الحالي لن تحدث فارقاً كبيراً في ظل إثقال كلفة الإنتاج بالديون وفوائدها.

وإلى جانب الكهرباء، قد تشمل التأجيلات المحتملة للزيادات، أسعار البنزين التي تنتظر اجتماعاً مطلع يوليو المقبل للجنة «التسعير التلقائي للمواد البترولية»، المسؤولة عن إعادة النظر في أسعار مشتقات البترول المختلفة، لكن مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، عن «احتمالي تأخير اجتماع اللجنة لحين انتظام خدمة الكهرباء».

وبينما ذكرت تقارير إعلامية أن الحكومة في طريقها للتراجع عن قرار إغلاق المحلات التجارية في العاشرة مساءً، المقرر دخوله حيز التنفيذ بداية يوليو ضمن السعي للحد من استهلاك الكهرباء. قال عضو مجلس النواب مصطفى بكري عبر حسابه على «إكس»: «إن الحكومة تراجع موقفها من قضية إغلاق المحلات بناء على توجيهات رئاسية»، مشيراً إلى أن الاقتراح الذي يدرس حالياً هو الإغلاق لفترة محدودة بالفترة النهارية مع ترك المحلات مفتوحة طوال الفترة المسائية.

ويدعم الخبير بمركز الأهرام توجه الحكومة للتراجع عن القرار في ظل الغضب الشعبي منه والتداعيات السلبية المحتملة، خصوصاً مع تعرض المحال التجارية لخسائر نتيجة فترات انقطاع التيار الكهربائي خلال مواعيد عملها.

وجهة نظر يدعمها مرعي بالتأكيد على التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة للقرار الذي سيمتد تأثيره ليس فقط على قطاع التجزئة ولكن سيشمل أيضاً القطاع السياحي، مؤكداً رصد اتجاهات للتراجع عن القرار خلال الفترة الحالية.


مقالات ذات صلة

مصر تدعو مجدداً لوقف فوري لإطلاق النار في غزة

شمال افريقيا الوزير بدر عبد العاطي (وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج)

مصر تدعو مجدداً لوقف فوري لإطلاق النار في غزة

شددت مصر مجدداً على «أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة والالتزام بقرارات الشرعية الدولية واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوزراء الجدد في صورة جماعية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الحكومة المصرية)

مصر: سير ذاتية لوزراء ومحافظين تجلب انتقادات

بينما حظي الوزراء الجدد في مصر باستقبال وترحيب في دواوين وزاراتهم، تسببت السير الذاتية لبعضهم في موجة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا مصطفى مدبولي خلال اجتماع متابعة توافر السلع وضبط الأسواق (مجلس الوزراء المصري)

ترقّب مصري لـ«تعهدات» الحكومة الجديدة بمواجهة الغلاء

تعهدت الحكومة الجديدة في مصر بـ«إجراءات عاجلة» لمواجهة الأزمات التي شكا منها المصريون خلال الفترة الأخيرة، وعلى رأسها «الغلاء».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا دعوات متجددة في مصر لإلغاء التوقيت الصيفي (الشرق الأوسط)

«التوقيت الصيفي» في مصر... إشاعات رائجة عن إلغائه رغم النفي الرسمي

قررت الحكومة المصرية مطلع يوليو الجاري، إغلاق المحال التجارية في العاشرة مساء، مع استثناء بعض الأنشطة، مثل المطاعم والكافيهات والبازارات.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا ملك ماليزيا خلال استقبال أحمد الطيب (مشيخة الأزهر)

«الأزهر» يُحذّر من تيارات تحاول نشر الكراهية بين المسلمين

حذّر شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، من «تيارات تحاول تغذية التعصب والكراهية بين المسلمين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الاغتيالات وتداعياتها قد تجران «حزب الله» وإسرائيل لحرب لا يريدانها

قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الاغتيالات وتداعياتها قد تجران «حزب الله» وإسرائيل لحرب لا يريدانها

قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يكرر فيه «حزب الله» وإسرائيل، منذ بداية الحرب قبل ستة شهور، أنهما غير معنيين بتوسيع نطاق الحرب، وفيما يؤكد الوسيط الأميركي عاموس هوكستين أن هناك صيغة اتفاق بينهما على وقف النار وأكثر، وتؤكد أوساط عدة وجود تفاهمات أميركية إيرانية بالحفاظ على سقف محدود لا يتم تجاوزه إلى حرب واسعة، فإن التصرفات على الأرض تشير إلى احتمال غير قليل بأن تفلت الأمور في لحظة ما وتسفر عن اشتعال حرب مدمرة لا أحد يريدها.

فـ«حزب الله» يعلن بصراحة أنه لا يريد توسيع الحرب، وأنه في حال التوصل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة سيوقف قصف إسرائيل فوراً. وفي إسرائيل يؤكدون أن كل ما يريدونه هو إعادة سكان الجليل المهجرين إلى بيوتهم ليعيشوا فيها بسلام من دون تهديد بالقصف من «حزب الله»، ويطلبون ابتعاد قوات «حزب الله» إلى مسافة 10 كيلومترات من الحدود القائمة بين البلدين، ويفضلون تحقيق ذلك بالمفاوضات السياسية.

لكن ما يجري على الأرض يبدد التفاؤل بإمكانية عبور هذه الجولة من دون حرب واسعة. فإسرائيل نفذت اغتيالات دقيقة بشكل لافت بحق عدد كبير من القادة الميدانيين لـ«حزب الله»، بينهم قائد «قوات الرضوان» في الجنوب وسام الطويل، الذي كان يعد مسؤولاً عن القصف البعيد المدى باتجاه إسرائيل، وتم اغتياله في يناير (كانون الثاني) الماضي، وطالب عبد الله (أبو طالب)، قائد القطاع الشرقي (تم اغتياله قبل شهر)، ومحمد نعمة ناصر، قائد القطاع الغربي، الذي اغتيل قبل يومين، وجميعهم يحملون رتبة تضاهي رتبة عميد في الجيش. ورد «حزب الله» على هذه الاغتيالات بقصف مكثف لمواقع ذات حساسية استراتيجية، وردت إسرائيل على الرد بقسوة.

«حزب الله» لم يخرج كل أسلحته

وفي تقرير لمعهد أبحاث «آلما» الإسرائيلي المتخصص بشؤون لبنان، فإن القيادة العسكرية الإسرائيلية تعترف بأن «حزب الله» ما زال يرد على العمليات الحربية الإسرائيلية والاغتيالات بشكل محدود، وتحت السقف المتفق عليه بين واشنطن وطهران. فهو يلتزم بتنفيذ القصف على منطقة جغرافية تقتصر على المواقع والمصانع العسكرية بشكل رئيسي. ومع أنه يستخدم أسلحة جديدة ويظهر ضلوعاً بأسرار إسرائيل العسكرية، إلا أنه لا يخرج كل أسلحته وقدراته. وهذا الحذر من قبل «حزب الله» ينعكس أيضاً في نتائج القصف. فحتى الآن قتل 550 لبنانياً، بينهم 370 عنصراً من «حزب الله»، في مقابل 29 قتيلاً إسرائيلياً، كما أن الدمار قائم في الجنوب اللبناني وفي الشمال الإسرائيلي على السواء، وكذلك اضطرار الأهالي إلى ترك بيوتهم وبلداتهم (نحو 70 ألف إسرائيلي و200 ألف لبناني). ومع ذلك، فإن الاغتيالات الإسرائيلية مستمرة، وكذلك القصف من قبل «حزب الله».

وقد ارتدع قادة الجيش الإسرائيلي عن الانطلاق إلى حرب موسعة حتى الآن، برغم نتائج استطلاعات أشارت إلى أن 62 في المائة من المواطنين يطالبون بتوسيع الحرب لتوجيه ضربة قاضية لـ«حزب الله»، لأنهم أدركوا أن الجمهور لا يدرك الثمن الذي سيدفعه فيما لو اشتعلت حرب مفتوحة مع «حزب الله»، وأكدوا أن «إسرائيل قادرة على محو بيروت وإعادة لبنان إلى العصور الوسطى، لكن ذلك سيكون له ثمن باهظ. فقد يتمكن (حزب الله) من تدمير أحياء في تل أبيب وحيفا، ويوقع ألوف القتلى».

وقد بدأت أصوات ترتفع محذرة من أن إسرائيل ليست جاهزة لحرب مع «حزب الله»، خصوصاً أن إيران تهدد بالانضمام إليها في حال بلغت عمقاً كبيراً ضد «حزب الله».

مخاطر الحرب ضد «حزب الله»

ونشر معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب دراسة في مطلع الأسبوع خلصت إلى أنه «إذا اندلعت حرب شاملة ضد (حزب الله)، فمن الأفضل لإسرائيل أن تعمل على صياغتها بحيث تكون قصيرة ومحدودة جغرافياً قدر الإمكان، وذلك بهدف إلحاق أضرار مادية ومعنوية أقل بالجبهة الداخلية الإسرائيلية. وفي كل الأحوال، المطلوب تنسيق كبير للتوقعات مع الجمهور فيما يتعلق بالهدف والإنجاز المطلوب في الحرب، وكذلك المخاطر المتوقعة منها والاستعداد المطلوب لها. ولم يتم حتى الآن اتخاذ أي خطوات لإعداد الجمهور لهذا السيناريو».