تصاعد التهديدات والتحذيرات يرفع احتمالات الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل

دول تجدد تحذيرها لرعاياها لمغادرة لبنان وشائعات عن سحب سفراء

مواطن يسير على أنقاض منازل دمرها القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مواطن يسير على أنقاض منازل دمرها القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

تصاعد التهديدات والتحذيرات يرفع احتمالات الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل

مواطن يسير على أنقاض منازل دمرها القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مواطن يسير على أنقاض منازل دمرها القصف الإسرائيلي في بلدة الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تتوالى المواقف الدولية والداخلية التي تحذر من الدخول في حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» على وقع ارتفاع مستوى التصعيد العسكري بين الحزب والدولة العبرية التي حصلت على دفع معنوي تمثل بتسريب معلومات عن دعم أميركي لها في حال دخلت في حرب على الجبهة الشمالية، مقابل تهديد إيراني من أن «أي قرار متهور من النظام الإسرائيلي المحتل لإنقاذ نفسه يمكن أن يغرق المنطقة في حرب جديدة».

وهذه الأجواء انعكست توتراً داخلياً خصوصاً أنها أتت مع تجديد دعوة بعض الدول لرعاياها مغادرة لبنان، مترافقة مع شائعات عن سحب سفراء خوفاً من توسّع الحرب.

تهديدات متبادلة... ورسائل ضغط سياسية وعسكرية

يطرح الموقف الأميركي المستجد والتحذيرات المتتالية من تصعيد المواجهات علامات استفهام عما كان ذلك يعني ضوءاً أخضر لتل أبيب، وبالتالي سقوط المحاذير السابقة التي كانت تفرمل توسّع الحرب. وكانت شبكة «سي إن إن» قد نقلت عن مسؤول أميركي رفيع المستوى قوله بأن مسؤولين أميركيين طمأنوا وفداً من كبار المسؤولين الإسرائيليين عن استعداد إدارة الرئيس جو بايدن لدعم إسرائيل إذا اندلعت حرب شاملة بينها وبين «حزب الله» اللبناني.

من جهتها، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، الجمعة، إن «حزب الله» لديه القدرة على الدفاع عن نفسه وعن لبنان في مواجهة إسرائيل، محذراً من أن «الوقت ربما قد حان للتدمير الذاتي لذلك النظام غير الشرعي». وفي ظل هذا التصعيد أتى تشديد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، على وجوب ألا يصبح لبنان «غزة أخرى».

ويرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور عماد سلامة أن التحذيرات الدولية المتصاعدة من توسع الحرب في الجنوب تشير إلى أن احتمالات الحرب الموسعة بدأت ترتفع وتقترب، خصوصاً مع ارتفاع وتيرة المواجهات ودخول أسلحة نوعية إلى ميدان الساحة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حدة الخطاب والتهديدات المتبادلة، بالإضافة إلى موافقة إسرائيل على خطة حرب واسعة في الجنوب اللبناني، كلها عوامل تزيد من احتمال اندلاع حرب شاملة».

ويضع سلامة ما نقل عن طمأنة أميركا لإسرائيل بأن الرئيس بايدن سيكون مستعداً لدعمها إذا اندلعت الحرب مع «حزب الله»، «في إطار تجديد الولايات المتحدة دعمها الاستراتيجي لإسرائيل في أي مواجهة شاملة، وفي وجه أي خطر يهدد أمنها»، مضيفاً: «بهذه التصريحات، ترسل الولايات المتحدة رسائل واضحة لإيران لكي تحد من اندفاع (حزب الله)، وتلجم أي مغامرة غير محسوبة العواقب. وبالتالي، تزيد الولايات المتحدة من الضغط على إيران، وتسحب الرهان على إضعاف أو انقسام التحالف الأميركي - الإسرائيلي».

إجلاء رعايا وشائعات عن سحب سفراء

هذه التهديدات المتبادلة انعكست أجواء حرب في لبنان؛ حيث انتشرت في الساعات الأخيرة معلومات عن سحب دول سفراءها، إضافة إلى دعوة جديدة من قبل دولة الكويت لرعاياها لمغادرة لبنان.

وفي بيان لها، طلبت وزارة الخارجية الكويتية، الجمعة، من مواطنيها الموجودين في لبنان مغادرته في أقرب وقت ممكن، وجددت دعوتها لمواطنيها إلى عدم التوجه إلى لبنان في الوقت الحالي؛ نظراً للتطورات الأمنية المتعاقبة التي تشهدها المنطقة.

والسبت، أعلنت الخطوط الجوية الكويتية عن زيادة أحجام طائراتها المتجهة إلى بيروت، وذلك لزيادة السعة الاستيعابية للركاب الراغبين بالعودة إلى الكويت. وقالت في بيان لها إن إجراءاتها تأتي بالتنسيق مع وزارة الخارجية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة.

كذلك، ترددت معلومات عن تجديد السفارة الكندية في بيروت دعوتها لرعاياها لمغادرة لبنان، في وقت قالت فيه صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن «وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أبلغت نظيرها الإسرائيلي أن بلادها تستعد عسكرياً لإجلاء مواطنيها البالغ عددهم 45 ألفاً، من لبنان تخوفاً من اندلاع حرب هناك». وقالت إن كندا أرسلت قوات عسكرية إلى المنطقة للمساعدة في عملية إجلاء المواطنين الكنديين من لبنان إذا اندلعت الحرب بين إسرائيل و«حزب الله». ولاحقاً، نقلت قناة «إم تي في» عن مصادر دبلوماسية قولها إن دعوة السفارة مواطنيها بوجوب مغادرة لبنان هو طلب منشور على موقع السفارة منذ تاريخ 7 أكتوبر (تشرين الأول) وليس جديداً، إضافة إلى أنه إجراء روتيني تحذيريّ يترافق مع الأحداث الأمنية في البلد فقط لا غير. مع العلم، أن هذا التحذير يظهر في الصفحة الأولى عند فتح موقع السفارة، وليس محدداً بتاريخ معيّن.

في موازاة ذلك، نفى وزير الإعلام المعلومات التي أشارت إلى أن دولاً أوروبية وغربية منها ألمانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا تسحب سفراءها من لبنان، مشيراً إلى أن «هذا النمط من الأخبار الكاذبة يندرج في إطار الحرب النفسية التي غالباً ما يلجأ إليها العدو الإسرائيلي، ويغذّيها بمختلف الوسائل».

مع العلم أن كثيراً من الدول العربية والأوروبية كانت قد دعت رعاياها في بداية الحرب في شهر أكتوبر الماضي إلى مغادرة لبنان نظراً للظروف الأمنية، وهي تعود بين فترة وأخرى لتجدد التحذير مع ارتفاع منسوب المواجهات.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تضارب حول اغتيال رئيس «هيئة العمليات» بـ«حزب الله» في غارة وسط بيروت

عمال إنقاذ يبحثون بين الركام عن ناجين في موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة البسطة في وسط بيروت (أ.ب)
عمال إنقاذ يبحثون بين الركام عن ناجين في موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة البسطة في وسط بيروت (أ.ب)
TT

تضارب حول اغتيال رئيس «هيئة العمليات» بـ«حزب الله» في غارة وسط بيروت

عمال إنقاذ يبحثون بين الركام عن ناجين في موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة البسطة في وسط بيروت (أ.ب)
عمال إنقاذ يبحثون بين الركام عن ناجين في موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة البسطة في وسط بيروت (أ.ب)

تضاربت الأنباء حول هوية القيادي من «حزب الله» الذي استهدفته غارة إسرائيلية عنيفة في وسط العاصمة اللبنانية، أدت إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة آخرين بجروح، جراء تدمير منزل يُؤوي نازحين أيضاً.

وكشف مصدر أمني لبناني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عن أن «قيادياً كبيراً» في «حزب الله»، الموالي لإيران، جرى استهدافه في الغارة الإسرائيلية التي طاولت، فجر السبت، حياً مكتظاً بمنطقة البسطة في بيروت. وقال المصدر إن «الضربة الإسرائيلية في البسطة كانت تستهدف شخصية قيادية في (حزب الله)»، من دون أن يؤكد إن كان المستهدف قُتل أم لا.

ودارت الاحتمالات حول القياديين: طلال حمية، ومحمد حيدر، وهما اثنان من أبرز القادة العسكريين في الحزب.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن استهداف محمد حيدر، وذكر مصدر أمني لهيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل استهدفت، فجر السبت، في بيروت مبنى كان يوجد فيه رئيس دائرة العمـليات في «حزب الله» محمد حيدر، الملقب بـ«أبو علي»، وهو أحد كبار الشخصيات في التنظيم.

لكن وسائل إعلام قريبة من «حزب الله»، نفت أن يكون حمية أو حيدر استُهدفا في الغارة، وقالت إنه «لم يكن هناك أي شخصية قيادية في الحزب، وإنما المسألة مرتبطة بارتكاب مجازر وتبريرها عبر رمي أسماء قيادية».

صورة متداولة لمحمد حيدر

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أفادت في البداية بأن المستهدف بالضربة في قلب بيروت هو القيادي في «حزب الله»، طلال حمية، حيث تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات، ما أدى إلى سماع دوي كبير في مناطق مختلفة من لبنان، وهي شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله، ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حمية يُعرف بـ«صاحب السيرة العسكرية اللامعة»، وأنه تولى قيادة الذراع العسكرية للحزب بعد اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين. وظل حمية بعيداً عن الأضواء حتى عاد إلى الواجهة مع إعلان برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأميركية، الذي عرض مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات عنه.

ويعد حمية القائد التنفيذي للوحدة «910» وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل معلومات عن طلال حيدر الملقب بـ«الشبح»

غارات بيروت

واستهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت في الرابعة فجر السبت، من دون إنذار مسبق، وتركَّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا في قلب العاصمة اللبنانية، وهو حي شعبي مكتظ بالسكان.

وتركزت الغارة التي دوت من دون إنذار مسبق، على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا في قلب العاصمة اللبنانية، وهو حي شعبي مكتظ بالسكان، وسط تقارير عن استهداف قياديين بارزين في «حزب الله».

وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن تدمير مبنى واحد على الأقل، وتعرُّض مبان أخرى لأضرار جسيمة. ووفق «وكالة الأنباء المركزية»، تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات سُمع دويها في مناطق مختلفة من لبنان، ووصل صداها إلى مدينة صيدا جنوباً. ووفق الوكالة، فإن الصواريخ شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين.

وأظهر مقطع بثته قناة تلفزيونية محلية مبنى واحداً على الأقل منهاراً وعدداً من المباني الأخرى تعرضت لأضرار جسيمة.

وذكر شهود من «رويترز» أن الانفجارات هزت بيروت في نحو الساعة الرابعة صباحاً (02:00 بتوقيت غرينتش). وقالت مصادر أمنية إن أربع قنابل على الأقل أطلقت في الهجوم.

وهذا هو رابع هجوم جوي إسرائيلي خلال أيام يستهدف منطقة في وسط بيروت، فيما شنت إسرائيل معظم هجماتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وأسفر هجوم جوي إسرائيلي، الأحد، على حي رأس النبع عن مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب.

حي البسطة معروف باكتظاظه بالسكان في قلب بيروت (الشرق الأوسط)

تجدد الغارات على الضاحية

بعد الضربة فجراً على بيروت، شنّ الجيش الإسرائيلي اليوم ضربات جديدة على الضاحية الجنوبية، حيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بغارة عنيفة على منطقة الحدث، محيط الجامعة اللبنانية.

يأتي ذلك بعدما أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الناطق بالعربية، أفيخاي أدرعي، إنذارات جديدة بالإخلاء لسكان الضاحية الجنوبية، عبر منصة «إكس».

وقال أدرعي: «إلى جميع السكان الموجودين في منطقة الضاحية الجنوبية، وتحديداً في المباني المحددة في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في الحدث وشويفات العمروسية، أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)، حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع على المدى الزمني القريب».

وتابع: «من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلاتكم، عليكم إخلاء هذه المباني وتلك المجاورة لها فوراً، والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».