مظاهرات ودعوى قضائية لفرض لجنة تحقيق على الحكومة الإسرائيلية

3 وزراء من مجموع 30 يؤيدون إقامة لجنة تحقيق ذات صلاحيات

جانب من الاحتجاجات الإسرائيلية أمام منزل نتنياهو بالقدس في 27 يونيو 2024 (رويترز)
جانب من الاحتجاجات الإسرائيلية أمام منزل نتنياهو بالقدس في 27 يونيو 2024 (رويترز)
TT

مظاهرات ودعوى قضائية لفرض لجنة تحقيق على الحكومة الإسرائيلية

جانب من الاحتجاجات الإسرائيلية أمام منزل نتنياهو بالقدس في 27 يونيو 2024 (رويترز)
جانب من الاحتجاجات الإسرائيلية أمام منزل نتنياهو بالقدس في 27 يونيو 2024 (رويترز)

في الوقت الذي اتضح فيه أن غالبية الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو تعارض تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما رافقها من إخفاقات سياسية وعسكرية، توجهت عائلات الأسرى والقتلى الإسرائيليين إلى المحكمة بالتماس يطلب تفسيراً لهذا الرفض.

وانطلقت في تل أبيب ومدن أخرى، يوم الخميس، مظاهرات واسعة تحت شعار «لجنة تحقيق الآن». وتسببت المظاهرات في ازدحام مروري شديد في الشوارع المركزية، ويتوقع أن تتصاعد أكثر، خصوصاً بعدما قامت الشرطة بقمع كل مظاهرة أغلقت شارعاً، ورفع فيها المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو، وبوضع قضية إعادة الرهائن في قطاع غزة على رأس سلّم الاهتمام، والكفّ عن المماطلة والتسويف. ومن الشعارات التي رفعها المتظاهرون: «لن تكون صفقة دون إسقاط حكومة نتنياهو وصفقة أو مقبرة ونتنياهو لا يكترث لمقتل المختطفين».

ودعا منظمو الاحتجاجات إلى تنظيم مظاهرات مقابل منازل وزراء وأعضاء في الكنيست (البرلمان) من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، ومقابل المنزلين الخاصين لرئيس الحكومة في القدس وقيساريا. كما يتوقع تنظيم مسيرات في مناطق متفرقة، وكذلك دعت منظمات الاحتجاجات إلى مظاهرة قبالة مقر اتحاد النقابات (الهستدروت) في تل أبيب، للمطالبة بالإعلان عن إضراب عام يشل الاقتصاد الإسرائيلي.

بعض المتظاهرين حملوا صور أقربائهم الرهائن (أ.ف.ب)

التوجه للمحكمة العليا

وفي موازاة ذلك، توجهت مجموعة من عائلات قتلى إسرائيليين خلال الحرب وعائلات رهائن بالتماس إلى المحكمة العليا، يوم الخميس، للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر، وأن يكون تحقيق اللجنة مع المستوى السياسي وقوات الأمن والسلطات عموماً، وأي مسؤول أو هيئة ذات علاقة بالتسبب في الإخفاق الأمني الذي أدى إلى شن هجوم «طوفان الأقصى».

وتم توجيه الدعوى ضد الحكومة الإسرائيلية ورئيسها نتنياهو ووزير القضاء والمستشارة القضائية للحكومة، مطالبين بتفسير سبب عدم تشكيل لجنة تحقيق حتى الآن في أحداث ذلك اليوم الرهيب وأسبابه وكيفية الرد عليه. وجاء في كتاب الدعوى أن تشكيل لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاضٍ ذي صلاحيات، تُعدّ ضرورة ملحة لإعادة منظومة الحياة في المجتمع الإسرائيلي إلى طبيعتها وإعادة الشعور بالأمان للمواطنين، حتى يبدأوا في التخلص من آثار الصدمة النفسية.

وقالوا: «فقط لجنة تحقيق رسمية تستطيع إعطاء جواب على أسئلة الجمهور الكثيرة»، وحذروا من توجه الحكومة نحو الاكتفاء بالفحص الذي يجريه مراقب الدولة المقرب من نتنياهو أو تحقيق يجريه الجيش، مؤكدين أن صلاحيات المراقب محدودة وفحصه لا يكفي لاستيضاح الحقائق، كما أن تحقيقات الجيش لا تعطي جواباً موضوعياً؛ إذ إنه هو نفسه متهم بالتقصير، وتحقيقاته ستقتصر على الجانب العسكري.

نتنياهو خلال مشاركته في اجتماع مع قادته العسكريين (د.ب.أ)

الحكومة تخشى مواجهة الحقيقة

وقال ممثلو العائلات إنهم يتفاءلون بأن تأمر المحكمة بإقامة لجنة تحقيق، لأن الاستمرار في الحرب صار واضحاً، كنوع من التهرب من هذا التحقيق لأن الحكومة تخشى من مواجهة الحقيقة، وتعمل كل ما في وسعها لطمسها.

وأرفقوا تصريحاً مهنياً للبروفسور آشر بن أريه، أحد علماء الاجتماع المعروفين في إسرائيل، يقول فيه إن تشكيل لجنة تحقيق ضرورة اجتماعية لا غنى عنها حتى يخرج المجتمع الإسرائيلي من صدمته ويبدأ معالجة مصيبته، وأيضاً حتى يشعر الضحايا بأن هناك من يعمل على «تنظيف القيادات من الشوائب».

ويرى هؤلاء أن الحكومة الإسرائيلية تتهرب عادة من تشكيل لجنة تحقيق رسمية ذات صلاحيات. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن 3 وزراء فقط من مجموع 30 وزيراً أيدوا علناً تشكيل لجنة تحقيق، والباقون، بينهم نتنياهو نفسه، يوافقون على تحقيق شكلي من لجنة حكومية بلا صلاحيات، أو الاكتفاء بتحقيقات مراقب الدولة. لذلك خرج المتظاهرون إلى الشوارع غاضبين، وبطشت بهم الشرطة التي يحاول ضباطها إرضاء وزير الأمن الداخلي المسؤول عنهم، إيتمار بن غفير.

وحتى في الجيش الذي يفترض أنه مناصر لتشكيل لجنة تحقيق ومعارض لسياسة الحكومة حول الحرب، وبات يؤيد وقفها، يتم كم أفواه جنود الاحتياط الذين يتحدثون في هذا الموضوع. وأفادت صحيفة «هآرتس»، في عدد الخميس، بأن الجيش سرح من الخدمة في قوات الاحتياط جنوداً ناشطين في حركات الاحتجاج ضد الحكومة والذين اعتقلوا خلال المظاهرات في الأشهر الأخيرة، رغم أن الجيش لم يقدم على خطوة كهذه خلال الاحتجاجات ضد خطة «الإصلاح القضائي» في العام الماضي، التي اعتقل خلالها مئات الناشطين.


مقالات ذات صلة

قادة عسكريون إسرائيليون يتهمون نتنياهو بـ«التلاعب لإجهاض الهدنة قبل التفاوض»

المشرق العربي سكان في مدينة غزة يسعفون مصابين بعد قصف المدينة في 4 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

قادة عسكريون إسرائيليون يتهمون نتنياهو بـ«التلاعب لإجهاض الهدنة قبل التفاوض»

سرّبت أوساط في أجهزة الأمن في تل أبيب تصريحات اتهمت فيها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وحكومته، بالسعي لإجهاض مفاوضات الهدنة حتى قبل أن تبدأ.

نظير مجلي (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من اجتماع سابق لمجلس الجامعة العربية (الشرق الأوسط)

​مساعٍ عربية لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة

طالب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين الخميس المجتمع الدولي بـ«تدخل حقيقي وحاسم وفوري» يستهدف وقف جريمة «الإبادة الجماعية» في قطاع غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شؤون إقليمية امرأة تمر بالقدس أمس أمام ملصقات للرهائن المختطفين خلال الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر الماضي (رويترز)

مسؤول إسرائيلي: إرسال وفد للتفاوض على اتفاق حول الرهائن

قال مسؤول حكومي إسرائيلي، اليوم (الخميس)، إن إسرائيل أرسلت وفداً للتفاوض مع حركة «حماس» على اتفاق حول إطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا عمال إنقاذ يعملون على إجلاء الضحايا من مبنى سكني في سوق البلدة القديمة في غزة  (رويترز)

هل يُسرع رد «حماس» المُعدل خطوات الوسطاء لإنجاز «هدنة غزة»؟

أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، أن إسرائيل تلقت رد «حماس» من الوسطاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يسيرون حاملين أعلام الحزب خلال تجمع ببيروت في 31 مايو 2019 (رويترز)

تواصل غربي مع «حزب الله» لا يشمل أميركا وبريطانيا

عكس لقاءان عقدهما نائب مدير المخابرات الألمانية، أولي ديال، مع نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، في بيروت، انفتاحاً سياسياً وأمنياً غربياً على الحزب.

نذير رضا (بيروت)

قادة عسكريون إسرائيليون يتهمون نتنياهو بـ«التلاعب لإجهاض الهدنة قبل التفاوض»

سكان في مدينة غزة يسعفون مصابين بعد قصف المدينة في 4 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
سكان في مدينة غزة يسعفون مصابين بعد قصف المدينة في 4 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

قادة عسكريون إسرائيليون يتهمون نتنياهو بـ«التلاعب لإجهاض الهدنة قبل التفاوض»

سكان في مدينة غزة يسعفون مصابين بعد قصف المدينة في 4 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
سكان في مدينة غزة يسعفون مصابين بعد قصف المدينة في 4 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يجمع فيه الوسطاء في واشنطن والقاهرة والدوحة، على أن «حماس» أعطت رداً إيجابياً على المقترح الإسرائيلي - الأميركي لوقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل أسرى، سرّبت أوساط في أجهزة الأمن في تل أبيب تصريحات اتهمت فيها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وحكومته، بالسعي لإجهاض المفاوضات قبل أن تبدأ.

وبحسب غالبية وسائل الإعلام العبرية، فإن «جهات رفيعة المستوى في أجهزة ووحدات أمنية مختلفة، أعربت عن غضب شديد على نية إحباط كل إمكانية لصفقة مخطوفين». وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الخميس، إن «مصدراً أمنياً رفيعاً، يُعدّ من أكثر المطلعين على المحادثات الجارية وراء الكواليس بشأن الصفقة، تفوّه بكلمات يصعب أن نتذكر مثلها في التاريخ تأتي من أجهزة أمنية تتحدث هكذا عن قائدها الأعلى».

ووفق الصحيفة، قال المصدر الأمني الرفيع: «(حماس) أعطت رداً جيداً، يمكن غداً البدء بمفاوضات للوصول إلى صفقة، لكن الآن لم يعد في الغرفة وزراء بقامة الجنرال غادي آيزنكوت أو الجنرال بيني غانتس، ليحسم الأمر في مجلس قيادة الحرب الذي لم يعد هو أيضاً قائماً. ونتنياهو يمكنه أن يقرر ألا يعقد الكابنت أو ألا يقرّ لفريق التفاوض بالسفر إلى الدوحة لاستئناف المفاوضات. ولا يمكن التقليل من خطورة الوضع بينما هناك احتمال بأن يتعفن المخطوفون في أسرهم لدى (حماس)؛ لأن نتنياهو يريد أن يمدد الوقت إلى ما بعد خطابه أمام مجلسي الكونغرس».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

بيان رئاسة الوزراء

وأعربت المصادر الأمنية ذاتها عن غضب إضافي من مضمون بيان نشره مكتب رئيس الوزراء لبضعة صحافيين، يندد بحدة بالرد الذي أعطته «حماس» على مقترح الهدنة، زاعماً أنه مبني على رأي الجهات الأمنية بأن رد «حماس»ليس فيه جديد، في حين تؤكد كل المحافل الأمنية ذات الصلة بالمفاوضات مع «حماس» أنها لم تعرف على الإطلاق بالبيان، ناهيك عن أن تكون أقرّته.

وبحسب الصحافي رونين بيرغمان، مراسل الشؤون الأمنية في صحيفتي «نيويورك تايمز» الأميركية و«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فإن دراما وقعت بين المؤسسة الأمنية وبين مكتب رئيس الوزراء بشأن رد «حماس». وأضاف بيرغمان أنه عندما جاء رد «حماس» المتأخر جداً ولكنه إيجابي أيضاً، تفاقمت الأمور. فقد نشر ديوان رئيس الوزراء بياناً باسم جهاز المخابرات الخارجية (الموساد) قال فيه إن «الوسطاء نقلوا إلى طاقم المفاوضات موقف (حماس) من مقترح صفقة المخطوفين، وان إسرائيل تفحص الموقف وسترد للوسطاء». لكن الدراما حصلت خلف الكواليس لأن «الموساد» لم يعرف شيئاً عن البيان الصادر باسمه.

وأضاف بيرغمان أن الدراما بدأت يوم الثلاثاء حتى قبل أن تعطي «حماس» جوابها على المقترح القطري الأخير. ففي ذلك اليوم، التقى مسؤولون قطريون كبارَ مسؤولي «حماس» المتواجدين في الدوحة، واقترحوا عليهم صيغاً بديلة لأجل التغلب على البنود الصعبة التي لا تزال موضع خلاف مع إسرائيل.

سموتريتش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل التصويت على الميزانية في الكنيست مايو 2023 (أ.ف.ب)

توقعات إسرائيلية

لكن كان في إسرائيل تقدير بأن «حماس» توشك على أن تتقدم بجواب إيجابي أو على الأقل إيجابي نسبياً. وفي أثناء خطاب في سديروت، فاجأ وزير المالية بتسلئيل سموتريتش كبار مسؤولي جهاز الأمن عندما قال لهم: «نحن نرى المزيد والمزيد من مؤشرات الانكسار في (حماس)، المزيد من العناصر والقادة في (حماس) يشعرون بأنهم اقتربوا من النهاية، فلن أتفاجأ إذا أجاب السنوار فجأة بعد أشهر من الرفض، بالإيجاب على الاقتراح الذي تلقاه للصفقة؛ إذ إنه في فزع ويفهم أننا قريبون من النصر وسيرغب في إنقاذ نفسه وإنقاذ حكم (حماس) في غزة. وبالتالي، فإن هذا ليس الوقت للتوقف، هذا ليس الوقت لرفع القدم عن دواسة الوقود، هذا هو الزمن لإدخال مزيد من القوات وتشديد الضغط العسكري».

وتوقع مسؤول في المخابرات أن خطاب سموتريتش لم يأتِ صدفة؛ إذ إن رد «حماس» جاء بالفعل إيجابياً، ما زاد اليقين بأن هناك نية للتخريب على الاتفاق، عندما تلقت وسائل الإعلام العبرية بياناً من رئاسة الوزراء باسم «مصدر أمني»، يقول إن «(حماس) تواصل الإصرار على بند مبدئي في المخطط يمنع إسرائيل من العودة للقتال بعد المرحلة الأولى، وهو الأمر غير المقبول من إسرائيل. كما أنه توجد فجوات أخرى لم تغلق بعد. إسرائيل ستواصل المفاوضات في ظل ضغط عسكري وسياسي لأجل تحرير المخطوفين الـ120، الأحياء والأموات».

مطالبات لنتنياهو وحكومته بالقرب من الكنيست في القدس (رويترز)

الرغبة في إحباط المفاوضات

وقد أغاظ هذا البيان جهاز الأمن وأسرة الاستخبارات؛ إذ إنهم فوجئوا به ولا يوافقون عليه ويعتبرون أن ما يقف وراءه هو فقط الرغبة لدى القيادة السياسية الإسرائيلية في إحباط حتى إمكانية استئناف المفاوضات حول الصفقة.

وفي هذا السياق، أصدر المنتدى الذي يمثل عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، بياناً جاء فيه أن العائلات ترحب برد «حماس»، مضيفاً أنه «في الوقت ذاته، وفي ظل التصريحات الصادرة عن كبار الوزراء، فإنه إذا أفشلت الحكومة صفقة الإفراج عن الرهائن، فلن يكون هناك مفر من نزول ملايين الإسرائيليين إلى الشوارع».

وأشار البيان إلى استطلاعات الرأي في إسرائيل التي تشير إلى أن «الإسرائيليين يؤيدون التوصل إلى صفقة شاملة لإعادة جميع الرهائن»، وشدد البيان على أن العائلات «لن تسمح لوزراء الحكومة بعرقلة الاتفاق ونسفه مجدداً». واعتبرت العائلات أن الحكومة أمام «أهم اختبار أخلاقي تواجهه خلال فترة ولايتها، وهو الاستمرار بالتخلي عن الأسرى، أو التحرك الحازم لإنقاذهم وإعادتهم». وشددت على أن الحكومة تواجه سيناريوهين، «إعادة جميع الرهائن الـ120، أو نزول جميع مواطني إسرائيل إلى الشوارع».