اتجاه إسرائيلي لإنهاء الحرب على جبهتي غزة ولبنان

صراعات حزبية داخل حكومة اليمين تعرقل هذا المسار

دمار في حي الشجاعية شرق مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
دمار في حي الشجاعية شرق مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

اتجاه إسرائيلي لإنهاء الحرب على جبهتي غزة ولبنان

دمار في حي الشجاعية شرق مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
دمار في حي الشجاعية شرق مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)

على الرغم من التصريحات والتهديدات الإسرائيلية، ونشر صور عن تدريبات على عمليات حربية لاجتياح لبنان، ذكرت مصادر مقرَّبة من المؤسسة الأمنية في تل أبيب أن التوجه القائم حالياً يركز على إنهاء العمليات الحربية الكبيرة بقطاع غزة، بما في ذلك وقفها بمدينة رفح، وبذل جهود للتوصل إلى اتفاق مع الجهات اللبنانية. لكن الصراعات الحزبية داخل حكومة اليمين تعرقل هذا المسار حالياً.

وقالت المصادر إن عدداً من الجنرالات الإسرائيليين السابقين يخرجون بحملة شبه منظّمة للتحذير من تغليب خطاب التهديدات السياسية والعسكرية، ويطالبون الحكومة بشكل علني بضرورة وقف الحرب تماماً، وإنجاح المفاوضات لإبرام صفقة تبادل أسرى، والتفرغ لـ«الخطر الأكبر» على إسرائيل، القادم من طهران، وفق رأيهم، وهم ينسجمون في خطابهم هذا مع الموقف الأميركي.

نازحون فلسطينيون بجانب أمتعتهم في منطقة المواصي جنوب غربي خان يونس الجمعة (أ.ف.ب)

ويبرز في هذا السياق الموقف الذي عبّر عنه مؤتمر هرتسليا، الذي اختُتم الخميس، إذ جاء فيه أن إسرائيل تقف على مفرق طرق تاريخي، «وعلينا أن نقرر كيف نتقدم وندمج ما بين القدرات العسكرية العالية والحكمة السياسية». وقال رئيس المؤتمر، الجنرال في الاحتياط، عاموس جلعاد، في كلمة لخّص فيها رسالة المؤتمر: «الجيش يعمل في لبنان وغزة بشكل جيد، لكن هناك من لا يفهم. لدينا إنجازات تكتيكية، لكن عندما لا يترافق ذلك مع هدف سياسي استراتيجي، لا تعود لديك إنجازات. علينا ألا ننجرَّ إلى إقامة حكم عسكري في غزة، فهذه منطقة في ضائقة. قطاع غزة يعيش كارثة، وأنا أعرف ما أقول جيداً؛ لأنني خدمت مرتين هناك منسقاً لشؤون الإدارة المدنية ووزارة الأمن. أعرف أن إعادة الاحتلال، وهناك من يريد إعادة الاستيطان، هي ورطة، هي غرق في الوحل. سيجعلنا نتحمل مسؤولية عن الاقتصاد والمجتمع، ولن نستطيع ذلك. سنواجه المجتمع الدولي برُمّته، وسنضرب علاقاتنا مع العالم الحر والولايات المتحدة».

وأضاف جلعاد: «حليفتنا الولايات المتحدة تحاول أن توفر لنا فرصة تاريخية بتشكيل محور إقليمي استراتيجي، وتعرض علينا حلفاً استراتيجياً وجبهة خلفية مع الدول العربية في مواجهة إيران. إنه كنز استراتيجي وعسكري وأمني واقتصادي لإسرائيل، وفرصة لتحقيق السلام الشامل. وهذا الحلف مثبت، من خلال علاقات قائمة، اليوم، على مختلف الأصعدة، بما فيها الأمنية مع هذه الدول بقيادة الولايات المتحدة. لا توجد فرصة أفضل لأمننا القومي».

فلسطينيون فروا من مدينة رفح لدى وصولهم إلى خان يونس الجمعة (أ.ب)

واختتم قائلاً: «لقد بِتنا على مفترق طرق، نتجه منه إلى تعزيز القدرات العسكرية الوجودية، وسلوك الحكمة السياسية أو التدهور نحو الكارثة القومية. في مثل هذه الحالات لا تفيد الشعارات الوهمية عن الانتصار، ولا يجدي استمرار الحرب مع (حماس) و(حزب الله). إذا كنا نريد النهوض من كارثة 7 أكتوبر (تشرين الأول)، علينا أن نسلك طريق الحكمة».

وحذّر ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي، ومُطّلع على تفاصيل الخطط الحربية، في رسالة بعثها إلى أعضاء هيئة الأركان العامة، في الأيام الأخيرة، من «شن عمليات عسكرية بأي ثمن»، وطالبهم بالتوضيح للمستوى السياسي أن الجيش الإسرائيلي ليس جاهزاً لحرب متواصلة في لبنان، وأن شن حرب على لبنان «سيقودنا إلى كارثة استراتيجية أكبر من 7 أكتوبر». ووفق ما نقل عنه المحلل العسكري في «القناة 13»، ألون بن دافيد، في مقاله الأسبوعي بصحيفة «معاريف»، الجمعة، قال هذا الجنرال: «منذ تأسيسه قبل 76 عاماً، لم يُؤهل الجيش الإسرائيلي لحرب تستمر لتسعة أشهر، وإنما كجيش ساحق، يستدعي قوات الاحتياط بسرعة، ويشن حرباً ويحسم خلال فترة قصيرة، ويعود إلى الوضع الاعتيادي. وجميع الخطط العسكرية التي وضعها الجيش الإسرائيلي، قبل 7 أكتوبر، كانت لحرب تستمر لأسابيع معدودة. ولم يتوقع أحد حرباً تستمر لسنة أو لسنوات».

قصف إسرائيلي على جنوب لبنان الجمعة (أ.ف.ب)

وعدَّ أنه «عندما يُحدث رئيس الحكومة أزمة لا ضرورة لها مع الولايات المتحدة حول تزويد الذخيرة، فإنه يعي بالكامل معنى ذلك: هذه الأزمة غايتها منحه ذريعة واتهام آخرين بالسبب الذي يجعله لا يبادر إلى حرب في لبنان». ووفقاً له فإن «نتنياهو يدرك أن حرباً ضد (حزب الله) في هذا التوقيت ستكبد أثماناً أكثر، وإنجازات أقل. والولايات المتحدة ستكون، على الأرجح، إلى جانبنا في حرب كهذه، لكن حتى بوجود دعم أميركي، ثمة شك إذا كان بإمكان الجيش الإسرائيلي في وضعه الحالي أن يحقق إنجازاً مقابل (حزب الله)، ويبرر الثمن الذي سيدفعه المجتمع الإسرائيلي، وهذا قبل الحديث حول انعدام جهوزية الجبهة الداخلية المدنية».

وقال رئيس معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، تَمير هايمان، إن على إسرائيل استخلاص الدروس من الحرب على غزة قبل أن تشن حرباً على لبنان، مشيراً إلى أن «فشلاً في الحرب (على لبنان) سيضع إسرائيل في وضع أخطر من وضعها الحالي. لذلك فإن توقيت الحرب أقل أهمية من الإنجاز فيها، وينبغي شنها فقط في ظروف تضمن الانتصار».

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي (يسار) خلال حضوره مناورات عسكرية قرب الحدود مع لبنان يوم الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وفيما يتعلق بالعبر التي يتعين على إسرائيل استخلاصها قبل شن حرب واسعة على لبنان، أشار هايمان إلى أن مكانة إسرائيل «بصفتها دولة عظمى إقليمية قد تزعزعت، وصورتها بصفتها دولة قوية عسكرياً قد تبددت. وتقف إسرائيل أمام خطر عزلة عالمية واسعة. والدعم الأميركي، الذي وصل إلى ذروته أثناء الحرب في الناحية التكتيكية، لا يتم الشعور به في الجانب السياسي، ويفسر ذلك من جانب الذين يراقبون الوضع، وبينهم إيران ودول في الشرق الأوسط، على أنه تصدعات في العلاقات الحميمة بين واشنطن وتل أبيب».

وأشار هايمان إلى أن إسرائيل أهدرت فرصة إنهاء الحرب على غزة بواسطة خطوات سياسية. وقال: «دون تطبيق العِبر المستخلصة من الحرب في قطاع غزة ودون التغلب على التحديات التي اشتدت خلالها، ستجد إسرائيل نفسها في وضع إشكالي ومعقد أكثر بأضعاف من وضعها الحالي: الردع الإسرائيلي سيتآكل أكثر، الاقتصاد سيتضرر بشكل كبير، إسرائيل ستتحول إلى دولة منبوذة بنظر العالم الغربي والعلاقات الناعمة مع دول السلام والتطبيع العربية من شأنها أن تستمر بالتدهور».

في غضون ذلك، وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد اجتماع مع ضباط أميركيين سابقين، الخميس، تحذيراً بشأن «أهداف إيران الإقليمية». وقال إن «المحور الإرهابي الإيراني» يهدف إلى «غزو» دول الشرق الأوسط، بما في ذلك الخليج. وأضاف أن ذلك «مسألة وقت فقط»، وفق قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، على موقعها الإلكتروني. وتابع نتنياهو: «تُواجهنا إيران على سبع جبهات: (حماس)، و(حزب الله)، والحوثيين، والميليشيات في العراق وسوريا، والضفة الغربية، وإيران نفسها، بل إنهم يسعون إلى زعزعة استقرار الأردن. وتهدف الاستراتيجية إلى شن هجوم بري مشترك على عدة جبهات، إلى جانب القصف الصاروخي»، وفق ما جاء، في تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية». واختتم نتنياهو كلمته بتأكيد ضرورة تحييد حركة «حماس». وقال: «أولويتنا هي قطع هذه اليد؛ (حماس)، أولئك الذين يهاجموننا لن يبقوا في مكانهم. المعركة ستكون طويلة، لكنها لن تنتهي، سنضع حداً لها».


مقالات ذات صلة

عمال مطار تركي يرفضون تزويد طائرة إسرائيلية بالوقود

شؤون إقليمية مطار أنطاليا (صورة من الموقع الرسمي للمطار)

عمال مطار تركي يرفضون تزويد طائرة إسرائيلية بالوقود

أعلنت شركة الطيران الوطنية الإسرائيلية «العال» اليوم الأحد أنه لم يُسمح لإحدى طائراتها التي كانت متجهة من وارسو إلى تل أبيب بالتزود بالوقود في مطار أنطاليا.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية متظاهرون يرفعون أيديهم بجوار الشرطة التي تدخلت السبت في الاحتجاجات الأسبوعية ضد حكومة نتنياهو (رويترز)

عنف غير مسبوق للشرطة الإسرائيلية طال أعضاء كنيست

بدأت الاحتجاجات في إسرائيل تأخذ طابعاً عنيفاً مزداداً، مع استخدام الشرطة عنفاً غير مسبوق مع المتظاهرين طال أعضاء كنيست يفترض أنهم يتمتعون بالحصانة الرسمية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون معتقلون في قاعدة «سدي تيمان» العسكرية بجنوب إسرائيل (أ.ب)

بن غفير يدعو إلى إعدام الأسرى الفلسطينيين «برصاصة في الرأس» بدل إطعامهم

دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى قتل الأسرى الفلسطينيين وإعدامهم بالرصاص في الرأس وفق مشروع قانون «عوتسما يهوديت» .

«الشرق الأوسط» (رام الله)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون على دباباتهم بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: حراك جديد للوسطاء على أمل الوصول لاتفاق

عاد حراك الوسطاء من جديد بحثاً عن انفراجة وشيكة واتفاق بشأن هدنة جديدة في قطاع غزة، وسط مخاوف من شروط معرقلة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري فلسطينيون في خان يونس على مركبة عسكرية إسرائيلية جرى الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» (د.ب.أ)

تحليل إخباري هل «طوفان الأقصى» آخر حروب «حماس»؟

اتفق خبراء أن معركة «طوفان الأقصى» التي أشعلتها «حماس» مع إسرائيل، قبل 9 أشهر، قد لا تكون «آخر الحروب»، وإن كانت قد خصمت من قدرات الحركة عسكرياً.

محمد الريس (القاهرة)

مخاوف كردية من تقارب تركيا مع سوريا

رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

مخاوف كردية من تقارب تركيا مع سوريا

رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

اعتبرت «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا»، أي مصالحة بين أنقرة ودمشق «مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري ومصلحة السوريين»، وذكرت في بيان نُشر على موقعها الرسمي مساء السبت – الأحد، أن «أي اتفاق مع الدولة التركية يكرّس التقسيم وهو تآمر على وحدة سوريا وشعبها».

وجاء بيان «الإدارة الذاتية» رداً على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن أنقرة مستعدة لتطبيع العلاقات مع دمشق، بعد أيام من تصريحات مماثلة من الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت رفض «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري إحدى أبرز الجهات السياسية التي تدير «الإدارة الذاتية»، كل اتفاق لا يلبي تطلعات السوريين في الوصول لحقوقه المشروعة، بينما اعتبرت القيادية الكردية إلهام أحمد أي اتفاق مع تركيا على حساب السوريين «خيانة بحق سوريا وشعبها».

ويتوجس أكراد سوريا من التقارب بين تركيا والنظام السوري، بعد سنوات من العداء والقطيعة قد تهدد مكاسب «الإدارة الذاتية»، واحتمال شن أنقرة عملية عسكرية جديدة ضد مناطق نفوذ الإدارة شمال شرقي سوريا.

آسيا عبد الله الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري (الشرق الأوسط)

وتقول آسيا عبد الله، الرئيسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، وهو الحزب الرئيس الذي يقود «الإدارة الذاتية» شمال شرقي سوريا، منذ تأسيسها عام 2014، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «جميع الاتفاقيات التي تحدث خارج مصالح شعبنا وتعارض ثورتنا، سنناضل ضدها ولن ندعم أي اتفاق لا يخدم مصلحة شعبنا».

وأشارت المسؤولة الكردية إلى أن أي اتفاق لا يشمل تحرير الشمال السوري «مرفوض من قبلنا، هدفنا تحرير أراضينا المحتلة وإعادة المهجرين لديارهم، وغير ذلك، ستخدم تلك الاتفاقيات أجندات أخرى غير ما يسعى إليه الشعب السوري، وستكون ضد إرادة وتطلعات السوريين»، منوهة بأن مخططات تقسيمية تستهدف وحدة سوريا بمساعٍ إقليمية تريد تثبيتها؛ في إشارة إلى الدور التركي في شمال سوريا.

وأوضحت: «من حقنا الشرعي الوقوف ضد كل هذه المؤامرات التي تستهدف وحدة شعبنا، والحل يبدأ بإنهاء المحتل التركي للمناطق السورية، بدءاً من عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكل المناطق الأخرى»، على حد تعبيرها.

سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

وطالبت تركيا دمشق مراراً بمنع إجراء الانتخابات المحلية في مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» بعد إعلان الأخيرة تأجيل تنظيم الانتخابات إلى شهر أغسطس (آب) المقبل. وأكدت إلهام أحمد رئيسة دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة، أن الانتخابات جاءت بمطلب شعبي وقرار سيادي من الجهات السياسية العاملة بالمنطقة لسد الفراغات الإدارية، وقالت إن «إجراء الانتخابات كان مطلباً شعبياً، وعملية ترميم للمؤسسات الخدمية وإعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها الهجمات التركية أمام صمت المجتمع الدولي».

إلهام أحمد رئيسة دائرة العلاقات الخارجية لدى الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

واعتبرت القيادية الكردية «عقد أي تفاهمات مستقبلية بين تركيا والنظام الحاكم سيكون بالضرورة ضد الشعب السوري». وتابعت أن «أي تفاهم مع تركيا، خيانة بحق سوريا وشعبها أياً كان أطرافها والجهات الداعمة لإنجاح هذا التقارب». وشدّدت على أن الإدارة الذاتية هي «الخيار الأمثل لوحدة سوريا وشعبها، وضمانة أساسية لتحقيق التغيير السلمي الديمقراطي، وندعو للالتفاف حولها».

بدوره، يقول جلنك عمر، وهو كاتب وأكاديمي من أكراد سوريا، لـ«الشرق الأوسط»، إن المخاوف الكردية تتمثل أساساً في أن أي تقارب بين دمشق وأنقرة سيكون على حساب مناطقها؛ وفي تغاضي دمشق عن المسعى التركي لشن عملية عسكرية ضد مناطق الإدارة «أو تغاضي الحليفين موسكو وطهران، عن السعي التركي لشن عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة، وبالتالي قضم واحتلال مناطق إضافية».

وسيفضي هذا التقارب، بحسب عمر، إلى الإبقاء على الحالة الراهنة في شمالي سوريا التي سبق وأن سيطرت عليها تركيا خلال السنوات الماضية، بعد شن ثلاث عمليات عسكرية في جرابلس وعفرين بريف محافظة حلب، ورأس العين بالحسكة، وتل أبيض بالرقة.

قوات أميركية بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا يونيو 2023 (أ.ف.ب)

ويضيف: «أنقرة تشترط على دمشق أن تشترك معها للقضاء على الحالة الموجودة بشمال شرقي البلاد، وهنا أقصد الإدارة وقواتها العسكرية (قسد)»، ويعزو عدم رغبة دمشق للانخراط «لأنها لا تمتلك القدرة على ذلك في ظل الوجود الأميركي من جهة، واستمرار خطر التنظيمات الإرهابية، بالبادية وإدلب من جهة ثانية».

وحذر عمر من أن الخطورة تكمن في قبول دمشق بالوجود التركي، «وتنازل الحكومة عن شرطها بوجوب انسحاب تركي من المناطق التي تحتلها شمال وشمال غربي البلاد، مقابل حصول دمشق على بعض المزايا الاقتصادية لفتح طريق (M4) والمعابر للتجارة، وتحييد كامل لدور تشكيلات المعارضة السياسية والعسكرية المرهونة بالأجندات التركية، وهو ما يتجلى منذ سنوات في مسار آستانا».