الامتحانات الرسمية في جنوب لبنان… بحماية «دولية»

الجيش و«يونيفيل» ينقلان الطلاب من القرى الحدودية مع إسرائيل

الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة تنطلق السبت (الشرق الأوسط)
الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة تنطلق السبت (الشرق الأوسط)
TT

الامتحانات الرسمية في جنوب لبنان… بحماية «دولية»

الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة تنطلق السبت (الشرق الأوسط)
الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة تنطلق السبت (الشرق الأوسط)

لن تنسى رنيم خليفة (18 عاماً) أبداً رحلة المجازفة بحياتها يومياً وهي تنتقل من بلدتها كفرحمام قرب مزارع شبعا الحدودية مع إسرائيل، إلى مدينة النبطية الجنوبية، حيث كان مركز امتحاناتها الرسمية. كانت تسلك يومياً، عند الساعة الخامسة والنصف صباحاً، طريقاً معرضة للقصف في أي لحظة، وبدلاً من أن يكون همّها أن تكون مستعدة للإجابة عن أسئلة الامتحان، كان هاجسها الأول أن تصل سالمة إلى المركز وأن تعود بأمان إلى منزلها.

لكن، ورغم التحديات الجمّة التي واجهتها رنيم للحصول على الشهادة الرسمية لمرحلة البكالوريا الفنية (BT)، وأبرزها تعرّض بلدتها يومياً للقصف والدمار اللذين لحقا بمنزلين تملكهما عائلتها هناك، إضافة إلى الانقطاع الدائم للكهرباء والإنترنت، واضطرارها إلى النزوح، وعدم حيازتها كل الكتب اللازمة، فإنها بقيت مصرّة على أن تُجري امتحاناتها، وهي ترفض فكرة إعطاء إفادات نجاح لتلامذة الجنوب من دون الخضوع لامتحان، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن تعبنا وسهرنا وجازفنا بحياتنا، ولا نريد أن يذهب كل ذلك سدى بحصول الجميع على إفادات».

وضع نفسي صعب

وتشير رنيم، التي تحدثت عن وضع نفسي صعب لكل طلاب الجنوب، إلى أنه «وبعكس ما تم الترويج له، فإن الامتحانات لم تكن سهلة، حتى أن بعض الأسئلة طُرحت علينا من خارج المنهج».

وبدأت الامتحانات الرسمية في لبنان في 21 يونيو (حزيران) الحالي، للتعليم المهني والتقني، بينما تنطلق السبت امتحانات الثانوية العامة بفروعها كافة.

ورغم كل الضغوط التي تعرّض لها وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لإلغاء الامتحانات الرسمية، ظل متمسكاً بقراره إجراء الامتحانات على الأراضي اللبنانية كافة. وأعلن الحلبي أن الوزارة أمّنت حافلات لنقل تلامذة الشهادة الثانوية العامة في مناطق التوتر، من مراكز تجمّع معيّنة إلى مراكز الامتحانات، بحماية قوات من الجيش اللبناني و«يونيفيل». وأفادت مصادر وزارة التربية بأن اعتماد هذا الإجراء سيبدأ السبت مع الطلاب الراغبين المتقدمين لشهادة الثانوية العامة. من جهتها، اعتبرت مصادر أمنية أنه من شأن إجراء كهذا تقليل الضغط النفسي على الطلاب وتأمين حماية إضافية لهم خلال انتقالهم من قراهم وبلداتهم إلى مراكز الامتحانات.

استفزاز إسرائيلي بقصف النبطية

وبحسب معلومات «الشرق الأوسط»، يبلغ مجمل عدد الطلاب الذين يتقدمون لامتحانات الثانوية العامة نحو 43 ألفاً، بينهم نحو ألفين يقيمون في المناطق «الساخنة» التي تتعرض للقصف. وتؤكد مصادر وزارة التربية أن «كل المراكز التي تم تحديدها لإجراء الانتخابات هي خارج الـ(redzone)، أي مناطق القتال، وهي مراكز آمنة تماماً».

لكن، وفيما بدا أنه مؤشر على استفزاز إسرائيل للبنان، قصف الجيش الإسرائيلي مساء الأربعاء - الخميس، مبنى داخل مدينة النبطية التي تضم مراكز امتحانات، مع العلم بأن مصادر لبنانية تحدثت عن قيام «حزب الله» بتقليل عدد عملياته العسكرية، وحصرها بفترات ما بعد الظهر خلال هذا الأسبوع؛ حرصاً على التهدئة، للسماح للطلاب بالتوجه إلى مراكز امتحاناتهم.

وقال وزير التربية مؤخراً، تعليقاً على الغارة التي استهدفت النبطية: «في حال أبلغتنا السلطات الأمنية بعدم إمكانية إجراء الامتحانات الرسمية في الجنوب، فسوف نلغيها. فأنا لا أعرّض أي أحد للخطر».

ميقاتي: الامتحانات تجري بشكل طبيعي

ورداً على سؤال عن المخاطر التي يواجهها الطلاب في الجنوب، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إن «كل المراكز في الجنوب تجري الامتحانات فيها بشكل طبيعي، والغياب لا يتعدى نسبة الواحد في المائة، وهذا ما يؤكد إصرار أهالي الجنوب على الصمود والبقاء في أرضهم».

ويستعد طلاب الثانوية العامة للامتحانات يوم السبت، ويخشى القسم الأكبر منهم أن يؤثر وضعهم النفسي الصعب على أدائهم.

وتقول سيبال حداد، من بلدة رميش الجنوبية الحدودية، إنه تم تحديد مركز امتحانها في بلدة تبنين التي تبعد نصف ساعة عن منزلها، واصفة لـ«الشرق الأوسط» وضعها النفسي، بـ«السيئ جداً، خاصة وأن القصف قد تكثف على مناطقنا في الساعات الماضية».

وتوضح حداد أن عائلتها ستوصلها إلى مركز الامتحان «باعتبار أنني والقسم الأكبر من زملائي نخشى التوجه بباصات، علماً بأن أحداً لم يتواصل معنا من وزارة التربية أو غيرها ليسألنا ما إذا كنا نريد أن ننتقل بباصات قالوا إنهم سيؤمّنونها».

«معاناة من كل النواحي»

أما زينة قاسم، من بلدة الخيام، فتتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «معاناة من كل النواحي، وبخاصة مع تكثيف القصف مؤخراً، والخرق المستمر للطيران المعادي لجدار الصوت». وتشير قاسم إلى أنه تم تحديد مركز امتحانها في النبطية، مطالبة وزير التربية «بتخيير الطلاب بين إجراء امتحان أو الحصول على إفادة».

وكان لافتاً ما قاله وزير التربية عباس الحلبي مؤخراً عن أن «البعض حاول إرسال رسائل نصية لرؤساء المراكز، وتحذيرهم من قصف مركز الامتحان، ليتضح لاحقاً أن طلاباً هم من أرسلوا هذه التحذيرات».


مقالات ذات صلة

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» تأييدها لقائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية في خطوة لافتة ومتقدمة عن كل الأفرقاء السياسيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (إ.ب.أ)

تركيا ولبنان يتفقان على «العمل معاً» في سوريا

أكد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الأربعاء، أن أنقرة وبيروت «اتفقتا على العمل معاً في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
تحليل إخباري سيدات يحملن صورة الأمين العام لـ«حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال مشاركتهن في تشييع أقربائهن الذين قتلوا ببلدة المعيصرة شمال لبنان بقصف إسرائيلي في 14 أكتوبر الماضي (أ.ب)

تحليل إخباري قضية المقاتلين المفقودين تربك «حزب الله» أمام بيئته

لا تزال قضية المقاتلين المفقودين خلال الحرب مع إسرائيل تربك «حزب الله» وتؤرق عائلاتهم التي تنتظر سماع أي خبر عن أبنائهم أو الحصول على رفاتهم لدفنه.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مودعاً رئيس الحكومة اليوناني (رئاسة البرلمان)

بري متفائل بانتخاب رئيس في 9 يناير: «الأجواء جيدة»

جدّد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري التأكيد على تفاؤله بأن الجلسة التي حددها في 9 يناير (كانون الثاني) ستشهد انتخاب رئيس للجمهورية، واصفاً الأجواء بالجيدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار في قرية يام اللبنانية بعد غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

سقوط 3 جرحى جراء غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

أغارت طائرة مسيرة إسرائيلية ظهر اليوم (الاثنين) على أطراف بلدة النجارية في جنوب لبنان، ما أدى إلى سقوط ثلاثة جرحى.

«الشرق الأوسط» (بيروت )

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» تأييدها لقائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، في خطوة لافتة ومتقدمة عن كل الأفرقاء السياسيين الذين لم يعلنوا عن مرشحهم الرئاسي منذ تحديد رئيس البرلمان نبيه بري، قبل ثلاثة أسابيع، موعداً لجلسة انتخاب الرئيس في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل.

ويأتي إعلان «اللقاء الديمقراطي» في ظل الحديث عن تقدم حظوظ قائد الجيش على غيره من الأسماء التي يتم التداول بها، وبعد يومين من لقاء رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مع بري، حيث قال بعد الاجتماع إنه وضع رئيس البرلمان بأجواء الزيارة التي قام بها إلى فرنسا، حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعبّر عن تفاؤله بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في 9 يناير.

وفي بيان لها بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط وحضور الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» عن تبنيها ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، مشدّدة على ضرورة انتخاب رئيس في الجلسة الشهر المقبل.

وحضت في بيانها على ضرورة تنفيذ وقف إطلاق النار وتطبيق القرار الدولي «1701» وسائر القرارات الدولية و«اتفاق الطائف»، خصوصاً فيما يتعلق باتفاقية الهدنة، واستنكرت الخروقات الإسرائيلية، داعية اللجنة المشرفة على تطبيقه إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف إسرائيل لانتهاكاتها.

في المقابل، لم تعلن المعارضة التي اجتمعت الأربعاء في مقر حزب «الكتائب»، عن مرشحها حتى الآن، وهي لا تزال تبحث في هذا الأمر بين مكوناتها.

وفي بيان لها، قالت المعارضة التي تضم 31 نائباً، من حزب «القوات اللبنانية»، وحزب «الكتائب اللبنانية»، وكتلة «تجدد» إضافة لنواب مستقلين، أنها قاربت جلسة التاسع من يناير «بجدية مطلقة، وتعد أن التعاطي مع الاستحقاق بما يستلزم من إرادة، يجب أن يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون مقدمة لإنقاذ لبنان شرط الابتعاد عن النهج الذي كان سائداً طوال فترة التعطيل والذهاب إلى اختيار شخصية قادرة على قياس متطلبات المرحلة».

وأكد المجتمعون «أن أمام الرئيس المقبل مهمة احترام وتطبيق الدستور اللبناني، ووثيقة الوفاق الوطني، والقرارات الدولية الضامنة للسيادة، واستعادة علاقات لبنان العربية والدولية ما يعيد الثقة به، وتطبيق كامل لاتفاق وقف إطلاق النار ما يحتّم حصر السلاح بيد القوى الشرعية الدستورية على كامل الأراضي اللبنانية وشمال الليطاني كما جنوبه، وهو ما سيحرص المجتمعون على مراقبته عن كثب».

وعدّ المجتمعون «أن المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء لبنان على أسس دستورية متينة تنطلق لحظة انتخاب الرئيس بالالتزام بخريطة طريق واضحة، تبدأ بمصالحة اللبنانيين مع بعضهم بعضاً، والانكباب مع رئيس حكومة وحكومة متجانسة تحصر بيانها الوزاري بمصلحة لبنان وشعبه، وتنكب على ورشة إصلاحات بنيوية في الإدارة والاقتصاد بعد سنوات الانهيار التي شهدتها الدولة والمؤسسات، والالتزام بالإصلاح المالي والاقتصادي وإيقاف الفساد».

وتوقفت المعارضة عند المستجدات السياسية في سوريا وسقوط الرئيس بشار الأسد، مشيرة إلى أنها «تنظر إلى هذا التطور بعين الإيجابية بعدما زال نظام مارس في لبنان كل أنواع الإجرام بحق لبنان واللبنانيين وقادتهم الوطنيين، فنكّل وقتل ودمّر وخطف واعتقل وكمّم الأفواه».

وتعد قوى المعارضة «أن العلاقات بين الدولتين يجب أن تقام بناء على قاعدة احترام السيادة والندّية ومصلحة البلدين واستقرارهما وأمنهما».